عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 23 Jan 2010, 09:43 AM
رائد علي أبو الكاس رائد علي أبو الكاس غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2007
الدولة: فلسطين
المشاركات: 90
افتراضي مـا كـلُّ الـرؤوس تـسـتـحـق الـتـّـيـجـان

بسم الله الرحمن الرحيم

مـا كـلُّ الـرؤوس تـسـتـحـق الـتـّـيـجـان

الحمد لله رب العالمين , و الصلاة و السلام على نبينا محمد , و على آله و صحبه أجمعين .
مِن المعلوم لطالب العلم أن الخير و السعادة ,والاطمئنان و الأمان مِن الفتن و المعاصي , مرتبط بوجود العلماء , فإذا ذهبتْ هذه الرؤوس , كثُر الجهل , و كثُرت الفتن , و اتّخذ الناس رؤوساً جُهالاً فضلّوا و أضلّوا , كما بيَّن ذلك النبي-صلى الله عليه و سلم - :" إنّ الله لا يقبض العلم انتزاعاً مِن العباد , و لكن يقبض العلم بقبض العلماء , حتى إذا لم يبقَ عالما ً, اتخذ الناسُ رؤوساً جهالاً , فسُئلوا , فأفتوا بغير علم , فضلّوا و أضلّوا "
( رواه البخاري )
فهذه الرؤوس التي شرّفها الله – عزّ و جلّ – بالعلم و التقوى , و الورع و العمل , و بحب السنة و أهلها , و حفظها , و تمييز صحيحها مِن سقيمها , و الدفاع عنها و عن أهلها , و الدعوة إليها , و يوالون و يعادون عليها فهؤلاء هم العلماء الربانيون الذين يستحقون التيجان .
أما أهل الأهواء و الحزبيات و الجمعيات و المؤسسات الذين جعلوا الدين مرتبطاً بالأشخاص , يوالون
و يعادون عليهم , و أهل الآراء و أهل فقه الواقع , الذين أشغلوا أنفسهم في سماع الأخبار السياسية و التحليلات العقلية , فكيف نأمن على أنفسنا و شبابنا من هذه الرؤوس .
و للأسف الشديد بعض حدثاء الأسنان مِن طلبة العلم المبتدئين , اغترّوا بأصحاب هذه الرؤوس , فوقعوا في الجهل و الانحراف , و هذا مسلك خطير جداً , فهو مسلك أهل الأهواء و البدع , الذين وقعوا في أهل الأثر , فبعضهم يصفهم بأنهم متزلّفون , و بعضهم بأنهم مرجفون مفرِّقون , و بعضهم بأنهم لا يفقهون الواقع , و بعضهم بأنهم علماء سلطة , و بعضهم بأنهم يحرّمون الجهاد , إلى غير ذلك مِن الألقاب و الأوصاف السيئة .
و العلماء بريئون مِن هذه المعايب , فهل هذه الرؤوس تستحق التيجان ؟ لا و الله , يا مَنْ رفعتم مِن شأنهم , و سلكتم مسلكهم , و حذّرتم الشباب مِن الالتفاف حول علمائهم لأخذ العلم النافع عنهم .
و لله الحمد , هذه الرؤوس أصحابها هم ورثة الأنبياء , الذين بيّنوا للناس دينهم , و دافعوا عن السنة و أهلها , و هم العالمون بالشريعة الإسلامية , المتبعون للسنة , و قاموا بواجبهم مِن توضيح العقيدة الصحيحة , و الرد على أهل الأهواء و البدع و الانحراف , فحفظ الله دينه بهم , بعد موت النبي – صلى الله عليه و سلم – و هم الذين وقفوا بالمرصاد الشرعي لكل الفرق و الأحزاب و الطوائف التي خالفت و حادت عن منهج السلف , فاستحقوا المدح و الثناء مِن رسول الله – صلى الله عليه و سلم – فقال :" لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرُّهم مَنْ خذلهم و لا مَنْ خالفهم حتى تقوم الساعة "
( رواه مسلم )
و هم الذين حرصوا على الألفة و المحبة , و المودة , تحقيقاً لقوله تعالى :" و اعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا " فالمسلم لا يستغني عن أصحاب هذه الرؤوس الذين ساروا على منهج نبيهم – صلى الله عليه و سلم – و صحابته الكرام , و أئمة الهدى إلى يوم القيامة , فالدين كامل متكامل , لا نحتاج إلى آراء و أفكار رؤوس أهل الجهل و الانحراف مِنْ أي جهة كانت , و لا مِنِ أي جماعة مِنْ الجماعات , فهذا كتاب الله و سنة رسوله – صلى الله عليه و سلم – و فقه سلفنا الصالح , عقيدةً و منهجاً, و عبادةً و سلوكاً, و أخلاقاً و آداباً , و جهاداً و دعوةً , و هذا هو منهج الفرقة الناجية و الطائفة المنصورة مِنْ أهل الحديث و الأثر , فهم أهل الاستقامة , و هم أهل الحق و الدين .
فما هو موقفنا نحن طلاب العلم السلفيين من أصحاب هذه الرؤوس التي تستحق التيجان بحق ؟
قال شيخنا ربيع المدخلي – حفظه الله - : " فانتبهوا أيها الشباب و اعتصموا بحبل الله جميعاً كما أمركم الله , و إيّاكم و التفرّق , فاقطعوا دابر هذا التفرّق و استأصلوا شأفة كلّ أسبابه , سواء كان هوىً أو تعصباً أو أي شيء , و عليكم أيها الأخوة بذلك , فإنّا نرى كثيراً مِن الشباب لا يتورّعون مِن الكذب , و لا مِن تمزيق أعراض الدعاة السلفيين أهل الحق , لا دعاة التحزب و الباطل , يمزقون أعراضهم و يشوهونهم بالأكاذيب و بالافتراءات "
(التمسك بالمنهج السلفي ص12 , 13 )

فهذه الحقوق من أقلّ حقوقهم علينا , بل حقوقهم أعظم مِن ذلك بكثير.
قال الإمام الطحاوي – رحمه الله :" و علماء السلف مِن السابقين , و مَنْ بعدهم مِن التابعين – أهل الخير و الأثر , و أهل الفقه و النظر- لا يُذكرون إلا بالجميل , و مَن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل "
( شرح العقيدة الطحاوية ص 422 )
و محبة الرجل لعلماء أهل السنة معياراً يحكم به على صحة معتقده و سلامة منهجه , و نحن بذلك ندين , فمِن علمائنا الذين يستحقون التيجان في هذا العصر – على سبيل المثال لا الحصر- الشيخ عبد العزيز بن باز , و الشيخ الألباني , و الشيخ ابن عثيمين ,و الشيخ بكر أبو زيد, و الشيخ حمود التويجري , و الشيخ عبد العزيز آل الشيخ , و الشيخ صالح الفوزان , و الشيخ صالح الأطرم , و الشيخ عبد الله الغديّان , والشيخ عبد الرزاق عفيفي , و الشيخ محمد بن عبد الوهاب البنا , و الشيخ صالح آل الشيخ , و الشيخ عبد المحسن العباد , و الشيخ حماد الأنصاري , و الشيخ ربيع المدخلي , و الشيخ محمد أمان الجامي , و الشيخ مقبل الوادعي , و الشيخ أحمد النجمي , و الشيخ زيد المدخلي , و الشيخ عبيد الجابري , و الشيخ صالح السحيمي , و الشيخ إبراهيم الرحيلي , و الشيخ محمد المدخلي , و طلابهم الذين مازالوا على المنهج السلفي الحق , و غيرهم من أهل العلم أمثالهم , فرحم الله الأموات منهم , و حفظ الإحياء منهم , فهذه الطائفة المنصورة , و الفرقة الناجية مِن أهل الحديث و الأثر و هي التي تستحق التيجان .

فيا طالب العلم السلفي : اغتنم نعمة العلم و العلماء , و ادعُ إلى الكتاب و السنة على منهج الأنبياء و الرسل , حتى يكون لك ألفة و محبة بين الناس , و قم بواجب الدعوة إلى الله تعالى , حتى يكون لك طلبة يقومون مقامك إنْ حدثَ بك حدثٌ , مِن سفر أو مرض أو عجز أو موت , و يحملون هذه الرسالة العلمية و الدعوية مِن بعدك على بصيرة و نية حسنة لعلك تكون مِن حملة هذه التيجان , و ليس على الله ببعيد , و لا تلتفت إلى أصحاب الرؤوس التي إنْ لم تستحق القطع , فهي تستحق الضرب بالنعال و الجريد , الذين أفسدوا على الناس دينهم ,و بثّوا سمومهم بين أوساط الشباب , بنشر أفكارهم المنحرفة و مناهجهم البدعية , المخالفة لدين الله مِن التفريق و التمزيق , و لا يريدون لهذه الدعوة الاستمرارية و النجاح .
قال شيخنا ربيع المدخلي – حفظه الله - :" فأهل الباطل لا يمكن أنْ تقرّ أعينُهم , يريدون لها الشرور ,يريدون لها التفرق , يريدون لها أنْ تُمزّق , لأنّ أهل البدع يخافون مِن المنهج السلفي , و يعرفون أنّ الحق متمثل فيه "
( التمسك بالمنهج السلفي ص 15)
فيا طالب العلم : حافظ على سلفيتك بحبك لإخوانك , و كنْ عوناً لهم على طاعة الله – عز و جل – و إيّاك مسالك شياطين الإنس و الجن مِن التفرّق و التحزّب و التطاول على العلماء , و كن رحيماً بهم , مطيعاً لهم فيما وافق الحق , و اعلم :أنّ الخير كلّ الخير في مسلكهم و منهجهم السلفي , فنحن غرباء في هذا الزمان , لابدّ و أنْ نشدّ أزر بعضنا بعضاً , و إلاّ تفرقنا كما تفرقت الأحزاب و الملل "
قال الحسن البصري – رحمه الله - :" يا أهل السنة ترفّقوا – رحمكم الله – فإنّكم مِن أقل الناس"
( كشف الكربة ص 56 )

و قال سفيان الثوري – رحمه الله :" و استوصوا بأهل السنة خيراً , فإنهم غرباء "
( سير أعلام النبلاء 7/273)

و قال أيضاً :" إذا بلغك عن رجل بالمشرق صاحب سنة , و آخر بالمغرب , فابعث إليها بالسلام و ادع لهما , ما أقلّ أهل السنة و الجماعة "
( أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة 1 / 72 )

و قال ابن مسعود – رضي الله عنه- :" يأتي على الناس زمان , المؤمن فيه أذلّ مِن الأَمَة , و إنّما ذلّ المؤمن آخر الزمان لغربته بين أهل الفساد مِن أهل الشبهات و الشهوات , فكلهم يكرهه , و يؤذيه لمخالفة طريقته لطريقتهم , و مقصوده لمقصودهم , و مباينته لما هم عليه "
( كشف الكربة ص 61 )

فهذا في زمان حملة العلم و القرآن و دعاة الحكمة , فكيف بما حدث بعدهم من العظائم و الدواهي , و ما وقع على أهل السنة و الجماعة مِن الضيق و الأذى و الكُربات , فنسأل الله السلامة و العافية .

و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

كتبه
سمير المبحوح
6 / صفر / 1431 هـ

رد مع اقتباس