عرض مشاركة واحدة
  #44  
قديم 04 Jan 2015, 02:56 PM
يوسف صفصاف يوسف صفصاف غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2012
الدولة: اسطاوالي الجزائر العاصمة
المشاركات: 1,199
إرسال رسالة عبر MSN إلى يوسف صفصاف إرسال رسالة عبر Skype إلى يوسف صفصاف
افتراضي

صفةُ الغضبِ
يؤمنُ أهلُ السنةِ أن اللهَ تعالى يغضبُ على من يستحقُ الغضبَ، إثباتا يليقُ به جلَّ و علا، و مستندُهم في ذلك الكتابُ و السنةُ و الإجماعُ و العقلُ.
1 _ الكتابُ : تنوعت الأدلةُ فيه، فتارةً تكونُ بالفعلِ الماضي و تارة باسم المصدر :
أ _ بالفعل الماضي : كقوله تعالى {و منْ يقتلْ مؤمنًا متعمدًا فجزاؤُه جهنمُ خالدًا فيها و غضبَ اللهُ عليهِ وَ لعنَه} [النساء 93].
و كقوله تعالى {من لعنَه اللهُ و غضبَ عليهِ} [المائدة 60].
ب _ باسم المصدر : كقوله تعالى {و باؤوا بغضبٍ منَ اللهِ} [البقرة 61].
و كقوله تعالى { والخامسةُ أن غضبَ الله عليها إنْ كانَ منَ الصادقينَ} [النور 9].
و كقوله تعالى {و من يحلِلْ عليهِ غضبي فقدْ هوَى} [طه 81].
2 _ السنة : تنوعت دلالتها كذلك فيها، فتارةً تكونُ بالفعلِ الماضي و تارة بالفعل المضارعِ و تارة تكون باسم المصدر :
أ _ بالفعلِ الماضي : كما ثبتَ في حديث الشفاعةِ الطويل الذي رواه الشيخان و غيرهما من حديثِ أبي هريرة قال فيه صلى الله عليه و سلم : "ربي غضبَ غضبًا لم يغضبْ قبله مثله، ولا يغضبُ بعده مثله".
ب _ بالفعلِ المضارعِ : روى الحاكم في المستدرك عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من لا يدعُو اللهَ يغضبْ عليهِ، وإن الله ليغضبُ على منْ يفعله، ولا يفعل ذلك أحدٌ غيره". صححه الألباني رحمه الله في المشكاة (2238).
ج _ باسم المصدر : روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "اشتدَّ غضبُ اللهِ على قوم فعلوا بنبيه، يشير إلى رباعيته، اشتد غضبُ الله على رجلٍ يقتلُه رسولُ الله في سبيل الله".
3 _ الإجماع : فقد أجمعَ سلفُ الأمة على إثباتِ صفةِ الغضبِ للهِ تعالى.
4 _ العقل : انتقامُ اللهِ تعالى منَ المجرمين دليل على غضبه عليهِم.
غضب الله يتعلق بالعمل و العامل
1 _ بالعمل : روى ابن حبان في صحيحه عن أبي هريرة، قال : لما توفي ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم، صاح أسامة بن زيد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ليس هذا منا، ليس لصارخ حظ، القلب يحزن، والعين تدمع، ولا نقول ما يُغْضِبُ الربَّ". سنده حسن كما الألباني رحمه الله في أحكام الجنائز (ص40).
2 _ بالعامل : كقوله تعالى {من لعنَه اللهُ و غضبَ عليهِ} [المائدة 60].
صفةُ السخطِ
يثبت أهل السنة و الجماعة صفة السخط لله تعالى على الوجه الذي يليق به جل و علا، و قد عليها الكتاب و السنة و الإجماع.
1 _ الكتاب : بأدلة متنوعة، بالفعل الماضي و اسم المصدر :
أ _ بالفعل الماضي : كقوله تعالى {لبئسَ ما قدمتْ لهم أنفسهُم أنْ سخطَ اللهُ عليهم و في العذابِ هم خالدونَ} [المائدة 80].
و قوله تعالى {ذلكَ بأنهُم اتَّبعُوا ما أسخطَ اللهَ} [محمد 28].
ب باسم المصدر : كقوله تعالى {أفمن اتبعَ رضوانَ اللهِ كمنْ باءَ بسخطٍ منَ اللهِ و في جهنمَ هم خالدونَ} [آل عمران 162].
2 _ السنة : بأدلة متنوعة أيضا، بالفعل الماضي و المضارع و اسم المصدر :
أ _ بالفعل الماضي : روى ابن حبان في صحيحه عن عائشة، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من التمسَ رضى اللهِ بسخط الناسِ رضي اللهُ عنه، وأرضى الناس عنه، ومن التمس رضا الناسِ بسخط الله سَخِطَ الله عليه، وأسخطَ عليه الناس". صححه الألباني رحمه الله في صحيح الجامع (6010).
ب _ بالفعل المضارع : روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة، قال : قالوا : يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟..." جاء في آخره "وذلك المنافق وذلك الذي يَسْخَطُ الله عليه".
ج _ باسم المصدر : روى البخاري في صحيحه و غيره عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إن العبدَ ليتكلمُ بالكلمةِ من رضوانِ الله، لا يلقي لها بالًا، يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلمُ بالكلمة منْ سخطِ الله، لا يلقي لها بالا، يهوِي بها في جهنم".
3 _ الإجماع : أجمعَ أهلُ السنةِ و الجماعةِ على إثباتِ صفةِ السخطِ لله تعالى إثباتًا يليقُ به.
4 _ العقل : انتقامُ اللهِ تعالى منَ المجرمين دليلٌ على سخطِه عليهِم.
سخط الله متعلق بالعمل و العامل
1 _ بالعمل : كقوله تعالى {ذلكَ بأنهُم اتَّبعُوا ما أسخطَ اللهَ} [محمد 28]. و ما روى البخاري في صحيحه و غيره عن أبي هريرة، الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم : "وإن العبد ليتكلمُ بالكلمة منْ سخطِ الله، لا يلقي لها بالا، يهوِي بها في جهنم".
2 _ بالعامل : كقوله تعالى {لبئسَ ما قدمتْ لهم أنفسهُم أنْ سخطَ اللهُ عليهم و في العذابِ هم خالدونَ} [المائدة 80]. و ما روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة، قال : قالوا : يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟..." جاء في آخره "وذلكَ المنافقُ وذلك الذي يَسْخَطُ اللهُ عليه".
الغضبُ و السَّخَطُ منَ الصفاتِ الفعليةِ
الغضبُ و السَّخَطُ منْ صفات الله تعالى الفعليةِ المتعلقةِ بمشيئته جلَّ و علا.
تأويلُ أهلِ البدعِ لصفتي الغضبِ و السخطِ و الردُّ عليهمْ
أهلُ التعطيلِ كالأشاعرةِ يؤولونَ صفة الغضبِ و السخطِ بـ :
أ _ المفعولِ المنفصل عنِ الله و هو الانتقام.
ب _ إرادةِ الانتقامِ لأنهم يقرونَ بصفةِ الإرادة.
و شبهُهم في ذلكَ أن :
1 _ العقلَ لم يدلَّ عليها.
2 _ حقيقةَ الغضبِ هو : غليانُ دمِ القلبِ، و هذا يُنزه عنه اللهُ تعالى.
الرد على الشبهةِ الأولى : من وجهين :
الوجهُ الأول : نسلمُ أن العقلَ لم يدل عليها، و لكنَّ النصَ دل عليها، فعي ثابتةٌ لله تعالى بالنص.
الوجه الثاني : أن العقلَ دل عليها خلافًا لما قرره أهل التعطيلِ، و قد تقدمَ هذا.
الرد على الشبهة الثانية : الصوابُ أنّ الغضب صفةٌ ينشأ عنها في ابنِ آدم غليانُ دمِ القلب، لأنّ ابن آدم أولاً يغضبُ، ثم بعد غضبه ينتج عنه غليانُ دم القلب.
و يظهرُ ذلك في احمرار الوجه و الانتفاخ وغيرها، و هذا أمر ينشأ منَ الغضبِ و ليس هو الغضبُ نفسه. وهذا الذي ينزهُ عنه الله تعالى.
صفةُ الأسفِ
يثبتُ أهلُ السنة صفةَ الأسفِ للهِ تعالى إثباتًا حقيقيًا يليقُ باللهِ تعالى، فإن هذه الصفةَ دلَّ عليها الكتابُ و السنةُ.
1 _ من الكتاب : قوله تعالى {فلمَّا آسفُونا انتقمنَا منهُم} [الزخرف 55].
2 _ من السنة : روى أبو داود في سننه و أحمد في المسند و غيرهما عن عبيد بن خالد السلمي، رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، قال مرة : عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم قال مرة : عن عبيد ، قال : "موت الفجأة أخذة أسف". صححه الألباني رحمه الله في صحيح الجامع (6631).
معنى الأسف
للأسفِ في اللغةِ معنيان :
1 _ بمعنى الحزن؛ كقوله تعالى عن يعقوب {يا آسفَى على يوسفَ} [يوسف 84]. و هذا ممتنعٌ بالنسبةِ لله تعالى.
2 _ بمعنى الغضب، و هذا الذي نثبتُه للهِ تعالى.
الردُّ على من جعلَ الغضبَ و السخطَ و الأسفَ هو الانتقام
فسر أهلُ التعطيل الغضبَ و السخطَ و الأسفَ بالانتقامِ أو إرادة الانتقامِ، و هذا غلط يكذبه القرآنُ، قال تعالى {فلمَّا آسفُونا انتقمنَا منهُم} [الزخرف 55]، أي : فلما أغضبونَا انتقمنَا منهم، فقد جعلَ الانتقامَ غير الغضبِ؛ لأن الشرطَ {آسفونَا} غير المشروطِ {انتقمنَا}، ففيه المغايرةُ بين الغضبِ و الانتقامِ؛ لأن الانتقامَ نتيجةٌ للغضبِ.

رد مع اقتباس