عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 28 Jan 2014, 05:44 PM
يوسف بن عومر يوسف بن عومر غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: الجزائر-ولاية سعيدة
المشاركات: 594
افتراضي

قوله تعالى: "ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشوة ولهم عذاب عظيم (7)".

1- القلب في الأصل: مصدر قلبت الشئ أقلبه قلبا إذا رددته على بداءته.وقلبت الإناء: رددته على وجهه.ثم نقل هذا اللفظ فسمي به هذا العضو الذي هو أشرف الحيوان، لسرعة الخواطر إليه، ولترددها عليه، كما قال الأحوص:

ما سمي القلب إلا من تقلبه *** فاحذر على القلب من قلبٍ وتحويلِ

وفي "ديوانه" شطره الثاني بلفظ:

................. *** والرأي يصرف والأهواء أطوار

ويروى: "والإنسان أطوار".
وفي اللسان شطره الثاني بلفظ:

.............. *** والرأي يصرفُ بالإنسان أطوارَا

2- إن قال قائل: لم جمع الأبصار ووحد السَّمع ؟ قيل له: إنما وحده لأنه مصدر يقع للقليل والكثير يقال: سمعت الشئ أسمعه سمْعا وسماعا، فالسمع مصدر سمعت، والسمع – أيضا - اسم للجارحة المسموع بها سميت بالمصدر.
وقيل: إنه لما أضاف السمع إلى الجماعة دل على أنه يراد به أسماع الجماعة، كما قال علقمة الفحل:

بها جيف الحسرى فأما عظامها *** فبيض وأما جلدها فصليب

إنما يريد جلودها فوحد، لأنه قد علم أنه لا يكون للجماعة جلد واحد.
وقال المسيب بن زيد مناة في مثله:

لا تُنكر القتل وقد سُبينا *** في حلقكم عظمٌ وقد شجينا

يريد في حلوقكم.
ومثله قول الفرزدق:

كأنَّه وجهُ تركِيَّيْن قد غضبا *** مستهدِف لطعان غير تذبيب

ويروى: "غير منحجر".
وإنما يريد وجهين، فقال: "وجهُ تركِيَّين"، لأنه قد علم أنه لا يكون للاثنين وجه واحد، ومثله كثير جدا.

وقد يكون السمع بمعنى الاستماع، يقال: سمعَك حديثي - أي استماعك إلى حديثي - يعجبني، ومنه قول ذي الرُّمَّة يصف ثورا تسمع إلى صوت صائد وكلاب:

وقد توجَّس رِكْزا مُقفِر نَدُسٌ *** بنَبْأَةٍ الصوت ما في سمعه كذب


أي: ما في استماعه كذب، أي هو صادق الاستماع، والنَّدُسُ: الحاذق، والنبأة: الصوت الخفي، وكذلك الرِّكز.

3- والغشاء: الغطاء ومنه غاشية السِّرج، وغشيت الشئ أُغشِّيه. قال النابغة:

هلا سألتِ بنى ذِبيان: ما حسبي؟ *** إذا الدُّخان تغشَّى الأشمطَ البَرَما

وقال الحارث بن خالد بن العاص المخزومي :

صحبتك إذ عيني عليها غشاوة *** فلما انجلت قطعت نفسي ألومها

قال ابن كيسان: فإن جمعت غشاوة قلت: غشاء بحذف الهاء. وحكى الفراء: غَشاوَى مثل أَداوَى. وقرئ: " غشاوةً " بالنصب على معنى: وجعل، فيكون من باب قوله:

علفتها تبنا وماء باردا *** حتى شتت همَّالةً عيناها

المعنى: وأسقيتها ماء.

وقول عبد الله بن الزِّبعرى:

يا ليت زوجَكِ قد غدا *** متقلدا سيفا ورمحا

المعنى: وحاملا رمحا، لأن الرمح لا يُتقلَّد.


التعديل الأخير تم بواسطة يوسف بن عومر ; 06 Feb 2014 الساعة 04:06 PM
رد مع اقتباس