عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 10 Feb 2013, 07:38 PM
عبد العزيز بوفلجة عبد العزيز بوفلجة غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
المشاركات: 227
افتراضي

[quo
اقتباس:
te=خالد حمودة;36175]هيبة الإجماع إنما جاءت من قوته في الحجية وعدم تطرق النسخ والاحتمال إليه ،حتى جعله كثير من أهل الأصول من أجل ذلك في الدرجة الأولى من حيث مراتب قوة الأدلة، أما ما ذُكر في أصل المقال فهو يوهم أن الإجماع في المسائل المنصوصة ليس حجة أصلية بل دليل تبعي فقط يُذكر في مقابل ذكر أهل الأهواء لأقاويل شيوخهم، فلذلك استشكله الشيخ مصطفى وفقه الله، وأنا فقد كان سبق إلى وهمي الإشكال نفسه حتى رفعتموه -أبا عبد الله- بما أفدتم من أن ذلك إحدى فوائد حكاية الإجماع لا خصوصها وحدها.
لكن يبقى أن تقييد تلك الفوائد بمن يحكي الإجماع دون من يحاجَج به من أهل الأهواء غير واضح من حيث إن تلك الفوائد حاصلة في الإجماع من حيث هو، فيتحقق وجودها للحاكي ولمن يُحتج عليه به، بل ما قامت به الحجة ولا حصلت له الهيبة إلا بالنظر إلى تحقق تلك الفوائد منه، فلينظر بارك الله في علومكم.
حياك الله أخي الفاضل خالد أسعد كثيرا بمداخلاتك, ويعلم الله أنني هاهنا مستفيد, ولست بمفيد ابتداء, إلا فيما أنقله عن أهل العلم.

فمقصودي بارك الله فيك وفي الإخوة جميعا: أن مسائل العقيدة لا يجوز فيها إحداث أمر مهما كان قائله, فالأصل في إثبات أمر أو نفيه مما يتعلق بالغيب هو الكتاب والسنة فقط, وهذا بخلاف مسائل الفروع الفقهية فإذا انعقد الإجماع على نازلة من النوازل الفقهية المستحدثة وجب المصير إليه والقول به, وإن لم يكن منصوصا في الكتاب والسنة؛ إذ مجال القياس فيها واسع بشروطه وضوابطه المعلومة, فهو هاهنا مصدر أصلي وجب المصير إليه.

لكن الإجماع في مسائل العقيدة لا يمكن أن يكون مبنيا على قول مستحدث أبدا, فهذه إجماعات السلف في أبواب العقيدة كلها تأكيد وتقرير وتأييد لما ورد في الكتاب والسنة, فهل وجد إجماع للسلف على إثبات صفة لم ترد في القرآن والسنة, إو إثبات أمر أو نفيه مما يتعلق بالجنة والنار, والملائكة, ونحو ذلك من أمور الغيب؟ بالطبع: لم يكن ذلك, ولن يكون.


فالمقصود أولا وآخرا: هو بيان مراد أهل العلم بأن الإجماع مصدر ثالث من مصادرالعقيدة: بأنه إجماع على أمر ثابت بنص القرآن والسنة, أو إجماع على أمر لازم من لفظ مأثور ورد في القرآن والسنة, وليس هو مصدر بمعنى أنه يمكن من خلاله استحداث أمر لم يرد في القرآن والسنة, وهذا بخلاف إجماع أهل العلم على المسائل الفقهية المستحدثة بناء على قياس أو اجتهاد أو نحو ذلك.

ثم قولي عن الفائدة التي ذكرها الشيخ مصطفى وفقه الله هي راجعة إلى أهل الحكاية: هذا ما ظهر لي من كلامه؛ حيث قال: (...هو ذكر اتفاق العلماء على التسليم لنصوص ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم).
فأنت لما تحكي الإجماع فإنه يظهر منه أولا: اتفاق العلماء على التسليم للنصوص فهذا مضمون الفائدة المذكورة, فهذا راجع إلى بيان مدى تسليم الأئمة للنصوص, والله أعلى وأعلم, وقد أكون أخطأت الفهم.

وأما ثانيا: وهو قوله: (إضافة إلى أن النص كما تعلم قد يكون ظني الثبوت إذا كان من السنة وقد يكون ظني الدلالة إذا كان من الكتاب أو السنة فمجيء الإجماع في مثل هذه الحالة يرفع الاحتمال الوارد، ويفيد قطعية الحكم، طبعا إذا كان الإجماع قطعيا.
ويؤكد مثلا نقل الإجماع كذلك أن النص غير منسوخ وهكذا)
فهذا إنما يقال في المسائل الفقهية العملية العلمية منها أو المظنونة؛ إذ لا احتمال يرد على مسائل العقيدة اليقينية, فإذا صح الحديث وجب المصير إليه, والقول به, فلو كان الحديث ظني الثبوت فلا يمكن المصير إليه في إثبات أمر أو نفيه مما يتعلق بالعقيدة, فإذا ارتفع الظن عن الحديث جاء بعده الإجماع.
وأما القول: (وقد يكون ظني الدلالة إذا كان من الكتاب والسنة) فهذا إنما يقال في مسائل الفقه, وأما مسائل العقيدة فأدلتها لا يمكن البتة أن تكون ظنية الدلالة, فهي قطعية يقينية في نفسها, لكن حال المكلف يختلف بحسب قدرته على الفهم, وهذا باب آخر ليس هذا موضعه.

ومهما يكن من شيء فأنا لا أنازع في أي فائدة تذكر: سواء كانت راجعة إلى أهل الحكاية أو راجعة إلى الإجماع نفسه, أو كانت راجعة إلى المحجوج بالإجماع, فهذا باب واسع, لكن المقصود الأول هو أصل المسألة: وهي صورة الإجماع المنعقد في باب العقيدة.

فاللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا يا كريم.


التعديل الأخير تم بواسطة عبد العزيز بوفلجة ; 10 Feb 2013 الساعة 09:05 PM
رد مع اقتباس