عرض مشاركة واحدة
  #12  
قديم 26 Jan 2014, 09:02 PM
يوسف بن عومر يوسف بن عومر غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: الجزائر-ولاية سعيدة
المشاركات: 594
افتراضي

قوله تعالى: "إن الذين كفروا سوآء عليهم ءأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون (6)"

1- أصل الكفر في كلام العرب: الستر والتغطية، ومنه قول الشاعر:
يعلو طريقة متنها متواترٌ *** في ليلة كفر النجوم غمامها
أي: سترها، ومنه سمِّي الليل كافرا، لأنه يغطي كل شيء بسواده، قال ثعلبة بن صُعيْر:
فتذكرا ثقلا رثيدا بعدما * ألقت ذُكاءُ يمينها في كافر
"ذُكاءُ" (بضم الذَّال والمدِّ): اسم للشمس، والشاعر يصف الظليم والنعامة، أنهما تذكرا بيضهما، فأسرعا إليه عند الغروب، وذكر صاحب "الصحاح" أن الكافر في هذا البيت معناه: البحر أيضا.
ومنه قول حميد الأرقط:
فوردت قبل انبلاج الفجر * وابن ذُكاء كامنٌ في كفْر
أي: في ليل، و"ابن ذُكاء": هو الصُّبح.

2- قوله تعالى: "سواء عليهم" معناه: معتدل عندهم الإنذار وتركه، أي سواء عليهم هذا، وجئ بالاستفهام من أجل التسوية، ومثله قوله تعالى: " سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين " [ الشعراء: 136 ].وقال الأعشى وينسب لمضرس بن ربعي:
وليلٍ يقول الناس من ظلماته *** سواءٌ صحيحات العيون وعُورُها

3- قوله تعالى: "أأنذرتهم" الإنذار: الإبلاغ والإعلام، ولا يكاد يكون إلا في تخويف يتسع زمانه للاحتراز، فإن لم يتسع زمانه للاحتراز كان إشعارا ولم يكن إنذارا، قال الشاعر:
أنذرت عمرا وهو في مهل *** قبل الصباح فقد عصى عمرو
وتناذر بنو فلان هذا الأمر: إذا خوفه بعضهم بعضا.

4- اختلف القراء في قراءة " أأنذرتهم " فقرأ أهل المدينة وأبو عمرو وابن كثير وابن عامر في رواية هشام، والأعمش وعبد الله بن أبي إسحاق: " أانذرتهم " بتحقيق الأولى وتسهيل الثانية، واختارها الخليل وسيبويه، وهي لغة قريش وسعد بن بكر، لكن قرأ قالون وأبو عمرو بتسهيل الثانية وإدخال ألف بين الهمزتين وعليها قول ذو الرُّمَّة:
أيا ظبية الوَعْساء بين جُلاجِل *** وبين النَّقا آنت أمْ أمُّ سالم
هجاء " آنت " ألف واحدة أو بتسهيل الثانية وإدخال ألف بين الهمزتين.
وقال ذو الرُّمَّة:
تطالَلْتُ فاستشرفتُه فعرفتُه *** فقلت له: آنت زيد الأرانب
وروى عن ابن محيصن أنه قرأ- وهي قراءة شاذة -: " أنذرتهم أم لم تنذرهم " بهمزة لا ألف بعدها، فحذف لالتقاء الهمزتين، أو لأن "أم" تدل على الاستفهام، كما قال امرؤ القيس:
تروح من الحيِّ أم تبتكِرْ *** وماذا يضيرُكَ لو تنتظِرْ
أراد: أتروح، فاكتفى بـ"أم" من الألف.


التعديل الأخير تم بواسطة يوسف بن عومر ; 06 Feb 2014 الساعة 04:02 PM
رد مع اقتباس