عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 28 Apr 2014, 01:06 AM
أبو عبد الله محمد تشلابي أبو عبد الله محمد تشلابي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2014
المشاركات: 15
افتراضي

وفيه من الفوائد أيضا، أن الفطنة والفهم والنباهة موهبة خالصة من الله يهبها لمن يشاء من عباده من غير أن يكون لكبر سن أو صغره مدخل في ذلك أو تأثير عليه، بدليل قوله تعالى (يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا)، وكما في أثر عمر مع ابن عباس في البخاري (3627) "أن عمر رضي الله عنه كان يدني عبد الله بن عباس، فقال له عبد الرحمن بن عوف:"إن لنا أبناء مثله"، فقال: "إنه من حيث تعلم"، فسأل عمر ابن عباس عن هذه الآية، {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالفَتْحُ}، فقال:«أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه إياه». قال:"ما أعلم منها إلا ما تعلم".
ثم انقدح في قلبي وأنا أحرر هذه الفائدة أنه بالإمكان الاعتراض على هذا الأثر بما ملخصه أن جواب ابن عباس لعمر وإن كنا لا نستريب لحظة أنه صادر عن فهم وفطنة ونباهة، غير أنه لقائل أن يقول إن ذلك إنما كان من أثر بركة دعوة رسول الله عليه الصلاة والسلام له حينما سأل له ربه قائلا: «اللهم فقهه في الدين» بعد أن كان عليه السلام طلب وضوءا فوجد أن ابن عباس قد استحضره له، وليس مرجعه إلى فطنته وذكائه المحض، والله أعلم.
قال في "الفتح"(1/245): وَقَالَ بن الْمُنِيرِ:"مُنَاسَبَةُ الدُّعَاءِ لِابْنِ عَبَّاسٍ بِالتَّفَقُّهِ عَلَى وَضْعِهِ الْمَاءَ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ تَرَدَّدَ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ، إِمَّا أَنْ يَدْخُلَ إِلَيْهِ بِالْمَاءِ إِلَى الْخَلَاءِ، أَوْ يَضَعَهُ عَلَى الْبَابِ لِيَتَنَاوَلَهُ مِنْ قُرْبٍ، أَوْ لَا يَفْعَلَ شَيْئًا، فَرَأَى الثَّانِيَ أَوْفَقَ لِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ تَعَرُّضًا لِلِاطِّلَاعِ، وَالثَّالِثُ يَسْتَدْعِي مَشَقَّةً فِي طَلَبِ الْمَاءِ، وَالثَّانِي أَسْهَلُهَا فَفِعْلُهُ يَدُلُّ عَلَى ذَكَائِهِ فَنَاسَبَ أَن يَدعِي لَهُ بِالتَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ لِيَحْصُلَ بِهِ النَّفْعُ وَكَذا كَانَ".


التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد الله محمد تشلابي ; 28 Apr 2014 الساعة 12:43 PM
رد مع اقتباس