عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 29 Apr 2020, 08:39 PM
أم وحيد أم وحيد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2018
المشاركات: 365
افتراضي ثلاثون نصّاً في أحكام الصيام.







ثلاثون نصّاً في أحكام الصيام.

الشيخ: إبراهيم بن عبد الله المزروعي أعانه الله على الخير كلّه.

الحمد لله ربِّ العالمين والصلاة والسلام على خاتم النَّبِيِّين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :

هذه نصوص وأدلّة من الكتاب والسُّنَّة فيها بعض الأوامر والنواهي الخاصة بالصّيام وشهر رمضان ، نذكر لكم ثلاثين نصّاً وبعض ما فيها من المسائل والأحكام المتعلّقة بشهر الصيام وبأحكام الصّيام :

-أوّلا: قال الله عز وجل (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) . سورة البقرة .

هذه الآية فيها أمر من الله عز وجل "فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ" أمر يدلّ على أنّ صيام شهر رمضان من الفرائض ومن الواجبات وهذا لا يخفى على كلّ مسلم. والأدلّة كثيرة، بل أنّ صيام رمضان من أركان الإسلام الخمسة التي بني عليها الإسلام.

-ثانياً: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ ،وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ ،وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ ،وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ) صحيح سنن الترمذي 682 .

هذا حديث عظيم فيه بيان فضل شهر رمضان، ومن فضائلهِ: أنّ الشياطين ومردة الجن ورؤساءهم يصفّدون بالأصفاد ويقيّدون بالأغلال في أوّل ليلة من رمضان إلى أن ينتهي شهر رمضان. وهذا يدل على فضل شهر رمضان، وتغلق أبواب النار وهي سبعة أبواب كما جاء في القرآن، وتفتح أبواب الجنّة الثمانية، وهذا يدل على أنّ الله تعالى فتح الخير والبركة في هذا الشهر، ولهذا قال: ينادي منادي يا باغي الخير أقبل، مَن يريد الثّواب والأجر والمغفرة والعتق من النار، فليقبل على الطاعة والعبادة، فليقبل على الصيام والقيام في هذا الشهر شهر رمضان، ينادي منادي يا باغي الخير أقبل وأعمل الخير بأنواعه في هذا الشهر ، وينادي: يا باغي الشرّ أقصر: لا تفعل الشر ّوابتعد عنه بكلّ أنواعه، ولله عتقاء من النار وذلك في كل ليلة، فهذا يدل على فضل الشهر وهو أفضل الشهور، فعلى المسلم أن يعزم ويجدَّ في الطاعة ويتوب إلى الله عز وجل ويستعد لهذا الشهر بالتوبة والإخلاص لله عزّ وجل و بالتّفقّة في أحكام الصيام .

-ثالثاً: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَن صامَ رمضانَ، وقامَهُ، إيمانًا واحتسابًا، غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذنبِهِ، ومَن قامَ ليلةَ القدرِ إيمانًا واحتِسابًا غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذنبِهِ) قال الترمذي صحيح ، وهوفي صحيح سنن الترمذي رقم 683 .

أصل هذا الحديث في الصحيحين كما هو معلوم ، لكن جاءت الثلاث هنا في لفظ واحد: صيام رمضان، وقيام رمضان، وقيام ليلة القدر. وهذا أيضاً يدلّ على فضل صيام شهر رمضان، وفضل قيامه وفضل قيام ليلة القدر، وهو غفر له ما تقدّم من ذنبه، لكن بـشرطين:
إيماناً واحتساباً: أي مصدقاً بالله عزّ وجل وبثوابه ومحتسباً الأجر، مخلصاً لله عز وجل في صيامه وقيامه، يرجو ثوابه، إيمانا واحتسابا، يحتسب الأجر والثواب من هذا الصيام والقيام، فإذا استوفى هذين الشرطين غفر له ما تقدّم من ذنبه، فعلينا أن نجتهد في هذا الشهر ونخلص لله عز وجل.

-رابعاً: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ ، الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : "إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ، وَلَخُلُوفُ فِيهِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ" . متفق عليه.

قال الأوزاعي رحمه الله: (ليس يُوزن لهم ولا يُكال وإنّما يُغرف لهم غرفاً) أي: الأجر والثواب والحسنات" ذكر ذلك ابن كثير في تفسيره، فهذا يدل أيضا على فضل الصيام، أنّ الله عزّ وجل أدخر ثوابه عنده عز وجل، قال: (إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي)، الصائم يدع كثيرا من شهواته أثناء الصيام، ورغباته، وأنواع الطعام والشراب، من أجل الله عز وجل ، لوجه الله تعالى، لأنّ الله فرض عليه صيام هذا الشهر، ولذلك يفرح عند لقاء الله تعالى ، يفرح فرحتين:
عند فطره بعد نهار طويل امتنع خلاله عن المفطرات حتى غربت الشمس افطر، يفرح لأنّ الله تعالى وفّقه وهداه للإسلام وهداه للصيام وأعانه عليه، فرحة عظيمة لا يشعر بها كلّ أحد. لكن له فرحتان كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ، هذه الفرحة الأولى، والفرحة الأخرى عند لقاء ربّه عندما يجد ثواب الصيام في صحيفة أعماله

-خامساً: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "لا تَقَدَّمُوا الشَّهْرَ بِيَوْمٍ وَلا بِيَوْمَيْنِ إِلاّ أَنْ يُوَافِقَ ذَلِكَ صَوْمًا كَانَ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ، صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَعُدُّوا ثَلاثِينَ، ثُمَّ أَفْطِرُوا" صحيح سنن الترمذي رقم 684 .

أي: لا تقدموا شهر رمضان بصيام يوم أو يومين، وهي آخر يوم أو يومين من شهر شعبان، ينهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصوم قبل رؤية هلال رمضان، إلاّ أن يوافق ذلك صوماً كان يصومه المسلم، تعوَّد أن يصوم الاثنين والخميس مثلا أو تعوّد أن يصوم أكثر شهر شعبان في كل عام، فهذا مستثنى من هذا الحديث، فيجوز له أن يصوم إذا كان يوم الاثنين هو التاسع والعشرون من شعبان، يجوز له أن يتقدّم رمضان بيوم أو يومين، إلاّ أنّ غيره لا يجوز له ذلك لقوله (لا تقدموا الشهر بيوم أو يومين)

ثم قال: (صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ) وهذا أمرٌ منه، أي : صوموا إذا رأيتم هلال رمضان صوموا لرؤيته، وأفطروا أيضا لعيد الفطر، (وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ) و إذا رأيتم هلال شوال أفطروا للعيد، (فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَعُدُّوا ثَلاثِينَ) أي : إذا منعكم من رؤية الهلال غيم أو غبار، أو غير ذلك من الأسباب، غُمَّ عليكم أن تروا هلال رمضان أو هلال شوال، فَعُدُّوا ثَلاثِينَ، عدّوا شعبان ثلاثين ، ثم عدّوا رمضان ثلاثين ثم أفطروا .

-سادساً: عن كريب أنّ أم الفضل بنت الحارث رضي الله عنها بعثته إلى معاوية رضي الله عنه بالشام، قال : (فقدمتُ الشام، فقضيتُ حاجتها، واستهل عليَ هلال رمضان، وأنا بالشام فرأينا الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمتُ المدينة في آخر الشهر، فسألني ابن عباس، ثم ذكر الهلال، فقال: متى رأيتم الهلال ؟ فقلت : رأيناه ليلة الجمعة، فقال: أأنت رأيته ليلة الجمعة؟ فقلت: رآه الناسُ وصاموا، وصام معاوية، قال: لكنّا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصومُ حتى نكمل ثلاثين يوما أو نراه، فقلت: ألا تكتفي برؤية معاوية وصيامه، قال: لا ، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم) رواه الترمذي 693 وغيره، قال أبو عيسى الترمذي حديث ابن عباس حديث حسن صحيح غريب ، والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم أنّ لكلّ أهل بلد رؤيتهم.

هذا الفهم من أبن عباس أنّ رسول الله أمرهم كما في الحديث السابق (صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ) فهم في المدينة لم يروا الهلال ليلة الجمعة، فما صاموا، رأوه ليلة السبت وعملوا بأمر رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّم، الّذي قال لهم: (صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ) هنا الشاهد من الأمر الذي جاء في الحديث،
وهذه المسألة (إختلاف المطالع) : تكلم فيها أهل العلم، وهذا الحديث يدل على اعتبار إختلاف المطالع للهلال بالنسبة للبلدان غير البعيدة أو غير القريبة. وفيه خلاف عندهم

فإذا تباعدت البلدان، فبالاتفاق لا يراعى فيها الرؤيا ولكل بلد رؤيتُه، كما ذكر ذلك أبن عبد البر في الاستذكار في المجلّد العاشر، والنووي في المجموع المجلد 6 .

وإذا تقاربت البلدان كأنّهم بلد واحد بالاتفاق فإنّ رؤيتهم واحدة، كما حكاه النووي في المجموع مجلد رقم 6 .

والخلاف إذا كانت البلدان غير بعيدة وغير قريبة. هنا الخلاف .

-سابعاً: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتاكم رمضان، شهرٌ مباركٌ، فرض الله عز وجل عليكم صيامَهُ، تفتح فيه أبواب السماء، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين، للهِ فيه ليلةٌ خيرٌ من ألف شهر، من حُرم خيرها فقد حرم»، حديث عظيم رواه أحمد والنسائي وهو في صحيح الجامع الصغير رقم ( 55) ، يقول (أتاكم رمضان)،يبشر الصحابة، أتاكم رمضان شهرٌ مباركٌ، كأنّه يحثّهم على حسن استقبال هذا الشهر المبارك بإخلاص النية، والعزم، والاجتهاد في هذا الشهر بأنواع الطاعات، فرض الله عز وجل عليكم صيامَهُ، وذكر شيئا من فضائل هذا الشهر، وفضل ليلة القدر، وأنّها خير من ألف شهر، قال المفسرون: ليلة القدر خيرٌ من ألف شهر يعني : العبادة في ليلة القدر خير من العبادة في ألف شهر، وقوله: (أتاكم رمضان) فيه بشارة بقدوم شهر رمضان، وأنّه موسم عظيم للطاعات والقُربات والفضائل، لذلك قال بعض السلف: "أنّ الله تعالى جعل رمضان مضماراً لخلقه يستبقون فيه لطاعته ومرضاته، فسبق قوم ففازوا، وتخلّف آخرون، فخابوا وخسروا" ذكر هذا الاثر الإمام ابن رجب في كتابه لطائف المعارف .

-ثامناً: وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « مَن نسي وهو صائم، فأكل أو شرب فَلْيُتِمّ صَوْمَه، فإنّما أطعمه الله، وسقاه» متفق عليه.

أمرٌ منه صلى الله عليه وسلم (فَلْيُتِمّ صَوْمَه) ، فالنّاسي ليس عليه شيء، ليست عليه مؤاخذة، ليس عليه إثم، قال تعالى: (رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) ، فمَن نسي وهو صائم، فأكل أو شرب، أو ارتكب شيئا من المفطرات ناسياً، فَلْيُتِمّ صَوْمَه، هذا أمر منه صلى الله عليه وسلم، فَلْيُتِمّ صَوْمَه: يعني صومه صحيح ليس عليه قضاء أو فدية ولا أي شيء، "فَلْيُتِمّ صَوْمَه، فإنّما أطعمة الله وسقاه" ، قاس الفقهاء رحمهم الله على الأكل والشرب، بقية المفطرات فلا يؤاخذ الناسي، لكن مَن رأى صائما يأكل أو يشرب في نهار رمضان ناسيا وجب عليه تذكيره، لأنّ هذا من إنكار المنكر ، الأكل في نهار رمضان للمسلم منكر عظيم، فإذا كان ناسياً، فليس عليه ذنب، وما عليه شيء، لكن وجب على مَن رآه تنبيهه، والواجب عليه إنكار المنكر، ومَن اغتسل أو مضمض ودخل الماء في حلقه بلا قصد، لا يفسد صومه، لعدم إمكانية التّحرّز من ذلك فليس عليه شيء.

-تاسعاً: قال الله تعالى : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ۖ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) سورة البقرة.

هذا أمرٌ: كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ، يعني: طلوع الفجر، أمرُ إباحةٍ منه سبحانه وتعالي، فيه الرحمةُ لهذه الأمّة، كُلُوا وَاشْرَبُوا ... في الآية، أي حتى يطلع الفجر، فإذا أردتم الصيام فـكُلُوا وَاشْرَبُوا في الليل ، حتى يتبيّن لكم الخيط الأبيض ويطلع الفجر، هذا هو وقت الصوم وبداية وقت الصوم، وهو طلوع الفجر ، فإذا تبيّن الفجر ، فامسكوا عن المفطرات طول النهار حتى غروب الشمس ، إذاً ، هذا أمرٌ منه سبحانه وتعالى، أمرٌ إباحة، فالأكل والشرب جائزٌ في الليل، إلى أن يطلع الفجر، لا أحد يمنع صائما من الأكل والشرب، إلى أذان الفجر، لأنّ الله عز وجل أمر بالأكل والشرب حتى الفجر فلا إمساك واجبا قبل ذلك .

-عاشراً: عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ بلالاً يؤذّن بليل، فكلوا واشربوا، حتّى يؤذّن ابْنُ أم مكتوم» متفق عليه.

هذا حديث أيضاً كالآية السابقة، فبلال يؤذّن الأذان الأول قبل الفجر، حتّى يقوم القائم فيصلّي ويتسحّر، (إنّ بلالاً يؤذّن بليل، فكلوا واشربوا حتّى يؤذّن ابن أم مكتوم) هو عبدالله المؤذن الثاني يؤذّن لصلاة الفجر إذا طلع الفجر، فيشرع لمن أراد الصوم أن يأكل ويشرب حتى يؤذن المؤذّن لصلاة الفجر فلا يجب الإمساك قبل ذلك ولا يستحبُّ .

-الحادي عشر: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا سمع أحدكم النداء، والإناء على يده، فلا يضعه، حتّى يقضي حاجته منه، وكان المؤذن يؤذن إذا بزغ الفجر»
هذا الحديث ، رواه أحمد في مسنده ، وأبوداود ، والحاكم ، وهو صحيح ،
في صحيح الجامع الصغير 607 ، قال (إذا سمع احدكم النداء) أي أذان الفجر، وفي الحديث السابق: (كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم) فإذا طلع الفجر، وأنت تتسحّر وفي يدك الطعام أو الشراب، هنا تأتي رحمة الإسلام وتيسيره، وأنت ما انتهيت من سحورك، تشتهي أو تريد أن تكمل ما في هذا الإناء من طعام، أو ما في هذا الكاس من شراب، جاءت رحمة الاسلام، قال: (إذا سمع أحدكم النداء) أذّن الفجر والإناء على يده فلا يضعه، ينهى رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّم عن التوقّف ، (حتّى يقضي حاجته منه)، هنا نهيٌ صريح، وكان المؤذّن يؤذّن إذا بزغ الفجر وهذه رخصة من الشرع، فلا يتعمد أن يتحرّى الأكل عند أذان الفجر، لكن إذا حصل أن الانسان كان يأكل ويتسحر وفأجأه أذان الفجر ، وهو لم ينته ممّا بين يديه من الطعام أو الشراب، فيجوز له أن يكمل حتّى يقضي حاجته، وفعلها صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، وقصة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بسند صحيح ، ذكرها أهل العلم أنّه أقيمت صلاة الفجر وفِي يده شرابٌ رضي الله عنه فيقول: يا رسول الله أشربها؟ فيقول له: أشربها، أقيمت الصلاة، ما انتهى من سحوره عمر رضي الله عنه، لم يقض حاجته منه، وهكذا ورد عن بعض السلف ، وهذه رخصة من الشرع ، لكن الانسان لا يتعمد ذلك ، ولا يجوز له إذا أذّن الفجر أن يأكل، لا يجوز له أن يتعمّد هذا، لكن تحصل أحياناً أنّ الإنسان لا ينتبه لأذان الفجر وهو يأكل السحور، وفاجأهُ الأذان، هذا الذي يُعذر، هذا الذي تعنيه الرخصة من الشرع، أمّا إذا تعمّد التأخير حتى الأذان، فلا يجوز، وإذا أكل والأذان يؤذّن وهو متعمّد، أفطر يومه وعليه التّوبة وقضاء هذا اليوم، ولكن هذا الحديث يحمل إذا فأجأه الأذان، لا يتعمّد تأخير السحور إلى الأذان، ثم يأكل هذا لا يجوز التّحايل على الشرع لأنّ الله عز وجل حدد لنا (كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ... الآية ) لا تأكل إذا تبين الخيط الابيض من الخيط الاسود، إذا طلع الفجر لا يجوز لك أن تأكل أو تشرب لكن هذا الحديث فقط لمن لم يتعمد لمن فأجأه الأذان نعمل بكل ما جاء به الشرع .

....يتبع...إن شاء الله...


الصور المرفقة
 
رد مع اقتباس