عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 20 Apr 2017, 11:01 AM
ناصر الوهراني ناصر الوهراني غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2015
الدولة: الجزائر - وهران
المشاركات: 106
افتراضي

قال شيخنا عبد الحكيم دهاس -حفظه الله-


قال الله العظيم ( فَأَقمْ وَجْهَكَ للدّين حَنيفًا فِطْرَتَ اللَّه الَّتي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْديلَ لخَلْق اللَّه ذلكَ الدّينُ الْقَيّمُ وَلكنَّ أَكْثَرَ النَّاس لا يَعْلَمُونَ (30) مُنيبينَ إلَيْه وَاتَّقُوهُ وَأَقيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا منَ الْمُشْركينَ (31) منَ الَّذينَ فَرَّقُوا دينَهُمْ وَكانُوا شِيَعًا كُلُّ حزْبٍ بما لَدَيْهمْ فَرحُونَ (32)}الروم الآيات 30-32.



" ذكر الله تعالى في هذه الآيات الثلاث ستة أسباب للاجتماع:


1- السبب الأول: إِقَامَةُ الْوَجْهِ لِلدِّينِ

وذلك في قوله تعالى ( فَأَقمْ وَجْهَكَ للدّين حَنيفًا )

والمعنى: أن ينقاد العبد لله فيستسلم لأوامره –تبارك وتعالى- ويكون مُنقادا مطيعا لأوامر ربه، وأوامر نبيّه عليه الصلاة والسلام، وألا يرتكب الشرك والبدع والكبائر إلا اللّمم.

فارتكاب البدع والمعاصي هو الذي يسبّب اختلاف القلوب واختلاف العقول، فالقلوب تتنكّر لمن يعصي ربّه والعكس، بدليل حديثه عليه الصلاة والسلام ( إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَبْدَ نَادَى جِبْرِيل أَنِّي أُحِبُّ فُلَانًا فَأَحْبِبْهُ فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ وتجنبها وإقامة الدين والاستقامة على السُنة هو أول أسباب الوحدة والاتفاق والاجتماع.

(فَأَقمْ وَجْهَكَ للدّين حَنيفًا ) أي : هاربا نافرا من كل ما يُسخِط الله –تبارك وتعالى- .


2- السبب الثاني: لُزُومُ الْمَنْهَجِ الْعِلْمِي وَالْحَلَقَاتِ وَالدُرُوسِ

ومنها حفظ القرآن الكريم وحفظ المتون، وتعلّم اللغة العربية، والوسائل التي تخدم الفقه والأصول، ويدل على هذا قوله تعالى ( وَلكنَّ أَكْثَرَ النَّاس لا يَعْلَمُونَ)، فمن أسباب الفٌرقة والشّقاق"الجهلُ وعدم البصيرة"، فالجاهل هو الذي يشُقُّ صف المسلمين، فتجده إذا جلس بين المتعلمين، فإنه إما ينام أو ينصرف، و إذا أُتيحت له فُرصة الكلام يبدأ بالتهريج والإفساد، شأنُه شأن الخُفّاش لا يطير إلا في الظلام، فإذا وجد نور العلم اختبأ واختفى.

فالقلوب تتوحد وتجتمع بوجود الجو العلمي، ويختفي فيه السحرة؛ سحرة الكِهانة والدَّجلِ، وسحرة اللسان والنميمة.


3- السبب الثالث: التـَّــوْبَةُ وَالْإنَــــــــابَةُ

وذلك في قوله تعالى ( مُنيبينَ إلَيْه )

فالاعتراف بالخطأ وعدم ركوب الهوى واتّباعه من أعظم أسباب الاجتماع.

ولا يقولن قائل ( ما حالي مع الأتباع ؟ ) ، فالمسالة مسألة إخلاص، فالرافع والخافض هو الله –تبارك وتعالى-، فعلينا جميعا أن نرجع للحق ونترك البدع والمعاصي، ونرجع إلى الله –تبارك وتعالى- ، فالله –جلّ وعزّ- يفرح بتوبة و إنابة عبده إليه.


4- السبب الرابع: التــــَّــــقْوَى

وذلك من قوله تعالى ( وَاتَّقُوهُ )

فعلى العبد مراقبة الله –تبارك وتعالى- في كل آنٍ ومكان، ويتّق الله في خلواته، فالمعاصي الخفيّة سبب لعدم طرح البركة، وعدم مراقبة العبد ربّه وتقواه له، تؤدي به إلى مبارزته –تبارك وتعالى- بالمعاصي، وخلق الشحناء والفُرقة في مجتمعه وبين إخوانه، وكل عاصٍ يشكّل أُمّة بنفسه.


5- السبب الخامس: إِقَامَةُ الصَّلَاةِ

وذلك في قوله تعالى ( وَأَقيمُوا الصَّلاةَ )

و إقامة الصلاة هو الإتيان بكل أركانها وتسوية الصفوف فيها ( واعلموا أن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة ) والخشوع فيها.

و إقامتها على الوجه المطلوب من أعظم أسباب الائتلاف، وقد حذّر نبينا عليه الصلاة والسلام من عدم تسوية الصفوف فيها، وبيّن أنه سبب لاختلاف القلوب فقال ( لتسوُنّ صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم ) و في رواية (وجوهكم)، فلم يقتصر الاختلاف على القلوب، بل حتى الوجوه تختلف –نسأل الله العفو والعافية- .

وأعظم ما يزيد هذا الاجتماع، صلاتها مع جماعة المسلمين، وقد همّ –عليه الصلاة والسلام- أن يُحرّق البيوت على من لا يحضُر الجماعة.


6- السبب السادس: التَّوْحِـــــــــــيدُ

قال تعالى ( وَلا تَكُونُوا منَ الْمُشْركينَ (31) منَ الَّذينَ فَرَّقُوا دينَهُمْ وَكانُوا شيَعًا كُلُّ حزْبٍ بما لَدَيْهمْ فَرحُونَ (32) )

وأعظم أسباب الاجتماع: توحيد الله تبارك وتعالى، وضده –أي الشرك به سبحانه وتعالى – من أعظم أسباب الفُرقة.

ولا يمكن أن نتحاشى الشرك ونتجنّبه إلا إذا عرفناه، فيكون بهذا وجوب تعلم التوحيد وتحقيقه وتحريره من أعظم أسباب الاجتماع، ومعرفة التوحيد يكون بركنيه:

- معرفة التوحيد.

- ومعرفة الشرك.

"فَإذَا لمَ تَدْرُسِ التَّوْحِيدَ بِاسْتِمْرَارٍ طِيلَةَ الـْـــــحَيَاةِ، فَسَيُعَشِّشَ الشِرْكُ فِيكَ" بدليل قوله عليه الصلاة والسلام ( ألا أدلكم على أخوف ما أخاف عليكم من المسيح الدجال ؟ ) الجواب ( الشرك الخفي)، لا يسما "شرك الألفاظ" [ أنا أعلم منك، أنا من كان عندي قدَم السبْق، أنا كذا....]، فيدخل في شرك الألفاظ وهو لا يدري .

- من أسباب الاجتماع –وهي كثيرة- أن يجلس المسلم مع إخوانه، ولا يستنكف عن هذا لأنهم ضعفاء، وأغلب جلساء الأنبياء هم المستضعفون.

- من أسباب الاجتماع: اجتماعهم على ولاة أمرهم والسمع والطاعة لهم في المنشط والكره، فباب الإمارة والإمامة من أعظم الأبواب التي تفرّق فيها المسلمون بسبب أهل الأهواء والبدع، وخداعهم لكثير من الناس، وأحسن طريق للخلاص من هذا كله هو "لزوم السنة".


رد مع اقتباس