عرض مشاركة واحدة
  #28  
قديم 16 Sep 2019, 10:38 AM
أم عكرمة أم عكرمة غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
المشاركات: 234
افتراضي



قال فضيلة الإمام العلامة عبيد بن عبد الله الجابري حفظه الله و عافاه:

وقوله سبحانه: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ} : هذه الآية بتمامها فيها أمران وخبر؛ قال تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ ۚ وَكَفَىٰ بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا } [الفرقان: ٥٨].

▪️ الأمر الأول: في قوله تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ}.

والمعنى: فوض أمورك كلها في جلب الخير و دفع الشر إلى الموصوف بهذه الصفة التي لم يتَّصف بها أحد من الخلق؛ وهو الحيُّ الذي لا يموت، فالحياة صفة مشتركة بين الخالق والمخلوق، فالمخلوق يوصف بأنه حيٌّ، لكن هناك حياة لا تشبهها حياة، ولا تماثلها حياة، وهي الحياة الكاملة التي لا نقص فيها، ولا يعتريها موت، وهي حياة الرب سبحانه وتعالى، فهذان الوصفان خاصَّان به سبحانه وتعالى، فله الحياة الدائمة التي لا يلحقها نقصٌ بوجه من الوجوه.

وأكد بقوله: {الَّذِي لَا يَمُوتُ} ، وفي هذا تنبيه إلى أن العبد الصادق المطيع المتوكِّل حقيقةً هو الذي يفوِّض أمره كلَّه لله، ولا يعتمد على المخلوقين؛ لأن المخلوق وإن طالت حياته سيموت، وينقطع بموته ما كان يرجى منه من نفع ومصلحة، فوجب إذن الاعتماد على من يبقى على الدوام وهو الله سبحانه وتعالى، فإن من علَّق مصلحته به وحاجته به فإنه لا تنقطع منفعته، بخلاف من تعلَّق بمخلوق.

[القطوف الجنية في شرح العقيدة الواسطية]
*************************
وقال فضيلة الإمام العلامة عبيد بن عبد الله الجابري حفظه الله و عافاه:

▪️ والأمر الثاني: في قوله تعالى : {وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ}.

أمرنا الله سبحانه وتعالى بالتسبيح والحمد: مثل قول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، أو سبحان الله وبحمده.

والخبر: في قوله تعالى: {وَكَفَىٰ بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا }.

وهذان الأمران والخبر: دليلٌ على قرب الله سبحانه وتعالى من عباده، وأنه محيط بهم، لا تخفى عليه منهم خافية، وبهذا التقرير نعلم بأنَّ آية الفرقان تتضمَّن إحاطة الله سبحانه وتعالى بعباده زمانًا ومكانًا وقربًا وعلوًّا، فالذي يقضي حوائج عباده على الدوام، ويدعوهم إلى أن يجعلواحوائجهم متعلقة به لا أقرب منه أبدًا.

[القطوف الجنية في شرح العقيدة الواسطية]

رد مع اقتباس