عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 14 Nov 2019, 06:55 PM
أم وحيد أم وحيد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2018
المشاركات: 365
افتراضي





وجوب العناية من العلماء والدعاة ببيان توحيد الألوهية

تبيّن مما تقدّم من نصوص الكتاب والسنّة أنّ توحيد العبادة هو حقّ الله على العباد، وأنّه للتّكليف به خُلق الجن والإنس، وأنَّ الرسل الكرام جميعاً دعوا أممهم إليه، وأنّ مَن استجاب لدعوة الرُّسُل فهو المؤمن السّعيد، وأنّ مَن أعرض عنها فهو الكافر الشّقيّ الطّريد، وأنّه أعظم مأمور به، وأنّ ضدّه الشِّـرْك أعظم منهي عنه، وأنّ أوّل أمر في القرآن الأمر بعبادة الله، وأوّل نهي فيه النهي عن اتخاذ الأنداد له، وأنّه أوّل شيء دعا إليه الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنّه أوّل شيء يبدأ به الدعاة إلى الله، وأنّ به بَدْء الحياة السعيدة وختمها، وأنّ الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ختم حياته بالتّحذير من الإخلال به والوقوع في الوسائل المفضية إلى الشرك، وأنّ الثّواب على التّوحيد أعظم ثواب، وأنّ العقوبة على الشرك أعظم عقاب، وأنّ منتهى السّفَه وأعظم الإجرام أن يعبد المخلوق مخلوقاً مثله ويجعله شريكاً للخالق، وأنّ أسوأ الذرائع المفضية إلى المحرَّمات الوسائل المؤدية إلى الشرك، وهذا كلّه يبيّن الأهميّة البالغة لهذا النوع من التّوحيد، وأنّ الواجب على العلماء والدّعاة إلى الله عز وجل أن يُعنوا ببيانه غاية العناية ويهتموا به غاية الاهتمام، ليقوموا بأداء ما أوجبه الله عليهم من البيان ويَسلموا من مغبة الكتمان، فيبذلوا للعباد أعظم النّصح وينفعوهم بأعظم النفع، وقد قال الله عز وجل: ﴿وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ﴾ [آل عمران: 187]، وقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾[البقرة: 159 ـ 160].

وإنَّ المسؤولية العظيمة والتّبِعة الجسيمة تقع على وجه أشدّ وأعظم على العلماء والدّعاة في البلاد الإسلامية، التي ابتلي أهلها بـتعظيم القبور والافتتان بها والبناء عليها واتخاذها مساجد، لأنّ هذه الأعمال من أعظم الوسائل المؤدية إلى الشرك الذي هو دعاء أصحاب القبور والاستغاثة بهم وسؤالهم قضاء الحاجات وكشف الكربات، وهذا من صرف حق الله إلى غير الله، وقد قال الله عز وجل: ﴿أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ﴾ [النمل: 62]، وقال: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾ [الجن: 18].

فواجب الجميع الإيضاح والبيان لتوحيد العبادة والتحذير من الشرك والوسائل المؤدية إليه، وقد قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: «مَن رأى منكم منكراً فليغيّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه (177).

ولا يجوز التّشاغل عن بيان توحيد الألوهية والدعوة إليه والتّحذير من الشرك ووسائله بتقرير توحيد الرّبوبية، لأنّ هذا النّوع من التوحيد قد أقرَّ به الكفار الذين بُعث فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يدخلهم في الإسلام، وإنّما أنكروا توحيد الألوهية، فقالوا: ﴿أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ﴾، فتُبيَّن أنواع التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات، وتكون العناية أشد وأعظم ببيان توحيد الألوهية والتحذير من ضدّه وهو الشِّـرْك بالله، وهو وظيفة الرّسل ومن سار على نهجهم، فلا يجوز لمَن رزقه الله علماً وفهماً أن يسكت على ما يراه في بلاده من الافتتان بالقبور والتمسح بها أو العكوف عندها أو الطواف بها أو دعاء أهلها والاستغاثة بهم، بل الواجب عليه أن يُبيِّن لهم توحيد الألوهية ويحذّرهم من الشِّـرْك ووسائله، وبذلك يكون هادياً مهدياً مستفيداً مفيداً، يظفر بثواب أعماله الصالحة وبمثل أجور كلّ من اهتدى بسبب دعوته وتوجيهه، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن دعا إلى هُدى كان له من الأجر مثل أجور مَن تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومَن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام مَن تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا» رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه (6804).

وأسأل الله عز وجل أن يوفّق العلماء في كل مكان للقيام بما أوجبه الله عليهم من النّصح والبيان، وأن يوفّق المدعوين للاستفادة من نصح الناصحين والأخذ بما فيه سعادتهم في الدنيا والآخرة، إنّه سميع مجيب، وصلّى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

* من مجلة الإصلاح العدد الأول

المصدر








الصور المرفقة
نوع الملف: jpg فاعبده واصطبر لعبادته.jpg‏ (56.0 كيلوبايت, المشاهدات 6120)
نوع الملف: png عِظَم التوحيد.png‏ (555.1 كيلوبايت, المشاهدات 3812)
نوع الملف: png سبب ذل المسلمين.png‏ (542.3 كيلوبايت, المشاهدات 4397)
نوع الملف: png علمي طفلك التوحيد.PNG‏ (450.2 كيلوبايت, المشاهدات 3719)
رد مع اقتباس