عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 11 Nov 2017, 06:20 PM
أم صهيب السلفية أم صهيب السلفية غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2017
الدولة: الجزائر - الأوراس
المشاركات: 352
افتراضي

يعني إذا أيقنتم أن الله هو المدبر وهو المحيي وهو المُميت، فهو المستحق إذاً للعبادة :{أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا} الأعراف.
فإذاً في القرآن، جعل توحيد الربوبية أو جعل الإقرار، بأن الله هو الرب وهو المدبر وهو المحيي والمُميت، وهو الذي يجير ولا يُجار عليه، وهو الخالق الرازق إلى آخره، جعله ملزما للمشرك لعبادة الله وحده دونما سواه، وهذا كثير في آيات القرآن.
الثاني:من وجه أهمية توحيد الربوبية، أن القرآن فيه كثير من الآيات فيها إرشاد إلى صنع الله جل وعلا ،في ملكوته وفي تدبيره للأمر وفي أنه سبحانه وتعالى، هو الرب المُتصرف وحده الرزاق وحده إلى آخر ذلك، والفقه في هذا يجعل المؤمن على حقيقة التوكل عليه سبحانه وتعالى، وعلى حقيقة التدبر في أنه لا قناعة له عن الله جل وعلا طرفة عين، وفي حقيقة أن الرب جل جلاله هو الغني، وأن العبد فقير، وإنما يأتي الخلل في العبادة، ويأتي الخلل في عدم الخضوع والخشوع، ويأتي الخلل في ارتكاب المنكرات وفي اقتحام المحرمات، وفي التفريط في الواجبات إذا لم تعمر محبة الله جل وعلا القلوب، ولم يُجل جل وعلا أعظم الإجلال، ولم يخف منه فإن المرء كلما تدبر ونظر، وكلما علم الآيات التي فيها أن الله هو الرب جل وعلا، وحده وهو المُتصرف يعني ما يدخل في توحيد الربوبية، وأن كل شيء هو إنما بيده سبحانه وتعالى، كلما عمر القلوب كلما خشعت، ولو كادته الناس جميعا لما أبه بذلك.
وهذا يؤدي ،- يعني عدم الاهتمام بالفقه في توحيد الربوبية- يؤدي إلى ضعف القلوب، تجاه الناس وإلى ضعف القلوب في التمسك، ويكون الخشوع ضعيفا لأنه لم يجل الله جل وعلا، ولم ير بديع صنع الله جل وعلا في كل شيء.
ولقد أحسن القائل:
وفي كل شيء له آية * تدل على أنه الواحد
سبحانه وتعالى.
الفقه في توحيد الربوبية كيف يكون؟ في أن تتأمل تفسير القرآن ،في الآيات التي فيها ذكر عظمة الله جل وعلا، وأنت تقرأ هذه الآيات تتعلم التفسير، ليظهر لك ما فيها من العلم بالتوحيد.
ثم ثانيا أن تنظر إلى كتاب لابن القيم، وهو كتاب مفتاح دار السعادة، فإنه من أعظم الكتب في بيان ما به تستقر عظمة الله جل وعلا، في نفس المسلم ويعظم بها محبته ورجاؤه، والخوف منه جل جلاله، وهذا أيضا يُعلم بوسائل أخرى.
أما توحيد العبادة: فالمنهج في طلبه أن يُبتدئ بالمختصرات، وخاصة كتاب ثلاثة الأصول للإمام الدعوة كما ذكرنا، ثم كتاب التوحيد، ثم بعده كتاب كشف الشبهات.
وهذه الثلاث مراتب مهمة، في أن يطلب الأول عن شيخ أو أن يقرأه بنفسه، وأن يقرأ كتاب التوحيد على عالم أو أن يقرأه بنفسه، أو يقرأ كشف الشبهات على عالم أو يقرأه بنفسه، بحسب ما تيسر له، لكن المنهج أن تقرأه على عالم، أو أن تستمع أشرطة فيها شرح للعلماء على هذه الكتب.
هذا من أهم المهمات، أن يتعلم العبد مسائل التوحيد، تأمل قول الله جل وعلا، عن إبراهيم الخليل عليه السلام :{وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ}إبراهيم.
قال إبراهيم التيمي، من سادات التابعين قال: خاف إبراهيم البلاء على نفسه، فدعا أن يجنبه الله عبادة الأصنام، من يأمن البلاء بعد إبراهيم.
ولهذا من خاف من شيء هرب منه إلى ضده، هرب منه إلى ما ينجيه ففروا إلى الله، لا مفر من الله إلا إليه سبحانه وتعالى، فإذا خفت حقيقة من الشرك، ومن أن يحبط عملك من أن تعمل شركا، وأنت لا تدري أو أن تعمل شيئا وأنت مفرط، العلم موجود لكنك لا تسأل، أو أن يكون عندك وأمامك،وما يحبط بعض العمل أو ينقص الأجر يكسب السيئات، فيما يتصل بالتوحيد،وأنت لا تتعلم لاشك أن هذا مما يأثم به العبد، ومما يُنقص حسناته في بعض المسائل.
لهذا واجب أن تتعلم حقيقة التوحيد والشرك، وصور التوحيد وصور الشرك، ومن أعظم ما ينفعك في هذا كتاب التوحيد، الذي هو حق الله على العبيد ،للشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله.
ثم المرتبة الثالثة :كشف الشبهات، وكشف الشبهات مهمة، لأن طالب العلم بعد معرفته لثلاثة الأصول، ومعرفة العبد ربه ومعرفة العبد دينه، ومعرفة العبد نبيه عليه الصلاة والسلام، بعد معرفته يحتاج إلى الأدلة ،في التوحيد بالتفصيل والشرك وأنواعه الأكبر والأصغر والخفي، ومسائل من توحيد الأسماء والصفات، والربوبية إلى آخره، ثم بعدها ينظر إلى شبه المشركين، أن من الناس من يتعلم لكن يأتيه المشبه بشبهة،فيصبح قلقا في قناعته وإيمانه بأصل دينه، لهذا لابد من أن يتعلم بعد ذلك ما الشبه التي يروّجها أو يبثّها المشركون، والخرافيون في توحيد العبادة، ثم يتعلم رد العلماء على ذلك، حتى يكون على بينة، ولا يمكن بإذن الله تعالى وتوفيقه أن تروج عليه الشبه.
اليوم سمعنا كثيرا مثل ما تسمعون، أن من الناس من أهل الفطرة وأهل التوحيد في هذه البلاد، ربما شكوا بعض مسائل التوحيد، ما السبب؟ السبب أنهم لم يقبلوا ويقولون ببعض الشبه وكأن العلماء لم يجيبوا عنها، وكأنه لا جواب عنها في كتاب الله جل وعلا ،وفي سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وفيما دونه الأئمة والعلماء، وخاصة أئمة الدعوة النجدية، رحم الله الأئمة جميعا، فكيف إذاً يكون المرء ناجيا،والعلم بين يديه وهو لا يقبل عليه، ولقد أحسن القائل إذ يقول:
ومن العجائب والعجائب جمة * قرب الدواء وما إليه وصول
كالعيس في البيداء يقتلها * الضمأ والماء فوقها محمول
فإذا علمت الحق، فإنه يجب عليك أن تؤديه حتى يثبت، إذا علمت معنى التوحيد وثلاثة الأصول، تعلم بيتك تعلم أسرتك، أيضا تقيم الحجة على المعاند، وتتمرن على ذلك حتى يقوى في قلبك، وحبذا أن يكون ذلك بأسلوب لطيف، بأسلوب جيد ولو كان بأسلوب آخر، فإنه ينفع بإذن الله تعالى، ولكن ينبغي أن يتحرى بالتي هي أحسن، لكن الإغلاظ في موقعه لابد منه، والسهولة واللين في موضعه هو الأصل، ولابد منه، ولهذا أيضا الشاعر ولقد أحسن فيما قال:
أبِنْ وجه نور الحق في وجه سامعه * ودعه فنور الحق يسري ويشرق
سيذكره يوما وينسى نكاره * كما نسي التوثيق من هو مطلق
يتذكر الحق الذي فيه يوما من الأيام، فلهذا ابذل ما عندك بعد التعلم، فإنه سبب ووسيلة إلى ثبات العلم، والذي يتعلم ولا يبذل العلم تعليما، لأهله لصغاره لمن حوله أهل حيه للناس فيما يحسنه، من لا بذل العلم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بالكتابة إلى آخره، فإنه ربما ضعف في هذا الجانب، وقد قال جل وعلا :{وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا وَإِذاً لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّا أَجْراً عَظِيمًا وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللّهِ وَكَفَى بِاللّهِ عَلِيمًا}النساء.
إذن التعلم له منهج، فبعد أن تتعلم أبذل العلم بقدر المستطاع.
ولهذا أنا أعجب من طائفة من طلبة العلم، يتعلمون ولا يبذلون العلم، أُبذل ما علمت بيقين، علمته بأدلته وفهمته على العلماء والمشايخ أبذله، فهل لابد أن تبذله في محاضرة في مسجد؟ أو أن تلقي كلمة في مكان عام؟ ليس كذلك تبذل العلم في بيتك، تبذل العلم في دعوة تجتمعون فيها، على الخير والصلاح تبذل فيها، تأتي فيها بما ينفع، هذا بذل العلم، أنت ومن معك من زملاء أو أصدقاء، وأصحاب تبذل فيها العلم،وتكون المجالس عامرة بالعلم، والفقه في الدين، هذا من أعظم ما ينفع في الفقه،وفي الثبات عليه وفي علم ما لا تعلم، فهذا قد جرب فإن الذي يبذل العلم يعلم ما لم يعلم، وهذا من فتح الله جل وعلا وإنعامه على عبده.
الثالث:توحيد الأسماء والصفات، توحيد الأسماء والصفات، يدخل في علم العقيدة الذي سيأتي بيانه، فكتب العقيدة التي فيها بيان أركان الإيمان،وما يتصل بذلك مختصة بشرح بيان توحيد الأسماء والصفات.
أما العقيدة فهي أعظم الفقه في الدين، التوحيد والعقيدة معا هي أعظم ما يتفقه به في الدين، والعقيدة الكتب فيها كثيرة، فهناك للمتأخرين المعاصرين متنوعة المشارب والمذاهب، وهناك كتب لعلماء السلف وهناك متوسطة في القرون المتوسطة، يعني ما بين القرن الثالث إلى القرن الثاني عشر، هذه كتب مختلفة وأيضا اضطراب وفيها أخذ ورد من متنوعات المسائل.
والذي يجب على كل من يريد الفقه في الدين، وأن يطلب نجاته أن يهتم بالعلم الموروث في العقيدة، عن سلف هذه الأمة لم؟
لأن السلف الصالح على علم وقفوا وببصر نافذ كفوا، كما قال ابن مسعود، وكما قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى: إنهم -يعني الصحابة وسادات التابعين- على علم وقفوا وببصر نافذ كفوا.
يعني ما تكلموا فيه تكلموا فيه عن علم ،وما كفوا عنه لم يكفوا عنه ،لأنهم ليسوا بعلماء؟ لا ولكنهم لأنهم تلكموا بعلم فيما تكلموا فيه، وكفوا بعلم وببصر نافذ فيما كفوا عنه.
ولهذا يجب أن يؤخذ الاعتقاد عن سلف هذه الأمة، وعن من تبعهم من أئمة وعلماء الإسلام ،وكتب السلف واعتقاد والسلف مدونة معروفة.
لكن كمنهج مبسط لطالب العلم، أول ما يبدأ بكتاب لمعة الاعتقاد لابن قدامة، ثم يليه الواسطية لشيخ الإسلام بن تيمية، ثم يليه الحموية أيضا لابن تيمية، ثم يليه شرح الطحاوية أو متن الطحاوية، مع شرحها لابن أبي العز الحنفي رحمهم الله تعالى جميعا.
ويقرأ كل واحد على عالم أو يسمع الشريط فيها، يأخذ منها ما تيسر وكل واحد يأخذ بقدر ما عنده من الاستعدادات والقرائح والفُهوم.
وهنا مسألة مهمة في تعلّم العقيدة، وهي أن العقيدة والفقه فيها ليس سهلا وليس صعبا، ليس سهلا لأنه قد يدخل فيها بعض المباحث الكلامية، التي يكون فيها رد على المبتدعة في القدر والإيمان، والأسماء والصفات ونحو ذلك من المسائل، وليس صعبا لأن كل عقيدة كتبها أئمة الإسلام، المتّبعون للسلف الصالح هي مستقاة، بل دليلها النص من القرآن، أو من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وثَم مسائل قليلة دليلها الإجماع.
هذه العقيدة مشتملة على أقسام:
القسم الأول: بيان أركان الإيمان الستة، الإيمان بالله وملائكته، وكتبه ورسله، واليوم الآخر والقدر خيره وشره من الله تعالى.
القسم الثاني: ما يتصل بمنهج التعامل مع الخلق، الذي باين به أهل السنة أهل البدع، كيف تتعامل مع ولاة الأمر، كيف تتعامل مع العصاة، في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كيف تتعامل مع الصحابة رضوان الله عليم، كيف تتعامل مع أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن، ونحو ذلك من المسائل التي صارت مسائل عقدية، لأن أهل السنة باينوا فيها وخالفوا فرق الضلال، وجماعات البدعة من الخوارج والمعتزلة ،والمرجئة والرافضة إلى آخر أصنافهم.
القسم الثالث: سمات أهل السنة والسلف الصالح في التعبد، لأن أهل السنة في عقائدهم، ليسوا كالنصارى وليسوا كاليهود، في أن عقائدهم مناقشات عقلية، لا أثر لها على السلوك، لهذا تجد ابن تيمية في آخر الواسطية، ذكر القسم الثالث وهو السلوك، فقال في وصف أهل السنة: وهم مع ذلك يحضرون الجمع والجماعات، ويصومون ويقومون الليل ويتصدقون.وإلى آخر ما جاء في كلامه، ما معنى هذا؟ معناه أن أثر العقيدة مكمل لحقيقة الاعتقاد.
هذا ما يتصل بالقسم الأول، وهو الفقه الأكبر الفقه التوحيد والعقيدة ودين الإسلام.
أما القسم الثاني، وهو الفقه المعروف بفقه الفروع ،وهو المبتدئ بالطهارة إلى كتاب الإقراض.


يتبع


التعديل الأخير تم بواسطة أم صهيب السلفية ; 11 Nov 2017 الساعة 07:02 PM
رد مع اقتباس