عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 28 Sep 2010, 10:25 PM
شمس الدين حماش شمس الدين حماش غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
المشاركات: 196
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة علي الفضلي مشاهدة المشاركة
وهذه مشاركة قديمة ترتيبها ليس بذاك شاركت فيها في إحدى المشاركات:
بارك الله فيكم .
حديث : [ اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله ] ، حسنه طائفة من أهل العلم ، منهم ابن القيم – رحمه الله تعالى - ، ولكن كما ذكرتَ فقد ضعفه الألباني – رحمه الله تعالى – ولكنه حسّن به حديث : [ إن لله عبادا يعرفون الناس بالتوسم ] ، فجعل حديث : [ اتقوا فراسة المؤمن ..] شاهدا تاما لحديث : [ إن لله عبادا يعرفون الناس بالتوسم ] ، بينما جعل هذا الأخير شاهدا قاصرا لحديث : [ اتقوا فراسة المؤمن ...] ، لأن لفظة : [ .. فإنه ينظر بنور الله ] لا شاهد لها ، فبقي الحديث ضعيفا .
فائدة :
قال معالي الشيخ صالح آل الشيخ – حفظه الله تعالى - :
[المسألة العاشرة: مما يتصل بالكرامة من المباحث مبحث الفِراسة؛ لأن الفراسة الإيمانية بها يعلم صاحب الفراسة ما في نفس الآخرين، والفِراسة لفظ جاء في السنة: «اتقوا فِراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله»، والحديث حسنه جماعة من أهل العلم، وهو في الترمذي وفي غيره.
هذه الفِراسة عُرِّفت بأنها شيء من العلم يُلقَى في رُوع المؤمن به يعلم حال من أمامه، إمّا حاله الإيماني وإما حاله في الصدق والكذب، وإما بمعرفة ما في نفسه ويجول في خاطره.
ولهذا عُرِّفت الفراسة أيضاً بأنها نور يقذفه الله في قلب بعض عباده، بها يعلم مخبئات ما في صدور بعض الناس.
والعلماء قسموا الفراسة إلى أقسام أشهرها ثلاثة:
الأول الفراسة الإيمانية: وهي التي قد يُدخلها بعضهم في باب الكرامة وليست منها.
والقسم الثاني فراسة رياضية: يعني تحصل بالترويض وبالتعود وبتخفيف ما في النفس من العلائق، وهي التي يحصل قيها دُربة عند بعض أصحاب الطرق.
والثالث فراسة خَلْقية: وهذه ليست راجعت إلى استبطان ما في النفوس ولكن باعتبار الظهر، يُنظر إلى الخلق فيستدل بشكل الوجه على الخُلُق، يستدل بشكل العينين على مزاج صاحبها، يستدل بشكل البدن أو شكل اليد أو تقاطيع الوجه على حاله من جهة الأخلاق، فهذه اعتنى كثير من الناس، وصُنفت فيها مصنفات عند جميع الأمم، من الأمم السابقة لأمة الإسلام، وفي أمة الإسلام أيضاً لأنها فراسة خلقية، ويقولون: إنه تم ترابط ما بين الخَلق والخُلُق. ومن الأئمة الذين اعتنوا بهذا الباب وتعلموه الشافعي رحمه الله وصنّف طائفة من أصحاب الشافعي في الفِراسة مصنفات الفراسة الخَلقية.
المقصود من ذلك أن الفراسة -وهي النوع الأول الفراسة الإيمانية-، ليست من الكرامة لأنها أقرب ما تكون إلى الإلهام، والإلهام قد يكون خارقاً للعادة وقد لا يكون فجنس الفراسة الإيمانية ليست من جنس الكرامات، وقد يكون من أنواع الفراسة ما يكون فيه خرق للعادة فيكون كالعلوم والمكاشفات التي يُجريها الله جلّ وعلا على يد أوليائه ].
انتهى كلامه من " شرح الطحاوية " له .
ومن أكابر علماء أهل السنة الذين اهتموا بالفراسة الإمام الشافعي ، فقد ذكر عنه الإمام البيهقي في " مناقب الشافعي " أنه – رحمه الله تعالى – رحل إلى اليمن ، وجمع كتابا في ذلك .
قال ابن القيم – رحمه الله تعالى – في كتابه " الروح " :
فصل : والفرق بين الفراسة والظن : أن الظن يخطئ ويصيب ، وهو يكون مع ظلمة القلب ونوره ، وطهارته ونجاسته ، ولهذا أمر تعالى باجتناب كثير منه وأخبر أن بعضه إثم .
وأما الفراسة : فأثنى على أهلها ، ومدحهم في قوله تعالى : { إن في ذلك لآيات للمتوسمين }.
قال ابن عباس - رضي الله عنهما – وغيره : أي : للمتفرسين .
وقال تعالى : { يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم }.
وقال تعالى : { ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول }.
فالفراسة الصادقة لقلب قد تطهر ، وتصفى وتنزه من الأدناس ، وقرب من الله ، فهو ينظر بنور الله الذي جعله في قلبه ، وفي الترمذي وغيره من حديث أبي سعيد قال : قال رسول الله : [ اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله ] ، وهذه الفراسة نشأت له من قربه من الله ، فإن القلب إذا قرب من الله ، انقطعت عنه معارضات السوء المانعة من معرفة الحق وإدراكه ، وكان تلقيه من مشكاة قريبة من الله ، بحسب قربه منه وأضاء له النور بقدر قربه ، فرأى في ذلك النور ما لم يره البعيد والمحجوب ، كما ثبت في الصحيح من حديث أبي هريرة عن النبي فيما يروى عن ربه عز وجل أنه قال : [ ما تقرب إلى عبدي بمثل ما افترضت عليه ، ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، بي يسمع ، وبي يبصر ، وبي يبطش ، وبي يمشي ] ، فأخبر سبحانه أن تقرب عبده منه يفيده محبته له ، فإذا أحبه قرب من سمعه وبصره ويده ورجله ، فسمع به وأبصر به وبطش به ومشى به ، فصار قلبه كالمرآة الصافية تبدو فيها صور الحقائق على ما هي عليه ، فلا تكاد تخطئ له فراسة ، فإن العبد إذا أبصر بالله ، أبصر الأمر على ما هو عليه ، فإذا سمع بالله سمعه على ما هو عليه ، وليس هذا من علم الغيب ، بل علام الغيوب قذف الحق في قلب قريب ، مستبشر بنوره ، غير مشغول بنقوش الأباطيل والخيالات والوساوس ، التي تمنعه من حصول صور الحقائق فيه ، وإذا غلب على القلب النور فاض على الأركان ، وبادر من القلب إلى العين ، فكشف بعين بصره بحسب ذلك النور ، وقد كان رسول الله يرى أصحابه في الصلاة وهم خلفه ، كما يراهم أمامه ، ورأى بيت المقدس عيانا وهو بمكة ، ورأى قصور الشام وأبواب صنعاء ومدائن كسرى وهو بالمدينة يحفر الخندق ، ورأى أمراءه بمؤتة وقد أصيبوا وهو بالمدينة ، ورأى النجاشي بالحبشة لما مات وهو بالمدينة ، فخرج إلى المصلى ، فصلى عليه ، ورأى عمر سارية بنهاوند من أرض فارس هو وعساكر المسلمين ، وهم يقاتلون عدوهم ، فناداه : يا سارية الجبل ، ودخل عليه نفر من مذحج فيهم الأشتر النخعي ، فصعّد فيه البصر وصوبه ، وقال : أيهم هذا ؟ قالوا : مالك بن الحارث . فقال ماله قاتله الله ؟!! إني لأرى للمسلمين منه يوما عصيبا ! ، ودخل عمرو بن عبيد على الحسن ، فقال : هذا سيد الفتيان إن لم يحدث .
وقيل : إن الشافعي ومحمد بن الحسن جلسا في المسجد الحرام ، فدخل رجل ، فقال محمد : أتفرس أنه نجار ! ، فقال الشافعي : أتفرس أنه حداد ! ، فسألاه ، فقال : كنت حدادا ، وأنا اليوم أنجر!! . ودخل أبو الحسن البوشنجي والحسن الحداد على أبي القاسم المُناوي يعودانه ، فاشتريا في طريقهما بنصف درهم تفاحا نسيئة ، فلما دخلا عليه ، قال : ما هذه الظلمة ؟!
فخرجا ، وقالا ما علمنا لعل هذا من قبل التفاح ، فأعطيا الثمن ، ثم عادا إليه ووقع بصره عليهما ، فقال يمكن الإنسان أن يخرج من الظلمة بهذه السرعة ؟! ، أخبراني عن شأنكما ، فأخبراه بالقصة ، فقال : نعم ،كان كل واحد منكما يعتمد على صاحبه في إعطاء الثمن ، والرجل مستح منكما في التقاضي.
وكان بين زكريا النخشبي وبين امرأة سبب قبل توبته ، فكان يوما واقفا على رأس أبي عثمان الحيري ، فتفكر في شأنها ، فرفع أبو عثمان إليه رأسه وقال : ألا تستحي؟! .
وكان شاه الكرماني جيد الفراسة لا تخطئ فراسته ، وكان يقول : من غض بصره عن المحارم ، وأمسك نفسه عن الشهوات ، وعمّر باطنه بدوام المراقبة ، وظاهره باتباع السنة ، وتعّود أكل الحلال لم تخطئ فراسته.
وكان شاب يصحب الجنيد يتكلم على الخواطر ، فذكر للجنيد ، فقال : إيش هذا الذي ذكر لي عنك ؟! فقال له : اعتقد شيئا . فقال له الجنيد : اعتقدت . فقال الشاب : اعتقدت كذا وكذا . فقال الجنيد : لا.
فقال : فاعتقد ثانيا. قال: اعتقدت . فقال الشاب : اعتقدت كذا وكذا .
فقال الجنيد : لا.
قال : فاعتقد ثالثا. قال: اعتقدت.
قال الشاب : هو كذا وكذا . قال : لا. فقال الشاب : هذا عجب ، وأنت صدوق ، وأنا أعرف قلبي!.
فقال الجنيد : صدقت في الأولى والثانية والثالثة ، لكن أردت أن أمتحنك هل يتغير قلبك!.
وقال أبو سعيد الخراز : دخلت المسجد الحرام ، فدخل فقير عليه خرقتان يسأل شيئا ، فقلت في نفسي : مثل هذا كلٌّ على الناس؟! فنظر إلى ، وقال : { اعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه } ، قال : فاستغفرت في سري ؛ فناداني وقال : { وهو الذي يقبل التوبة عن عباده }.
وقال إبراهيم الخواص : كنت في الجامع ، فأقبل شاب طيب الرائحة ، حسن الوجه ، حسن الحرمة ، فقلت لأصحابنا : يقع لي أنه يهودي ! ، فكلهم كره ذلك ؛ فخرجت ، وخرج الشاب ، ثم رجع إليهم فقال : إيش قال الشيخ فِيّ ؟ فاحتشموه ، فألح عليهم ، فقالوا : قال : إنك يهودي .
فجاء ، فأكب على يدي ، فأسلم ! ، فقلت : ما السبب ؟ فقال : نجد في كتابنا : أن الصديق لا تخطئ فراسته! ، فقلت : امتحن المسلمين ، فتأملتهم ، فقلت : إن كان فيهم صديق ففي هذه الطائفة ، فلبست عليكم ، فلما اطلع هذا الشيخ عليّ ، وتفرسني ، علمت أنه صديق .
وهذا عثمان بن عفان ، دخل عليه رجل من الصحابة ، وقد رأى امرأة في الطريق ، فتأمل محاسنها؛ فقال له عثمان : يدخل على أحدكم وأثر الزنا ظاهر على عينيه ، فقلت أوَحْيٌ بعد رسول الله ؟!! فقال : لا ، ولكن تبصرة وبرهان وفراسة صادقة .
فهذا شأن الفراسة ، وهي نور يقذفه الله في القلب ، فيخطر له الشيء ، فيكون كما خطر له وينفذ إلى العين فيرى مالا يراه غيرها ] .
قال ابن القيم – رحمه الله تعالى – في كتابه " الروح " :
فصل : والفرق بين الفراسة والظن : أن الظن يخطئ ويصيب ، وهو يكون مع ظلمة القلب ونوره ، وطهارته ونجاسته ، ولهذا أمر تعالى باجتناب كثير منه وأخبر أن بعضه إثم .
وأما الفراسة : فأثنى على أهلها ، ومدحهم في قوله تعالى : { إن في ذلك لآيات للمتوسمين }.
قال ابن عباس - رضي الله عنهما – وغيره : أي : للمتفرسين .
وقال تعالى : { يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم }.
وقال تعالى : { ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول }.
فالفراسة الصادقة لقلب قد تطهر ، وتصفى وتنزه من الأدناس ، وقرب من الله ، فهو ينظر بنور الله الذي جعله في قلبه ، وفي الترمذي وغيره من حديث أبي سعيد قال : قال رسول الله : [ اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله ] ، وهذه الفراسة نشأت له من قربه من الله ، فإن القلب إذا قرب من الله ، انقطعت عنه معارضات السوء المانعة من معرفة الحق وإدراكه ، وكان تلقيه من مشكاة قريبة من الله ، بحسب قربه منه وأضاء له النور بقدر قربه ، فرأى في ذلك النور ما لم يره البعيد والمحجوب ، كما ثبت في الصحيح من حديث أبي هريرة عن النبي فيما يروى عن ربه عز وجل أنه قال : [ ما تقرب إلى عبدي بمثل ما افترضت عليه ، ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، بي يسمع ، وبي يبصر ، وبي يبطش ، وبي يمشي ] ، فأخبر سبحانه أن تقرب عبده منه يفيده محبته له ، فإذا أحبه قرب من سمعه وبصره ويده ورجله ، فسمع به وأبصر به وبطش به ومشى به ، فصار قلبه كالمرآة الصافية تبدو فيها صور الحقائق على ما هي عليه ، فلا تكاد تخطئ له فراسة ، فإن العبد إذا أبصر بالله ، أبصر الأمر على ما هو عليه ، فإذا سمع بالله سمعه على ما هو عليه ، وليس هذا من علم الغيب ، بل علام الغيوب قذف الحق في قلب قريب ، مستبشر بنوره ، غير مشغول بنقوش الأباطيل والخيالات والوساوس ، التي تمنعه من حصول صور الحقائق فيه ، وإذا غلب على القلب النور فاض على الأركان ، وبادر من القلب إلى العين ، فكشف بعين بصره بحسب ذلك النور ، وقد كان رسول الله يرى أصحابه في الصلاة وهم خلفه ، كما يراهم أمامه ، ورأى بيت المقدس عيانا وهو بمكة ، ورأى قصور الشام وأبواب صنعاء ومدائن كسرى وهو بالمدينة يحفر الخندق ، ورأى أمراءه بمؤتة وقد أصيبوا وهو بالمدينة ، ورأى النجاشي بالحبشة لما مات وهو بالمدينة ، فخرج إلى المصلى ، فصلى عليه ، ورأى عمر سارية بنهاوند من أرض فارس هو وعساكر المسلمين ، وهم يقاتلون عدوهم ، فناداه : يا سارية الجبل ، ودخل عليه نفر من مذحج فيهم الأشتر النخعي ، فصعّد فيه البصر وصوبه ، وقال : أيهم هذا ؟ قالوا : مالك بن الحارث . فقال ماله قاتله الله ؟!! إني لأرى للمسلمين منه يوما عصيبا ! ، ودخل عمرو بن عبيد على الحسن ، فقال : هذا سيد الفتيان إن لم يحدث .
وقيل : إن الشافعي ومحمد بن الحسن جلسا في المسجد الحرام ، فدخل رجل ، فقال محمد : أتفرس أنه نجار ! ، فقال الشافعي : أتفرس أنه حداد ! ، فسألاه ، فقال : كنت حدادا ، وأنا اليوم أنجر!! . ودخل أبو الحسن البوشنجي والحسن الحداد على أبي القاسم المُناوي يعودانه ، فاشتريا في طريقهما بنصف درهم تفاحا نسيئة ، فلما دخلا عليه ، قال : ما هذه الظلمة ؟!
فخرجا ، وقالا ما علمنا لعل هذا من قبل التفاح ، فأعطيا الثمن ، ثم عادا إليه ووقع بصره عليهما ، فقال يمكن الإنسان أن يخرج من الظلمة بهذه السرعة ؟! ، أخبراني عن شأنكما ، فأخبراه بالقصة ، فقال : نعم ،كان كل واحد منكما يعتمد على صاحبه في إعطاء الثمن ، والرجل مستح منكما في التقاضي.
وكان بين زكريا النخشبي وبين امرأة سبب قبل توبته ، فكان يوما واقفا على رأس أبي عثمان الحيري ، فتفكر في شأنها ، فرفع أبو عثمان إليه رأسه وقال : ألا تستحي؟! .
وكان شاه الكرماني جيد الفراسة لا تخطئ فراسته ، وكان يقول : من غض بصره عن المحارم ، وأمسك نفسه عن الشهوات ، وعمّر باطنه بدوام المراقبة ، وظاهره باتباع السنة ، وتعّود أكل الحلال لم تخطئ فراسته.
وكان شاب يصحب الجنيد يتكلم على الخواطر ، فذكر للجنيد ، فقال : إيش هذا الذي ذكر لي عنك ؟! فقال له : اعتقد شيئا . فقال له الجنيد : اعتقدت . فقال الشاب : اعتقدت كذا وكذا . فقال الجنيد : لا.
فقال : فاعتقد ثانيا. قال: اعتقدت . فقال الشاب : اعتقدت كذا وكذا .
فقال الجنيد : لا.
قال : فاعتقد ثالثا. قال: اعتقدت.
قال الشاب : هو كذا وكذا . قال : لا. فقال الشاب : هذا عجب ، وأنت صدوق ، وأنا أعرف قلبي!.
فقال الجنيد : صدقت في الأولى والثانية والثالثة ، لكن أردت أن أمتحنك هل يتغير قلبك!.
وقال أبو سعيد الخراز : دخلت المسجد الحرام ، فدخل فقير عليه خرقتان يسأل شيئا ، فقلت في نفسي : مثل هذا كلٌّ على الناس؟! فنظر إلى ، وقال : { اعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه } ، قال : فاستغفرت في سري ؛ فناداني وقال : { وهو الذي يقبل التوبة عن عباده }.
وقال إبراهيم الخواص : كنت في الجامع ، فأقبل شاب طيب الرائحة ، حسن الوجه ، حسن الحرمة ، فقلت لأصحابنا : يقع لي أنه يهودي ! ، فكلهم كره ذلك ؛ فخرجت ، وخرج الشاب ، ثم رجع إليهم فقال : إيش قال الشيخ فِيّ ؟ فاحتشموه ، فألح عليهم ، فقالوا : قال : إنك يهودي .
فجاء ، فأكب على يدي ، فأسلم ! ، فقلت : ما السبب ؟ فقال : نجد في كتابنا : أن الصديق لا تخطئ فراسته! ، فقلت : امتحن المسلمين ، فتأملتهم ، فقلت : إن كان فيهم صديق ففي هذه الطائفة ، فلبست عليكم ، فلما اطلع هذا الشيخ عليّ ، وتفرسني ، علمت أنه صديق .
وهذا عثمان بن عفان ، دخل عليه رجل من الصحابة ، وقد رأى امرأة في الطريق ، فتأمل محاسنها؛ فقال له عثمان : يدخل على أحدكم وأثر الزنا ظاهر على عينيه ، فقلت أوَحْيٌ بعد رسول الله ؟!! فقال : لا ، ولكن تبصرة وبرهان وفراسة صادقة .
فهذا شأن الفراسة ، وهي نور يقذفه الله في القلب ، فيخطر له الشيء ، فيكون كما خطر له وينفذ إلى العين فيرى مالا يراه غيرها ] .
وقال في " مدارج السالكين " :
[فصل : ومن منازل إياك نعبد وإياك نستعين : منزلة الفراسة .
قال الله تعالى : { إن في ذلك لآيات للمتوسمين } الحجر 75.
قال مجاهد - رحمه الله - : المتفرسين .
وقال ابن عباس - رضي الله عنهما - : للناظرين .
وقال قتادة : للمعتبرين . وقال مقاتل : للمتفكرين .
ولا تنافي بين هذه الأقوال ، فإن الناظر متى نظر في آثار ديار المكذبين ومنازلهم ، وما آل إليه أمرهم أورثه فراسة وعبرة وفكرة وقال تعالى في حق المنافقين ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول محمد 30 فالأول فراسة النظر والعين والثاني فراسة الأذن والسمع

وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول علق معرفته إياهم بالنظر على المشيئة ولم يعلق تعريفهم بلحن خطابهم على شرط بل أخبر به خبرا مؤكدا بالقسم فقال ولتعرفنهم في لحن القول وهو تعريض الخطاب وفحوى الكلام ومغزاه و اللحن ضربان صواب وخطأ فلحن الصواب نوعان أحدهما الفطنة ومنه الحديث ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض والثاني التعريض والإشارة وهو قريب من الكناية ومنه قول الشاعر

وحديث ألذه وهو مما يشتهي السامعون يوزن وزنا


منطق صائب وتلحن أحيانا وخير الحديث و ما كان لحنا والثالث فساد المنطق في الإعراب وحقيقته تغيير الكلام عن وجهه إما إلى خطإ ، وإما إلى معنى خفي لم يوضع له اللفظ

والمقصود أنه سبحانه أقسم على معرفتهم من لحن خطابهم فإن معرفة المتكلم وما في ضميره من كلامه أقرب من معرفته بسيماه وما في وجهه فإن دلالة الكلام على قصد قائله وضميره أظهر من السيماء المرئية والفراسة تتعلق بالنوعين بالنظر والسماع وفي الترمذي من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن عن النبي قال اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بور الله ثم تلا قوله تعالى إن في ذلك لآيات للمتوسمين الحجر 75
فصل و الفراسة ثلاثة أنواع إيمانية وهي المتكلم فيها في هذه

المنزلة مدارج السالكين ج2/ص484
وسببها نور يقذفه الله في قلب عبده يفرق به بين الحق والباطل والحالي والعاطل والصادق والكاذب

وحقيقتها أنها خاطر يهجم على القلب ينفي و ما يضاده يثب على القلب كوثوب الأسد على الفريسة لكن الفريسة فعيلة بمعنى مفعولة وبناء الفراسة كبناء الولاية والإمارة والسياسة وهذه الفراسة على حسب قوة الإيمان فمن كان أقوى إيمانا فهو أحد فراسة قال أبو سعيد الخراز من نظر بنور الفراسة نظر بنور الحق وتكون مواد علمه مع الحق بلا سهو ولا غفلة بل حكم حق جرى على لسان عبده

وقال الواسطي الفراسة شعاشع أنوار لمعت في القلوب وتمكن معرفة جملة السرائر في الغيوب من غيب إلى غيب حتى يشهد الأشياء من حيث أشهده الحق إياها فيتكلم عن ضمير الخلق وقال الدراني الفراسة مكاشفة النفس ومعاينة الغيب وهي من مقامات الإيمان وسئل بعضهم عن الفراسة فقال أرواح تتقلب في الملكوت فتشرف على معاني الغيوب فتنطق عن أسرار الخلق نطق مشاهدة لا نطق ظن وحسبان

وقال عمرو بن نجيد كان شاه الكرماني حاد الفراسة لا يخطىء ويقول من غض بصره عن المحارم وأمسك نفسه عن الشهوات وعمر باطنه بدوام بالمراقبه وظاهره باتباع السنة وتعود أكل الحلال لم تخطىء فراسته وقال أبو جعفر الحداد الفراسة أول خاطر بلا معارض فإن عارضه معارض آخر من جنسه فهو خاطر وحديث نفس

وقال أبو حفص النيسابوري ليس لأحد أن يدعي الفراسة ولكن يتقي




والحمد لله رب العالمين .
وجـدير في هذا المقام، وحتى يتبيّن لنا معنى الفراسة، أن نذكر جانباً من الآثار التي أوردها الفقهاء تمثيلا للفراسة.
أولا: ما روي من فراسة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
أ ـ أنه قال: "يا رسـول الله لو اتخـذت من مقـام إبـراهيم مصلى" ونزلت الآية {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً}. (البقرة: 125).
ب ـ أنه قال: "يا رسول الله لو أمرت نساءك أن يحتجبن. فنزلت آية الحجاب".
ج ـ أنـه قال حين اجتمـع على رسـول الله صلى الله عليه وسلم نسـاؤه في الغـيرة: "{عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِنْكُن}. فنزلت كذلك". (التحريم: 5) .
هـ ـ أنـه دخـل عليـه قوم فيهم الأشتر فصعّد فيه النظر وصوّبه، وقال: "أيهم هذا؟" قالوا: "مالك بن الحارث"، فقال: "ماله قاتله الله إني لأرى للمسلمين منه يوما عصيبا"، فكان منه في الفتنة ما كان .
ثانيا: ما روي عن ذي النورين عثمان رضي الله عنه:
أ ـ أنه دخل عليه بعض الصحابة، وكان قد مرّ بالسوق فنظر إلى امرأة, فلما نظر إليه عثـمان قال: "يدخـل أحـدكم عليّ وفي عينيه أثر الزنا". فقال له: أَوَحْياً بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟, قال عثمان: "لا ولكن فراسة صادق" .
ب ـ أنـه لما تفرّس أنـه مقتول ولابد، أمسك عن القتال والدفع عن نفسه لئلا يجري بين المسلمين قتال وآخر الأمر يقتل هو، فأَحبَّ أن يُقتل دون أن يقع قتال بين المسلمين .
ثالثا: ما روي من فراسة عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في الحسين بن علي رضي الله عنهما لمّا ودَّعه قال: "أستودعك الله من قتيل"، ومع الحسين رضي الله عنه كتب أهل العراق تناشده الحضور لنصرته، فكانت فراسة ابن عمر أصدق من كتبهم .
رابعا: ما روي من فراسة الشعبي- رحمـه الله أنه قال لداود الأزدي - وهو يماريه-: "إنك لا تموت حتى تكوى في رأسك", فكان كذلك .
والأمثلة من هذا القبيل كثيرة تجل عن الحصر، ولكن الذي يبدو كـما ذكرت هو خفاء طريق الاستنتاج، وأن المتفرس يدرك الأمر بأسلوب مستتر، فقد يكون استنتاجه هذا مبنياً على علامات خفية تفرسها، وقد يكون مبنيا على خواطر إلهامية قذفها الله في قلبه ونطق بها لسانه.
القضاء بالفراسة في آراء الفقهاء:
لما كان الاستدلال بالفراسـة لا يقـوم على أسس واضحـة ظاهرة حيث أنّ خطوات الاستنتاج فيها خفية غير معروفة لغير المتفرِّس فقد منع جمهور الفقهاء بناء الأحكام القضائية على الفراسة، وقالوا: إنها لا تصلح مستنداً للقاضي في فصل الدعوى، إذ أن القاضي لابد له من حجة ظاهرة يبني عليها حكمه.
يقول الشيخ الدردير المالكي فيما يتصف به القاضي: "فالمطلوب الدهاء ويندب ألا يكون زائدا فيه عن عادة الناس، خشية أن يحمله ذلك على الحكم بين الناس بالفراسة وترك قانون الشريعة من طلب البيّنة وتجريحها، وتعديلها، وطلب اليمين ممن وجهت إليه وغير ذلك" .
ويقول ابن العربي المالكي: "إذا ثبت أن التوهّم والتفرّس من مدارك المعاني، ومعالم المؤمنين، فإن ذلك لا يترتب عليـه حكم، ولا يؤخـذ به موسـوم ولا متفرس، فإن مدارك الأحكام معلومة شرعاً، مدركة قطعاً، وليست الفراسة منها" .
وجـاء في تبصرة الحكّـام لابن فرحـون قولـه: "والحكـم بالفراسة مثل الحكم بالظن والحـرز والتخمـين، وذلـك فسق وجـور من الحكم، والظن يخطئ ويصيب" ، ثم بيّن الشـاطبي في كتـابـه الموافقات: أن الفراسـة لا تصلح مستنـداً للقاضي في حكمـه لأن الاعتبـارات الغيبيـة لا دخـل لها في بنـاء الأحكـام القضائيـة، فالرسـول صلى الله عليه وسلم - وهو أعظم المتفرِّسين - لم يعتـبرها دليلا يعتمد عليه فقال: "إنكم تختصمون إليّ ولعل بعضكم ألحن بحجتـه من بعـض، فمن قضيت له بحق أخيـه شيئـا بقـولـه فإنما أقطع له قطعة من النار فلا يأخذها". فقيّد الحكم بمقتضى ما يسمع وترك ما وراء ذلك" .
كـما أن صاحب (معين الحكام) الحنفي قد ذكر من القول في منع الحكم بالفراسة مثل ما قدمناه عن صاحب تبصرة الحكام، وأن الحكم بها حكم بالظن والتخمين .
رأي ابن القيـم:
خالف ابن القيم جمهـور الفقهاء وذهب إلى القول بجـواز الحكم بالفراسة وقال إنها مدرك صحيح للأحكام، واستخراج الحقوق وفصل الدعاوى، ومن قوله في ذلك: "ولم يزل حذّاق الحكام والولاة يستخرجون الحقوق بالفراسة والأمارات، فإذا ظهرت لم يقدّموا عليها شهادة ولا إقراراً" .
وهو في ذلك يرى أنّ الفراسة من القرائن، ويفسِّرها بالعلامة، ويظهر ذلك من فحوى اعـتراضـه على تفرقـة أبي الوفاء بن عقيل- أحد فقهاء الحنابلة - بين الفراسة والأمارات. قال: "وسئل أبو الـوفـاء بن عقيل عن هذه المسألـة - أي مسألة الحكم بالقرينة والأمارات - فقال: "إن الحكم بالقرينة ليس من باب الحكم بالفراسة التي تختفي فيها خطوات الاستنتاج".
فاعترض ابن القيم قائـلا: "وقـول أبي الـوفاء بن عقيل ليس هذا فراسة فيقال: لا محذور في تسميته فراسة، فهي فراسة صادقة، وقد مدح الله الفراسة وأهلها في مواضع كثيرة من كتابه فقال تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} وهم المتفرسون الآخذون بالسّيما وهي العلامة2.
ومن هنا يتضـح لنا أن ابن القيم لا يفرّق بين الاستـدلال بالعـلامـات كانت هذه العلامات خفية لا تدرك إلا للمتفرسين، أم كانت ظاهرة تدرك لكل أحد، ومع أنه قد ذكر جانبـاً من الأمثلة التي تقـدّمت عن الفراسة التي يختفي فيهـا طريق الاستـدلال بالعـلامة ويتضـح فيها جانب الإلهام كتلك التي قدمناها عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، إلا أنه يرى أن كل ذلك استدلالا بالعلامة ويجوز بناء الأحكام القضائية عليه.
من مشاركة الأخ علي الفضلي في سحاب

رد مع اقتباس