عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 11 Nov 2017, 06:18 PM
أم صهيب السلفية أم صهيب السلفية غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2017
الدولة: الجزائر - الأوراس
المشاركات: 352
افتراضي

إذاً فما من مسألة، إلا وثم فئة لابد فيها أن تتعلم العلم الشرعي، وهذا يعني أن المسلم، إذا كان العلم مبسوطا، قريبا بين يديه، وهو يأتي أموره على جهل وهوى، أو على إعراض عما ينبغي من التعلم، فإنه ولا شك مقصر ويأثم، لأن العلم قريب منه، وهو لم يبحث عن هذا العلم،الذي لو بحث عنه لوجده.
كذلك في مسائل المحرمات الموبقات السبع، الشرك بالله جل وعلا، والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، إلى آخر الموبقات السبع، هذه المحرمات حرمة الزنا حرمة الخمر، حرمة الربا حرمة الرشوة ونحو ذلك، من المحرمات التي أجمع العلماء عليها، والتي تحريمها صار من المعلوم من الدين بالضرورة، هذا يجب على كل أحد أن يتعلم ذلك هذه المحرمات، وما يتصل بها وأن يحذر من الوقوع فيها.
إذاً دين الله جل وعلا، حقيقته هو أداء حق الله على العبد بتوحيده جل وعلا، وبعبادته، على وفق ما أمر رسوله صلى الله عليه وسلم، والاستجابة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم فرض، وهذا النوع الذي ذكرنا هو العلم الواجب العيني.
وأما القسم الثاني، من التفقه في الدين وهو الفقه في الدين الكفائي، وهو ما إذا كان ثَم طائفة من المسلمين، في البلد نفسه قاموا بهذا الفرض الكفائي، فإن الإثم يزول عن بقية المؤمنين.
ولهذا في الحقيقة وجود طلبة علم في مكان وفي بلد، وحرص هؤلاء على العلم والتعليم والتعليم، وبذل الأوقات في ذلك، هذا له أثر على الجميع لو عقلوا، وهو أن تفرغهم لذلك وإقبالهم عليه رفع عنهم الإثم؛ لأنهم قاموا بفرض الكفاية فدعمهم وحثهم وشكرهم، هذا مما ينبغي ويحسن لأنهم قاموا بما هو مفروض على الجماعة.
في بعض القرى يكون ثَم شباب أو ثَم يؤنس في نفسه رشد،ا ولا يكون في القرية طلاب العلم يكفون، وتجد أن هؤلاء ينشغلون عن العلم بغيره، وهؤلاء لا تبرأ ذمتهم،لأن الأصل كما قال العلماء، أن كل بلد له حكمه في وجود وتحقيق الفرض الكفائي، فلا يُقال في بلد نحن قريبون من البلد الفلانية، لأن هذا خلاف الأصل، والأصل أن كل بلد يخاطب أهلها، بوجود بعض طلبة العلم ،ومن يتعلمون العلم الكفائي، حتى ينفعوا أهل البلد ،وحتى يعلموا أهل البلد ما ينفعهم ،في دينهم وما يجب عليهم، ويحرم عليهم في دين الله.
لهذا نقول: إن الواقع مع هذا إقبال الذي نشهده في العلم وطلب العلم، لكن الواقع أن العلم، والفقه في الدين الناس معه مقصرون جدا، والناس اليوم كثير كثير، فهل يحتاجون إلى ألف طالب علم؟ أو إلى ألفين أو إلى عشرة آلاف أو إلى أكثر؟ يحتاجون إلى أكثر وأكثر، وكل أهل بلد يجب عليهم التفقه في الدين، تفقها عينيا فيما يجب عينا فيه،وتفقها كفائيا فيما يجب كفائيا فيه.
وما أعظم قول النبي محمد عليه الصلاة والسلام:"من يرد الله أن يهديه يفقهه"، كما جاء في أحد حديث ابن عمر، وفي الرواية المشهورة :"من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين"، وألحظ الرواية الأولى :"من يرد الله أن يهديه يفقهه"، لأن حقيقة الفقه أن ينشرح الصدر للإسلام بكله، {فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء}الأنعام.
إذا تبين لك ذلك، وأنه يجب على كل مسلم، أن يتعلم العلم العيني، ويجب على جماعة المسلمين، في كل بلد أن يكون منها طلاب علم، يتعلمون ويبذلون في العلم أوقاتهم ،وترسخ أقدامهم في العلم، حتى يقوموا بالواجب الكفائي، فإن للفقه في الدين لمن أراد أن يطلبه له منهج، ومن الناس من يريد ولكن لا منهج عنده ،لتحصيل العلم، فلذلك يدرك بعضا ويفوته بعض، ويكون مشتتا بين ذا وذاك.
أما التوحيد، والفقه في التوحيد فهو الذي سماه بعض العلماء الفقه الأكبر، لأن الله جل وعلا قال:{لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ}التوبة.
والعلماء سموا العلم بالأحكام العبادية، والمعاملات إلى آخره وسموها فقها، فسموا ما يقابله الفقه الأكبر، لأنه الأهم والأعظم، هذا الفقه الأكبر وهو توحيد الله جل وعلا، له منهج في طلبه والعلم به، وليس العلم به تجميع مسائل، أو أجوبة من الشيخ الفلاني، أو العالم الفلاني أو قراءة الفتاوى، ليس ذلك هذا زاد في الطريق؛ لكن العلم بالتوحيد له منهج.
التوحيد أو العقيدة يقسمها العلماء إلى قسمين:
القسم الأول: التوحيد وهو ما يدخل في توحيد الربوبية، والألوهية الأسماء والصفات.
والثاني: العقيدة التي تدخل في أركان الإيمان الستة، الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله ،واليوم الآخر وبالقدر وخيره وشره ،وهي التي جاءت في الكتاب وحديث جبريل ،وما اتصل بذلك من مسائل العقيدة.
هذا التوحيد، الفقه فيه هو أعظم ما يتقرب به العبد إلى ربه، لأنه أعظم الفرائض قد صح عنه محمد عليه الصلاة والسلام أنه قال :"وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما فرضته عليه"، فهذا الفرض، وهو العلم بالتوحيد، العلم بالعقيدة هذا من أوجب الواجبات.
كيف تتعلم وما هو المنهج في ذلك؟ هذا من أعز المطالب،لو رأيت صنيع العلماء الذين رسخت قدمهم في العلم، فصار الناس يرجعون إليهم، لوجدت أنهم طلبوا العلم على أشياخهم، على منهج ساروا عليه، وسار عليه من قبلهم، وسار عليهم العلماء في قرون متطاولة.....

الوجه الثاني


وهو أن يُبدأ في ذلك بالنُبذ والمختصرات من الرسائل والكتب، ثم يُترقى إلى ما هو أكبر، فنأخذ أقسام التوحيد وما ينفع فيها، يعني في تحقيق الفقه وطلب العلم فيها.
أما توحيد الربوبية: وهو مهم لا كما يظن البعض أن توحيد الربوبية ليس مهما، بل طلب العلم فيه مهم، ولكنه ليس هو الأساس، وإنما الأساس توحيد العبادة، لأن من عبد الله جل وعلا ،وحده لا شريك له فإن عبادته لله وحده، تضمنت أنه وحد الله في ربوبيته ،أنه لا رب سواه جل وعلا، لكن توحيد الربوبية مهم، ووجه أهميته من جهتين:
الجهة الأولى: أنه وسيلة لقيام الحجة في توحيد الألوهية والله جل وعلا، في القرآن في آيات كثيرة جعل الحجة لازمة للمشركين، في عدم توحيدهم لله في العبادة،بأنهم وحدوا الله في الربوبية، قال جل وعلا مثلا: {قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ}يونس.


يتبع


التعديل الأخير تم بواسطة أم صهيب السلفية ; 11 Nov 2017 الساعة 06:57 PM
رد مع اقتباس