عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 01 Oct 2019, 05:11 PM
أبو الوليد بوعبد اللّه رومان أبو الوليد بوعبد اللّه رومان غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2019
المشاركات: 19
افتراضي الدفاع بقواعد السلف عن بيان أهل السنة بالشلف (حوار هادئ مع يونس بن حجر)



الدفاع بقواعد السلف عن بيان أهل السنة بالشلف
(حوار هادئ مع يونس بن حجر)


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن اتبع هداه إلى يوم الدّين، أما بعد:
فإنّ ممّا ينبغي أن يعرفه طلاّب العلم أنه ليس كلّ أحد أهلا لأن يُناظر أو يُرد عليه، فأهل السنّة أصحاب الحديث يناظرون طالب الحقّ المنصفَ، أما المعاند أو المستكبر فإنّهم لا يرتضون مناظرته وفي ذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه (العقل والنقل): (وقد يُنهى عنها "أيّ المناظرة" إذا كان المناظر معاندا يظهر له الحقّ فلا يقبله و هو السوفسطائي، فإنّ الأمم كلّهم متفقون على أنّ المناظرة إذا انتهت إلى مقدماتٍ معروفةٍ بيّنةٍ بنفسها ضروريةٍ جحدها الخصم كان سوفسطائيا، ولم يُأمر بمناظرته بعد ذلك، بل إنْ كان فاسد العقل داووه، وإنْ كان عاجزا عن معرفة الحقّ تركوه).اهـ
وإنّما قدَّمنا بهذه المسألة، لأنّنا اطّلعنا على مقالةٍ حاول صاحبها أن يقلِّل من شأن أهل السنّة بالشلف، فراح يتكلم عن أصحاب المقال، دون أن ينبس ببنت شفةٍ حول مافي المقال، سيرا على طريقة أهل الجاهلية، كما قال الإمام محمّد ابن عبد الوهاب في كتابه مسائل الجاهلية و هو يعدِّد صفاتّهم فذكر منها: (الاستخفاف بالحقّ لضعف أهله: الاستدلال على بطلان الشيء بأخذ الضعفاء به).اهـ
فلو كان صاحب علمٍ وبرهان لقارع الحجّة بالحجّة ونقض البيان حجرا حجرا، ولكن من عادة أهل الأهواء أنّهم لا يناقشون كلام أهل الحقّ و إنّما يُعرضون عنه، و يسعون إلى تشويه أهله وتقبيح صورتهم حتى يحولوا بينهم وبين النّاس وليس ذلك بضائرهم إن شاء الله، جاء في (مجموع الفتاوى): (وليس مِمّا أمر الله به ورسوله ولا مِمّا يرتضيه عاقل أن تقابل الحجج القويّة بالمعاندةِ والجحد، بل قول الصّدق والتزام العدل لازمٌ عند جميع العقلاء).
فرغِبْنا عن الرّد عليه غير أنّنا تنبهنا إلى أنّ في هذا المقال على وجازته تأصيلاتُ أهل الأهواء وقواعدهم، فكان الواجب علينا بيانها دفاعا عن منهج السّلف و حفاظا على نقائه وصفائه.
أولا: أنَّ من قواعد أهل السنّة قبول الحقّ ممّن جاء به دون النّظر إلى قائله وما هو عليه من حال، قال ابن القيّم في (إعلام الموقّعين): (فعلى المسلم أنْ يتبع هدي النّبي صلّى الله عليه وسلم في قبول الحقّ ممن جاء به من وليّ وعدوٍ وحبيبٍ وبغيضٍ وبرٍّ وفاجرٍ، ويَرُد الباطل على من قاله كائنا من كان).اهـ
ثانيا: إنّ من مسلك أصحاب الحديث أنّهم يقبلون الحقّ إذا جاء به الصغير ولا يردّونه ويحقرون صاحبه لقلة علمه! قال إسحاق بن غانم العلثي كما في (ذيل طبقات الحنابلة): (ولو كان لا ينكر من قلّ علمه على من كثُر علمه، إذا لتعطل الأمر بالمعروف، وصِرنا كبني إسرائيل حيث قال تعالى : {كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ} بل يُنكر المفضول على الفاضل ويُنكر الفاجّر على الوليّ).اهـ
وجاء في (الحكم الجديرة بالإذاعة) عن الحافظ ابن رجب أنّه قال: (وكذلك المشايخ والعارفون كانوا يوصُون بقبول الحقّ منْ كل من قال بالحقّ، صغيرا كان أو كبيرا وينقادون لقوله).
فإذا أردّت أن تُبيِّن أننا أصحاب باطلٍ فناقش كلامنا بالحجج والأدلّة ورُدّ عليه وبيِّن لنا بالبرهان أنّنا مخطئون وسنرجع إن شاء الله.
وممّا يؤكد أنّ على طالب العلم أن يصدع بكلمة الحقّ، ولا يرضى أن يكون تابعا لأحد أو مقلدا له، وأن يبيِّن خطأ المخطئ وإنْ كان كبيرا أو عالما، ماجاء في تاريخ بغداد في ترجمة الإمام مسلم:
(لمّا استوطن محمّد بن إسماعيل البخاريّ نيسابور: أكثر مسلم بن الحجّاج الاختلاف إليه، فلمّا وقع بين محمّد بن يحي والبخاريّ ما وقع في مسألة اللّفظ ونادى عليه، ومنع النّاس من الاختلاف إليه حتى هُجِر، وخرج من نيسابور في تلك المحنّة، قطعه أكثر النّاس غير مسلم، فإنه لم يتخلف عن زيارته، فأُنهي إلى محمّد بن يحي أنّ مسلم بن الحجّاج على مذهبه قديما وحديثا، وأنّه عُوتب على ذلك بالعراق والحجاز ولم يرجع عنه، فلمّا كان يوم مجلس محمّد بن يحي قال في آخر مجلسه: (ألا من قال باللّفظ فلا يحِلُّ له أنْ يحضُر مجلسنا، فأخذ مسلم الرِّداء فوق عمامته وقام على رءوس النّاس وخرج من مجلسه، وجمع كلّ ماكان كتب منه وبعث به على ظهر حَمَّالِ إلى باب محمّد بن يحي، فاستحكمت بذلك الوحشة، وتخلَّف عنه وعن زيارته).اهـ
ثالثا: ادّعى صاحب المقال أنّه لم يطعن في الإمامين ربيع وعبيد، وأنّه مُحِبٌّ لهما!
ونحن نقول: هذا ليس بصحيح، ومن آثار النّاس نحكم عليهم، ففي البخاري من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: (إن أُناسًا كانوا يؤخَذون بالوحي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنّ الوحي قد انقطع! وإنّما نأخذُكم الآنَ بما ظهَر لنا من أعمالكم، فمن أظهر لنا خيرًا؛ أمِنَّاه وقرَّبناه، وليس إلينا من سريرته شيء، الله يحاسبه في سريرته، ومن أظهر لنا سوءًا لم نأمنْه، ولم نُصدِّقْه، وإن قال: إنَّ سريرتَه حسنة).
وقال تعالى: {إنّ في ذلك لآيات للمتوسّمين}، فقد توسّمنا فيك أنّك من أشدِّ النّاس نشاطا في صرف الشباب عنهما، وقد عايْنَّا وشَهِدْنا كيف تتحفّظ في المجموعات الواتسابية عن نشر نصائحهما فكيف تزعم أنّك مُبجِّلٌ لهما، وقد قال بعض السلف: (ما أسَرَّ امرؤٌ سريرةً إلاّ أظهرها الله على صفحات وجهه وفلتات لسانه).
من وجهٍ آخر: كيف يتباهى عاقلٌ بأنّه محبّ لشخصٍ وهو يؤذيه؟! فقد آذيت الشيخين بأنْ وصفتهما بالغفلة والتلقين، وقد سمّى ربّ العزّة في محكم تنزيله عملك هذا بالأذى، قال الله تعالى: {وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ}، قال الإمام السِّعدي في (تفسيره): (أي يقبل كل مايقال له، ولا يميِّز بين صادقٍ وكاذبٍ).اهـ
ولا غرو فقد قال سلفك أبو الحسن المأربي في الإمام النجمّي -و بئس السّلف هو لك- عينَ ما قلتَ! مع زعمه بأنه يُبَجِّله، فقال كما في إحدى صوتياته ما معناه: (شيخنا الوالد أحمد بن يحي النجمّي ختم الله له بالحسنى -غمزا له بالضعف وكبر السّن- سمَّاعٌ لزُوَّار الفتنة).
وممّا زاد الطّين بلّة ادّعائه أنّه بهذا يعتذر لهما، فشابه أهل الأهواء من وجه آخر والله المستعان، فقد صنع الجهمية صنيعه مع الصّحابة فأسقطوهم وادعوا أنّهم بهذا يعتذرون لهم!
قال شيخ الإسلام في (العقل والنقل): (فهذه الطرق الثلاث التي وافقوا فيها الجهميّة ونحوهم من المبتدعة: أسقطوا بها حرمة الكتاب والرّسول وحرمة الصّحابة والتابعين لهم بإحسان، حتى يقولوا إنّهم لم يحقّقوا أصول الدّين كما حقّقناها، وربّما اعتذروا عنهم بأنّهم كانوا مشتغلين بالجهاد ولهم من جنس هذا الكلام الذي يوافقون فيه الرافضة ونحوهم من أهل البدع).اهـ
رابعا: ثم راح يظنّ أنّه قد ظفر بصيد ثمين ينشر كلاما للعلاّمتين ربيع وعبيد ليُبَرِر به مايقوم به من طعن في بطانتهما، وذلك لأنه لا يعرف منهج السلف، و قد صدق العلاّمة ربيع وأجرى الله الحكمة على لسانه حين قال لأولئك الشباب الذين دافعوا عمّن يحقّق كتب البدع: (أنتم لا تعرفون منهج السّلف).اهـ، والله إن أزمة السّلفيين أزمة علمٍ وطلبه، فالحق واضح لائحٌ للعيان ليس دونه غشاوة ولا سحاب، ولكن قومنا لا يدرسون فعميت عليهم.
إنّ ممّا ينبغي أن يعرفه هؤلاء أن كلام العلماء ليس بحجّة إذا كان عرِيّا عن الدليل والبرهان لأنّك إذا أتيتنا بهذه الصوتيات القليلة، فعندنا ما يردُّها من أقوال العلماء السابقين واللاحقين أضعاف ما عندك، بل ومن كلام الشيخين أنفسهما فالحجّة ليس في كلام العلماء بل في كلام المعصوم جاء في (مجموع الفتاوى) لابن تيمية رحمه الله: (وليس لأحد أن يحتجّ بقول أحد في مسائل النزاع وإنما الحجّة النصّ والإجماع ، ودليل مستنبّط من ذلك تُقرَّر مقدّماته بالأدلّة الشرعية، لا بأقوال بعض العلماء، فإنّ أقوال العلماء يحتجّ لها بالأدلّة الشرعية، لا يحتجّ بها على الأدلّة الشرعية).اهـ
ثم كيف تستدّلّ بكلام الشيخين وقد أثبتَ بأنّهما يقبلان التلقين وأحدهما لا يسمع والآخر لا يرى -حاشاهما-، فمن يثق بكلامهما بعد الآن؟! فربّما قد قالا هذا الكلام الذي تستدّلّ به وهم تحت تأثير بطانة مجرمة أمْلَتْه عليهما فمن يأمن؟! فلابدّ من الرجوع إلى تاريخ هذه الصوتيات ثم معرفة بطانة الشيخين حينئذ ثم الحكم أخيرا، ثم هلاّ بينّت لنا المرجع في التمييز بين مقبول كلامهما ومردوده أم أنّه الهوى؟!
أما علمت أنّه قد صنع سلفك أبو الحسن صُنعك نفسه حين اخترع بدعة حمل المجمل على المفصّل في كلام العلماء، وملأ الدنيا عويلا وراح يستدلّ لهما بكلام العلماء السابقين واللاحقين، بل ومن كلام الشيخ ربيع والنجمّي كما زعم، فلم يظفر بشيء وهذا ما عجًّل سقوطه، لأن العلماء أدركوا أن مسلكه مسلك أهل الأهواء وقد خاطبه الشيخ ربيع في مقاله (النصوص النّبوية السديدة تدكّ قواعد الحزبية): (تعالَوا بمن شئتم ممن نُجِلُّهم ونُكرِمهم فسنقول نحن وإيّاهم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} وسيقول هؤلاء الأجلّاء إن كان لهم كلام يخالف هذه النصوص باجتهاد منهم أو خطإ نعوذ بالله أن نُعارض بأقوالنا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيقولون: (إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل) وسيتبرأ هؤلاء الأجلّاء منكم ومن تتبعكم للسقطات والشبهات، التي لا يسلم منها بشر وسيوبّخونكم أشدّ التوبيخ على اتخاذ مناهج من أقوالهم تخالف نصوص الشريعة وأصولها وانظر إلى قول شيخ الإسلام ابن تيمية خِلال كلامه في ردّه على بعض النّاس الذين يتعلقون ببعض قواعد الأئمة فينصرون باطلهم وحيّلهم قال -رحمه الله-: (فرُبّ قاعدة لو علم صاحبها ماتفضي إليه لم يقلها) بيان بطلان التحليل صفحة 215).
ولعلّنا نزيد بعض هذه المسائل توضيحا في مقالنا القادم الذي يكون إن شاء الله تعزيزا للمقال الأول وسيكون عنوانه "بيان الصّمود والإصرار من أهل السنة بالشلف على نصرة مذهب السّلف الأخيار".
اللّهم اهدّنا لما اختلف فيه من الحقّ بإذنك، إنّك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم وعلّمنا حقيقة الدين والمنهج السلفي القويم وصلّى الله على نبينا محمّد.

انتهينا من كتابته:
ليلة الجمعة لـ26 ليلة خلت من شهر الله المحرّم لسنة إحدى وأربعين وأربعمائة وألف للهجرة
الموافق لليوم السادس والعشرين من شهر سبتمبر 2019م
أبو حزم محمّد الزناتي *** أبو نافع عزّالدّين علي حيمود
أبو عبد الرحمن معمّر بلّحسن *** أبو جهاد عمر زنود
أبو همام جيلالي عادل *** أبو محمّد رافع زهر الدّين زيغم

رد مع اقتباس