عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 18 Mar 2018, 04:02 PM
محمد عبد العزيز موصلي محمد عبد العزيز موصلي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
الدولة: القبة - الجزائر العاصمة
المشاركات: 43
إرسال رسالة عبر MSN إلى محمد عبد العزيز موصلي
افتراضي تتميم لما تفضل به الأخ الكريم

بارك الله فيك أخي يوسف على هذا الموضوع المتعلق بأشرف العلوم وهو علم التوحيد، وأشرف معلوم وهو العلم بأسماء الله عز وجل وصفاته.

في الحقيقة، لما قرأتُ الموضوع أشكل علي المراد بالأسماء الخمسة التي ذكرها ابن القيم رحمه الله؟ لأني احتسبتها فوجدتها تسعة!

فرجعتُ للكتاب، فإذا بالعنوان هو من وضع المعتني بالكتاب! ولا بأس بما أنه وضعه بين قوسين! ولكن لو قال: "فصل: (في دلالة الأسماء الخمسة على الأسماء والصفات)" لكان أنسب لكلام ابن القيم رحمه الله.

والمقصود بالأسماء الخمسة هو الأسماء الحسنى المذكورة في سورة الفاتحة (الله، الرحمن، الرحيم، الرب، الملك)، ودلالتها على الأسماء والصفات جعله في أصلين، وما ذكره أخونا الكريم هو الأصل الثاني.

قال ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين (ج1 ص218-235 بتحقيق: ناصر السعوي):

فصل

في اشتمال هذه السورة على أنواع التوحيد الثلاثة التي اتفقت عليها الرسل -صلوات الله وسلامه عليهم-.
التوحيد نوعان: نوع في العلم والاعتقاد، ونوع في الإرادة والقصد، ويسمى الأول: التوحيد العلمي، والثاني: التوحيد القصدي الإرادي، لتعلق الأول بالأخبار والمعرفة، والثاني بالقصد والإرادة.
وهذا الثاني أيضا نوعان: توحيد في الربوبية، وتوحيد في الإلهية، فهذه ثلاثة أنواع.
فأما توحيد العلم: فمداره على إثبات صفات الكمال، وعلى نفي التشبيه والمثال، والتنزيه عن العيوب والنقائص، وقد دل على هذا شيئان: مجمل، ومفصل.
فأما المجمل: فإثبات الحمد له سبحانه، وأما المفصل: فذكر صفة الإلهية والربوبية، والرحمة والملك، وعلى هذه الأربعة مدار الأسماء والصفات".

ثم قال:

"فهذا دلالة على توحيد الأسماء والصفات.
وأما دلالة الأسماء الخمسة عليها، وهي " الله، والرب، والرحمن، والرحيم، والملك " فمبني على أصلين:
أحدهما: أن أسماء الرب تبارك وتعالى دالة على صفات كماله، فهي مشتقة من الصفات، فهي أسماء، وهي أوصاف، وبذلك كانت حسنى، إذ لو كانت ألفاظا لا معاني فيها لم تكن حسنى.."

ثم قال:

"الأصل الثاني: أن الاسم من أسمائه تبارك وتعالى كما يدل على الذات والصفة التي اشتق منها بالمطابقة، فإنه يدل عليه دلالتين أخريين بالتضمن واللزوم، فيدل على الصفة بمفردها بالتضمن، وكذلك على الذات المجردة عن الصفة، ويدل على الصفة الأخرى باللزوم، فإن اسم السميع يدل على ذات الرب وسمعه بالمطابقة، وعلى الذات وحدها، والسمع وحده بالتضمن، ويدل على اسم الحي وصفة الحياة بالالتزام، وكذلك سائر أسمائه وصفاته، ولكن يتفاوت الناس في معرفة اللزوم وعدمه، ومن هاهنا يقع اختلافهم في كثير من الأسماء والصفات والأحكام، فإن من علم أن الفعل الاختياري لازم للحياة، وأن السمع والبصر لازم للحياة الكاملة، وأن سائر الكمال من لوازم الحياة الكاملة أثبت من أسماء الرب وصفاته وأفعاله ما ينكره من لم يعرف لزوم ذلك، ولا عرف حقيقة الحياة ولوازمها، وكذلك سائر صفاته.
فإن اسم العظيم له لوازم ينكرها من لم يعرف عظمة الله ولوازمها.
وكذلك اسم العلي، واسم الحكيم وسائر أسمائه، فإن من لوازم اسم العلي العلو المطلق بكل اعتبار، فله العلو المطلق من جميع الوجوه: علو القدر، وعلو القهر، وعلو الذات، فمن جحد علو الذات فقد جحد لوازم اسمه العلي.
وكذلك اسمه الظاهر من لوازمه: أن لا يكون فوقه شيء، كما في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم " «وأنت الظاهر فليس فوقك شيء» بل هو سبحانه فوق كل شيء، فمن جحد فوقيته سبحانه فقد جحد لوازم اسمه الظاهر، ولا يصح أن يكون الظاهر هو من له فوقية القدر فقط، كما يقال: الذهب فوق الفضة، والجوهر فوق الزجاج; لأن هذه الفوقية لا تتعلق بالظهور، بل قد يكون المَفُوق أظهر من الفائق فيها، ولا يصح أن يكون ظهور القهر والغلبة فقط، وإن كان سبحانه ظاهرا بالقهر والغلبة، لمقابلة الاسم بـ " الباطن " وهو الذي ليس دونه شيء، كما قابل الأول الذي ليس قبله شيء، بـ " الآخر " الذي ليس بعده شيء.
كذلك اسم " الحكيم " من لوازمه ثبوت الغايات المحمودة المقصودة له بأفعاله، ووضعه الأشياء في موضعها، وإيقاعها على أحسن الوجوه، فإنكار ذلك إنكار لهذا الاسم ولوازمه، وكذلك سائر أسمائه الحسنى".

رد مع اقتباس