عرض مشاركة واحدة
  #50  
قديم 22 Feb 2015, 03:03 PM
يوسف صفصاف يوسف صفصاف غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2012
الدولة: اسطاوالي الجزائر العاصمة
المشاركات: 1,199
إرسال رسالة عبر MSN إلى يوسف صفصاف إرسال رسالة عبر Skype إلى يوسف صفصاف
افتراضي

الجمعُ بينَ ورودِ صفةِ اليدِ على سبيلِ الإفرادِ و التثنيةِ و الجمعِ
وردتْ صفةُ اليدِ في النصوصِ الشرعيةِ مفردةً و مثناة و جمعًا.
1 _ الإفرادُ : كقولِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلمَ فيما رواه البخاري عن أبي هريرة : "يدُ اللهِ ملأى لا يغيضُها نفقةٌ، سحاءُ الليلَ و النهار".
2 _ التثنيةُ : كقوله تعالى {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة 64] و قال الله تعالى {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص 75]، و قالَ صلى الله عليه و سلم فيما رواه مسلمٌ عن ابن عمرٍو : "و كلتا يديْه يمين".
3 _ الجمعُ : كقول الله تعالى {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} [يس 71].
أما الإفرادُ : فنقول فيه : أنَّ المفردَ لا يمنعُ التعددَ إذا ثبتَ التعددُ؛ لأن المفردَ المضافَ يفيدُ العمومَ.
و قد قال الله تعالى {وَ إْنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لَا تُحْصُوهَا} [إبراهيم 34] {نِعْمَتَ} مفردٌ مضاف فيفيد العمومَ، فيشملُ نعمًا كثيرةً.
أما المثنى : فنقول أنَّ الله تعالى ليسَ له إلا يدانِ اثنتان.
فقد قال الله تعالى {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص 75]، و المقامُ هنا مقامُ تشريف، و لو كان اللهُ خلقه بأكثرَ من ذلك لذكرَه؛ لأنه كلما ازدادتْ الصفةُ التي خلقه بها كلما ازدادَ تعظيمًا.
و قال تعالى {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة 64]، فالمقامُ هنَا مقامٌ يقتضي كثرةَ النعمِ، و كلما كانت وسيلةُ العطاءِ أكثر كَثُرَ العطاءُ، فلو كان له أكثرَ من يدين لذكر ذلك.
و قد ثبت في السنةِ قولُه صلى الله عليه و سلم : "يطوِي اللهُ السمواتِ بيمينِه و الأرضَ بيدِه الأخرى" رواه الشيخان عن أبي هريرة، و قال : "و كلتَا يديْه يمين" رواه مسلم عن ابن عمرو. فهذا يدلُّ على أنهما يدَان اثنتان.
و قد ثبتَ الإجماعُ عند السلفِ أن للهِ تعالى يدان اثنتان فقط بدونِ زيادةٍ.
أما الجمع : كمَا في قوله تعالى {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} [يس 71]، فنقولُ الجمع منْ أحدِ وجهين :
1 _ أن أقلَّ الجمعِ اثنان، كما في قوله تعالى {إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم 4]، فالقلوبُ جمعٌ و هما امرأتان، فقوله {أَيْدِينَا} لا تدلُّ على أكثرَ من اثنينِ، و حينئذ تطابقُ التثنيةَ {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}.
2 _ و لكنَّ جمهورَ أهل اللغة على أن أقلَّ الجمعِ ثلاثة.
و المرادُ بـ {أَيْدِينَا} التعظيمُ، أي : تعظيمُ هذه اليدِ.
و المرادُ باليد نفسُ الذاتِ التي لها يدٌ و لا تدلُّ على الكثرةِ و التعدد، قال الله تعالى {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} [الروم 41]، أي : بما كسبُوا، فالكسبُ قد يكون باليدِ و اللسانِ و غيرها.
فهناك فرقٌ بينَ قوله تعالى {مِّمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا} [يس 71] و قوله {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص 75]، فالله تعالى لفتَ الأنظارَ للأنعامِ و بَيَّنَ خلقَه لها، و ليسَ المراد أنهُ خلقها بيديْه، و إلا فلا فرقَ بين آدمَ و الأنعام من هذه الحيثية التي ميزهُ بها.

رد مع اقتباس