عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 11 Nov 2017, 06:22 PM
أم صهيب السلفية أم صهيب السلفية غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2017
الدولة: الجزائر - الأوراس
المشاركات: 352
افتراضي

هذا الفقه أيضا مهم، ومنهجية الطلب فيه أن يتدرج طالب العلم فيه، بحسب ما تدرج فيه العلماء.
وأضرب لك مثلا على هذا التدرج، فيما صنفه العلامة الحافظ عبد الله بن أحمد بن قدام المقدسي ،صاحب كتاب المقنع وكتاب المقنع ،والكافي والعمدة والمغني وكتب أخرى كثيرة.
لما ألف كتبه في الفقه جعلها مرتبة على المنهج، فجعل العمدة للمبتدئين، وجعل المقنع بعده للمتوسطين، وفوق المقنع الكافي لبداية المنتهين، ثم بعده لأهل الاجتهاد جعل كتاب المغني.
وهذه المرحلية مهمة، كتاب العمدة تميز بأنه كتاب مختصر فيه مسائل قليلة في كل باب، وفي كل باب يذكر أصل الباب من الكتاب أو من السنة، ولا يذكر الخلاف، لا الخلاف العالي ولا الخلاف النازل، ولا يذكر طبعا في ذلك خلاف المذهب والروايات إلا ما ندر جدا.
فيعلم طالب العلم كيف يتعلم، لكن يبتدئ بكتاب مطول متى ينتهي منه؟ والبحر إذا كان عميقا، ولم يحسن المرء السباحة فإنه يتأذى وقد يغرق، ويتخلف عن ركب العلم.
لهذا تبتدئ بالعمدة شيئا فشيئا، ثم بعد ذلك تقتنع إلى المقنع.
المقنع مرتبة ثانية أو مختصرات المقنع، وما جاء عنه مرتبة ثانية لماذا؟ لأنه جعل المسائل أطول قليلا، ويذكر في بعض المسائل الخلاف ليمرّن طالب العلم -الخلاف في المذهب يقول في هذه المسألة روايتان وفيها وجهان- يمرّن طالب العلم على بعض مسائل الخلاف.
المرتبة الثالثة: في كتاب الكافي تجد أنه في شرح للفقه جعل الكتاب، أو سع من المقنع، وجعل الخلاف فيه بأعلى، ويذكر عدة روايات في أكثر المسائل والأوجه، وربما ذكر خلاف غير المذهب على ندرة، ويذكر أيضا الأدلة التي استدل بها علماء المذهب.
ثم في المرتبة الرابعة للمجتهدين، الكتاب المعنى وفيه أكثر المسائل، والخلاف العالي والنازل والأدلة وما احتج به الحنابلة، وما احتج به أصحاب المذاهب الأخرى.
هذا يعطيك منهجية، لأن عددا من طلاب العلم ،رأوا أن الفقه طويل فأخذوا يجمعون الفقه عن طريق الفتاوى، يقرأ فتاوى العلماء ويجمّع فتاوى المشايخ، ويبدأ يقرأ هذا يحصل فقها، الفتاوى تطبيق للفقه على النوازل، الفقه أكمل وأشمل وأعظم من الفتوى لأنه قبل التطبيق، بعد ذلك رعاية الواقع في الفتوى، هذا تطبيق للفقه على الواقع وتنزيل له على المسألة.
لهذا لا يمكن أن يحصل العلم، ويسير في منهجية من يقرأ الفتاوى فقط، ولكن الفتوى مساندة للطلب المنهجي، سواء في التوحيد الفتاوى في توحيد العبادة، في العقائد أو في الفقه فإنها تسانده، لأنه يصل للمرء التدريج ،ويحصل لطالب العلم معرفة بحكم العلماء في الواقع.
إذا تبين لك ذلك، فهل هذا الذي ذكرت مما يختص به طلبة العلم؟ لا، هل هذا ما يخاطب به إلا العلماء وطلبة، ممن يعلم أو يتعلم على هذا المنهاج؟ لا، يمكن أن تدرّج أنت حتى أفراد الأسرة، يمكن المرأة الأم أن تدرج أيضا إذا تعلمت من عندها على ذلك، وليس من اللوازم أن تبدأ بكتاب تشرحه كلمة كلمة، ولكن الفقه والتفقه يكون بأن تمشي شيئا فشيئا على نحو ما مشى عليه العلماء، تأخذ في كل باب أصول المسائل التي تنفع من تريد تعليمه.
فمثلا الشاب إذا راهق وصل إلى 13، 14، 15، ثم أحكام لابد أن يعلّمه إياها والده أو أخوه الأكبر، ولا حياء في الدين، كذلك البنت المرأة إذا ناهزت الاحتلام أو قربت ثم أحكام لابد أن تتعلمها، كيف تصلي، كيف تتطهر، أيضا الولد كيف يحافظ على الصلوات أوقات الصلاة وأشباه ذلك، الطهارة الاغتسال.
فإذاً التعلم لابد أن يكون على مستوى من تعلم، كذلك في التوحيد لابد فيه من البث والتعليم فيه لابد أن يكون شيئا فشيئا.
أريد من هذا -والوقت قد أزف- أن ضرورة التفقه في الدين ضرورة ملحّة، ويجب أن يعلم إنها ليست خاصة بطلبة العلم، بل لابد أن نشيع العلم بيننا في بيوتنا ومع النساء ومع الأطفال، النساء منهم كثير ربما راج عليهم كلام بعض المشعوذين، أو بعض القراء أو كلام النساء في مجالسهم، وربما دخلوا في أشياء في التوحيد، وفي القراءات وفي الرقية إلى آخره مما ينكر.
لهذا أنا أوصي الجميع بالإقبال على العلم، وبأن يحرص الجميع على نشر العلم والكلام في العلم.
ومن القصص التي تروى في ذلك، أن أحد العلماء أراد أن يرحل عن بلد فجهز نفسه وجهز راحلته، وأتى منصرفا عن البلد يرحل عنها بعد أن سكنها مدة طويلة، فلما أتى على بوابة البلد، وأراد يشتري بعض الحاجيات له في سفره، من الأكل ربما أو بعض البقول وأشياء يحتاجها معه، وقف فإذا البائعان يتباحثان في مسألة من مسائل العلم، بيّاع البقول هذا يبحث مع هذا، هل النية تتجزأ أو لا تتجزأ وهذا يناقش هذا، فقال: سبحان الله بلد فيها البقالون يتناقشون في العلم أو يبحثون في العلم أتركها؟ لا والله لا أتركها فرجع.
وهذا من صميم القلب، لأنه يعلم معنى العلم وإنما الرحمة هي بالعلم، في بيوتكم وفي جلساتكم، وكلما نشر العلم في المساجد، يتعلم طالب العلم ويتعلم المجالس ،ويتعلم الفارغ الذي ليس عنده من الشغل ما يشغله، ويتعلم الناس، هذا فيه إشاعة للخير،وفيه إشاعة لما يحبه الله جل علا ويرضاه، ولهذا اعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم،إنما بُعث بالعلم وإنما ورث العلم، وعلينا الإقبال على التفقه في الدين وأن نأخذ ذلك على أعظم ما يجب.
وأسأل الله جل وعلا،أن يوفقني وإياكم لما فيه رضاه، وأن يتقبل منا ومنكم صالح العمل، وأن يمنحنا الفقه في الدين والإقبال عليه، والتفقه في كتاب الله، وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم،على هدي سلفنا الصالح، إنه سبحانه جواد كريم،وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ

انتهى
تفريغ أم صهيب السلفية


التعديل الأخير تم بواسطة أم صهيب السلفية ; 11 Nov 2017 الساعة 07:06 PM
رد مع اقتباس