عرض مشاركة واحدة
  #35  
قديم 21 Oct 2013, 05:51 PM
مهدي بن صالح البجائي مهدي بن صالح البجائي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2013
المشاركات: 591
افتراضي تفسير ابن كثير

هذا كلام حول تفسير ابن كثير، من كتاب التفسير والمفسرون لمحمد حسين الذهبي أنقله لأهميته (مع حذف الأمثلة ):

تفسير القرآن العظيم (لابن كثير)

* التعريف بمؤلف هذا التفسير:
مؤلف هذا التفسير، هو الإمام الجليل الحافظ، عماد الدين، أبو الفداء، إسماعيل بن عمرو بن كثير من ضوء بن كثير بن زرع البصرى ثم الدمشقى، الفقيه الشافعى، قَدِم الشافعى، قَدِم دمشق وله سبع سنين مع أخيه بعد موت أبيه. سمع من ابن الشجنة، والآمدى، وابن عساكر، وغيرهم، كما لازم المزى وقرأ عليه تهذيب الكمال، وصاهره على ابنته. وأخذ عن ابن تيمية، وفُتِن بحبه، وامتُحِن بسببه. وذكر ابن قاضى شهبة فى طبقاته: أنه كانت له خصوصية بابن تيمية، ومناضلة عنه، واتباع له فى كثير من آرائه، وكان يفتى برأيه فى مسألة الطلاق وامتُحِن بسبب ذلك وأُوذِى.
وقال الداودى فى طبقات المفسِّرين: "كان قدوه العلماء والحُفَّاظ، وعمدة أهل المعانى والألفاظ، وَلِىَ مشيخة أم الصالح بعد موت الذهبى - وبعد موت السبكى مشيخة الحديث الأشرفية مدة يسيرة، ثم أُخِذت منه".
وكان مولده سن 700 هـ (سبعمائة) أو بعدها بقليل وتوفى فى شعبان سنة 774 هـ (أربع وسبعين وسعبمائة من الهجرة)، ودُفِن بمقبرة الصوفية عند شيخه ابن تيمية، وكان قد كفَّ بصره فى آخر عمره. رحمه الله رحمة واسعة.
* *

* مكانته العلمية:
كان ابن كثير على مبلغ عظيم من العلم، وقد شهد له العلماء بسعة علمه، وغزارة مادته، خصوصاً فى التفسير والحديث والتاريخ. قال عنه ابن حجر: "اشتغل بالحديث مطالعة فى متونه ورجاله، وجمع التفسير، وشرع فى كتاب كبير فى الأحكام لم يكمل، وجمع التاريخ الذى سمَّاه البداية والنهاية، وعمل طبقات الشافعية، وشرع فى شرح البخارى.. وكان كثير الاستحضار، حسن المفاكهة، وصارت تصانيفه فى البلاد فى حياته، وانتفع بها الناس بعد وفاته، ولم يكن على طريق المحدِّثين فى تحصيل العوالى، وتمييز العالى من النازل، ونحو ذلك من فنونهم، وإنما هو من محدِّثى الفقهاء، وقد اختصر مع ذلك كتاب ابن الصلاح، وله فيه فوائد". وقال الذهبى عنه فى المعجم المختص: "الإمام المفتى، المحدِّث البارع، فقيه متفنن، مُحَدِّث متقن، مُفَسِّر نقَّاد، وله تصانيف مفيدة"، وذكره صاحب شذرات الذهب فقال: "كان كثير الاستحضار، قليل النسيان، جيد الفهم"، وقال ابن حبيب فيه: "زعيم أرباب التأويل، سمع وجمع وصنَّف، وأطرب الأسماع بالفتوى وشنَّف، وحدَّث وأفاد، وطارت أوراق فتاويه فى البلاد، واشتهر بالضبط والتحرير، وانتهت إليه رياسة العلم فى التاريخ والحديث والتفسير"، وقال فيه أحد تلاميذه ابن حجى: "أحفظ مَنْ أدركناه لمتون الحديث، وأعرفهم بجرحها ورجالها، وصحيحها وسقيمها، وكان أٌقرانه وشيوخه يعترفون له بذلك، وما أعرف أنى اجتمعتُ به على كثرة ترددى عليه إلا واستفدتُ منه". وعلى الجملة.. فعلم ابن كثير يتجلى بوضوح لمن يقرأ تفسيره أو تاريخه، وهما من خير ما ألَّف، وأجود ما أخرج الناس.
* *
* التعريف بهذا التفسير وطريقة مؤلفة فيه:

تفسير ابن كثير من أشهر ما دُوِّن فى التفسير المأثور، ويُعتبر فى هذه الناحية الكتاب الثانى بعد كتاب ابن جرير. اعتنى فيه مؤلفه بالرواية عن مفسِّرى السَلَف، ففسَّر فيه كلام الله تعالى بالأحاديث والآثار مسندة إلى أصحابها، مع الكلام عما يحتاج إليه جرحاً وتعديلاً. وقد طُبِع هذا التفسير مع معالم التفسير للبغوى، ثم طُبِع مستقلاً فى أربعة أجزاء كبار.

وقد قدَّم له مؤلفه بمقدمة طويلة هامة، تعرَّض فيها لكثير من الأُمور التى لها تعلق واتصال بالقرآن وتفسيره، ولكن أغلب هذه المقدمة مأخوذ بنصه من كلام شيخه ابن تيمية الذى ذكره فى مقدمته فى أصول التفسير.

ولقد قرأتُ فى هذا التفسير فوجدته يمتاز فى طرييقته بأنه يذكر الآية، ثم يُفسِّرها بعبارة سهلة موجزة، وإن أمكن توضيح الآية بآية أخرى ذكرها وقارن بين الآيتين حتى يتبين المعنى ويظهر المراد، وهو شديد العناية بهذا النوع من التفسير الذى يسمونه تفسير القرآن بالقرآن، وهذا الكتاب أكثر ما عُرِف من كتب التفسير سرداً للآيات المتناسبة فى المعنى الواحد.

ثم بعد أن يفرغ من هذا كله، يشرع فى سرد الأحاديث المرفوعة التى تتعلق بالآية، ويبين ما يُحتَج به وما لا يُحتَج به منها، ثم يردف هذا بأقوال الصحابة والتابعين ومَن يليهم من علماء السَلَف. ونجد ابن كثير يُرَجِّح بعض الأقوال على بعض، ويُضَعِّف بعض الروايات، ويُصحِّح بعضاً آخر منها، ويُعَدِّل بعض الرواة ويُجَرِّح بعضاً آخر. وهذا يرجع إلى ما كان عليه من المعرفة بفنون الحديث وأحوال الرجال.

وكثيراً ما نجد ابن كثير ينقل من تفسير ابن جرير، وابن أبى حاتم، وتفسير ابن عطية، وغيرهم ممن تقدَّمه.

ومما يمتاز به ابن كثير، أنه يُنَبِّه إلى ما فى التفسير المأثور من منكرات الإسرائيليات، ويُحَذِّر منها على وجه الإجمال تارة، وعلى وجه التعيين والبيان لبعض منكراتها تارة أخرى.

كما نلاحظ على ابن كثير أنه يدخل فى المناقشات الفقهية، ويذكر أقوال العلماء وأدلتهم عندما يشرح آية من آيات الأحكام.....
وهكذا يدخل ابن كثير فى خلافات الفقهاء، ويخوض فى مذاهبهم وأدلَّتهم كلما تكلَّم عن آية لها تعلق بالأحكام، ولكنه مع هذا مقتصد مُقِلٌ لا يُسرف كما أسرف غيره من فقهاء المفسِّرين.

وبالجملة.. فإن هذا التفسير من خير كتب التفسير بالمأثور، وقد شهد له بعض العلماء فقال السيوطى فى ذيل "تذكرة الحفَّاظ" والزرقانى فى "شرح المواهب": "إنه لم يُؤَلَّف على نمطه مثله". انتهي كلام حسين الذهبي


تتمة

وقال الشوكاني عن ابن كثير : "وله تصانيف مفيدة منها: " التفسير " المشهور، وهو
في مجلدات، وقد جمع فيه فأوعى، ونقل المذاهب والاخبار والاثار،
وتكلم بأحسن كلام وأنفسه، وهو من أحسن التفاسير، إن لم يكن أحسنها" .


وقال الشيخ أحمد شاكر : " وبعد فإن تفسير الحافظ ابن كثير أحسن التفاسير التي رأينا ، وأجودها وأدقها بعد تفسير إمام المفسيرين أبي جعفر الطبري" .


التعديل الأخير تم بواسطة مهدي بن صالح البجائي ; 21 Oct 2013 الساعة 07:10 PM
رد مع اقتباس