الموضوع
:
مَن يجهل الأمر قد يستصعب اقتحام ميدانه.
عرض مشاركة واحدة
#
1
25 Feb 2020, 10:44 PM
أم وحيد
عضو
تاريخ التسجيل: Dec 2018
المشاركات: 366
مَن يجهل الأمر قد يستصعب اقتحام ميدانه.
مَن يجهل الأمر قد يستصعب اقتحام ميدانه.
حكمة متداولة جميلة ومفيدة، تقول: "
إنّ الله يعطي أصعب المعارك لأقوى جنوده
".
فحاولتُ أن أفكّك
رموز
هذه الحكمة، وإن كانت
واضحة
لمَن أتاه الله
العلم
و
الحكمة
، يسهل عليه
فقه النّقاط المهمّة
التي تظهر جليًّا
أسباب ابتلاء الله لعبده بالصّـِعاب
، وقد يختار الله
الأمور الصعبة
و
المهمّات الشّاقة
لمَن يكون
أهلاً لأدائها على أحسنها
.
وهذه
الحكمة
تذكّرني بـ
الابتلاءات
التي يمتحن بها الله
عباده
في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "
أشدّ بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل
" أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
قال الإمام العلاّمة عبدالعزيز بن باز رحمه الله، جوابًا عن سؤال طرح عليه كالآتي:
السؤال
:
هل صحيح أنّ
مَن أحبّه الله ابتلاه
، حيث أنّنا سمعنا هذه العبارات دائماً
وجّهونا بهذا
، سماحة الشيخ عبدالعزيز؟
الجواب:
{...جاء في الحديث: (
إنّ الله إذا أحب عبدًا ابتلاه
)، والنبي ﷺ يقول: (
أشدّ الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل
) وهم أحباب الله، فـالابتلاء يبتلى به الأحباب،
ليمحصهم ويرفع درجاتهم
، وليكونوا
أسوة لغيرهم
، حتى يصبر غيرهم، يتأسّى بهم. ولهذا قال ﷺ: "
أشدّ الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل
" وفي رواية: (
ثمّ الصالحون ثم الأمثل فالأمثل
)، (
يبتلى المرء على قدر دينه فإن كان في دينه صلابة شدّد عليه في البلاء
).
ولهذا ابتلى الله
الأنبياء
ببلايا عظيمة منهم
مَن قتل
، ومنهم
مَن أُوذي
، ومنهم
مَن اشتد به المرض
وطال كـ
أيوب
، ون
بيّنا أُوذِيَ أذًى كبيرا
في مكة والمدينة، ومع هذا صبر عليه الصلاة والسلام.
فالمقصود: أنّ
الأذى يقع لأهل الإيمان والتقوى على حسب تقواهم وإيمانهم
..} انتهـ.
وعلى حسب الحكمة المتداولة،
البلاء
قد يكون من
المعارك الصعبة
التي لايحسن إدارتها إلاّ
أهل التّمييز
و
رجاحة العقل
و
الحنكة
و
الدراية بالأسرار الحربيّة
.
و
الحرب
هنا، قد تكون
نفسيّة
أو
ميدانيّة بدنيّة
. فيكون
مستوى تحمّل هذه المعارك
على قدر
معرفة
القائد،
بها
و
بخباياها
و
أسرارها
. و
مَن يجهل الأمر قد يستصعب اقتحام ميدانه
. وكلّما زاده الله
علمًا
فيه و
قوّة إدراك له
، زاده
جرأة
و
قابليّة
للاحتكاك به وممارسة عناصره و
التّفنّن
في تحريكها.
وهنا في الحكمة:"
إنّ الله يعطي أصعب المعارك لأقوى جنوده
"، فإنّ
عطاء الله الكوني القدري
الذي
يمتحن به
عبده في
البذل الاختياري
. حيث أنّ بـ
مشيئة الله
تكون
المعارك
لحكمة معيّنة، سواء
علمناها
أم
لم نعلمها
. و
القوّة في جنده منحة من الله لعبده
، يختار لها
أفضل خلقه
، للوصول إلى ت
حقيق ما أراده الله
للبشر في
هذه الحياة
.
و"
إنّ الله يعطي الدُّنيا
" بما فيها من عبقريّة التّسيير والإدارة، ويمنح الدهاء والذكاء الحربي، "
لِمَن يحبّ ولمَن لايحبّ
" سواء كان كافرا أو مسلما عاصيا أو طائعا، "
ولايعطي الدّين إلاّ لمَن يحبّ
"، أو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
و
الفِقْهُ في الدّين فقهٌ للحياة بكلّ أسرارها
، والله خلقها، وبلى عباده بها، ليَرى
مَن يحسن العمل
في هذه العاجلة أو
يسيئه
، قال الله تعالى:"
الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا
".
قال الشيخ السعدي في تفسير الآية:
{..(
خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ
) أي: قدّر لعباده أن يحييهم ثم يميتهم، (
لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا
) أي:
أخلصه
و
أصوبه
، فإنّ الله خلق عباده، و
أخرجهم لهذه الدار
، وأخبرهم أنّهم
سينقلون منها
، و
أمرهم
و
نهاهم
، و
ابتلاهم
بالشّهوات
المعارضة لأمره
، فمَن
انقاد لأمر الله
و
أحسن العمل
، أحسن الله له
الجزاء
في الدارين، ومَن
مال مع شهوات النفس
، و
نبذ أمر الله
، فله شرّ الجزاء.} انتهـ.
وقال تعالى:"
مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا
(18)
وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا
(19)
كُلًّا نُّمِدُّ هَٰؤُلَاءِ وَهَٰؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ ۚ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا
(20)
انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا
(21)"
يقول الشيخ السعدي هنا في تفسير الآية:
{..يخبر تعالى أنّ (
مَنْ كَانَ يُرِيدُ
) الدنيا (
العاجلة
) المنقضية الزائلة
فعمل لها وسعى
، ونسي
المبتدأ
أو
المنتهى
أنّ الله
يعجّل له من حطامها ومتاعها
ما يشاؤه ويريده
ممّا كتب
[
الله
] له في اللّوح المحفوظ ولكنّه
متاع غير نافع
ولا دائم له.
ثم يجعل له في
الآخرة
(
جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا
) أي: يباشر عذابها (
مَذْمُومًا مَدْحُورًا
) أي: في حالة
الخزي
و
الفضيحة
و
الذمّ
من الله ومن خلقه، و
البُعد عن رحمة الله
فيجمع له بين
العذاب
و
الفضيحة
.} انتهـ.
و
المعارك
سِجِلُ كلّ
مَن يمتحنه الله بالصّعاب
. ولايزيد
العاملين المخلصين
إلاّ
قوّةً
و
ثباتًا
في أمورهم كلّها.
اللّهمّ ارزقنا
الحكمة
التي بها ندرك
سرّ الحياة وخفاياها
، فنحسن
العمل
قبل حلول
الأجل
.
بقلم: أم وحيد بهية صابرين
الصور المرفقة
قد ينعم الله بالبلوى.png
(77.0 كيلوبايت, المشاهدات 2331)
الخير باقٍ.png
(560.5 كيلوبايت, المشاهدات 2219)
الناصحون.png
(256.7 كيلوبايت, المشاهدات 1090)
أم وحيد
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى أم وحيد
البحث عن المشاركات التي كتبها أم وحيد