عرض مشاركة واحدة
  #17  
قديم 04 Jul 2017, 09:46 AM
أبو همام عبد القادر حري أبو همام عبد القادر حري غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Feb 2013
المشاركات: 102
افتراضي

*بسم الله الرحمن الرحيم*

ثم ماذا بعدما دفنتم شيخكم في المسجد ؟

[بل سوَّلت لكم أنفسكم أمرًا فصبرٌ جميلٌ واللهُ المستعانُ على ما تصِفون]


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم :

- أما وقد فعلوها ,ورضوا بها فسلام عليهم لا نبتغي الجاهلين ,بدا بيننا وبينهم العداوة والبغضاء حتى يتوبوا إلى الله رب العالمين , وانَّا بُرَآءُ من سوء صنيعهم ,وإنَّا لعملهم من القالين.

- دفنوا شيخهم في بيت الله ,وكأنهم لا يقرؤون قول الله "وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا" الجن (18). هي لله أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه , ولم يأذن أن يدفن فيها أحد من خلقه .

- وكأني بهم يقولون "ما أردنا إلا الخير",ونحن نجيبهم" وكم من مريد للخير لن يصيبه

وليس الشأن أن تريدوا الخير وإنَّما الشأن أن يريده الله بكم " ومن يرد الله به خيرا يفقِّهه في الدين كما قال نبينا عليه من ربنا أفضل الصلاة والتسليم. ومن الفقه المتين والضروري المعلوم من الدين الذي لا يسع المرء جهله ,عدم جواز الدفن في بيوت رب العالمين .والجهل داءٌ عُضالٌ ووباء قتَّال.لا يصلح معه حال ,نفت القدرية عن الله خلق الشرِّ فأثبتوا خالقاً مع الله وهم يريدون بذلك الخير,ونزَّهت المعتزلة صفات الله عن النَّقص في ظنِّهم فعطَّلوا صفات الله وهم يريدون الخير, وخرج الخوارج عن ولاة أمورهم ففرَّقوا الجماعة وسفكوا الدماء المعصومة,وحصل الشرُّ والفساد.وهم يريدون الخير.وتشيَّع أناس وزعموا محبة آل البيت, فكفَّروا الصحابة وحرَّفوا القرآن وهم يظهرون للناس أنهم يريدون الخير.وتصوّف آخرون فترهبنوا وأدمنوا العبادة الليل والنَّهار فانحرفوا عن السنَّة وضلوا عن سواء السبيل وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.

- والذين أراد الله بهم الخير غير هؤلاء , إنَّهم أناس تفقَّهوا في الدِّين وتمسَّكوا بالكتاب والسنة وهدي سلف الأمة فلم ترج عليهم شبهات القدرية ولا المعتزلة ولا الخوارج,ولا الشيعة ,عصمهم الله من هذه الشرور والفتن كلها وسلَّمهم منها. بالعلم النافع المثمر للعمل الصالح.

- يقولون "ما أردنا إلا الخير", وقد دفنوا شيخهم في مسجدهم , بلا أثارة من علم ولا هدى ولا كتاب منير ,فما عصمهم الله ولا سلَّمهم ولكن خذلهم ووكَّلهم إلى أنفسهم . وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا.
لو أراد الله بهم خيرا لما فعلوا ,فويلٌ لهم, وويلٌ لمن جاء الشر من قِبلهم,وفتحوا باب الشرك على قومهم, قال صلى الله عليه وسلم " إن من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشرِّ وإن من النَّاس مفاتيح للشر مغاليق للخير، فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه، وويلٌ لمن جعل الله مفاتيح الشرِّ على يديه ". [أخرجه ابن ماجة ,وابن أبي عاصم في"السنة" والألباني في "الصحيحة"]
- ما الذي أردتم من الخير يا هؤلاء ؟

1)-تنفيذ وصية شيخكم الذي أوصى بأن يدفن في مسجدكم , والحقُّ أنها وصية باطلة لا يجوز تنفيذها ولاخير فيما جاء فيها , قال الله تعالى :"فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ "(182)
وعليه فيحرم إنفاذ وصية فيها جنف وهو الجور والظلم أو إثم. والشرك أظلم الظلم على الإطلاق ,وأعظم الآثام قال الله تعالى :"إن الشرك لظلم عظيم" ومثل هذا الفعل وسيلة من وسائله وباب من أبوابه . ويحرم إنفاذها إن كان فيها ضرر أو إضرار.
لقوله تعالى:(من بعد وصية يوصي بها أو دين غير مضار، وصية من الله، والله عليم حليم).
فوصية شيخكم جائرة باطلة مردودة، لقوله صلى الله عليه وسلم: " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ". أخرجه الشيخان .

2) –أردتم إظهار فضل شيخكم بصنيعكم ,ولكن هيهات ,فضل الصالحين والعلماء بعد موتهم هو ما خلَّفوه ورائهم من علم ينتفع ونحوه, لا يعرف بقبورهم المشرفة في بيوت الله ولا بالقباب المشيَّدة عليها.

- وشيخهم كذلك ما أراد إلا الخير بوصِّيته إن أحسنا الظنَّ به ,ولكنَّه أساء نقول هذا بملئ أفواهنا ,جار في وصيته وظلم وتعدى وأساء ,وشرع لهم من الدين مالم يأذن به الله ,والله حسيبه ومحاسبه يوم يلقاه.

- ألم تكن لكم أسوة في رسول الله ,القائل صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ. اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى قَوْمٍ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ»أخرجه مسلم ومالك في الموطأ.
ودفن صلى الله عليه وسلم في بيته ولم يبرز قبره خشية أن يعبد من دون الله .
- لمَ خالفتم أمر رسول الله ؟:القائل صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فاني أنهاكم عن ذلك" وهذا في صحيح مسلم.

- ألم تكن لكم أسوة في صحابته الكرام , الذين لم يعرف عنهم دفن أحد في بيت من بيوت الله ولا رفع قبر فوق ما أذن به رسول الله .
وكانوا من أشد الناس بعدا عن الشرك ووسائله .ومن أمثلة ذلك:

- ما جاء في مغازي ابن إسحاق من زيادات يونس بن بكير عن أبي خلدة خالد بن دينار. حدثنا أبو العالية قال: "لما فتحنا تستر وجدنا في بيت مال الهرمزان سريرا عليه رجل ميت، عند رأسه مصحف، فأخذنا المصحف فحملناه إلى عمر; فدعا له كعبا فنسخه بالعربية، فأنا أول رجل قراه من العرب، قرأته مثل ما أقرأ القرآن. فقلت لأبي العالية: ما كان فيه؟ قال: سيرتكم وأموركم ولحون كلامكم وما هو كائن بعد. قلت: فماذا صنعتم بالرجل؟ قال: حفرنا له بالنهار ثلاثة عشر قبرا متفرقة. فلما كان الليل دفناه وسوينا القبور كلها لنُعميّه على الناس لا ينبشونه. قلت: وما يرجون منه؟ قال: كانت السماء إذا حبست عنهم برزوا بسريره فيمطرون. فقلت: من كنتم تظنون الرجل؟ قال: رجل يقال له: دانيال. فقلت: منذ كم وجدتموه مات؟ قال: منذ ثلاثمائة سنة. قلت: ما كان تغيّر منه شيء؟ قال: لا، إلا شعيرات من قفاه، إن لحوم الأنبياء لا تبليها الأرض.
قال ابن القيم -رحمه الله-: " ففي هذه القصة ما فعله المهاجرون والأنصار -رضي الله عنهم- من تعمية قبره لئلا يفتتن به، ولم يبرزوه للدعاء عنده والتبرك به; ولو ظفر به المتأخرون لجالدوا عليه بالسيف ولعبدوه من دون الله".
[فتح المجيد شرح كتاب التوحيد ص247]

- تعازينا للمسلمين في بيت الله الذي دنَّستموه بالقبر, وعرَّضتموه للهجر.فيا ويلكم من دعوات المُهجَّرين من بيوت ربِّ العالمين, نفَّرتم المؤمنين عن بيت الله ,فما جوابكم يوم يقوم الناس بين يدي رب العالمين.

- تعازينا لكم في دينكم الذي ضيعتموه وانقلبتم على أعقابكم.
- وأحسن الله عزائكم في أنفسكم التي أوبقتموها .وفي ذويكم وأهليكم وأبناء قريتكم ,فالشرك أصبح أقرب إلى أحدكم من شراك نعله.

- أفسدتم على العامة دينهم, فهل لحمل أوزارهم تطيقون ؟((..ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها لا ينقص من أوزارهم شيئا)) صحيح الترغيب.

وتبقى الأوزار جارية مادامت سُنَّتهم قائمةً.ومن تلك الأوزار إتِّباع أهل طريقتكم والعوام لسُنَّتكم فيتربصون كلما هلك شيخُ زاوية أو معلِّم كُتَّاب تنادوا بينهم هلمُّوا ننظر في وصيته ,فان أوصى فبها ونعمت وإلا فليس شيخنا أقلُّ شأنا من إمام عين مران ,فاجعلوا لنا إلها كما لهم آلهة ,والناس كأسراب القطا يقلد بعضهم بعضا,والله المستعان.

- أسخطتم ربَّكم بتلك الفعلة الشنيعة التي تناطح الكبائر للَّعن الذي يلحق صاحبها ((لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)) وهو في الصحيحين

- أغضبتم مولاكم بفتح باب الشرك أمام باب المسجد ((اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)) رواه مسلم

- صرفتم وجوه الناس عن قبلتهم التي كانوا عليها جهة المسجد الحرام إلى قبلتكم جهة ضريح الإمام.وهذا لايرضي الا شيعة الشيطان.
- أليس فيكم رجلٌ رشيدٌ لا يرضى أن يشرك بالله ؟ أم تقولون كلُّنا لايرضاه,ولكنَّا حُمنا حول حماه ,واقتربنا من حدود الله ؟ فاتقوا الله وتلك حدود الله فلا تقربوها .

- أوقدْتُم فتنةً أشدَّ من القتل لا تُخمد نارها ولا يُطفؤُ لهيبها,مالم تُنبش الأرض فيُنبذ ما في بطنها ويعاد الحقُّ إلى أهله, إنَّه اعتداء على حق الله الذي لا يُسقطه عفوٌ ووفاق ,ولا يُبرمُ معه صلحٌ واتفاق. توبُوا إلى ربِّكم قبل فوات الأوان ,واعلموا أن الله توَّاب رحيم .

- واعلموا أن بقاء القبر في مدخل المسجد ذريعة للشرك بالله لا محالة, فكيف بكم إذا طال عليكم الأمد وأجلب عليكم الزوَّار المصلِّي فيهم وتارك الصلاة, المتوسِّل به والداعي له من دون الله ,وانتشرت أخبار تحقُّق الأماني والرغبات,وتلبية الحاجات ,وتزاحم فئام من النَّاس الفقراء منهم والأغنياء واضطربت اليات النساء ,وطفق الزُوَّار يرمون النذور ويلقون على القبر الصدقات, فتكثر الأموال المهداة لقبر الشيخ ,وتكون الفتوى من أتباعه ومريديه المال ماله ولاحقَّ لأحدٍ فيه ,يصرف منه للسَّادن الخادم لقبر الإمام ,وينفق منه في الذبائح والزردات باسم الصدقة عن سيدي فلان ,ويُنفق منه على القبر تجصيصا وبناءً ,ودهنا وطلاءً,وبعدها تضرب القبة على قبره وترخى الستور ويجمر البخور,ويضم القبر إلى الأوقاف ويدخل في وزارة الدين , وتتدخل وزارة الثقافة باعتباره من تراث الجزائريين ,وتتدخل الجمعيات لتكريم السدنة والقائمين بحجة أن المقبور كان من علماء المسلمين . ومن كانت له مصلحة انتخابات ونحوها لكسب رضى غالب السكان المحليِّين ,قرَّب القرابين إلى ضريح الإمام . فيا شقاوة من يحمل كل هذه الآثام . ألا توبوا إلى الله يا أهل الإسلام والله المستعان وعليه التكلان .والحمد لله في البدء والختام.


كتبه أبو همام عبد القادر حري يوم 07 شوال 1438

رد مع اقتباس