عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 04 Aug 2013, 05:58 AM
بلال بريغت بلال بريغت غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: قسنطينة / الجزائر.
المشاركات: 436
إرسال رسالة عبر Skype إلى بلال بريغت
افتراضي

رابعا : قصة إسلام حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه
قال الحاكم في مستدركه : '' حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، ثنا أحمد بن عبد الجبار ، ثنا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق ، قال : فحدثني رجل ([1]) من أسلم وكان واعيه ، أن أبا جهل اعترض لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند الصفا فآذاه وشتمه وقال فيه ما يكره من العيب لدينه والتضعيف له ، فلم يكلمه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ومولاة لعبد الله بن جدعان التيمي في مسكن لها فوق الصفا تسمع ذلك ، ثم انصرف عنه ، فعمد إلى نادي قريش عند الكعبة فجلس معهم ، ولم يلبث حمزة بن عبد المطلب أن أقبل متوشحا قوسه راجعا من قنص له ، وكان إذا فعل ذلك لم يمر على نادي قريش ، وأشدها شكيمة ، وكان يومئذ مشركا على دين قومه ، فجاءته المولاة وقد قام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليرجع إلى بيته ، فقالت له : يا أبا عمارة ، لو رأيت ما لقي ابن أخيك محمد من أبي الحكم آنفا وجده هاهنا ، فآذاه وشتمه ، وبلغ ما يكره ، ثم انصرف عنه فعمد إلى نادي قريش عند الكعبة ، فجلس معهم ولم يكلم محمدا ، فاحتمل حمزة الغضب لما أراد الله من كرامته ، فخرج سريعا لا يقف على أحد كما كان يصنع ، يريد الطواف بالبيت متعمدا لأبي جهل أن يقع به ، فلما دخل المسجد نظر إليه جالسا في القوم فأقبل نحوه ، حتى إذا قام على رأسه رفع القوس فضربه على رأسه ضربة مملوءة ، وقامت رجال من قريش من بني مخزوم إلى حمزة لينصروا أبا جهل ، فقالوا : ما نراك يا حمزة إلا صبأت ([2]) ، فقال حمزة : وما يمنعني وقد استبان لي ذلك منه ، أنا أشهد أنه رسول الله ، وأن الذي يقول حق ، فوالله لا أنزع فامنعوني إن كنتم صادقين ، فقال أبو جهل : دعوا أبا عمارة ، لقد سببت ابن أخيه سبا قبيحا ، ومر حمزة على إسلامه ، وتابع يخفف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فلما أسلم حمزة علمت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد عز وامتنع ، وأن حمزة سيمنعه ، فكفوا عن بعض ما كانوا يتناولونه وينالون منه ، فقال في ذلك سعد حين ضرب أبا جهل ، فذكر رجزا غير مستقر أوله : ذق أبا جهل بما غشيت . قال : ثم رجع حمزة إلى بيته فأتاه الشيطان ، فقال : أنت سيد قريش اتبعت هذا الصابئ وتركت دين آبائك ، للموت خير لك مما صنعت ، فأقبل على حمزة شبه ، فقال : ما صنعت ؟ اللهم إن كان رشدا فاجعل تصديقه في قلبي وإلا فاجعل لي مما وقعت فيه مخرجا ، فبات بليلة لم يبت بمثلها من وسوسة الشيطان ، حتى أصبح فغدا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال : ابن أخي ، إني وقعت في أمر لا أعرف المخرج منه ، وأقامه مثلي على ما لا أدري ما هو أرشد هو أم غي شديد ، فحدثني حديثا فقد استشهيت يا ابن أخي أن تحدثني ، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فذكره ووعظه وخوفه وبشره ، فألقى الله في نفسه الإيمان كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال : أشهد إنك لصادق شهادة المصدق والمعارف ، فأظهر يا ابن أخي دينك ، فوالله ما أحب أن لي ما ألمعت الشمس ، وإني على ديني الأول ، قال : فكان حمزة ممن أعز الله به الدين''([3]).
هذه رواية الحاكم من طريق ابن إسحاق و الرجل الذي روى عنه ابن إسحاق مبهم فهو مجهول ، و قد رواها مختصرة ابن سعد في البقات (3/8) من طريق الواقدي ، و الواقدي متفق على ضعفه ، قال الذهبي : '' أحد أوعية العلم على ضَعْفه المتفق عليه ''([4])، و قال في موضوع آخر : '' و ذكره البخاري ، فقال : سكتوا عنه ، تركه أحمد و ابن نمير ، و قال مسلم و غيره : متروك الحديث ، و قال النسائي : ليس بثقة '' ([5])وقال ابن أبي حاتم: '' نا عبد الرحمن، قال: سألت أبا زرعة عن محمد بن عمر الواقدي، فقال ضعيف، قلت: يكتب حديثه؟ قال: ما يعجبني إلا على الاعتبار، ترك الناس حديثه''([6]).
هذا و الظاهر أن التفصيل في قصة إسلام حمزة لم تثبت من طرق صحيحة و الله أعلم .
و أقول : و ليكن فهذا ما روي من قصة إسلام حمزة خلافا لما جاء في الفيلم ، فقد صور أنه لطم أبو جهل لطمة و قال له ردها إن استطعت!! فأين هذا من القصة ؟ و الأمر الثاني أنه حسب ما تبين لي أن حمزة لم يسلم في المرة الأولى ففي قوله : '' فقال : ما صنعت ؟ اللهم إن كان رشدا فاجعل تصديقه في قلبي وإلا فاجعل لي مما وقعت فيه مخرجا ، فبات بليلة لم يبت بمثلها من وسوسة الشيطان ، حتى أصبح فغدا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال : ابن أخي ، إني وقعت في أمر لا أعرف المخرج منه ، وأقامه مثلي على ما لا أدري ما هو أرشد هو أم غي شديد ، فحدثني حديثا فقد استشهيت يا ابن أخي أن تحدثني ، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فذكره ووعظه وخوفه وبشره ، فألقى الله في نفسه الإيمان كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال : أشهد إنك لصادق شهادة المصدق والمعارف ، فأظهر يا ابن أخي دينك ، فوالله ما أحب أن لي ما ألمعت الشمس ، وإني على ديني الأول '' يدل على أنه في المرة الأولى تكلم كلاما ثم شك فيه و بعد ذهابه عند رسول الله صلى الله عليه و سلم و حدثه كما في القصة ثبت إسلامه رضي الله عنه و بهذا ظهر لي أنه أسلم في المرة الثانية و الله أعلم .

- يتبع -
========
[1]: قال الوادعي رحمه معلقا : مبهم ، و الحديث معضل .
[2]: صبأ الرجل إذا ترك دينه و دان بآخر.
[3]: المستدرك للحاكم (3/231-232) برقم (4944) تعليق العلامة الوادعي رحمه الله .
[4]: السير (9/454)
[5]: السير (9/457)
[6]: الجرح والتعديل (6/26).

رد مع اقتباس