عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 23 Aug 2017, 12:01 AM
أبو إكرام وليد فتحون أبو إكرام وليد فتحون غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
الدولة: الجزائر
المشاركات: 1,798
افتراضي نصيحة للجميع بسبب التنافر و التدابر السائد بين كثير من الشباب / للشيخ زيد بن محمد المدخلي رحمه الله

بسم الله الرحمن الرحيم

نصيحة للجميع بسبب التنافر و التدابر السائد بين كثير من الشباب
للشيخ زيد بن محمد المدخلي رحمه الله

السؤال :
هذه مجموعة من الأسئلة تدور حول محور واحد خلاصتها : يسود بين كثير من الشباب نوع من التنافر والتدابر ، فهل من نصيحة للجميع للحرص على الأخوة والألفة وحسن الظن والخلق في التعامل مع الوالدين والعلماء والناس أجمعين ؟

الجواب :
شريعة الإسلام تدعو إلى التآلف والتآخي بين المؤمنين لما في ذلك من تحقيق المصالح الدينية والدنيوية، وتنهى عن التدابر والتهاجر ونحوهما لما في ذلك من المفاسد الدينية والدنيوية . وأنّ الواجب الإلتزام بهذا الأصل حتى يحصل السبب المسوغ للهجر والفرقة ، وحينئذ يكون الهجر والفرقة الصادرة من أهل السنة والجماعة لأهل الأهواء طاعة ؛ لأن أوثق عرى الإيمان " الحب في الله والبغض في الله والموالاة في الله والمعاداة في الله " قال ـ تبارك وتعالى ـ : (( إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم )) [ الحجرات : 10 ] .وقال عزّ شأنه : (( يا أيها الذين ءامنوا لا يسخر قوم من قوم )) ـ والسخرية : الإحتقار وعدم القيام بالحقوق ـ (( عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساءٌ من نساءٍ عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم )) أي : لا يعب بعضكم بعضا (( ولا تنابزوا بالألقاب )) [ الحجرات : 11 ] . إلى غير ذلك من التوجيهات القرآنية ، والنبي الكريم عليه الصلاة والسلام يقول :" المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره ... كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه " ثم إنه لا يليق بالمسلمين أن تكون أخوتهم مجرد كلام وابتسام مع مخالفة ما في القلوب لما تنطق به الألسنة ، بل يجب أن تكون أخوتهم صادقة في الظاهر والباطن ، ولا يحمل الأحقاد أخ مؤمن لإخوانه المؤمنين ، وإن حصل بينهم ما حصل من مخالفات في حظوظ النفس أو حظوظ الدنيا فإنها لا تخوّل له أن يحقد على إخوانه المسلمين ، أو يبغضهم ، أو يسيء بهم الظنون ، بل يجب أن يكون مخلصا في الأخوة وصادقا فيها حتى تجتمع القلوب وتأتلف على الحق .

وهناك شيء آخر يجلب العداوة ويجلب الفرقة وهو البدع ، إذا انخرط بعض الشباب في البدع المضلة ، وتأثروا بأصحاب الأهواء الذين خالفوا منهج السلف في قليل أو كثير ، فترى من كان قائما على منهج السلف يبغضهم وهم يبغضونه ، ويهجرهم وهم يهجرونه ، هذا من الأسباب التي سببت الفرقة بين الشباب ، وجود البدع في بعض الشباب ، قلّدوا فيها غيرهم ، وائتموا فيها بأهل الأهواء ، وبقيت الطائفة المتمسكة بالكتاب والسنة ومنهج السلف على الحق ، فنشأت العداوة بين الطائفتين ، فعداوة صاحب الحق لصاحب الباطل حق لا ينكر ، مع بذل النصيحة والدعوة له بحسب الإمكان ، والوصل مشروع للمبتدع عند إرادة مناظرته كي يرجع إلى رحاب الحق أو تقوم عليه الحجة بأدلة الكتاب والسنة ، لأن إقامة الحجة على المبتدع نوع من أنواع الجهاد له كما فعل ابن عباس رضي الله عنهما مع الخوارج .

وإذا كان الأمر كذلك فلا غنى لطلاب العلم عن أكابر العلماء والأشياخ الذين قضوا مدة طويلة في العلم والتجربة الدعوية .

هذا وليعلم : أن الفرقة مقرونة بالبدعة ، والألفة مقرونة بالسنة ، فأهل السنة متآلفون وإن حصل بينهم شيء من الخلاف فإنهم لا يصلون إلى حد التقاطع والتهاجر وتمني زوال النعمة عن الغير أبدا . نعم قد يحصل بين الإخوة الناهجين نهج السلف والسالكين مسلك الحق شيء من الخلاف والخصومة لأنهم ليسوا معصومين ، لكن لا يؤثر على إخوتهم ولا تدوم هذه الفرقة كما تدوم بين سني وبدعي من غابر الأزمان إلى يومنا هذا ، فهذا هو شرح لهذه القضية في حدود ما عندي من علم .

أما عن عدم احترام العلماء فلا يصدر من صاحب سنة ، بل يصدر من أهل الأهواء والبدع ، وعدم احترام الحكام المسلمين في الأرض لا يصدر إلا من أهل البدع وعلى رأسهم الخوارج ، و الإحتقار للوالدين وللأقارب والأصحاب لا يصدر إلا من صاحب بدعة وصاحب غلو وتطرّف أعمته هذه المعاصي عن طريق الحق ، فطفق يضع الأشياء في غير مواضعها ، وطريق الخلاص حسب علمي طلب العلم الشرعي بالنية الصادقة والتعقل لمعانيه والسكينة والوقار ، فإن من سلك هذه المسالك أي : يطلب العلم وهو صاحب سكينة وصاحب وقار ، وصاحب صدق مع الله ، وصاحب إخلاص لربه هداه الله ـ تبارك وتعالى ـ لمعرفة الحق والعمل به والحياة في ظله فنعم الظل الظليل .

ومن اتبع الشيطان وتحمّس حماسا يخرجه عن دائرة الحق والصلاح والإصلاح ضلّ عن سواء السبيل ، وأضلّ غيره فحمل الوزر الثقيل . والله أعلم بالظاهر والباطن والحقير والجليل .

المصدر :
المجموع الأصيل لتوضيح العقائد بالتفصيل
الشرح لفضيلة الشيخ زيد بن محمد المدخلي رحمه الله [ ص : 153 ] .


التعديل الأخير تم بواسطة أبو إكرام وليد فتحون ; 04 Feb 2018 الساعة 02:11 PM
رد مع اقتباس