عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 18 Apr 2017, 10:46 PM
أبو عبد الله حيدوش أبو عبد الله حيدوش غير متواجد حالياً
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: Apr 2014
الدولة: الجزائر ( ولاية بومرداس ) حرسها الله
المشاركات: 759
افتراضي نثر الدُّرر من المجلس الختامي لشيخنا أبي عبد الله عُمَر ـحفظه الله من كلِّ سوء وضَرَرـ



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمَّد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فإن إتمام شروح المتون العلمية من أجل النعم التي يشكر العبد الله تبارك وتعالى عليها وبخاصة إذا كانت الكتب الأمهات التي يرجع إليها الناس.
فالحمد لله على نعمائه والشكر له على توفيقه وامتنانه حيث أتاح لشيخنا ويسر له هذا العمل المبارك بفضله وكرمه سبحانه ، ووفقه لإتمام شرح كتاب "بلوغ المرام من أدلة الأحكام" للحافظ ابن حجر رحمه الله، فلله الحمد أولاً وآخراً.
قد منَّ الله علينا في بلدنا الجزائر بثلة مباركة من أهل العلم و الفضل، علَّمهم بفضله من علم الكتاب و السنة ووفقهم للسير على الطريق المستقيم و النهج القويم صراط النبي الكريم عليه أفضل الصلاة و أتم التسليم، رفعهم الله بالعلم، فاشرأبَّت الأعناق إليهم، وزكَّاهم كبار العلماء والأئمَّة، فجلسوا يُعلِّمون الناس مما علمهم الله، و جلس إليهم طلبة العلم والعامة، عملا بوصية النبي : "إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا" قالوا : وما رياض الجنة؟ قال : "حِلَقُ الذِّكر". حسنه الألباني رحمه الله في الصَّحيحة (2562).
ومن تلكم المجالس التي وفقنا الله لحضورها مجالس شيخنا الفاضل عمر الحاج مسعود -حفظه الله ورعاه- في شرح كتاب "بلوغ المرام"، والذي كانَ مجلسُ يوم السبت الحادي عشر من رجب عام 1438 خاتمتها، حيث دامت سبعة عشر سنة، تخللتها انقطاعات قهرية وأخرى إختيارية يخصصها الشَّيخ لأمور عارضة أو لشرح بعض المتون...
كانت الدعوة إلى التوحيد والعقيدة شغله الشاغل، وربط النشء بالعلماء الربانيين سواء المتقدمين والمعاصرين وعلى رأسهم الأئمة: ابن باز والألباني والعثيمين -رحمهم الله-، وكبار العلماء: الشيخ العباد والشيخ الفوزان والشيخ ربيع والشيخ فركوس...وغيرهم من الأكابر.
كما كان يخصص دروساً عند النوازل يقرأ فتاوى العلماء ونصائحهم وتوجيهاتهم، كما فعل في المجالس التي خصصها لبيان حال طائفة داعش وأخواتها من الخوارج...
ولقد تميَّزت مجالس شيخنا بالتيسير ووضوح العبارة والبعد عن التكلُّف.
وزاد سمت الشيخ وأخلاقه الرفيعة والتزامه بموضوع الدرس وقلة غيابه وحسن رعايته بالحضور وتواضعه لهم واصغائه لانشغالاتهم وإجابته عن تساؤلاتهم، فكان يخصص مجالس في الإجابة على الأسئلة وحل الإشكالات وبيان المبهمات، وخصص مجالس لتنبيه الطلاب على أخطائهم في الصلاة و إخلالهم بآداب المجالس، يربي ويؤدب.
وتميز مجلس شيخنا بتنوع مستوى الحاضرين من العامة إلى طلاب الجامعات والمعاهد وأئمة المساجد إلى المشايخ، مما يدل على المستوى الرفيع والمكانة العلمية للشيخ حفظه الله:
فمن المشايخ الشيخ الوقور محمد الوزاني والشيخ المقرىء بالمكي.
وأئمة المساجد كالشيخ محمد بوكربوز والشيخ رفيق تاعوينت.
وغيرهم من أفاضل طلبة العلم كالأخ الفاضل حسين شريط...
والشيخ حفظه الله معروف بوقاره وهيبته وصرامته، ولم يمنعه ذلك من ممازحة الطلاب و إلقاء بعض الملح أحياناً كالملح في الطعام فكانت تنعش الفاتر وتنبه الساهي.
ويتميز مجلس الشيخ بحضور كبار السن بل و مدومتهم عليها وعلى رأسهم والده -شفاه الله وعافاه- وهو معروف بتوقيرهم والثناء عليهم والحرص على تفهيمهم، وأحب أن أذكر هنا موقفين للشيخ:
بعد أحد مجالس الشيخ التفَّ حوله الطلبة يسألونه وهو يجيب، وإذا به يلتفت ثم يستأذن منهم وينطلق كالليث وكلنا إليه ينظر ويتعجب، فإذا بوالده كان يقف غير بعيد فوقف بين يديه كالصبي المطيع يستمع بإنصات لما يقوله ثم رجع إلينا بعدما انصرف.
والموقف الثاني حين بلغ التنبيه على حكم الصلاة على الكراسي وأنكر بشدة كثرتها وتوسع الناس في استعمالها وأنه سيخرجها ثم رفع رأسه وكان في مقابله مسن يجلس على كرسي فخاطبه الشيخ باسمه: "يا عمي فلان! أنت وأمثالك غير معني بكلامي، ولو لم يبق في المسجد غير هذا الكرسي الذي أُدرِّس عليه لأعطيتك إياه لتجلس عليه".
وغير ذلك من المواقف التي تبرز الخلق الرفيع لشيخنا وإحسانه إلى الحضور.
وقد كان لحضور ثلة من أكابر مشايخنا السلفيين المجلس الختامي الأثر الكبير في نفوس الحاضرين وهم:
1ـ فضيلة الشيخ عزالدين رمضاني.
2ـ وفضيلة الشيخ توفيق عمروني.
3ـ وفضيلة الشيخ رضا بوشامة -حفظهم الله-.

وزادت الكلمة الطيبة التي ألقاها فضيلة الشيخ عزالدين رمضاني افتتحها بعد حمد الله والصلاة على نبيه _صلى الله عليه وسلم_ بذكر بعض النصوص المبينة لفضيلة طلب العلم والحرص عليه وذكر طرفاً من سير الأعلام في طلب العلم، وخصَّ فضيلة الشيخ عمر الحاج مسعود بالثناء ودعوته إياه لفتح كتاب جديد، ونبَّه الحضور على شكر هذه النعمة، وعلى أسباب الثبات ،كما بين حفظه الله أسباب الانتكاس وحذر منها جزاه الله خيراً.
ولقد لخَّص أخونا الفاضل حسين شريط ـ وهو من الملازمين للشيخ عمر ـ فكتب جملة من النقاط لمسيرة الشيخ حفظه الله وأسلوبه في شرح كتاب "بلوغ المرام" في إحدى عشرة نقطة:
1- اهتمامه بمسائل التوحيد وأمور العقيدة.
2- دعوته إلى السنة ونبذه للبدعة ورده على الفرق المخالفة والملل الهالكة.
3- اعتذاره للمؤلف واحترامه له وعدم التجرء على توهيمه والاستعجال في تخطئته.
4- تقويم لسانه وإصلاح منطقه واختياره للألفاظ الشرعية واستعماله لغة سهلة يفهمها السامعون.
5- حرصه على تفهيم الحاضرين وإيصال الفائدة إليهم ولو تطلب ذلك منه تكرير الشرح أو إعادة أسلوبه ومنه عقده لحلقات للإجابة على أسئلة الحاضرين واستشكلاتهم.
6- تواضعه للحق ورجوعه إليه متى ظهر له الصواب وبان له الخطأ.
7- حسن أخلاقه ورحابة صدره ورفقه بالطالب واعتناءه به.
8- مشيه في شرحه على وتيرة واحدة وطريقة منتظمة وذلك: بجمع ألفاظ الحديث بعد محاولة استقرائها ثم شرح غريبه وبيان معناه ثم ذكر الفوائد المستنبطة منه، وعلى هذا سار في شرحه من مبتدئه إلى منتهاه.
9- اعتماده في شرحه على أمهات الكتب التي مدار الفتوى عليها وإليها يرجع العلماء كـ: "التمهيد" لابن عبد البر، و"المغني" لابن قدامة، و"المحلَّى" لابن حزم، و"اﻷوسط" لابن المنذر، وكتب شيخي الإسلام ابن تيمية وابن القيِّم، وكتب ابن رجب... وآخرين رحمة الله عليهم أجمعين.
10- اهتباله الفرص واغتنامه المناسبات لذكر فوائد عقدية أو مسائل منهجية متعلقة بالحديث نفسه أو بمناسبة من المناسبات.
11- ربطه الحاضرين بالعلماء المتقدمين منهم أو المتأخرين، وأخص بالذكر منهم علمائنا المعاصرين ابن باز والألباني والعثيمين وربيعا والفوزان والعباد وغيرهم.
انتهى كلامه جزاه الله خيراً.
أسأل الله تبارك وتعالى أن يجزي الشيخ خيراً.
وأسأله تبارك وتعالى أن يحفظ مشايخ الإصلاح وينفع بهم البلاد والعباد.


التعديل الأخير تم بواسطة أبو البراء ; 20 Apr 2017 الساعة 09:43 AM
رد مع اقتباس