أَشْوَاكُ النَّاصِحِين أَلْيَنُ وَأَضْوَعُ مِنْ رَيَاحِينِ المَادِحِين
بــــسم الله الرحمن الرحيــــم
خلق الله سبحانه و تعالى الإنسان خطّاء ، تعتريه الغفلة و يكتنفه النسيان ، و يلحقه الجهل و يدركه الوهم ، في بعض الأوقات و الأحيان
قال الله ﷻ : ﴿ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ ﴾ ( البقرة : 286 )
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال رسول الله ﷺ : " إنّ الله تجاوز عن أمّتي الخطأ و النسيان و ما استكرهوا عليه " رواه ابن ماجة و البيهقي وغيرهما و هو حسن
و ما دام المؤمنون كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا ، كانت النّصيحة و بذلها من أوثق عُرى هذا البنيان
عن أبي رقيّة تميم ابن أوس الدّاري رضي الله عنه قال رسول الله ﷺ : " الدين النّصيحة " قلنا لمن يا رسول الله ؟ قال : " لله و لكتابه و لرسوله و لأئمة المسلمين و عامتهم " رواه مسلم
و هكذا كان المسلمون يبذُلونها لمن يستحقها ، و يقبلونها ممن يُهديها إليهم ، و كانوا يحسبونها غنيمة باردة ، و كان المؤمن مرآة أخيه حقا
و لا زال الكثير ـ و لله الحمد ـ على هذا الدّيدن و السّبيل ، لكن تنكّب بعض أهلنا الجادّة ، و أمعنوا في المفاوز و السّماليق ، و الفدافد و الأباطح و المغاليق
يحسبون النّصيحة طعنا بالرّماح ، و ضربا بالصِّفاح ، و يظنّون قَبولها ذُلاّ و خضوعا و خنوعا ...
قاعدتهم : ( إمدح تُصحَب ، إنصح تُسحَب )
و كانت القاعدةُ التي أدركتُ عليها أهلنا و آباءنا تقول : ( خوذ راي اللي يبكِّيك ، لا تاخذ راي اللي يضحكك )
المعنى : ( إتبع قول النّاصح و إن آلمك و آسفك و أبكاك ، و جانب قول الموافق الذي يسارع في هواك و إن أغبطك و أضحكك )
فالأول مُشفق عليك و الآخر يُرضيك ليصل إلى مُبتغاه منك
و لبُّ القول و صريح الزّبد : أشواك النّاصحين ألين و أضوع من رياحين المادحين
هذا قولٌ جاش في الخاطر ، عارٍ عن كلّ مُقتضٍ في الحاضر
إلاّ الذكرى لنفسي و للعاقل و السّادر
كتبه أبو عاصم مصطفى بن محمد
السُّلمي
تبلبالة
التعديل الأخير تم بواسطة أبو عاصم مصطفى السُّلمي ; 05 May 2016 الساعة 09:55 AM
|