عرض مشاركة واحدة
  #27  
قديم 23 Jul 2010, 11:37 PM
أحمد سالم أحمد سالم غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
الدولة: الجزائري مقيم في فرنسا
المشاركات: 608
افتراضي

--------------------------------------------------------------------------------

تعمّدت ذكر هذه الأمثلة بأدلّتها من الكتاب والسنة لسببين:
الأول: أنّ تنوّع العبادات تابع لأدلة الوحيين لا غير.
الثاني: أنّ انتقال العبد من عبادة إلى أخرى بحسب وقت كل منها دليل على أنّه عبد حقيقيّ لله، لأنّه لا يتحرك بهواه ولا بنتاج عقله ولا بعادة قومه، وإنما يقوم ويقعد بالله، فهو: " صاحب تعبّد مطلق، ليس له غرض في تعبّد بعينه، يُؤْثره على غيره، بل غرضه تتبّع مرضاة الله تعالى أين كانت ... فهو لا يزال متنقّلا في منازل العبودية ... فإن رأيت العلماء رأيته معهم، وإن رأيت العبّاد رأيته معهم، وإن رأيت المجاهدين رأيته معهم، وإن رأيت الذّاكرين رأيته معهم، وإن رأيت المتصدّقين المحسنين رأيته معهم ... فهذا هو العبد المطلق، لم يكن عمله على مراد نفسه وما فيها لذّتها وراحتها من العبادات، بل هو على مراد ربّه، ولو كانت راحة نفسه ولذّتها في سواه، فهذا هو المتحقق بـ {إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} حقًّا، القائم بها صِدقاً، ملبسه ما تهيّأ، ومأكله ما تيسّر، واشتغاله بما أَمر الله به في كل وقت بوقته، ومجلسه حيث انتهى به المكان ووجده خالياً ... حر مجرّد، دائر مع الأمر حيث دار، يدين بدين الآمر أنّى توجهت ركائبُه، و يدور معه حيث استقلّت مضاربُه، يأنس به كل محقّ، و يستوحش منه كل مبطل، كالغيث حيث وقع نفع، وكالنّخلة لا يسقط ورقها، وكلها منفعة حتى شوكها، وهو موضع الغلظة منه على المخالفين لأمر الله، والغضب إذا انتهكت محارم الله، فهو لله وبالله ومع الله، قد صحب الله بلا خَلق، وصحب الناس بلا نفس، بل إذا كان مع الله عزل الخلْق عن البين، وتخلّى عنهم، فواهًا له ما أغربه بين الناس! وما أشد وحشته منهم! وما أعظم أنسه بالله وفرحه به وطمأنينته وسكونه إليه! والله المستعان، وعليه التكلان ".
الصدق في الطاعة
قد يبدو النّاس كثيرين في طاعة الله، خاصة عند أول الحماسة، وإذا حقّت الحقائق وابتلي المؤمنون تميّز النفيس من الخسيس، وبان من هو على الطاعة حريص ممن هو في الصف دسيس، وكم هم الذين استعاروا ثوب السلفية، فإذا رأوا من المهرّجين الضعفاء من يحكي صولة الأسد، جاؤوه هرعين قد نفضوا أيديهم من التصفية والتربية، وحدثاء الأسنان في غرّة شبابهم يُوعَدُون ويُمَنَّوْن زورا، {وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً}.
وحرف المسألة: في الصدق، و تالله ما أُتِيت الحركات الإسلامية اليوم إلا من جهة عدم صدق معظمها في إظهار الطاعة وحب التحاكم إلى الكتاب والسنة؛ ألا ترى أنهم يؤمرون من قبل علماء السلفية بالصبر والتحمل وعدم استعداء الأعداء عليهم بالتّهييج السياسي وتتلى عليهم الآيات البيّنات والأحاديث الصحيحات فيأبون إلا تحكيم عواطفهم؟! كما فعل أشياعهم من قبل؛ محتجّين بشمولية الإسلام لكل جوانب الحياة، مع أنهم ـ في حقيقة أمرهم ـ قد حصروا الإسلام في دائرة الحكم، وإذا وصلوا إلى الحكم فلا إسلام! ومحتجين بأنّ الجهاد بالسيف من الدين، غاضّين الطرف عن أننا مطالبون باتباع أحسن ما أنزل من الدين، وليس في ذلك اتباع لمسلك الذين جعلوا القرآن عضين، أليس من تنزيل رب العالمين قوله: {واتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِن رَبِّكُم مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ}؟! وقوله: {الَّذِين يَسْتَمِعُونَ القَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُلُو الأَلْبَابِ}؟! وقوله: {فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا}.
والقتال إذا لم يَحِن وقته فليس أحسن ما أُنزل وإن كان مما أُنزل ولا شك، ولهذا حذّر الله تعالى الفئة المؤمنة الأولى من استعجال القتال فقال: {ويَقُولُ الَّذِينَ ءَامَنُوا لَوْلاَ نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وذُكِرَ فِيهَا القِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ المَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ المَوْتِ}، ثم نبّه على أنّ مشكلة المستعجلين في تنكّبهم الطاعة الحاضرة فقال: {فَأَوْلَى لَهُمْ طَاعَةٌ وقَوْلٌ مَعْرُوفٌ}، ثم نبّه على أن حرف المشكلة في الصدق، فقال سبحانه: {فَإِذَا عَزَمَ الأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُم}؛ لأنه أَثبت للمرء على الحق، ولذلك قال الله تعالى: {وبَشِّرِ الَّذِينَ ءَامَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ}.
وسر إضافة القَدَم إلى الصدق أمران:
الأول: أنّه دليل على الثبات، إذ يعبَّر عنه بثبات القدم؛ لأنّه لا يثبت إلا قائم على قدميه.
الثاني: أنّه دليل على السير الحثيث إلى الله من غير التفات إلى المعوقات؛ لأنّ السير لا يكون إلا بالقدم، كما يعبَّر عن النعمة باليد؛ لأنها المعطية وعن الثناء باللسان
فدلَّ هذا كله على أن الثبات على الدين والسبق إلى ربِّ العالمين إنما هما بالصدق في الطاعة
فعاد الأمر حينئذ إلى القلب؛ لأنه وعاء الصدق، قال ابن القيم عند قوله تعالى: {واعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وقَلْبِهِ}: " وفي الآية قول آخر أن المعنى أنه سبحانه قريب من قلبه لا تخفى عليه خافيةٌ؛ فهو بينه وبين قلبه، ذكره الواقدي عن قتادة، وكان هذا أنسب بالسياق؛ لأن الاستجابة أصلها بالقلب فلا تنفع الاستجابة بالبدن دون القلب؛ فإن الله سبحانه بين العبد وبين قلبه، فيعلم هل استجاب له قلبه، وهل أضمر ذلك أو أضمر خلافه ".
روى أبو داود وأحمد بإسناد صحيح عن وهب قال: سألت جابرا عن شأن ثقيف إذ بايعت؟ قال: اشترطت على النبيّ e أن لا صدقة عليها ولا جهاد، وأنه سمع النبيّ بعد ذلك يقول: » سيتصدّقون ويجاهدون إذا أسلموا «\ " قلت: فتأمّل سياسة رسول الله e مع قوم ظهر صدقهم من إخبارهم بتقصيرهم وعدم الغشّ في بيعة الإسلام والطاعة، فلا عجب أن يحسن إسلامهم، وأن يثبّتهم الله مع أبي بكر الصديق في حروب الردّة حين قلّ النصير، واشتد من الحبيب النكير، وأعجب منه ما رُوي عن المغيرة بن شعبة t أنه قال: " فدخلوا في الإسلام، فلا أعلم قوماً من العرب بني أَب ولا قبيلة كانوا أصح إسلاماً ولا أبعد أن يوجد فيهم غشٌّ لله ولكتابه
منهم "
ولهذا كله يظهر لك سر في كتاب الله، حيث أنّ الله تعالى في كل آيات الباب ينبّه عقبها على الصدق في الطاعة بعد آيات الطاعة.
ففي آية النساء عند قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ ..}، بيّن الله تعالى بعدها الطاعة فقال:{مَن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ ومَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً}، ثم حذّر من عدم الصدق فيها بما أخبر عن المنافقين فقال: {ويَقُولُونُ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ}.
وفي آية سورة محمد بيّن الطاعة بقوله: {طَاعَةٌ وقَوْلٌ مَعْرُوفٌ}، ثم بيّن الصدق فيها فقال: {فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ لَكَانَ خُيْراً لَهُمْ}.
وفي الآية الأخرى من سورة النساء بيّن الله الطاعة بقوله: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ}، ثم بيّن فضل الصدق فيها فقال: {ومَن يُطِعِ اللهَ والرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِم مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وحَسُنَ أُولَئكَ رَفِيقاً}، وإنما جعلته على معنى الصدق، لأن الصدق في الطاعة تابع للصّدق في المحبة، كما روى الطبراني في (( الصغير )) بسند قوي لشواهده عن عائشة قالت: جاء رجل إلى النبيّ e فقال: يا رسول الله! إنّك لأحب إليّ من نفسي، وإنك لأحب إليّ من أهلي ومالي، وأحب إليّ من ولدي، وإني لأكون في البيت فأذكرك فما أصبر حتى آتيك فأنظرَ إليك، وإذا ذكرت موتي وموتك عرفت أنك إذا دخلت الجنة رُفعتَ مع النّبيّين، وإنّي إذا دخلت الجنة خشيت ألاّ أراك، فلم يردّ عليه النبيّ شيئا حتى نزل جبريل عليه السلام بهذه الآية {وَمَن يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ والصَّالِحِينَ} الآية ".
قلت: بأيّ شيء صاروا لهؤلاء المنعَم عليهم رفيقا وهم أضعف منهم إيمانا؟.
الجواب: بالحبّ الصادق الذي في قلوبهم، فعن ابن مسعود قال: جاء رجل إلى النبيّ فقال: يا رسول الله! كيف تقول في رجل أحبّ قوماً ولم يلحق بهم؟ فقال: (( المرء مع من أحبّ )) متفق عليه، وقد قيل:
تعصي الإلهَ وأنت تُظْهِر حبَّه هذا لعمري في القياس بديع
لو كان حبُّك صادقا لأطعتـه إنّ المحبّ لمـن يـحبّ مطـيع


الخلاصة
أكثر القراء ـ في زمن الوهن العلمي ـ يخطبون من فهارس الكتب الأخبار، خاصة إذا زيَّنتْها السياسةُ! فبعضهم لا يتمالك عندها حتى لعله لا يعلق بذهنه منها إلا هي! وبعضهم ينثني عن متابعة القراءة؛ لأنه انتقِد له فيها متبوعه، وما أقل من ينتصر للحق قبل الرجال! فكل هؤلاء لا يستفيدون من الخير إن وُجِد في كتابي هذا؛ لأن أخبار الناس عُرفَت أو أُنكرت لا تغيرها {فَلاَ تُمَارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِرآءً ظَاهِراً}.
فأرجو حينئذ من القاريء إمعان النظر في الأصول والقواعد العلمية التي نقلتها عن أهل العلم، والتي منها:
1 ـ أنني بذلت نصحي للمتصدين للدعوة أنه بدلاً من أن يستجيبوا للاستفزازات السياسية، ويُضيِّعوا مواهبهم في المهاوشات الحزبية، فليُعْنَوا بتعظيم الشريعة: تعلُّمًا وتعليمًا؛ حتى يُخرج الله منهم أو من أصلابهم علماء مجتهدين، يكونون على مستوى ما استعجلوه الآن، ليحققوا الأصل الذي من أجله ألَّفت هذا الكتاب، ألا وهو ألاّ يُفتي في النوازل السياسية إلا عالم مجتهد. وما تَغَوُّل سفلة من رجال القانون للتوغّل في هذا الميدان ـ بزعم أن الشريعة ليست حكراً على أحد ـ إلا عدوان عظيم؛ جرَّؤوا به نوابت من شباب الإسلام على ولوج هذا الباب زاعمين أن الشريعة أمرت كل مسلم بالاجتهاد في كل المستجدات!
2 ـ ومنها ما جعلته مدخلاً لكتابي، وهي:
ـ أن الطريق الذي ارتضاه لنا ربنا واحد.
ـ وأن هذا الطريق منضبط بفهم السلف الصالح للكتاب والسنة.
ـ وأن المتمسك بالسنة في أمن من الهزيمة والكفر.
ـ وأن الرد على المخالف من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ـ وأن نيل السؤدد منوط بالعلم.
ـ وأن تفصيل ذلك بسلوك سبيل التصفية والتربية.
لا الثورات! وتعدد الجماعات! وتكفير المسلمين والمسلمات!
3 ـ بيّنتُ أن الزّجّ بالشباب في خنقة التحزب هو سبب الجناية على هذه الأصول، ومن حُرِم الأصول حُرِم الوصول؛ قال الشيخ محمد البشير الإبراهيمي ـ رحمه الله ـ: " العلم .. العلم .. أيها الشباب! لا يُلهيكم عنه سمسارُ أحزاب ينفخ في ميزاب! ولا داعية انتخاب في المجامع صخاب! ولا يَلفتنَّكم عنه معلِّلٌ بسراب، ولا حاوٍ بجراب، ولاعاوٍ في خراب يأتمُّ بغراب، ولا يَفتننّكم عنه مُنْزَوٍ في خنقة، ولا مُلْتَوٍ في زَنقة، ولا جالسٌ في ساباط على بساط، يُحاكي فيكم سنّة الله في الأسباط
فكل واحد من هؤلاء مشعوِذ خلاّب! وساحر كذاب! إنكم إن أطعتم هؤلاء الغواة، وانصَعْتم إلى هؤلاء العُواة، خسرْتم أنفسكم وخسرَكم وطنُكم، وستندمون يوم يَجني الزارعون ما حصدوا، ولاتَ ساعة ندَم ".
4 ـ كما بيَّنتُ أن تضييع الدعوة إلى الدين الحق وتنكّب طريق الأنبياء سببه تفسيرُ أكثرِ الدعاة اليوم الدينَ تفسيراً سياسياً وحَصْرُ الدعوة في السبيل السياسية أو التركيز عليها؛ يُخَيَّل إليهم من سحرها أنها تسعى!! مع أنها تزيدهم كل يوم نكسة، وترجع بهم القهقرى، وهذا أيضا من إفرازات الحزبية، التي كثيراً ما تَخدع، حتى يظن الظّانُّ أن الطرق مسدودة إلا بمخالفة الأنبياء!!!
5 ـ لذا بذلت وسعي في ربط هذه الأمة بعلمائها: علماء الكتاب والسنة لا علماء ضرائر كتب العلم: الجرائد ...
ولعل القاريء يلاحظ أنه ليس لقلمي في هذا المؤلَّف سوى النقول عنهم؛ أبيِّن هذا كي لا يقال: كيف تكتب في السياسة ولستَ من أهل الاجتهاد؟!
هذا، وشباب الدعوة مع هذه المؤلفات في أمر عجب! فمنهم من أقعده العجز عن طلب معالي الأمور، وطمع في دخول حمى غيره، فزعم أن باب الاجتهاد قد أُقفل! فالكل إذًا يتكلم في السياسة؛ لأنهم في مستوى واحد!!!
ومنهم من يعبد الله على حرف، فلا يرضى بانتقاد المخِلِّين بمنهج الأنبياء؛ حتى ينظر لعلهم يَصِلون إلى الحكم! أما نحن، فلو رأيناهم يتقلَّبون في كل بلاد الله، يَطيرون من مُلْك إلى ملك لقلنا كما أمر الله نبيه أن يقول: {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ}.
ومنهم الهالك في باطن الإثم، فيرى أن هذه الكتابة في زمن الجهاد تثبيط! ولا يكتب فيها إلا ( عميل ) صُنِع على عين تخطيط!!
ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم، كلما صاح باطل لم يُسمَع لهم حسّ، وإذا نطق فيه حقٌّ بحقٍّ قاموا ولم يقعدوا، وضجّوا ولم يسكتوا: ليس ذا الوقت! وليس ذا الأسلوب! هذا تنفير! ما الفائدة من هذه الكتابات والفتنة قد غلت مراجلها، وأُضرِمت نارها!!!
وهؤلاء يتظاهرون بالرجوع إلى المنهج الحق كلما طاردتهم الأدلة أو غالبتهم مطارق الأنظمة، ولا يُؤتَمَنون؛ لأنهم {كُلَّمَا رُدُّوا إِلَى الفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا}، ومن أبرز أماراتهم قولُهم: لماذا لايَرُدّ على الحكومة كما رَدَّ على إخوانه؟!
ومنهم .. ومنهم .. ولله في خلقه شئون.



الخاتمة
الله وحده يعلم أنّني ما كتبت ما كتبت تتبّعاً للعورات، ولا تفكّهاً بالسوءات، ولا طلباً للنّزال، ولا حبًّا في الجدال، ولا نصرةً لأنظمة الباطل، ولا خذلاناً للقائمين في وجه الصّائل، ولكنّني رأيت شباب الإسلام في زهرة عمره، وقوّة نشاطه، أقبل على العلم، وربما ضاقت عليه دياره حتى هان عليه مفارقتها، ( كالنحلة ترحل إلى المكان السحيق، لترجع إلى خليّتها بالرحيق )، وكلما لاحت على محيّاه مخايل النجابة مُدّت إليه يَدٌ عجلَى لتقطع عنه الطريق، بإشغاله بالسياسة العصرية التي أضحت حيلة كل محتال، وحِلية كل بطَّال، يلقط فُتات الأخبار، من موائد إعلام الكفار، يبلعها بلا هضم، ثم يتقيّؤها على أنه المحلّل الفهم، فتارة يطيع عاطفة غير معصومة، وتارة يتبع مصلحة موهومة، فتأسّى به منهم من صارت السياسة عنده غراماً، فقلت لا بد من تخبيب الزّوج على زوجها وإلا كانت الفتنة لزاماً، بتبيان منهج السلف عليهم من الله رضاه، بما لا مطمع في طَرْق حماه، وربط الأمّة بعلمائها، عصمة لها من أن يسوقها الرّويبضة سوق النعاج إلى حتفها.
فيا طلبة العلم! اصبروا على طلب العلم كتاباً وسنّةً؛ فإنكم على خير! ولا تستبطئوا الوصول فقد جدّ بكم السير، ولا تحقروا ما أنتم عليه؛ فإنه الجهاد الأكبر! قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ : " فقوام الدين بالعلم والجهاد، ولهذا كان الجهاد نوعين:
ـ جهاد باليد والسنان، وهذا المشارك فيه كثير.
ـ والثاني: الجهاد بالحجة والبيان، وهذا جهاد الخاصة من أتباع الرسل، وهو جهاد الأئمة، وهو أفضل الجهادين؛ لعظم منفعته وشدّة مؤنته وكثرة أعدائه، قال تعالى في سورة الفرقان وهي مكّيّة: {وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيراً. فَلاَ تُطِعِ الكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً}، فهذا جهاد لهم بالقرآن، وهو أكبر الجهادين، وهو جهاد المنافقين أيضا؛ فإن المنافقين لم يكونوا يقاتِلون المسلمين، بل كانوا معهم في الظاهر، وربما كانوا يقاتِلون عدوَّهم معهم، ومع هذا فقد قال تعالى: {يَأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الكُفَّارَ وَالمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ}، ومعلوم أنّ جهاد المنافقين كان بالحجة والقرآن .." ، وفي (( جامع بيان العلم )) لابن عبد البر قول بعضهم :ومِداد ما تجري به أقلامهم أزكى وأفضل من دم الشّهداء
يا طالبي عِـلـم النّبيّ محـمـد مــا أنتـمُ وسـواكــمُ بسـواء

تمّ تبييض أصله في الجزائر في شعبان 1414 هـ

والحمد لله الذي بنعمته تتمّ الصالحات.
فهرس الكتاب
ـ تقريظ العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني 7
ـ تقريظ العلامة الشيخ عبد المحسن بن حمد العبّاد البدر 12
ـ تمهيد: فيه التذكير بنعمة الإسلام ونعمة السنة 20
ـ ستة أصول:
الأول: الطريق واحد 25
الثاني: طريق الكتاب والسنة على فهم السلف الصالح 27
الثالث: نيل السؤدد بالعلم 36
الجهاد الأكبر عند ابن القيم 40
لطيفة فيها الرد على الذين ظنوا سؤددهم في التفوق الحضاري أو التمكن من السلطة 42
الرابع: صِمام الأمان من الكفر والهزيمة باتباع الكتاب والسنة 45
معنى النصر الموعود 53
تهديد مخالف الرسول بالزيغ والكفر 55
المخالفة نوعان 57
تعجيل الهزيمة لمخالفي الرسل 59
أهل الحديث أقل الطوائف اختلافاً 60
تعظيم السنة سبـب دوام الملك 62
الخامس: الرد على المخالف من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 67
معنى (( انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً )) 70
فيه دفاع عن الإسلام من الخطر الخارجي فضلا عن الداخلي 70
كلام نفيس لابن تيمية في أن المبتدع قد يكون أخطر من الكافر 71
مثله عن الإبراهيمي 74
أيهما أعظم: جهاد العلم أو جهاد السيف؟ 75
استعمال الشدة في الإنكار على المبتدعة لا يعني الولاء للكفار 80
السادس: التصفية والتربية 84
بين الشيخ الألباني وأحد قادة جبهة الإنقاذ الجزائرية 86
مختصر تاريخ الدعوة الحديث في الجزائر 91
الجماعات الموجودة بعد الاستقلال مع تعريف دقيق بالجزأرة 92
سبب ظهور الروافض في الجزائر 93
المرحلة الذهبية للدعوة 98
جناية السياسة على الدعوة 103
علي بن حاج والعلماء، وتأثّره بالإخوان 108
وفي الهامش: التخبط العقدي عند تلاميذ محمد قطب 109
تعليق الألباني على كتاب سفر الحوالي في الإرجاء 119
الأطوار التي مرّ بها علي بن حاج 129
جناية السياسة على العلم 134
جناية الفكر الخارجي علىالدين 135
ـ حال الدعوات السياسية اليوم 138
ـ معنى السياسة 142
ـ الإصلاح السياسي 149
ـ السياسة الشرعية قاصرة علىالمجتهد 155
أثر عظيم في منع تعليم العوامّ السياسة، وفتوى للشيخ ابن عثيمين 163
الشيخ الألباني ينهى ناصر العمر عن إسناد فقه الواقع لطلبة العلم 173
ـ الجامعون لفنون الشريعة هم السياسيون الشرعيون 176
ـ نكت في آيات الكتاب 178
الردّّ على ممارسي السياسة المستدِلِّين بفعل يوسف u وابن تيمية 182
ـ آية تأصيل حكم الباب وبعض فوائدها 186
حكم إذاعة الأخبار السياسية 193
قصة عظيمة في نهي الصحابة عن تتبع الأخبار 196
ناصر العمر يتتبع قصة يونانية خمسة عشر عاما‎ 197
الجهل بالواقع غير قادح في صاحبه‎ 199
توسم ابن مسعود في الخوارج والألباني في جماعة التبليغ 203
فقه الواقع ليس إلى طالب العلم 208
اعتراف علي بن حاج بعدم وجود كفاية من العلماء في صفوفه‎ 211
أمثلة من انخداع الحزبيين السياسيين بالسياسات الجائرة وجهلهم بالواقع 213
من منشورات محمد المسعري 216
دفاع عن أئمة السنة، وردّ على ( الإخوان المسلمين ) في موالاتهم لليهود والنصارى 219
نصيحة الشيخ الألباني لجبهة الإنقاذ 223
طعن علي بن حاج في العلماء ( هامش ) 228
نص بيان استغاثة جبهة الإنقاذ بالبرلمان العالمي وما فيه من كلمات الكفر 230
علي بن حاج يتحاكم إلى الديمقراطية وينبهر بالحرية الغربية 245
كلمة عن المرجئة 259
ـ كلمة ذهبية لابن القيم في التفريق بين فقه الواقع وفقه النفس 266
سلمان العودة ينفي وجود المرجعية العلمية الصحيحة في الجزيرة وغيرها 271
كيف نصيحة الرعية للولاة 272
نصيحة عظيمة من الألباني لناصر العمر في حكم اتخاذ وسائل الإعلام مصدراً لمعرفة الواقع 278
سلمان العودة يوجب على عامة الناس الدخول في الشورى الديمقراطية 283
الشورى في الإسلام 288
سلمان العودة يقدِّم فقه الواقع على العقيدة (هامش) 299
ـ متفقهون حول الواقع لا يفقهون الواقع: 302
1 ـ فقه واقع الجزائر عند سلمان العودة 304
جبهة الإنقاذ والرافضة 307
جبهة الإنقاذ والعلم 308
جبهة الإنقاذ والعقل 311
مشاورة علي بن حاج العوام لإقامة المسيرات والمظاهرات 312
إقرار رئيس الجبهة على اتهام الألباني بالعمالة الصهيونية 314
سلمان يدعو جبهة الإنقاذ ونساء السعودية إلى التمثل بالثورة الشيوعية في مقاومة الأنظمة بالعنف 318
فتوى الشيخ الألباني فيمن تقتله الأنظمة الجائرة اليوم 321
بين جبهة الإنقاذ وجمعية العلماء المسلمين الجزائريين 322
كلمة مختصرة دقيقة للشيخ الإبراهيمي في حكم التحزب 323
كلمة الشيخ ابن باديس في العمل السياسي 325
غزو الإقلميين ( الجزأرة ) لجبهة الإنقاذ 329
كلمة عظيمة من الألباني عقب فوز الجبهة بالانتخابات البرلمانية 332
تكذيب الألباني وابن باز فيما ادّعاه عليهما سلمان من تأييد الجبهة 334
صورة فاكس الشيخ الألباني لجبهة الإنقاذ ونصّه 335
الردّ على عبد الرحمن عبد الخالق فيما نسبه للشيخ الألباني (هامش) 344
فتوى الشيخ ابن باز في نازلة الجزائر 347
الجبهة وقضية الخليج 354
وصف علي بن حاج لعلماء السعودية 354
نتائج تحريض سلمان لجبهة الإنقاذ من تكفير وتقتيل 356
رسالة سريّة فيها أن علي بن حاج وراء الاغتيالات (هامش) 360
سلمان العودة يطلب من شعبه حماية ولو بالدماء ( هامش )‎ 362
واقع مكذوب 368
2 ـ فقه واقع الجزائر عند الدكتور سفر الحوالي 372
القضاء عند سفر 373
أكبر أخطائه في الموضوع 376
احتضانه المبتدعة 378
واقع قديم يحسبه حديثاً 380
سلوك الطريق الديمقراطي عنده‎ 381
معنى يقظة الشعب عنده 382
رأي الحزبيين في علماء السعودية 386
موقف الجبهة و( الإخوان المسلمين ) من قضية الخليج 387
خطأ في النقل عن الدستور الجزائري 388
الخلط بين الطريقة السلفية والطريقة الخلفية 389
تناقضاته 390
كلام ساقط جدا في الطعن في العلماء ( هامش ) 391
3 ـ فقه واقع الجزائر عند بشر البشر:
زعمه أن الشيخ أحمد سحنون من جبهة الإنقاذ 400
مشايخ الأشعرية يُنسبون إلى السلفية 401
مرثية سحنون للخميني 403
الكلام على محفوظ نحناح 408
قيود الشيخ ابن عثيمين على المتحزبين 411
تكذيبه لمن نسب إليه تأييد مواجهة النظام الجزائري وكذا المظاهرات 414
4 ـ فقه واقع الجزائر عند عائض القرني:
تأييده هو وسفر الحوالي وسلمان العودة للمظاهرة النسوية 416
ـ شبهتان والرد عليهما:‎ 421
أ ـ قولهم: هم مجتهدون مأجورون أخطأوا أو أصابوا.
ب ـ قولهم: كيف يُعرف مجتهدو النوازل؟
ـ دعوة: تعالوا إلى كلمة سواء 429
توقيف هيئة كبار العلماء لسلمان وسفر 431
ـ الواجب اليوم: إصلاح الوقت لإصلاح الحال: 433
العبادة الفضلى 445
الطاعة 448
الصدق في الطاعة 450
ـ الخلاصة: فيها وَصْف الشيخ الإبراهيمي للحزبيين‎ 455
ـ الخاتمة: وفيها كلام مهمّ عن الجهاد لابن القيم‎ 460
ـ فهرس الكتاب

تم بحمد الله

رد مع اقتباس