عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 07 May 2018, 03:59 PM
عبد المؤمن عمار الجزائري عبد المؤمن عمار الجزائري غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2017
الدولة: الجزائر
المشاركات: 42
افتراضي تنبيهات هامة في كتابات الدكتور بوشامة (الحلقة الثانية)



الحلقة الثانية


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه
أما بعد:

تمهيد: بداية أحببت أن أنبه إلى أمرين مهمين:
أولهما: بيان حال هذا المغرور المعجب بنفسه المتشبع بما لم يعط، وتبيانه لهؤلاء الغرورين المخدوعين به، وكشفه أما السلفيين المنصفين.

قال ابن قدامة المقدسي-رحمه الله-: « وما عادتي ذكر معائب أصحابنا وإنني لأحب ستر عوراتهم ولكن وجب بيان حال هذا الرجل حين اغتر بمقالته قوم واقتدى ببدعته طائفة من أصحابنا وشككهم في اعتقادهم حسن ظنهم فيه واعتقادهم أنه من جملة دعاة السنة، فوجب حينئذ كشف حاله وإزالة حسن ظنهم فيه ليزول عنهم اغترارهم بقوله وينحسم الداء بحسم سببه، فإن الشيء يزول من حيث ثبت وبالله التوفيق والمعونة ونسأل الله تعالى أن يثبتنا على الإسلام والسنة ». «تحريم النظر في كتب الكلام 1/35 ».

وقال شيخ الإسلام -عليه رحمة الله-:«وكذلك بيان من غلط في رأي رآه في أمر الدين من المسائل العلمية والعملية فهذا إذا تكلم فيه الإنسان بعلم وعدل وقصد النصيحة فالله تعالى يثيبه على ذلك لا سيما إذا كان المتكلم فيه داعيا إلى بدعة فهذا يجب بيان أمره للناس فإن دفع شره عنهم أعظم من دفع شر قاطع الطريق ». «منهاج السنة النبوية، 5/97».

الثاني: تنفيخه من قبل أصحابه كما جاء في مقدمة مقالاته –هداه الله وأصلحه- التي طبعت وفيها:
« وهي مقالات متنوعة في موضوعات مختلفة من مسائل العلم وقضايا الدعوة والمنهج ونحوها، ويظهر فيها الاعتصام بالسنة ولزوم منهج السلف الصالح، وعدم الخروج عن قواعد أهل العلم المحققين المتقدمين منهم والمتأخرين، وسيجد القارئ الكريم الدقة والتحري في العزو والنقل، والبعد عن التطويل والحشو، إضافة كونها غير خالية من الفوائد الفرائد، والنكت البديعات... وبعد أن قُدمت إلى كاتبها –حفظه الله- ليراجعها مرة أخرى ويعيد النظر فيها فيصوب الأخطاء ويستدرك ما فات... ». إلى آخر ما سوده الناشر في مقدمة المقالات.

أقول: إن هذا التقريظ غريب عجيب ،! ولنا معه ثلاث وقفات:
الوقفة الأولى: قال الناشر: « ويظهر فيها الاعتصام بالسنة ولزوم منهج السلف الصالح، وعدم الخروج عن قواعد أهل العلم المحققين المتقدمين منهم والمتأخرين ».
في الحقيقة هذا مما ابتليت به الأمة الإسلامية وخاصة في هذه الأزمنة المتأخرة، فصار الكثير من أصحاب المطابع يزينون ما يقدمونه للناس ويمدحونه، ويثنون عليه ويزكونه، زاعمين أن في هذا خدمة للعلم وأهله، ولكن الواقع أن الكثير منهم يفعل ذلك لتكثير الطباعة، ولزيادة الأجر والبضاعة، وللتغرير بالناس-إلا من رحم ربي- .
وإلا فأين هي قواعد أهل العلم في كتابات الدكتور-هداه الله وأصلحه!؟ وأين التحقيق!؟ بل أين الاعتصام بالسنة!؟ وأين كثرة الاستشهاد بها!؟ أهكذا منهج السلف!؟ أهكذا شأن المحققين!؟
أترك الجواب للقراء المنصفين.

الوقفة الثانية: قال الناشر: « وسيجد القارئ الكريم الدقة والتحري في العزو والنقل، والبعد عن التطويل والحشو، إضافة كونها غير خالية من الفوائد الفرائد، والنكت البديعات».
يا مدون هذه الكتابات، أين النكت البديعات!؟ إن كنت تدري فتلك مصيبة، وإن لا تدري فالمصيبة أعظم!.
وكان الأولى بك أن تعطي القوس باريه، وألا تخوض فيما لا تدريه،
الرجل تطفل على الموائد، فأخذ شيئا من الدرر والفوائد، لكي يصير له نصيب من الثناء وطيب الذكر!
وأيضا: عن أي دقة تتكلم!؟ وعن أي تحر تتحدث أيها الناشر!؟ أليس الأولى أن تعتنوا بمقالاتكم، وتراجعوا كتاباتكم، وتصححوا منشوراتكم، قبل أن تنتقلوا إلى غيركم!؟.
بل أليس من الأمانة أن تبينوا للناس حقيقة هذه المقالات، وأنها مسروقات منقولات!؟ أم أنكم كما قيل: فاقد الشيء لا يعطيه!؟.
ثم أليس المدح أمانة أيها الكاتب الناشر!؟.
قال البغوي –رحمه الله-: « وفي الجملة المدح والثناء على الرجل مكروهٌ ، لأنه قلما يسلم المادح من كذب يقوله في مدحه ، وقلما يسلم الممدوح من عجبٍ يدخله».«شرح السنة 13/151».
الوقفة الثالثة: قال الناشر الكاتب: « وبعد أن قُدمت إلى كاتبها –حفظه الله-{هداه الله وأصلحه} ليراجعها مرة أخرى ويعيد النظر فيها فيصوب الأخطاء ويستدرك ما فات».
قلت: إذا كان هذا حال المقالات بعدما روجعت وصوبت أخطاؤها، فكيف كان حالها قبل المراجعة والتصحيح والتصويب!؟.
وصدق السخاوي عندما قال: « فلو كشف الغطاء عنهم بعين الحق والنور تجدهم تشبهوا بما لم يعطوا، ولبسوا ثوبي بهتان وزور، وانقلبوا هزأة للساخرين، وضحكة للناظرين » .«الإعلان بالتوبيخ لمن ذمّ أهل التاريخ للسخاوي 61».
وإنني في مثل هذه الحال لا أجد إلا أن أقول ما قاله أحد الشيوخ الفضلاء مختصرا حال الدكتور –هداه الله وأصلحه-: "الرجل متشبع بما لم يعط".

وحتى لا أطيل أكمل ما شرعت فيه.
الموضع السادس:
قال الدكتور بوشامة–هداه الله وأصلحه-: « وقد تضافرت النُّصوص في الكتاب والسُّنة الدَّالَّة على فضل الدَّعوة ومكانة الدُّعاة ورفيعِ قدرهم عند الله، حيث إنَّه سبحانه قد رفع مِن شأن الدُّعاة وأبْلَغَ في الثَّناء عليهم ومَدَحَهم وبيَّن فضلَهم في آي كثيرة من القرآن الكريم، يقول الله تعالى: ( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) [فصِّلت:33].
فلا أحد أحسن قولاً مِمَّن دعا إلى الله بتعليم الجاهلين ووعظ الغافلين والمعرضين، ومجادلة المبطلين، وقام بالأمر بعبادة الله بجميع أنواعها، والحثِّ عليها وتحسينها ما أمكن، والزَّجر عمَّا نهى الله عنه وتقبيحه بكلِّ طريق يوجب تركه، خصوصًا في مجال الدَّعوة إلى أصل دين الإسلام وتحسينه ومجادلة أعدائه بالَّتي هي أحسن، والنَّهي عمَّا يضادُّه من الكفر والشِّرك، فَمْنَ كان كذلك فهو أحسن النَّاس قولاً وأصحُّهم طريقةً وأَقْوَمُهم مَسْلَكًا.
يقول تعالى: (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)[النحل:125]، ويقول تعالى: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِالله)[آل عمران:110].
والآيات في الحثِّ على الدَّعوة إلى الله والتَّرغيب في ذلك وبيانِ ما أعدَّ الله للدُّعاة إليه من الثَّواب والأجر والرِّفعة في الدُّنيا والآخرة كثيرة جدًّا.
وهكذا السُنَّة النَّبويَّة وَرَدَ فيها أحاديثُ كثيرةٌ دالَّةٌ على فضل الدَّعوة إلى الله وعِظم ثواب الدَّاعين إليه، ففي «صحيح مسلم» عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: «مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ» «صحيح مسلم 1893»، وروى أيضًا من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لاَ يَنْقصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلاَلَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لاَ يَنْقصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا» « صحيح مسلم 2674»، وثبت عنه ـ عليه الصَّلاة والسَّلام ـ أنَّه قال لعليِّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه: «فَوَاللهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِدًا خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ» «صحيح البخاري 2942، و صحيح مسلم 2406». «في مقالته: مفاتيح الخير ومفاتيح الشَّرِّ
»

قلت: لنا مع هذا الكلام الطويل وقفات:
الأولى: هذا الكلام الطويل للأسف نقله الدكتور –هداه الله وأصلحه-كما هو من غير عزو ولا إحالة، بل ولا حتى إشارة، والعجيب كيف ساغ له أن ينقل كل هذا دون أن يبين لقرائه صاحب الكلام . !

الثانية: هذا الكلام الطويل منقول عن الدكتور عبد الرزاق البدر حيث قال: « وقد تضافرت النُّصوص في الكتاب والسُّنة الدَّالَّة على فضل الدَّعوة و المبينة لعظيم مكانة الدُّعاة ورفيعِ قدرهم عند الله، حيث إنَّه سبحانه قد رفع مِن شأن الدُّعاة وأبْلَغَ في الثَّناء عليهم ومَدَحَهم وبيَّن فضلَهم في آي كثيرة من القرآن الكريم، يقول الله تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) [فصِّلت:33].
والا ستفهام هنا للتقرير أي: لا أحد أحسن قولاً مِمَّن دعا إلى الله بتعليم الجاهلين ووعظ الغافلين والمعرضين، ومجادلة المبطلين، وقام بالأمر بعبادة الله بجميع أنواعها، والحثِّ عليها وتحسينها مهما أمكن، والزَّجر عمَّا نهى الله عنه وتقبيحه بكلِّ طريق يوجب تركه، خصوصًا من هذه الدَّعوة إلى أصل دين الإسلام وتحسينه ومجادلة أعدائه بالَّتي هي أحسن، والنَّهي عمَّا يضادُّه من الكفر والشِّرك، فَمْنَ كان كذلك فهو أحسن النَّاس قولاً وأصحُّهم طريقةً وأَقْوَمُهم مَسْلَكًا.
يقول تعالى ( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)[فصلت: 33]...
ويقول تعالى (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)[يوسف:108]....
ويقول تعالى: (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ
أَحْسَنُ)[النحل:125]...
ويقول تعالى: (وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)[النمل: 87]...
ويقول تعالى: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)[آل عمران:104].
والآيات في الحثِّ على الدَّعوة إلى الله والتَّرغيب في ذلك وبيانِ ما أعدَّ الله للدُّعاة إليه من الثَّواب والأجر والرِّفعة في الدُّنيا والآخرة كثيرة جدًّا.
وهكذا السُنَّة النَّبويَّة وَرَدَ فيها أحاديثُ كثيرةٌ دالَّةٌ على فضل الدَّعوة إلى الله وعِظم ثواب الدَّاعين إليه، ففي «صحيح مسلم» عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: «مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ» «صحيح مسلم 1893»، وروى أيضًا من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لاَ يَنْقصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلاَلَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لاَ يَنْقصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا» « صحيح مسلم 2674»، وثبت عنه ـ عليه الصَّلاة والسَّلام ـ أنَّه قال لعليِّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه: «فَوَاللهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِدًا خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ» «صحيح البخاري 2942، و صحيح مسلم 2406
».». «في كتاب: مكانة الدعوة إلى الله وأسس دعوة غير المسلمين 21-22».

الثالثة: بعض الكلام مأخوذ من السعدي -عليه رحمة الله- وهو قوله: «فلا أحد أحسن قولاً مِمَّن دعا إلى الله بتعليم الجاهلين ووعظ الغافلين والمعرضين، ومجادلة المبطلين، وقام بالأمر بعبادة الله بجميع أنواعها، والحثِّ عليها وتحسينها ما أمكن، والزَّجر عمَّا نهى الله عنه وتقبيحه بكلِّ طريق يوجب تركه، خصوصًا في مجال الدَّعوة إلى أصل دين الإسلام وتحسينه ومجادلة أعدائه بالَّتي هي أحسن، والنَّهي عمَّا يضادُّه من الكفر والشِّرك ». « تفسير السعدي 749 ».

الرابعة: الفرق واضح بين الدكتور بوشامة-هداه الله وأصلحه- وبين الدكتور عبد الرزاق البدر-حفظه الله-، ذلك أن عبد الرزاق البدر ذكر مصدر الكلام، وأحال على قائله، أما الدكتور بوشامة-هداه الله وأصلحه- فلم يذكر لا المصدر ولا المرجع. !

ملاحظة: وهم الدكتور عبد الرزاق البدر في راوي الحديث فقال: «عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه»، والصواب: أن راوي الحديث هو أبو مسعود الأنصاري-رضي الله عنه-، وليس عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه-، والعجيب أن الدكتور بوشامة-هداه الله وأصلحه- تبعه على ذلك، فكان كحاطب ليل.
والله المستعان

الموضع السابع:
قال الدكتور -هداه الله وأصلحه-: « يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ).
أي يسألونك يا محمد عن الأهلة ومحاقها وتمامها واستوائها، وتغير أحوالها بزيادة ونُقصان واستسرارها، وما المعنى الذي خَالف بينه وبين الشمس التي هي دائمة أبدًا على حال واحدة لا تتغير بزيادة ولا نقصان؟ - فقلْ يا محمد: خالف بين ذلك ربُّكم لتصييره الأهلة التي سألتم عن أمرها مواقيتَ لكم ولغيركم من بني آدم في معايشهم، ترقبون بزيادتها ونقصانها ومحاقِها واستسرارها وإهلالكم إياها، أوقات حَلّ ديونكم، وانقضاء مدة إجارة من استأجرتموه، وتصرُّم عدة نسائكم، ووقت صومكم وإفطاركم وحجِّكم، فجعلها مواقيت للناس ». «في مقالته: رمضان شهر القيام والصيام وتلاوة القرآن
».
قلت: مهلا يا دكتور فقد أضعفت قيمة هذه الكلمات، وأفقدت هيبتها، وكيف لا وأنت تنقلها وكأنها من كيس علمك.
قال الطبري رحمه الله: « فَتَأْوِيلُ الآيَةِ إِذَا كَانَ الأَمْرُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا عَمَّنْ ذَكَرْنَا عَنْهُ قَوْلَهُ فِي ذَلِكَ : يَسْأَلُونَكَ يَا مُحَمَّدُ عَنِ الأَهِلَّةِ ، وَمِحَاقِهَا ، وَسِرَارِهَا ، وَتَمَامِهَا ، وَاسْتِوَائِهَا ، وَتَغَيُّرِ أَحْوَالِهَا بِزِيَادَةٍ ، وَنُقْصَانٍ ، وَمِحَاقٍ ، وَاسْتِسْرَارٍ ، وَمَا الْمَعْنَى الَّذِي خَالَفَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّمْسِ الَّتِي هِيَ دَائِمَةٌ أَبَدًا عَلَى حَالٍ وَاحِدَةٍ لاَ تَتَغَيَّرُ بِزِيَادَةٍ ، وَلاَ نُقْصَانٍ ، فَقُلْ يَا مُحَمَّدُ خَالَفَ بَيْنَ ذَلِكَ رَبُّكُمْ لِتَصْيِيرِهِ الأَهِلَّةَ الَّتِي سَأَلْتُمْ عَنْ أَمْرِهَا وَمَخَالَفَةِ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا فِيمَا خَالَفَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ مَوَاقِيتُ لَكُمْ وَلِغَيْرِكُمٍ مِنْ بَنِي آدَمَ ، فِي مَعَايِشِهِمْ ، تَوقُتونَ بِزِيَادَتِهَا ، وَنُقْصَانِهَا ، وَمَحَاقِهَا ، وَاسْتِسْرَارِهَا ، وَإِهْلاَلِكُمْ إِيَّاهَا أَوْقَاتَ حَلِّ دُيُونِكُمْ ، وَانْقِضَاءَ مُدَّةِ إِجَارَةِ مَنِ اسْتَأْجَرْتُمُوهُ مَنِ أجَرائكم ، وَتَصَرُّمَ عِدَّةِ نِسَائِكُمْ ، وَوَقْتَ صَوْمِكُمْ ، وَإِفْطَارِكُمْ ، فَجَعَلَهَا مَوَاقِيتَ لِلنَّاسِ». « تفسير الطبري 3/282».
ذاك كلامه، وهذا كلام الطبري -رحمه الله- والحكم يكون للقارئ، ولكن نذكر الدكتور-هداه الله وأصلحه- بقول السيوطي -رحمه الله-: « ولهذا لا تراني أذكر في شيء من تصانيفي حرفاً إلاّ معزواً إلى قائله من العلماء مبيناً كتابه الذي ذكر فيه ». «المزهر 2/273».

الموضع الثامن:
قال الدكتور بوشامة–هداه الله وأصلحه-: « وجعل لِصَّ الصَّلاةِ وسارقَها شرًّا من لِصِّ الأموال وسارقِها، فعن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: » أَسْوَأُ النَّاسِ سَرِقَةً الَّذِي يَسْرِقُ مِنْ صَلَاتِهِ»، قالوا: يا رسول الله، وكيف يَسرِق من صلاته؟ قال: « لَا يُتِمُّ رُكُوعَهَا وَلَا سُجُودَهَا ».، أو قال: « لَا يُقِيمُ صُلْبَه فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ ». « فصرَّح بأنَّه أسوأُ حالًا مِن سارق الأموال، ولا رَيب أنَّ لِصَّ الدِّين شرٌّ مِن لصِّ الدُّنيا». » في مقالته: النهي عن التشبه ببعض الحيوانات 282».
قلت: استعمل الدكتور كلمتين مهمتين أو إن شئت فقل أخذهما عن غيره: "اللص والسارق" فيا حبذا لو فهم الدكتور أن اللص والسارق لا يكون في المال فقط بل يتعداه إلى غيره، حتى في العلم هناك سراق،! فيحذر أن يكون منهم، أو يتصف بصفتهم. !
والمهم أن الكلام المذكور أخذه عن شيخ الإسلام ابن القيم -رحمه الله- الذي قال:
« جعل رسول الله لص الصلاة وسارقها شرا من لص الأموال وسارقها ففي المسند من حديث أبي قتادة قال قال رسول الله « أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته قالوا يا رسول الله كيف يسرق صلاته قال لا يتم ركوعها ولا سجودها أو قال لا يقيم صلبه في الركوع والسجود». فصرح بأنه اسوأ حالا من سارق الاموال ولا ريب أن لص الدين شر من لص الدنيا ». « الصلاة وحكم تاركها 174».
فهلا أديت الأمانة أيها الدكتور! وذلك حتى لا يكون الكلام محروما من البركة والخير.

الموضع التاسع:
قال الدكتور بوشامة–هداه الله وأصلحه-: « وصدق الرَّسول ـ عليه الصَّلاة والسَّلام ـ حين خطَّ لأصحابه خطًّا ثمَّ قال: « هَذَا سَبِيلُ اللهِ، ثُمَّ خَطَّ عَنْ يَمِينِ الخَطِّ وَعَنْ شِمَالِهِ، فَقَالَ: هَذِهِ السُّبُلُ، وَهَذِهِ سُبُلٌ عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ، ثُمَّ تَلاَ هَذِهِ الآيَةَ: «وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ» للخطِّ الأوَّل، «وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ» للخطوط «فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ».
« وهذا لأنَّ الطَّريق الموصل إلى الله واحد، وهو ما بعث به رسله وأنزل به كتبه، ولا يصل إليه أحدٌ إلاَّ من هذا الطَّريق، ولو أتى النَّاس من كلِّ طريق واستفتحوا من كلِّ بابٍ فالطُّرق عليهم مسدودة، والأبواب عليهم مُغْلَقة، إلاَّ من هذا الطَّريق الواحد؛ فإنَّه متَّصل بالله مُوصِل إلى الله
».
« في مقالته: مفاتيح الخير ومفاتيح الشر ».
قلت: هذه الأسطر نقلها من شيخ الإسلام ابن القيم-رحمه الله- كما سترى.
قال ابن القيم -رحمه الله-: «.. قال ابن مسعود خط لنا رسول الله خطا وقال هذا سبيل الله ثم خط خطوطا عن يمينه وعن يساره وقال هذه سبل على كل سبيل شيطان يدعو إليه ثم قرأ قوله تعالى وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون »
« وهذا لأن الطريق الموصل إلى الله واحد وهو ما بعث به رسله وأنزل به كتبه لا يصل إليه أحد إلا من هذه الطريق
ولو أتى الناس من كل طريق واستفتحوا من كل باب فالطرق عليهم مسدودة والأبواب عليهم مغلقة إلا من هذا الطريق الواحد فإنه متصل بالله موصل إلى الله
».« مدارج السالكين 1/15».
وبما أن الدكتور نقل هذا وغيره من ابن القيم –رحمه الله- يغلب على الظن أنه قد اطلع على كلام ابن القيم الجميل المتعلق بالنقل والعزو.
وإن كان لم يطلع عليه، لا بأس بتذكيره هنا، قال ابن القيم -رحمه الله- كما في ختام تفسير سورة الكافرون:
« فهذا ما فتح الله العظيم به من هذه الكلمات اليسيرة والنبذة المشيرة إلى عظمة هذه السورة وجلالتها ومقصودها وبديع نظمها من غير استعانة بتفسير ولا تتبع لهذه الكلمات من مظان توجد فيه بل هي استملاء مما علمه الله وألهمه بفضله وكرمه والله يعلم أني لو وجدتها في كتاب لأضفتها إلى قائلها ولبالغت في استحسانها». « بدائع الفوائد 1/149».
أنظر وتأمل قوله: « لأضفتها إلى قائلها ولبالغت في استحسانها ».

الموضع العاشر:
قال الدكتور بوشامة –هداه الله وأصلحه-: « وهذا مصداق قوله صلى الله عليه وسلم:« عجبا لأمر المؤمن! إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له » .
« فالصبر والاحتساب يخفِّف مصيبَتَه ويوفِّر أجرَه، والجزع والتسخط والتشكي يزيد في المصيبة ويذهب الأجر». « في مقالته: الامتحان والاختبار
».
قلت: مبارك عليك يا دكتور الحديث هذا التعبير، وهذا العلم الذي ادعيته لنفسك، لكن فرحتك لن تدوم طويلا، لأنك لست صاحب الكلام، بل صاحبه ابن القيم -رحمه الله-، ولا أتكلم عن تخريج الأحاديث لأن هذا له موضع آخر.
قال ابن القيم -رحمه الله-:« وفي الحديث الصحيح : « عجبا لأمر المؤمن ! إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له».
« ...الصبر والاحتساب فإن ذلك يخفف مصيبته ويوفر أجره، والجزع والتسخط والتشكي يزيد في المصيبة ويذهب الأجر
». « مدارج السالكين 2/55».
فالرجل حقا عريض الدعوى، وكأنه لما وضع الفاء في البداية، وحذف "إن ذلك" أوهم نفسه، وغر غيره أن الكلام له لكن هيهات.

الموضع الحادي عشر:
قال الدكتور بوشامة –هداه الله وأصلحه-: ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ الله لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ )[آل عمران:159]
« فلو كنت سيِّءَ الكلام قاسيَ القلب عليهم لانفضَّوا عنك وتركوك، ولكن جمعهم اللهُ عليك وألان جانِبَكَ لهم تأليفًا لقلوبِهم
». « في مقالته: قسوة القلوب وأثرها على الأخلاق».
قلت: الذي يطلع على هذا الكلام بداية يخيل إليه أن للدكتور باعا في التفسير، وحظا منه، ولكن وللأسف هذا الكلام ليس من تفسيره، ولا من تفكيره وتخمينه، وإنما أخذه من أهله، فنسبه إلى نفسه.
والله المستعان.
قال ابن كثير رحمه الله: قال تعالى: (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ )[آل عمران:159]....
« أي: لو كنت سيِّئَ الكلام قاسي القلب عليهم لانفضوا عنك وتركوك، ولكن الله جمعهم عليك، وألان جانبك لهم تأليفا لقلوبهم
». « في تفسيره 2/148».
فأين العزو أيها المحرر ؟ !

الموضع الثاني عشر:
قال الدكتور بوشامة –هداه الله وأصلحه-: « وما تركه الفضلاء من الصحابة الأخيار، لا يرون الدخول في الكلام ولا الجدال، بل يستفرغون وسعهم في الكتاب والسنة والتفقه فيهما، ويتبعون ولا يتنطَّعون ». « في مقالته: الهمة في طلب العلم ».
قلت: هذه الكلمات، ليست من الدكتور –هداه الله وأصلحه-وإنما هي من كلام الذهبي -عليه رحمة الله-
قال -رحمه الله-: « هَكَذَا كَانَ أَئِمَّةُ السَّلَفِ، لاَ يَرَوْنَ الدُّخُوْلَ فِي الكَلاَمِ، وَلاَ الجِدَالَ، بَلْ يَسْتَفْرِغُونَ وُسْعَهُم فِي الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالتَّفَقُهِ فِيْهِمَا، وَيَتَّبِعُونَ، وَلاَ يَتَنَطَّعُونَ ». « سير أعلام النبلاء 12/120».
تأمل وتعجب! كيف تصرف الدكتور في كلام العلامة الذهبي -عليه رحمة الله- فقد غير كلمة:
« هَكَذَا كَانَ أَئِمَّةُ السَّلَفِ ». وجعل مكانها « وما تركه الفضلاء من الصحابة الأخيار ».
كان الأجدر بك أيها الدكتور أن تأخذ بكلام الذهبي -رحمه الله- وألا تدْخُل في الكلام ولا الجدال مع مشايخك العلماء، والربانيين الفضلاء، بل تستفرغ وسعك في الكتاب والسنة والتفقه فيهما، لعلك أن تسمو وترفع.!

الموضع الثالث عشر:
قال الدكتور -هداه الله وأصلحه-: في ذكره لفوائد حديث بول الأعرابي:
« فيه المبادرة إلى تغيير المنكر إذا اطَّلع عليه الكلَّف لمبادرة الصَّحابة إلى الأعرابيِّ حين بال في المسجد ، وهو فرض من فروض الكفاية ». « في مقالته: الحديث الوارد في بول الأعرابي في المسجد ».
قلت: بعدما نقل الدكتور المقدمات، وشَرْح الكلمات، وتفسير الآيات، ها هو ينقل الفوائد من غيره، وليست من عنده ولا من علمه، بل هي لابن العربي المالكي -رحمه الله- الذي ذكر بعض الفوائد من حديث بول الأعرابي في المسجد فقال:
« المسألة الأولى: في هذا الحديث: المبادرةُ إلى تغيير المنكَرِ إذا اطَّلَع عليه المكلَّف، لمبادرة النّاس إلى الأعرابيّ حين بال في المسجد، وهو فَرْضٌ من فُروضِ الدِّين، كفاية عن المسلمين ».« المسالك في شرح موطأ مالك 2/219».
يا دكتور الحديث احذر أن تكون سارقا سالخا، وناسخا ماسخا.

الموضع الرابعة عشر:
قال الدكتور بوشامة –هداه الله- وهو يتكلم عن العلم وفضله:
« وهو أفضل ما اكتسبته النفوس وحصلته القلوب، وبه ينال العبد الرفعة في الدنيا والآخرة.
قال تعالى:(يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ)
». « في مقالته: الهمة في طلب العلم ».
قلت: هذا الكلام الجميل نقلته عن ابن القيم -رحمه الله- ولم تعزه، فلا تكن قاطع الطريق، أو قاطع السبيل.
قال ابن القيم -رحمه الله- وهو يتكلم عن فضل العلم وأهله:
« أفضل ما اكتسبته النفوس وحصلته القلوب العبد ونال به العبد الرفعة فى الدنيا والآخرة ... قال تعالى: "يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ».« الفوائد 103».
وأخيرا أقول لك يا دكتور:
إذا أفادك إنسان بفائدة ...... من العلوم فأكثر شكره أبدا
وقل فلان جزاه الله صالحة ...... أفادنيها وألق الكبر والحسدا
« طبقات الشافعية الكبرى 6/137»
.

...يتبع


التعديل الأخير تم بواسطة عبد المؤمن عمار الجزائري ; 07 May 2018 الساعة 07:35 PM
رد مع اقتباس