عرض مشاركة واحدة
  #19  
قديم 06 Sep 2013, 03:41 PM
أبو أنس عبد الله الجزائري أبو أنس عبد الله الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
الدولة: الجزائر المحروسة
المشاركات: 107
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسن بوقليل مشاهدة المشاركة
أما الجزم من خلال لوحة ليست بين يديك فلا. لماذا؟
- احتمال أن تكون مقحمة في الكتاب، أو حصل خلط فيه، خاصة إذا كان ضمن مجموع.
- احتمال أن تكون اللوحة بها نقل عن أحد أهل العلم سبق بدايته في اللوحة التي ليست عندك.

وما أشار إليه الأخ الكريم خالد حمودة - وفقه الله - من أن المحقق قد يصل إلى معرفة الكتاب بكلمة ليس بالضرورة في هذه اللوحة، فإن ذلك يتم بمعالجة الكتاب كله، أو على الأقل أوراق منه، ليتضح السياق واللحاق

بارك الله فيك أخي حسن كلام متين، وهذا ما عنيته بقولي في تعليقي الأخير: " ماذا لو وضعت لوحة من كتاب ابن القيم "روضة المحبين "، وفيها الفتوى المنسوبة لشيخ الإسلام ابن تيمية في العشق وفيها ما فيها، لأقيمت الدنيا بالتشنيع على اللوحة وأنها ليست لابن القيم ".
فلو تتبعت المخطوطة كلها - أعني: اللحاق - لرأيت إنكار ابن القيم لهذه الفتوى ظاهرا، وهذا ما استشكله أخي خالد، وقد قيض الله الأخ حسن لتوضيحه.

فالمقصود من مثالي
: أن الناظر المستعجل في لوحة واحدة من المخطوط إذا رأى فيها ما هو خارج عن طريقة المؤلف أو قرأ ما يستنكره فيها، عليه ألا يحكم بأنها لا تنسب إليه حتى ينظر في كل المخطوط أو على الأقل اللوحات الأخرى، وهذا ما أردته هنا، فمادام أن المخطوطة ليست بأيدينا فلننتظر ما يدلي به الأستاذ في المستقبل.

وأما قولك أخي خالد في مقالك الأول: " فإنَّ صاحب الكتاب يصدر المسألة بقوله: قال الفقهاء يعني فقهاء الحنابلة، ثم يأتي بعبارة مختصر الخرقي أو بعض عبارات الموفَّق في الكافي وغيره من تصانيفه "، وجعلته من بين القرائن التي تنفي نسبة المخطوط لابن القيم، فيقال لك:


1- من أين لك بأن هذا ديدنه في كل الكتاب، وهل هذا إلا حكم منك على منهج الكتاب كله اعتمادا على لوحة واحدة، وهذا مالا يستحسن، وهذا ما تكلمت عليه أنا وأخي حسن، وأنه خارج عن أساليب المحققين.


2- ثم يقال: بل هذا عين منهجه وطريقته - رحمه الله - في التصنيف وعرض الأقوال وبسط الخلاف.

ففي الصفحة الأولى من المخطوطة جاء قول المؤلف: "
واختلف العلماء في مسألة القصر..."، ثم إنه ذكر بعد سرد بعض الأقوال آثارا عن السلف في عدم التحديد، وذكر أن ظاهر القرآن يعضده، وهذه طريقة ابن القيم في كتبه، ودونك الأمثلة.
قال رحمه الله في "زاد المعاد" (5/ 346):

" فإن قيل: فما تقولون: لو استحق الحمل وقذفها بالزنى فقال: هذا الولد مني وقد زنت ما حكم هذه المسألة ؟ قيل: قد اختلف العلماء في هذه المسألة على ثلاثة أقوال " اهـ، ثم ذكرها.

وقال فيه (5/ 348) في مسألة من مسائل اللعان:

" ثم
اختلفوا على ثلاثة مذاهب "اهـ، ذكرها وبين ذلك أتم بيان.
وكذلك الأمر في مسألة النفقة على الزوجات وكيف تقدر (5/ 437)، وانظر ما ذكره من الخلاف في عدة الآيسة ومن لم تخض (5/ 583)، وذكر اختلافهم في ساعة الإجابة يوم الجمعة (1/ 376)، وفي مكة وهل كان فتحها عنوة أم لا؟ (3/ 106)، وفي مسألة الشغار (5/ 99) بل صدر هذه الأخيرة بقوله: " اختلف الفقهاء في ذلك " اهـ، وفي غيرها كثير، يذكر الخلاف ونسبة الأقوال لأهل المذاهب، ثم يرجح ما يراه صوابا مستدلا بالكتاب والسنة وآثار السلف وكلام من وافقهم من علماء الأمصار بعدهم، ولو تتبعنا هذا في الزاد وغيره من مصنفاته لجاء ذلك في مجليد لطيف، لكن هذا ما وقفت عليه مع الجناح الكسير، والباع القصير!

وقولك: " وربما اكتفى بتقريركلامهم ولم يعرض له، وربما رجَّح خلافَه "، فالتعليق عليه من وجهين وذلك بأن يقال:


1- أي غضاضة عليه وعلى غيره في نقل كلام الخرقي وغيره مقررا كلامهم دون التعرض له إن كان صحيحا موافقا لما يعتقده، فنجده مثلا قال في مسألة في الحضانة كما في " زاد المعاد " (5/ 397):
" وهو الذي لم يذكر الخرقي في " مختصره " غيره، وهو الصحيح " اهـ، بل ضعف رواية رواها صاحب " المحرر" عن الإمام أحمد وذكر أنها مرجوحة.

2- وأي لوم عليه إذا رأى كلامهم مخالفا للراجح عنده فرجح خلافه، فنراه في مسألة ما لو نفى الرجل الولد عنه مع قوله بأن زوجته لم تزن، قد قال في " زاد المعاد " (5/ 358) أيضا:

" في ذلك قولان للشافعي، وهما روايتان منصوصتان عن أحمد، إحداهما: أنه لا لعان بينهما، ويلزمه الولد وهي اختيار الخرقي، والثانية: أن له أن يلاعن لنفي الولد فينتفي عنه بلعانه وحده، وهي اختيار أبي البركات ابن تيمية، وهي الصحيحة " اهـ، فرجح اختيار صاحب "المحرر"، وضعف قول الخرقي.

وهذا شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية يرجح قول الجمهور في مسألة القاصر في السفر وأنه لا يحتاج إلى نية القصر في أول الصلاة، خلافا للشافعي والخرقي والقاضي من الحنابلة، [ " مجموع الفتاوى " (22/ 81) ]، وهذا من نافلة القول،
وعندي لشيخ الإسلام ابن تيمية من هذا الشيء الوفير، فكثيرا ما كان يذكر كلام الخرقي وغيره إما مقررا وإما محررا وإما مضعفا له، وهذا بيّن في كتبه، وقد أعرضت عنه هنا لكونه خارجا عن محل الخلاف، ولولا خشية الملالة لما نكبت عن الإطالة، وقد قال:" ومن كان خبيرا بأصول أحمد ونصوصه عرف الراجح في مذهبه في عامة المسائل، وإن كان له بصر بالأدلة الشرعية عرف الراجح في الشرع "، [ " مجموع الفتاوى " (20/ 228، 229) ]، فكان هو وشيخه من أعرف الناس بأصول أحمد وموارده في مذهبه، وهذا يعرف بالتتبع والاستقراء والتجرد التام، فتجدهما يرجحان ما يريانه صوابا من قول إمامهما أو من الكتاب والسنة.

فتبين بهذا أن قولك حفظك الباري ورعاك: " أنه لا شبَه لأسلوب المؤلف بطريقة ابن القيم في تقريره للمسائل العلمية والفقهية "، فيه ما فيه، وقد تقدم الإشارة إلى بعض هذا، واقتضى مني هنا التوسع، والله الموفق لما يحب ويرضى.

والله أعلم.






التعديل الأخير تم بواسطة أبو أنس عبد الله الجزائري ; 06 Sep 2013 الساعة 08:18 PM
رد مع اقتباس