عرض مشاركة واحدة
  #17  
قديم 22 Apr 2010, 04:06 PM
أحمد سالم أحمد سالم غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
الدولة: الجزائري مقيم في فرنسا
المشاركات: 608
افتراضي

نداء الشيخ إبن عثيمين لمقاتلي الجزائر



الشيخ : الحمدُ لله ربّ العالمين وأصلي وأسلِّمُ على نبينا محمد خاتَم النبيين وإمامُ المتَّقينَ وعلى آلهِ وأصحابِهِ ومَن تبِعهُم بإحسانٍ إلى يوم الدّين .
أمّا بعد : فإنّني مَسرور في هذا اليوم المُبارك يومَ الجُمعة 13 مِن شهر صفر عامَ 1420 هـ أنْ حَضَرَ إليَّ إخوة مِن الجزائِريين في بيتي عصرَ هذا اليوم في عُنيزة إحدى مُدن القصيم في المملكة العربية السعودية ، فأشكُرُهُم على هذا اللقاء ، وقد طلبوا مِني أنْ يكونَ هذا اللقاء مُسجّلا في الفيديو ـ بالصورَةِ والصوت ـ ولكِن نظراً لِكراهةِ أن تظهَرَ صورتي طلبتُ مِنهُم أنْ يكونَ هذا اللِقاء بالصوت وفيهِ كِفايةٌ إن شاء الله .

أيّها الإخوةُ الجزائريون : إنّكُم مِنّا وبِنا ، الأمةُ واحِدة أمةٌ مُسلِمة ، الرسولُ واحِد محمد بن عبدِ الله بن عبدِ المطّلِب الهاشِمي القُرشي , إلهُنا واحِد وهُو ربُّ العالمين ، والمُؤمِنُ للمُؤمِنِ كالبُنيان يشدُّ بعضهُ بعضاً ، فمَثلُ المؤمِنين في توادِّهم وتراكُمِهم وتعاطُفهِم مثلُ الجسدِ الواحِد إذا اشتكى مِنهُ عضوٌ تَداعَ لهُ سائِرُ الجسد بالصحة ( ... ) ، ومازَالت مُشكِلةُ الجزائر في نفوسِنا منذُ أن قامَت الفِتنة عام1992 في السنة الميلادية وإلى يومِنا هذا ، ولا يُمكن أنْ نَظنَّ بالإخوةِ المُقاتِلين إلا أنّهُم إن شاء الله تعالى يُريدون تَثبيتَ الإسلام في الجزائر لأنّها بِلادٌ تَحرّرت مِن سيطرةِ الكُفر واتَّضحَ لها النور وفيها القوم الشُجعان الذين تَتَبيَّنُ شجاعَتُهُم حينما كانَ الاستِعمارَ الفِرنسي حتى فَكَّهُم الله تبارك وتعالى مِنهُ ، هذا ما نَظُنُّهُ في إخوانِنا المُقاتِلين ولكِنَّ النيّة تحتاجُ إلى حِكمة في مُعالجَةِ الأمور ، والحِكمةُ مُوافَقةُ الشَرع ، والشرعُ مُطابِقٌ للعَقل ولِذلِك ينعى اللهُ تبارك وتعالى على كُفار فُقدان العقل فيقولُ مثلاً : ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ﴾ وإذا كانَ هذا هو الدّينُ الإسلامي أنهُ مَبني على الحِكمة التي هِيَ الشرع والعقل فإنَّ الواجِب على مُعتَنِقي الإسلام ألاَّ تَحمِلهُ العاطفة على الخروج عن مُقتضى الشَرع والعَقل ، لأنّهُ إنْ كانَ الأمرُ كذلِك أصبحت العاطِفةُ عاصفةً مدَمِّرة ، كما يَشهَدُ بِذلِك الواقِع في قديمِ الزمان وحديثِه ، وإنّني أقدِّم لإخواني في الجزائِر المٌقاتِلين والمُسالِمين و الحُكومة والشَعب النصيحَة التي أرجوا الله تبارك وتعالى أن تكونَ خالِصةً له نافِعةً لِعِباده ، وهِيَ أن يلتَئِمُوا وأنْ يَعتَصِموا بحَبلِ الله جميعاً ولا يَتفرَّقوا وأنْ يَضعوا السيف (2) ويئوبوا إلى التفاهُم والتناصُح ، فإنّي أظن أنَّ كِلا الطائِفتين (3) قد ملّوا وسَئِموا لكِن لا يدرونَ كيفَ يعمَلون ، ولقَد بلغَني أخيراً ولا أدري هل هو واقع أو لا أنّ الحُكومة طلَبت مِن المُقاتِلين وضعَ السِّلاح ، وأنَّ مَن وضَعَ سِلاحه وآبَ إلى حظيرةِ الأمة فإنّهُ لا شيءَ عليهِ ، هكذا سَمِعتُم ؟

الإخوة : نعم صحيح .
الشيخ : إذا كانَ هذا الواقع فلم يبقى لأحدٍ عُذر ، فأقول لإخواني المُقاتلين في ( ... ) والمغارات وقِمَمِ الجِبال هاتوا ، أقبِلوا هَلِّموا إلى السِلم فالسِلمُ خير ، ثمّ بعدَ أنْ ( ... ) الأمور وتَغمَد الجِراح يكون التفاهُم ، سواءٌ كانَ التفاهُم مِن بين الجزائريين ، يَجتَمع العُلماء والأمراء ويَدرسُونَ الوضع أو كانَ الأمر يعود إلى مُحكّمينَ مِن عُلماءَ المُسلمين ورُؤساء المُسلمين حتى تَكون الأمور جارية على ما يُحِبُّهُ الله ويرضى ، أمّا البقاءُ هكذا قومٌ في الجِبال وفي بُطونِ الأودية وفي المغارات يَتربَّصونَ الدوائِر حتى قيلَ لي أنهُم يقتُلون مَن ليس بِمُقاتل كأنّما يقولونَ بقولِ القائِل : ( مَن لم يكُن معي فهوَ عليّ ) وهذا غلط ، لو أنّ هؤلاءِ المُقاتِلين وضعوا السِّلاح وسلَّموا أنفُسهُم ما دامَت العدالة قد فَتَحت لهُم الباب واغتَنموا هذِهِ الفُرصة وحضروا إلى الحُكومة ، لا أقول يحضُرون هكذا جميعاً لكِن يحضُر رؤساءهُم فإذا وجدوا الصِدقَ مِنَ الحكومة أمكَنَ أنْ يأتيَ الآخرون ، لحَصَلَ في هذا خيرٌ كبير لأنّنا لا ندري إلى أيِّ حدٍّ تَنتَهي هذِهِ المُشكِلة ، إذا لم تُعالَج وكُلُّ واحِدٍ مِنَ الخَصمين نَزَّلَ ما في نفسِه وما يُريد ، إذ لا يُمكِن الصُلح بينَ اثنين مُتَخاصِمين على أنْ يُعطى كلُّ واحِدٍ مِنهما ما يُريدُه لأنّنا لو حاوَلنا هذا لكُنّا كالذي يُريدُ أنْ يَجمَع بين النقيضينِ أو الضدّين .
أكَرِّر نصيحةِ لإخواني المُقاتِلين الذينَ فتَحَ الله لهُم الباب أن يَرجِعوا ويَضعوا السِّلاح وكما قُلت ليس على السبيل الجَماعي ولكِن
بِنزول رُؤَساءهِم وقُوّادهم حتى يَتبيَّن صدقُ الحُكومة ، فيَحصُل بِذلِك خيرٌ كثير وتُحقنُ دماء وتُحمى أموال .
نسألُ الله سبحانه وتعالى لإخوانِنا الجزائريين أنْ يَجمعَ الله كلِمتَهُم على الحق وأنْ يُوفِّقَهُم لِما فيهِ خيرُ الدّين والدنيا إنهُ على كلِّ شيءٍ قدير ونُفسِح المجال للأسئلة ونسألُ الله أنْ يُوفِّقنا للصواب وأخبِرُ إخواني المُشاهِدين أنَّ ما يُشاهِدونهُ الآن مِن الرفوف التي فيها الكُتب والدفّاية التي تدفئ الجوّ في الشتاء وكذلِكَ اللوحة التي على بابِ المجلِس كُتِبَ فيها ( كفّارةُ المجلِس ) أنَّ هذا هو بيتُنا حقاً ، وأنّنا
نتشرّف لِكلِّ الجزائريين يزورنا في هذا المكان كما قيل المُتواضِع ونسألُ الله التوفيق للجميع .
الإخوة : بارك الله فيكم ، فضيلة الشيخ ـ محمد بن صالح بن عثيمين ـ عضو هيئة التدريس في كلية الشريعة وأصول الدّين ...
الشيخ ( مُقاطعا ) : غلط غلط ، أنا أستاذ وأيضاً هيئة كِبار العُلماء أهم ، رُدّها أستاذ .
الإخوة : فضيلة الشيخ ـ محمد بن صالح بن عثيمين ـ عضو هيئة كبار العلماء المملكة العربية السعودية وإمام وخطيب الجامِع الكبير
بعُنيزة في القصيم وأستاذ مُشارِك بكلّية الشريعة ...
الشيخ ( مُقاطعا ) : ما هو مُشارك ، أستاذ .
الإخوة : طيّب ، هذه كلها ...
الشيخ ( مُقاطعا ) : لا أعِد ، أعِد ..
الإخوة : فضيلة الشيخ ـ محمد بن صالح بن عثيمين ـ عضو هيئة كبار العلماء المملكة العربية السعودية وأستاذ بكلّية الشريعة وأصول
الدّين بجامِعة الإمام ـ محمد بن سعود ـ الإسلامية فرع القصيم وإمام وخطيب الجامِع الكبير بعُنيزة في القصيم ، نأمل أنْ تتفضلوا على الإجابة على بعض الأسئلة الهامة .
الشيخ ( مُقاطعا ) : كيف على بعض ، كيف على بعض .. على الأسئلة ، لأنك لو تقول على بعض معناها أن بعضها ما سئلت .
الإخوة : نعم ، عل الأسئلة الهامة الوارِدة الآن ، أوّلُها :
ما رأيُ فضيلَتِكم في ظاهِرة التكفير ؟ أي تكفير حُكام المسلمين بالجُملة ؟
الشيخ : نعم ، الحمدُ لله ، يجِب أنْ نَعلم أنَّ التكفير و التَحليل والتَحريم والإباحة وغيرَها أحكام شَرعِيّة ، لا تُتَلقَّى إلا مِن الشرع ، وإذا كانَ أحدٌ لا يُخالِف في أنَّ الإيجاب و التحليل والتحريم إلى الله ورسولِه فإنهُ يَجِب أنْ لا يُخالِف في أنَّ التكفيرَ إلى اللهِ ورسولِه لأنَّ خَطرَ التكفير أعظَم مِن خطر الإيجاب أو التَحريم أو الإباحَة ، وإنّي لأعجَب كيفَ ينفَخُ الشيطان في نفُوسِ بعض الناس فيتَهاوَنُوا
في التكفير ، ولكِنّهُم يَحتَرِمون الأحكام الشرعيّة في الواجِب والمُحرم والمُباح مع أنَّ الأول أخطَر ، فأقول : التكفير وعدم التكفير ليسَ راجِعاً إلى فُلان وفُلان ، بل هو إلى كِتاب الله وسنة رسولِهِ ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فمن كفَّرهُ اللهُ وجَبَ أن نُكفِّرهُ أيَّن كان حتى لو كانَ الأب أو الأم ومَن لم يُكفِّره الله ورسوله فهو مُسلم ، والأصل في المُسلم أنهُ مسلمٌ حقيقة حتى يقومَ دليل على
أنهُ ليسَ بِمسلم حقيقة وأنهُ مُنافق ، أرأيتُم قِصةَ أسامة بن زيد ـ رضي الله عنه ـ حِبُّ رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وابن حِبِّه ، لمّا أتى لِمُشرك لِيقتله قال المُشرِك ـ لا إله إلا الله ـ فَقَتلهُ أسامة ، ظناً مِنهُ أنَّ المُشرك إنّما قالها تَعوذاً مِن القتل فبلغَ ذلِك النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقالَ لأسامة ﴿ أقتَلتَهُ بعدَ أنْ قالَ لا إله إلا الله ﴾ قالَ : نعم ، كَرَّر عليه قال : ﴿ أقتَلتَهُ بعدَ أنْ قالَ لا إله إلا الله ﴾قال : نعم يا رسول إنّما قالها تعوُّذاً (4) ، فقال : ﴿ أشقَقتَ عن قلبِه ، وماذا تَصنعُ بلا إله إلا الله إذا جاءت يومَ القِيامة ﴾ مع أنَّ الذي يبدوا لي كما بدا لأسامة أنَّ نُطق الرجل بِهذه الكلمة ليسَ إلا تعوُّذاً مِن القتل ومعَ ذلِك حَكَمَ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بِظاهِر اللفظ وأنهُ مَعصومُ الدم وأنّ هذا القاتِلُ سَيُسألُ يوم القِيامة ، ثمَّ إنَّ التكفير لهُ شُروط مِنها أنْ يكونَ فاعِلُ الكفرِ
أو قائلُ الكفر مُختاراً ، فإنْ كانَ غيرَ مُختار فلا حُكمَ لقولِه ولا لِفعلِه كقولِ الله تبارك وتعالى ﴿ مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَـكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ والآية لا فرقَ فيها بين القولِ والفِعل ، ثمَّ إنَّ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حدّثناَ عن رجُل كانَ مُسرِفاً على نفسِه وأمرَ أهلهُ إذا مات أنْ يُحرِقوهُ و يَذروهُ في اليَّم
وقالَ إن قدِرَ الله عليه ليُعذبنَّهُ عذاباً لا يُعذبهُ أحداً مِن العالمين ، ففعَلَ أهلهُ ذلِك ، فجَمعهُ مَن يقولُ للشيءِ كُن فيكون فهو الله عزّوجلّ وسألهُ : لِما فعلتَ هذا ؟ فأخبرهُ أنهُ فعلَ ذلِك خوفاً مِن الله (5) معَ أنَّ التعدي على ربك كلِمة كُفر لا شكَّ فِيها ، لكِن نظراً لكونِهِ لم يتصوَّر ولم يملِك نفسَه إلا أن يُعبِّرَ بهذا التعبير جعلهُ النبيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ خطَأً مَعفُواً عنه ، وذلِك لعدَم القصد ، ومِن شروط الكُفر أنْ لا يكونَ الإنسان مُتأوِلاً تَأويلاً له وجه خاصةً مِن شروط الكُفر في ما يكونُ تكفيره حينَ يكونُ كفراً أنْ لا يكونَ الإنسان مُتأوِلاً تَأويلاً يُعذرُ بهِ فإنْ كانَ مُتأوِلاً تَأويلاً يُعذَرُ به فقد أخبَرَ النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ أنَّ المُجتهِد مِن هذهِ الأمة إذا بذلَ جُهده وأخطأ فلهُ أجرٌ واحد والخطأ مغفور لكِن يجِبُ عليهِ إذا بانَ له الخطأ أنْ يَرجِعَ إلى الحق ، وحينئذٍ لا يَحِلُّ لأحَد أنْ يُكَفِّر مَن لم يدلَّ الكِتاب والسنة على كُفره فإن فعَل عادَ إليهِ لأنَّ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أخبر أنّ مَن دعَ رجلا بالكفر أو قال يا عدو الله ولمْ يَكُن كذلِك رجَعَ إلى القائِل ، فالمَسألةُ خطيرةً جِداً ، فإذا قالَ قائِل : إذا فعَلَ أحدٌ فِعلاً نَشُك هل هو يَكفُر بهِ أو لا يَكفُر وهو مُسلم فالأصل عدَم الكُفر ولا يجوز أنْ نُقدِمَ على تَكفيرِهِ مع الشك ، ورُبّما تكون هذِهِ هيَ نُقطة التحوُّل ، فإنَّ بعضَ الناس يحكُم على شيءٍ بأنهُ كُفر ثمَّ يُكفِّر مَن قامَ بهِ معَ أنهُ عِندَ التأمُّل ليسَ بِكُفر أو عِندَ التأمُّل لا يكونُ فاعِلهُ كافِراً أو قائِلهُ كافِراً إمّا لِغلبَة وإمّا لِجهل وإمّا لِنِسيان وما أشبَهَ ذلِك ، الجوابُ واضِح الآن .
الإخوة : نعم ، شيخ كذلِك ( ... ) لا تُسجَّل ، سَيسمَعُ ناس كثيرون فلو تَفعلون كما تفعلون في الحَرم مِن تبسيط الكلام لأنَّ فيه عوام كثيرين سيحضرون لسماع هذا الكلام لا يفهمهُ إلا طلبة العِلم فَكُلَّما بَسَّطتُم وسهَّلتُم الكلام حتى يَفهَمهُ عامة الناس أولى وأفضل ، السُؤال يا شيخ : ما حُكمُ ما يُنسبُ إليكُم ـ حفظكُم الله ـ مِن تأييد الجماعات المُسلَّحة الخارِجة على الحُكومة الجزائرية وأنّكُم معهُم إلا أنكُم عاجِزون على التصريحِ بذلِك لأسبابٍ أمنيّة وسياسية ؟
الشيخ : هذا ليسَ بِصحيح ولا يُمكِن أنْ نؤلِّب أحداً على الحُكومة لأنّ هذا تحصُلُ بِهِ فتنة كبيرة إذ أنّ هؤلاءِ الذين يريدون أن يقابلُ
الحكومة ليسَ عِندهم القدرَة ما يُمكِن أنْ يَغلِبوا الحكومَةَ بِه فلا يَبقى إلا القتل وإراقَةَ الدّماء والفِتنة كما هو الوَاقع ، وما أكثَرَ الذي يُنسَبُ إلينا هُنا في السعودية أو خارِج السعودية وليسَ لهُ أصل عِندنا ، والحَامِل لِذلك والله أعلم أنّ الناس لهُم أهواء فإذا هوّوا شيئاً نسبوهُ إلى عالِم مِن العُلماء مِن أجلِ أنْ يكونَ لهُ قبول وهذِهِ مسألة خطيرة ، وليسَ الكذِبُ عليَّ أو على غيري مِن العُلماء بِغريبٍ إذا كانَ الكَذِب وقَع على الله عزّ وجلّ ، قال الله تعالى ﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءهُ﴾ فأرجوا مِن إخواننا في الجزائر وغيرِ الجزائر إذا سمِعوا عَنَّا شيئاً تُنكِرُهُ أفئِدَتهُم أنْ يتَّصِلوا بِنا ويَستَفهِمُ فرُبَّما نُسِبَ إلينا ما لم نقُلهُ .
الإخوة : بارك الله فيكم ، تتَردَّدُ كلِمة الطواغيت على ألسِنةِ كثيرٍ مِن الشباب يَصِفونَ بِها حُكَّامهُم ، فما رأيُكُم في ذلِك ؟
الشيخ : رأيِ في ذلِك أنَّ هذا غلط ، لأنّ كلِمة طاغوت عِندَ العامة كلمةٌ كبيرة تَهتَزُّ لها الجِبال ، فإذا قالوا هذا طاغوت معناه أنه لا يَتِمُّ الإيمان إلا بالكُفرِ بِهِ ﴿ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ﴾ ، ثمَّ إنَّ كلِمة الطاغوت مشتقّة مِن الطُغيان ، والطُغيانُ قد يكونُ عاماً وقد يكونُ خاصاً بِمعنى أنهُ قد يكون الإنسان طُغيانهُ في مسألةٍ ما وهو في أخرى مُعتَدِل غير طاغي فَوَصْف الإنسان بالطاغوتيّة المُطلقة غلَط وبُهتان والواجِبُ التفصيل فيما يقتضي التفصيل ، صحيحٌ أنّ زُعماءُ الكُفر الموجودينَ الآن يُمكِن أنْ نسميهِم طواغيت لكِن رجلٌ مسلم يُصلّي ويحج ويصوم ويتصدّق أخطأ في مسألةٍ ما نقول إنهُ طاغوت على الإطلاق ؟ لا نستطيع هذا ، فالله عزّ وجلّ يقول في كِتابهِ العزيز ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ والحقّ مَقبول مِن أيِّ أحدٍ جاء بِه6)(... وفي ليلةٍ مِن الليالي جاءهُ شخص بِصفةِ فقير فأخذَ مِن الطعام فأمسَكهُ أبو هريرة ( ... ) وأطلَقه ولمّا غدا على رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قالَ لهُ ( ... ) فأطلقتُه فقالَ : ﴿ إنهُ كَذَبَكَ وسيعود ﴾ ، يقولُ أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ : فعلِمتُ أنهُ سيعود لقولِ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
وسيعود ، فارتَقبهُ تِلك الليلة الثانية وجاءَ وأخَذَ مِن الطعام وأمسَكهُ أبو هريرة فقال : إنهُ ذو عِيال وذو حاجة فأطلقهُ أبو هريرة ، وفيالصباح أتى النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فقالَ ما فعَلَ ( ... ) البارِحة ، فقال إنهُ زعَمَ أنه ذو حاجةٍ وذو عِيال فأطلَقته فقالَ ﴿ إنهُ كَذَبَكَ وسيعود ﴾ ، في الليلة الثالِثة عاد ، وأصرَّ أبو هريرة أن يَرفعهُ إلى النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فقال
لهُ : ألا أدُلُّكَ على آية إذا قرأتَها لم يَزل عليك مِن الله حافِظ ولا يَقربُك الشيطان حتى تُصبِح ، فقالَ : بلى ، قالَ : آيةُ الكرسي ﴿ اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾ فلمّا أصبح أتى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأخبرهُ بِما قال ، قال : ﴿ صدقَكَ وهو كذوب ﴾، فَقبِلَ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الحقّ وأقرَّ وهو مِن الشيطان ، المُشرِكون إذا فعلوا فاحِشة قالوا وَجَدنا عليها آبائنا والله أمَرنا بِها ، فاحتَجُّوا بأمرين ، أنهُم وجدوا عليها أبائهم وأنَّ الله أمرنا بِها فقال الله تعالى ﴿ قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء﴾ فنفى هذا لأنهُ باطِل وسَكَتَ عن قولِهِم وجدنا عليهِ آبائنا لأنهُ حق ، فهذا أولاً جاءَ الحق مِن قِبل الشيطان فقُبِل ومِن قِبل المُشركين فقُبل ، واستمِع إلى الثالِث ، جاءَ حبرٌ مِن اليهود إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال : يا مُحمد إنّ نَجِدُ أنّ الله تعالى يَجعلُ السموات على إصبع والأراضينَ على إصبع وذكَر بقية الحديث ، فضحِكَ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تصديقاً لِقولِ الحَبر ، ثمَّ قرأ ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ فهُنا أقرَّ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قولَ اليهودي
لأنهُ حق ، فالمُهِّم أنَّ الواجِب علينا الرُجوعَ إلى الحقّ مِن أيّ مصدرٍ كان وأنْ نَرُدَّ الباطِل مِن أيّ مصدرٍ كان ، نعم .
الإخوة : بارك الله فيكم ، تَنطَلِق بعضُ الجماعات في مُحاربةِ أنظِمتِها مِن قاعدةٍ تقول : إنّ مُحاربةَ الدول الإسلامية أولى مِن مُحاربة الدول الكافِرة كفراً أصلياً لأنّ الدُول الإسلامية مُرتدة (7) والمُرتد مُقدمٌ في المُحاربة على الكافِر ، فما مدى صِحَّة هذِه القاعِدة ؟
الشيخ : هذهِ القاعِدة هي قاعِدة الخوارِج الذين يَقتلون المُسلمين ويدعونَ الكافرين ، وهيَ باطِلة ، والواجِب أنْ نَلتَمِسَ العُذرَ لِكلِّ مَن أخطأَ . .