عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 27 Aug 2014, 12:45 PM
مهدي بن صالح البجائي مهدي بن صالح البجائي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2013
المشاركات: 591
افتراضي تلخيص المقدمة الثانية من المقدمات العشر في علوم القرآن (في استمداد علم التفسير)

بسم الله الرحمن الرحيم



هذا تلخيص المقدمة الثانية من المقدمات العشر في علوم القرآن للطاهر بن عاشور -رحمه الله-، وقد سبق نشر تلخيص التمهيد والمقدمة الأولى وفيها إيضاح سبب اختيار هذه المقدمات:

http://www.tasfiatarbia.org/vb/showthread.php?t=13518

http://www.tasfiatarbia.org/vb/showthread.php?t=13525

المقدمة الثانية : في استمداد علم التفسير


1. استمداد العلم يراد به توقفه على معلومات سابق وجودها على وجود ذلك العلم عند مدونيه لتكون عونا لهم على إتقان تدوين ذلك العلم.

2. وليس كل ما يذكر في العلم معدودا من مدده، بل مدده ما يتوقف عليه تقومه، فأما ما يورد في العلم من مسائل علوم أخرى، عند الإفاضة في البيان، فلا يعد مددا للعلم.

3. فاستمداد علم التفسير للمفسر العربي والمولد، من المجموع الملتئم من علم العربية وعلم الآثار، ومن أخبار العرب وأصول الفقه قيل وعلم الكلام وعلم القراءات.

4. أما العربية فالمراد منها معرفة مقاصد العرب من كلامهم وأدب لغتهم.

5. إن القرآن كلام عربي فكانت قواعد العربية طريقا لفهم معانيه.

6. ونعني بقواعد العربية مجموع علوم اللسان العربي، وهي: متن اللغة، والتصريف، والنحو، والمعاني، والبيان، ومن وراء ذلك استعمال العرب المتبع من أساليبهم في خطبهم وأشعارهم وتراكيب بلغائهم.

7. ولعلمي البيان والمعاني مزيد اختصاص بعلم التفسير لأنهما وسيلة لإظهار خصائص البلاغة القرآنية، وما تشتمل عليه الآيات من تفاصيل المعاني وإظهار وجه الإعجاز ولذلك كان هذان العلمان يسميان في القديم علم دلائل الإعجاز.

8. قال ابن رشد : لا يصح شئ من أمور الديانة والإسلام إلا بلسان العرب.

9. وأما استعمال العرب، فهو التملي من أساليبهم في خطبهم وأشعارهم وأمثالهم وعوائدهم ومحادثاتهم، ليحصل بذلك لممارسة المولد ذوق يقوم عنده مقام السليقة والسجية عند العربي القح.

10. والذوق كيفية للنفس بها تدرك الخواص والمزايا التي للكلام البليغ.

11. ولله دره(1) في قوله : "المقطوع ببلوغه غاية البلاغة " المشير إلى وجوب اختيار الممارس لما يطالعه من كلامهم وهو الكلام المشهود له بالبلاغة بين أهل هذا الشأن، نحو المعلقات والحماسة ونحو نهج البلاغة ومقامات الحريري ورسائل بديع الزمان.

12. ولذلك أي لإيجاد الذوق أو تكميله لم يكن غنى للمفسر في بعض المواضع من الاستشهاد على المراد في الآية، ببيت من الشعر، أو بشيء من كلام العرب لتكميل ما عنده من الذوق، عند خفاء المعنى، ولإقناع السامع والمتعلم اللذين لم يكمل لهما الذوق في المشكلات.

13. وعلم البلاغة به يحصل انكشاف بعض المعاني واطمئنان النفس لها، وبه يترجح أحد الاحتمالين على الآخر معاني القرآن.

14. قال عمر: عليكم بديوانكم لا تضلوا، هو شعر العرب فيه تفسير كتابكم ومعاني كلامكم، وعن ابن عباس: الشعر ديوان العرب فإذا خفي علينا الحرف من القرآن، الذي أنزله الله بلغتهم رجعنا إلى ديوانهم فالتمسنا معرفة ذلك منه.

15. ويدخل في مادة الاستعمال العربي ما يؤثر عن بعض السلف في فهم معاني بعض الآيات على قوانين استعمالهم.

16. وأما الآثار فالمعني بها، ما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم، من بيان المراد من بعض القرآن في مواضع الإشكال والإجمال، وذلك شئ قليل. قال ابن عطية عن عائشة ما كان رسول الله يفسر من القرآن إلا آيات معدودات علمه إياهن جبريل.

17. وما نقل (يعني من الآثار كذلك) عن الصحابة الذين شاهدوا نزول الوحي من بيان سبب النزول، وناسخ ومنسوخ، وتفسير مبهم، وتوضيح واقعة من كل ما طريقهم فيه الرواية عن الرسول صلى الله عليه وسلم، دون الرأي.

18. معنى كون أسباب النزول من مادة التفسير، أنها تعين على تفسير المراد، وليس المراد أن لفظ الآية يقصر عليها؛ لأن سبب النزول لا يخصص.

19. وتشمل الآثار إجماع الأمة على تفسير معنى، إذ لا يكون إلا عن مستند.( وكذلك المعلومات بالضرورة)

20. وأما القراءات فلا يحتاج إليها إلا في حين الاستدلال بالقراءة على تفسير غيرها، وإنما يكون في معنى الترجيح لأحد المعاني القائمة من الآية أو لاستظهار على المعنى، فذكر القراءة كذكر الشاهد من كلام العرب؛ لأنها إن كانت مشهورة، فلا جرم أنها تكون حجة لغوية، وإن كانت شاذة فحجتها لا من حيث الرواية، لأنها لا تكون صحيحة الرواية، ولكن من حيث إن قارئها ما قرأ بها إلا استنادا لاستعمال عربي صحيح، إذ لا يكون القارئ معتدا به إلا إذا عرفت سلامة عربيته.

21. وأما أخبار العرب فهي من جملة أدبهم، وإنما خصصتها بالذكر تنبيها لمن يتوهم أن الاشتغال بها من اللغو فهي يستعان بها على فهم ما أوجزه القرآن في سوقها.

22. لأن القرآن إنما يذكر القصص والأخبار للموعظة والاعتبار، لا لأن يتحادث بها الناس في الأسمار.

23. فبمعرفة الأخبار يعرف ما أشارت له الآيات من دقائق المعاني.

24. وأما أصول الفقه فلم يكونوا يعدونه من مادة التفسير، ولكنهم يذكرون أحكام الأوامر والنواهي والعموم وهي من أصول الفقه، فتحصل أن بعضه يكون مادة للتفسير، وذلك من جهتين:

· إحداهما: أن علم الأصول قد أودعت فيه مسائل كثيرة هي من طرق استعمال كلام العرب وفهم موارد اللغة أهمل التنبيه عليها علماء العربية مثل مسائل الفحوى ومفهوم المخالفة

· الجهة الثانية: أن علم الأصول يضبط قواعد الاستنباط ويفصح عنها فهو آلة للمفسر في استنباط المعاني الشرعية من آياتها

25. كون القرآن كلام الله قد تقرر عند سلف الأمة قبل علم الكلام، ولا أثر له في التفسير، وأما معرفة ما يجوز وما يستحيل فكذلك.

26. ولم نعد الفقه من مادة علم التفسير كما فعل السيوطي، لعدم توقف فهم القرآن، على مسائل الفقه.

27. تنبيه: اعلم أنه لا يعد من استمداد علم التفسير:

· الآثار المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم في تفسير آيات

· ولا ما يروى عن الصحابة في ذلك

لأن ذلك من التفسير لا من مدده

· ولا يعد أيضا من استمداد التفسير ما في بعض آي القرآن من معنى يفسر بعضا آخر منها، لأن ذلك من قبيل حمل بعض الكلام على بعض، كتخصيص العموم وتقييد المطلق وبيان المجمل وتأويل الظاهر ودلالة الاقتضاء وفحوى الخطاب ولحن الخطاب، ومفهوم المخالفة.

28. واعلم أن استمداد علم التفسير، من هذه المواد لا ينافي كونه رأس العلوم الإسلامية.

ملاحظات:ما ذكره الشيخ -رحمه الله- حول التفسير بالآثار قد يحتاج مزيد نظر:

16. وأما الآثار فالمعني بها، ما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم، من بيان المراد من بعض القرآن في مواضع الإشكال والإجمال، وذلك شئ قليل. قال ابن عطية عن عائشة ما كان رسول الله يفسر من القرآن إلا آيات معدودات علمه إياهن جبريل.



17. وما نقل (يعني من الآثار كذلك) عن الصحابة الذين شاهدوا نزول الوحي من بيان سبب النزول، وناسخ ومنسوخ، وتفسير مبهم، وتوضيح واقعة من كل ما طريقهم فيه الرواية عن الرسول صلى الله عليه وسلم، دون الرأي.

فما ذكره الشيخ هنا محل خلاف بين أهل العلم، كونه أخرج من التفسير بالمأثور تفسير القرآن بالقرآن، وتفسير الصحابي والتابعي، فعمدة التفسير بالمأثور -على المشهور- هو مجموع ما ذكر.

والذي يظهر لي -والله أعلم-أن تقسيم الشيخ هنا أقرب للصواب، فيكون ما ذكره من قبيل التفسير بالآثار حجة لا يرد، أما غيره فيعامل بحسبه:

فأما تفسير القرآن بالقرآن، فكما قال الشيخ: "أن ذلك من قبيل حمل بعض الكلام على بعض، كتخصيص العموم وتقييد المطلق وبيان المجمل وتأويل الظاهر ودلالة الاقتضاء وفحوى الخطاب ولحن الخطاب، ومفهوم المخالفة".

لكن قال الشيخ محمد بازمول -حفظه الله-: "تفسير القرآن بالقرآن؛

إمّا أن يرد عن الرسول صلى الله عليه وسلم.

وإمّا أن يرد عن الصحابي -رضي الله عنه-.

وإمّا أن يرد عن غير الصحابي فهذا على أحوال؛

أن تدل الآيات على معنى صحيح في نفسه مطابق للآية المراد تفسيرها.

أن تدل الآيات على معنى صحيح في نفسه يدخل ضمنا في معنى الآية المراد تفسيرها.

أن تدل الآيات على معنى صحيح في نفسه من لازم الآية المراد تفسيرها.

أن تدل الآيات على معنى لا علاقة له أصلاً بمعنى الآية المراد تفسيرها.

وهذه الأقسام تدل على أن الهجوم بنسبة التفسير بالمأثور إلى الاجتهاد والرأي بدون تفصيل متعقب؛ لأنه - وإن كان بنظر المفسر وما يستخرجه من الآيات - إنما يصدق على القسم الثالث؛ وهو في جميع أحواله مقبول، ويعتبر من المأثور، إلا في الحال الرابع، وهو فيها بعيد الحصول من أهل العلم!".اهـ

ويرد عليه وجود من فسر القرآن بالقرآن وأخطأ في ذلك وتعقبه أهل العلم، كما فسر مجاهد قوله تعالى: (ثم السبيل يسره) بقوله تعالى : (إنا هديناه السبيل) ،و مع ذلك رجح الطبريالقول الآخر بأنه الخروج من بطن أمه، ولو كان تفسير الآية بالآية من التابعي ملزما لما عدا عنه الطبري.(2)

وأما تفسير الصحابي الذي هو من اجتهاده يعامل معاملة اجتهاد الصحابة -رضي الله عنهم-، قال الشيخ محمد بازمول -حفظه الله-: "فإن قيل: ألا يدخل الاجتهاد فيما جاء عن الصحابة في تفسيرهم للقرآن الكريم؟

فالجواب : الذي يغلب على الظن أن تفسير الصحابة للقرآن هو مما فهموه وعلموا معانيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم-.

وما ظهر أنه باجتهاد فهم -رضي الله عنهم- فيه القدوة، إذ هم أعلم وأفقه وأدرى بما احتف بالنزول من غيرهم.

ودخول الاجتهاد في تفسيرهم لا يعني رد تفسيرهم أو مساواته بتفسير غيرهم، بل يتميز علمهم واجتهادهم عن علم غيرهم واجتهاده، ولذلك حتى في اختلافهم لا يجوز لمن بعدهم الخروج عن أقوالهم بإحداث قول أو معنى للآية يخرج عن اختلافهم".

وأما تفسير التابعي فيعامل معاملة أقوال التابعين، على ما هو مفصل في كتب أصول الفقه وأصول التفسير.(3)

ولمزيد الفائدة: انظر مقال للشيخ محمد بازمول: الرد على من يرى أن التفسير بالمأثور هو من التفسير بالرأي


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ

1- المقصزد قوله: قال شيخنا الجد الوزير : وهي ناشئة عن تتبع استعمال البلغاء فتحصل لغير العربي بتتبع موارد الاستعمال والتدبر في الكلام المقطوع ببلوغه غاية البلاغة ، فدعوى معرفة الذوق لا تقبل إلا من الخاصة ، وهو يضعف ويقوى بحسب مثافنة ذلك التدبر ".

2- انظر فصول في أصول التفسير لـ د.مساعد الطيار ص 55.

3- انظر الكتاب السابق ص 36.


التعديل الأخير تم بواسطة مهدي بن صالح البجائي ; 28 Aug 2014 الساعة 09:42 AM
رد مع اقتباس