عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 18 May 2019, 12:52 PM
أبو حـــاتم البُلَيْـــدِي أبو حـــاتم البُلَيْـــدِي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
المشاركات: 128
افتراضي «وَهَـذَا أَصـلُ شِـركِ العَـالَـم!» نَقْدٌ لِلدُّكتُور فَرْكُوس فِي تَعْرِيفِهِ أَصْلَ الشِّرك

«وَهَـذَا أَصـلُ شِـركِ العَـالَـم!»

نَقْدٌ لِلدُّكتُور فَرْكُوس فِي تَعْرِيفِهِ أَصْلَ الشِّرك



بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم

لم تعد غريبة على السلفيين خرجات جماعة فركوس في محاولة تبرير أخطاء مشايخهم بالتنقيب عن كلام لأحد أهل العلم يشبه كلام مشايخهم، فهذه عادة أهل الأهواء ممن سبقهم، فقد كان أتباع العيد شريفي دائما يسيرون بهذه الطريقة مع أخطاء العيد.

وسنقف في هذا المقال مع كلام خطير وتأصيل فاسد للدكتور فركوس -في كلمته الشهرية الأخيرة- خالف فيه أصل معتقد أهل السنة في مسألة عظيمة، حيث قال: "هذه التَّشريعاتُ الوضعيَّة التي يحكمون بها ويتحاكم المسلمون إليها ويرضَوْن بحكمها فهي ـ بلا شكٍّ ـ مُنازعةٌ لله في حقِّ الأمر والنَّهي والتَّشريع بغير سلطانٍ مِنَ الله، ومُخالَفةٌ صريحةٌ لجوهر التَّوحيد، وتمرُّدٌ على حقيقة الإسلام التي تُوجِبُ على عباد اللهِ القَبولَ والانقيادَ والاستسلام لدِين الله تعالى". [(الكلمة الشهرية: 137)]، وهذا الكلام يَنُمُّ عن أن الدكتور يقرر أصلا خطيرا يتوافق تماما مع عقيدة سيد قطب في تفسير حقيقة التوحيد.
ولا ينفع الدكتور فركوس محاولته -أو محاولة أتباعه- تسفيه عقول أناس أصبحوا يُسَلِّمُونَ لكلامه كأنه كَلامُ مَعصُومٍ، حيث قال قائلهم -مبررا خطأ الدكتور فركوس-: "فرق بين أن تقول (إن قضية الحاكمية هي جوهر التوحيد)، وأن تقول (التشريعات الوضعية مخالفة لجوهر التوحيد)"، فإذا كان الدكتور يرى أن هذا يسعفه ويرضي أتباعه فليجد مخرجا لقوله الشنيع الواضح في هذه المسألة حيث قال: "لا يخفى أنَّ أساس أنواع الشرك وأخطرَها: التشريعُ من دون الله". [(الكلمة الشهرية: 33)]، وهذا كلام صريح لا مجال للتلاعب فيه أو محاولة إيجاد مخرج له.
وما يؤكد فساد مذهب الدكتور فركوس في هذا الباب أنه أطلق الغاية من إنزال القرآن على التحكيم فقط حيث قال: "الغاية -إذن- من تنزيل الكتاب هو إقامة حكمه والعمل بشريعته" [(تحفة الأنيس:72)]، وهذا الكلام -في مقام التقرير والتأصيل- فيه تقصير سيء في بيان معاني التنزيل، فإن الله عز وجل أنزل القرآن لحكم وأهداف كثيرة منها قوله تعالى: ( قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ) [النحل: 102]، ومنها قوله تعالى: ( طه مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى ) [طه: 1- 3]، ومنها قوله تعالى: ( وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا ) [طه: 113]، ومنها التحاكم إلى كتاب الله، وأما الغاية الأولى والقصد من إنزال القرآن وإرسال النبي صلى الله عليه وسلم فهي تحقيق عبودية الله وحده لا شريك له، قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله: "قَوْلُهُ تَعَالَى: ( أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ )، هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ فِيهَا الدَّلَالَةُ الْوَاضِحَةُ عَلَى أَنَّ الْحِكْمَةَ الْعُظْمَى الَّتِي أُنْزِلَ الْقُرْآنُ مِنْ أَجْلِهَا: هِيَ أَنْ يُعْبَدَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا وَحْدَهُ، وَلَا يُشْرَكَ بِهِ فِي عِبَادَتِهِ شَيْءٌ، لِأَنَّ قَوْلَهُ جَلَّ وَعَلَا: ( كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ ) الآية- صَرِيحٌ فِي أَنَّ آيَاتِ هَذَا الْكِتَابِ فُصِّلَتْ مِنْ عِنْدِ الْحَكِيمِ الْخَبِيرِ لِأَجْلِ أَنْ يُعْبَدَ اللَّهُ وَحْدَهُ" [(أضواء البيان:3 /6)]، وقال الله تعالى: ( أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ * يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ ) [النحل: 1-2]، وقال تعالى: ( قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) [الأنبياء :108].

وعليه فإن الناظر في كلام الدكتور فركوس يخلص بنتيجة مفادها أمران:
الأول: أن أصل شرك العالم هو التشريع من دون الله.
الثاني: أن الرسالات السماوية جاءت لتعالج قضية التحاكم.
وهذا الكلام من الدكتور فركوس وافق فيه خوارج العصر -سيد قطب وسفر الحوالي وحسن الترابي ومن على شاكلتهم-، فهم من جعلوا أساس الشرك التحاكم إلى غير الله، بل كأن الدكتور فركوس عصر فكر سيد قطب ولخصه في هذه العبارة "أساس أنواع الشرك وأخطره التشريع من دون الله" فهي تليق بأن تكون الفكرة العامة لكتاب [(معالم في الطريق)] لسيد قطب!، هذا الكتاب الذي قال فيه: "ينبغي أن يكون مفهوماً لأصحاب الدعوة الإسلامية أنهم حين يدعون الناس لإعادة إنشاء هذا الدين، يجب أن يدعوهم أولاً إلى اعتناق العقيدة -حتى لو كانوا يدعون أنفسهم مسلمين، وتشهد لهم شهادات الميلاد بأنهم مسلمون!- يجب أن يعلموهم أن الإسلام هو «أولا» إقرار عقيدة «لا إله إلا الله» بعدلها الحقيقي، وهو رد الحاكمية لله في أمرهم كله، وطرد المعتدين على سلطان الله بادعاء هذا الحق لأنفسهم، إقرارها في ضمائرهم وشعائرهم، وإقرارها في أوضاعهم وواقعهم..
ولتكن هذه القضية هي أساس دعوة الناس إلى الإسلام، كانت هي أساس دعوتهم إلى الإسلام أول مرة
" [(معالم في الطريق: 35)].

ولا يغني ما نشره الدكتور فركوس -قبل ثلاث عشرة سنة من الآن- في موقعه من انتقاده لتفسير سيد قطب «لا إله إلى الله» بالحاكمية، لأنه عاد الآن ووافقه في أن الحاكمية هي أساس التوحيد، والشرك فيها هو أساس الشرك.

أما علماء الإسلام وأئمة التوحيد فإن كلمتهم مجمعة على أن أخطر أنواع الشرك هو شرك العبادة، وفي ذلك يقول شيخ الإسلام الإمام ابن القيم رحمه الله: "وَمِنْ أَنْوَاعِهِ -يَقْصِدُ الشِّرْكَ- طَلَبُ الْحَوَائِجِ مِنَ الْمَوْتَى، وَالِاسْتِغَاثَةُ بِهِمْ، وَالتَّوَجُّهُ إِلَيْهِمْ. وَهَذَا أَصْلُ شِرْكِ الْعَالَمِ". [(مَدَارِجُ السَّالِكِين: 1/ 353)].

وهذا إمام الدعوة المجدد محمد بن عبد الوهاب في كتابه العظيم كتاب التوحيد -الذي يعتبر أفضل كتاب أفرد قي معالجة قضية التوحيد والشرك- عقد سبعة وستين بابا، باب واحد منها عالج قضية التحاكم لغير الله، فلو كان "أساس أنواع الشرك وأخطرها: التشريع من دون الله" -كما ذكر الدكتور فركوس- لما فات ذلك أئمة دعوة التوحيد.
بل قد حكم أئمة الدعوة بالجهل وسوء التربية على من جعل التشريع من دون الله أساس الشرك وأخطر أنواعه.
والذي يظهر -والله أعلم- أن الدكتور فركوس تولد عنده هذا المفهوم الخاطئ إثر تعلقه ببعض كلام أهل العلم والذي لا يعنون به ما قرره الدكتور، حيث قال في [(تحفة الأنيس:77)]: "ولا فرق بين الشرك بالله في حكمه والشرك به في عبادته"، ثم ساق كلاما للشنقيطي في موضعين من [(أضواء البيان: 7 /162 - 4 /83)]، وعند النظر في كلام الشيخ الشنقيطي -رحمه الله- يظهر جليا أنه لم يكن يريد بكلامه التسوية بين الشرك في العبادة والشرك في التحاكم، وإنما أراد بيان أن التحاكم إلى غير شرع الله نوع من أنواع الشرك، يبينه قوله رحمه الله فيمن أشرك في التشريع: "من كان يفعل هذا هو ومن كان يعبد الصنم ويسجد للوثن لا فرق بينهما ألبتة بوجه من الوجوه، فهما واحد، كلاهما مشرك بالله، هذا أشرك به في عبادته، وهذا أشرك به في حكمه، كلاهما سواء". [(العذب النمير: 5/ 2268)]، وهذا الكلام لا يختلف فيه اثنان، فإن الشرك الأكبر سواء أكان في الحكم أو في العبادة يُعدُّ فعلا يُخرج صاحبه من دائرة الإيمان إلى دائرة الكفر، ومع ذلك فليس في كلام الشيخ الشنقيطي -رحمه الله- أدنى إشارة إلى ما قرره الدكتور فركوس من "أن أصل الشرك هو التشريع من دون الله"، بل الشيخ الشنقيطي على قول علماء أهل السنة في أن أساس التوحيد هو عبادة الله وأساس الشرك هو عبادة غير الله، قال رحمه الله عند كلامه عن قوله تعالى في سورة الأنبياء (قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ): "وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي كِتَابِنَا «دَفْعُ إِيهَامِ الِاضْطِرَابِ عَنْ آيَاتِ الْكِتَابِ» أَنَّ حَصْرَ الْوَحْيِ -فِي آيَةِ الْأَنْبِيَاءِ هَذِهِ- فِي تَوْحِيدِ الْعِبَادَةِ حَصْرٌ لَهُ فِي أَصْلِهِ الْأَعْظَمِ الَّذِي يَرْجِعُ إِلَيْهِ جَمِيعُ الْفُرُوعِ، لِأَنَّ شَرَائِعَ الْأَنْبِيَاءِ كُلِّهِمْ دَاخِلَةٌ فِي ضِمْنِ مَعْنَى «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» لِأَنَّ مَعْنَاهَا خَلْعُ جَمِيعِ الْمَعْبُودَاتِ غَيْرِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْعِبَادَاتِ، وَإِفْرَادِهِ جَلَّ وَعَلَا وَحْدَهُ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِ الْعِبَادَاتِ، فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ جَمِيعُ الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي الْقَوْلِيَّةِ، وَالْفِعْلِيَّةِ، وَالِاعْتِقَادِيَّةِ" [(أضواء البيان: 3/ 6-7)]، فاجتمعت كلمة أهل السنة واستقرت على ذلك لأن الشرك في العبادة هو أساس الشرك وأخطره وأكثره وقوعا وفيه وقعت الخصومة بين الأنبياء وأقوامهم ولأجل إنكاره أنزلت الكتب وأرسلت الرسل قال الله تعالى: ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ) [الأنبياء: 25]، فكل شرك وقع فإن أصله هو عبادة غير الله، ولا يُقبل من أيّ داعية أن يجعل أساس دعوته غيرَ الدعوة إلى عبادة الله وحده لا شريك، فإن هذا الأساس هو الذي تنبني عليه قواعد الأمة الإسلامية في تحكيم شريعة الله في جميع شؤونهم الاجتماعية والتعاملات المالية والسياسات الشرعية وغيرها.

قال شيخنا العلامة ربيع المدخلي -حفظه الله- عن سيد قطب: "فترى الرجل يضطرب ويتناقض في هذا الموضع، ولكنه ينتهي إلى تقرير أن الشرك ‎الحقيقي و‎الأساسي إنما يتمثل في ‎الحاكمية لا في الاعتقاد، وهذه هي القاعدة ‎الخطيرة التي ينطلق منها اليوم كثير -ممن يسمون بالدعاة إلى الإسلام- في الضياع" [(سيد قطب مصدر تكفير المجتمعات الإسلامية: 11)]، وقال حفظه الله: "المتأمل لكلام هذا الرجل يجد فيه أنه لم يفهم معنى لا إله إلا الله حق الفهم، ولم يفهم ما ينافيها من الشرك والضلال، وأنه غلا غلواً في الحاكمية، إذ جعلها أخص خصائص الألوهية، ثم كفر بها المجتمعات الإسلامية ظلماً ومجازفة كبيرة" [(انقضاض الشهب السلفية" 21)]، وقال حفظه الله: "والآن لما أشاد هؤلاء بالحاكمية، جعلوا الحاكمية هي المعنى الأساسي لـ لا إليه إلا الله»، والمعنى الأساسي لدعوة الأنبياء، وهذا كذب على الله تعالى، وتحريف خبيث لا يُعرف له نظير" [(الإجابات الجلية عن القضايا المنهجية:19)].

وقال الشيخ العلامة صالح الفوزان:
(يُوحَى إِلَيَّ) من الله -سبحانه وتعالى- بواسطة جبريل -عليه السلام- كغيري من الرسل، فكل ما جاء به من الشرع وحي من الله.
(أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ) يعني: معبودكم بحق. فالإله معناه: المعبود.
والمعبود بحق هو الله وحده، وما سواه فهو معبود بالباطل كما قال تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ)، فهذا فيه: أن زبْدة رسالة الرسول وأصل دين الرسول والذي جاء به وبدأ به هو: التّوحيد والإنذار عن الشرك، وكلُّ الرسل كذلك أول ما يبدؤون بالدعوة إلى التّوحيد وإنكار الشرك. وهذا فيه ردٌّ على الذين يقولون في هذا الزمان: إن الرسل جاءوا لتحقيق الحاكمية في الأرض، وهذا كلام محدَث باطل، فالرسل جاءوا لتحقيق العبودية بجميع أنواعها لله عزّ وجلّ.
كما قال تعالى: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) وقال تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا) وقال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ)، هذا هو الذي جاءتْ به الرسل، ويدخل فيه بقية أوامر الدين ومنها الحاكمية، أما أن تُجعل هي الأصل فهذا باطل، وهذا معناه: إهمال التّوحيد وعدم الاهتمام بأمر الشرك وعدم الالتفات إليه، وأن الرسل جاءوا لطلب الحكمة والرئاسة" [(إعانة المستفيد: 2/ 91 - نسخة مفرغة)].

وفي الختام هذه نصيحة من الشيخ العلامة الألباني -رحمه الله- إلى من يهتمون بالحاكمية على أنها أساس الدعوة، قال:
"ماذا فعل هؤلاء الذين أحدثوا بدعة الحاكمية؟!
تركوا هؤلاء الجماهير في ضلالهم يعمهون، واهتموا بحاكم واحد، خمسة، عشرة، عشرين، يكون مائة، يكون مائة!.
تركتم الملايين في ضلالهم يعمهون، ما عدتم تهتمون بهم، وهم الذين يذكرون الحديث الضعيف رواية والصحيح معنى "من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم"، هم يذكرون هذا الحديث، أين الاهتمام بأمر المسلمين ؟، يهتمون بأفراد قليلين نحن نقول أنهم من المسلمين أما حسابهم عند رب العالمين .
فهذه الكلمة -إذن- خطرة جدا، لأنها صرفت -ليس هؤلاء الدعاة فقط الذين كانوا من قبل على الصراط المستقيم كما ذكرنا آنفا- بل وجرفوا معهم جماهير من الشباب المسلم الذين كانوا سالكين الطريق المستقيم أو كانوا -على الأقل- على وشك السلوك في هذا الطريق المستقيم، وإذا بهم يَدَعون هؤلاء الذين كانوا على وشك أن يسيروا معهم في الصراط المستقيم لكنهم زادوا ضلالا وانحرافا أنهم جروا أيضا أولئك الذين كانوا سالكين معهم ليس الذين كانوا على وشك السلوك بل أولئك الذين كانوا سالكين معهم، فأصبحوا لا يهتمون بمعرفة الأحكام الشرعية بأدلتها الشرعية أيضا فضلا أن يهتموا بأن يدعوا من حواليهم ممن لا يسمعون الدعوة من النساء والعجائز ونحو ذلك، وأصبحوا في واد والصراط المستقيم في واد". [(شريط: لقاء مع شباب صباح السالم من الكويت)].

فليحذر الدكتور فركوس من أن يجر الشباب إلى تنكب الصراط المستقيم وتبني عقيدة سيد قطب المنحرفة عن الحق.

هذا، وقد تجنبت التطرق لكلام ابن القيم -رحمه الله- في [(إعلام الموقعين)] حول "خطورة القول على الله بغير علم"، وذلك أنه لا يُظن بمن وُصف "علامة المغرب الإسلامي" أن يختلط لديه الفهم في هذا الباب، وعليه فإن الدكتور يقرر كلام سيد قطب لا كلام غيره ممن هم أهل علم -بحق- وحاشاهم!.

وندعو الدكتور فركوس -الذي يزعم أنه يتكلم باسم المنهج السلفي- إلى البراءة من هذا المعتقد الفاسد الذي يخالف معتقد أهل السنة في أصل من الأصول، وهو أمر خطير على الأمة في دينها، ومنه انطلقت جماعات التكفير في حربها على المسلمين.

والله الهادي إلى سواء السبيل، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.


أبو حـــاتم البُلَيْـــدِي
13 رمضان 1440 هـ


التعديل الأخير تم بواسطة أبو حـــاتم البُلَيْـــدِي ; 18 May 2019 الساعة 07:38 PM
رد مع اقتباس