عرض مشاركة واحدة
  #15  
قديم 11 Mar 2011, 12:49 AM
أم عبد الرحمن العاصمية أم عبد الرحمن العاصمية غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: الجزائر
المشاركات: 156
افتراضي

135- بابٌ حسن الخلق

ما مرَّ معنا من الآداب كلها تصب في هذا الباب " حسن الخلق"
الأبواب في هذه المسائل يبدؤون بالترهيب بسوء الأخلاق قبل الترغيب عن مكارمها

تحسين الخلق يكون بالتخلية قبل التحلية ، يتخلى عن مساوئها و قبيحها قبل أن يتحلى بهذه المكارم ، و في هذا مجاهدة كبيرة للنفس
الصحابة رضوان الله عليهم الهداية إلى الصراط المستقيم غيرت أحوالهم و أخلاقهم فهناك من كان يعرف بالبخل و لكن لما دخل في الإسلام و خالطت بشاشة الإيمان قلبه أصبح من أجود الناس ، كما يروى أنس –رضي الله عنه- عن زوج أمه أبو طلحة أنه كان أبخل الناس قبل الإسلام فأصبح أجود الناس
و لا شك أن البداية تكون بالعلم
و من كمال الإقتداء أن تتخلف بأخلاقه – صلى الله عليه و سلم- و كان نبينا –صلى الله عليه و سلم- سيد المتخلقين
كما قال النبي- صلى الله عليه و سلم- للأشج :" إن فيك خصلتان يحبهما الله و رسوله: الحلم و الأناة"
فعلينا أن نجاهد أنفسنا فيما يحبه الله و رسوله تكون مجاهدة صادقة و حقيقة لا ننافق في هذا و لا نتظاهر و نماري
و قد قال النبي عليه الصلاة و السلام :" خيركم خيركم لأهله و أنا خيركم لأهلي"
فهذه مسألة مهمة جدا أردت أن أنبه إليها أخواتي و خاصة ربما لأهمية هذا الموضوع للمرأة أكثر من الرجل لأننا نعتقد أنَّ المرأة هي المربي الأول لا نقول يعني المربية لأولادها بل مربية لأولادها و زوجها و مربية لجاراتها و مربية لأخواتها ، هذا هو الاجتماع الذي أراد الله -جل و علا- منه للمؤمنين أن يكون سببا من أسباب الكمال فيه ، كمالنا في اجتماعنا يكمل بعضنا بعضا
اقتباس:
حفظ الله شيخنا على هذه النصيحة الطيبة و جعلها في ميزان حسناته

و الله عز و جل قال:" و اعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا "و قال تعالى:" المؤمنون و المؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر "

قال البخاري – عليه رحمه الله- : بابٌ حسن الخلق

حسن الخلق: يقصد به مكارمها لأن فيه إشارة أن الأخلاق على نوعين:
أخلاق حسنة كريمة أمرنا بها ربنا- جل و علا- و رغبنا فيها نبينا عليه الصلاة و السلام
و النبي عليه الصلاة و السلام قال:" إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " هذا الإتمام يدل على أنه الأصل في أخلاق الناس و يدل على أن الخلق فيه ماهو جبِلِّي و فيه ماهو مكتسب
ففيه من الناس من جبلوا على الكرم، على الجود ، جبلوا على حب الخير ، و لكن ليس معناه أن ما جبلنا عليه هو حالنا ، و كذلك يجب على الإنسان أن يجتهد بدليل النصوص الأخرى قال – عليه الصلاة و السلام :" إنما العلم بالتعلم و إنما الحلم بالتحلم " بمعنى : أن يجاهد الإنسان نفسه حتى يتحلى بهذا الخلق الطيب الكريم الذي يحبه الله و رسوله – عليه الصلاة و السلام- ألا و هو الحلم
هذا فيه أن الأخلاق على نوعين و فيه كذلك أن الأخلاق فيها ماهو جبلي فطري و ماهو مكتسب
و الكمال في المحافظة على الجبلي و الاجتهاد في المكتسب من أجل التحلي به و هذا لا يكون إلا بالتخلي عن مساوئ الأخلاق كلها ، لأنه ما من خلق سيء إلا و يقابله خلق حسن فلا يمكن للإنسان أن يكون جوادا و لم يتخلص و لم يتخلى عن البخل لا يكون أبدا و يجاهد في ذلك قال تعالى:" و الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا"

270- حدثنا أبو الوليد قال: حدثنا شعبة، عن القاسم بن أبي برزة قال: سمعت عطاء الكيخاراني، عن أم الدَّرداء عن النبي – صلى الله عليه و سلم- قال :" ما من شيء في الميزان أثقل من حسن الخلق"

"ما من شيء في الميزان" هذا يفيد العموم
الميزان : ليس الميزان الحسي التي توزن به الأشياء المحسوسة بل المقصود به الميزان الذي توزن به الأعمال يوم القيامة و هو متعلق بما توضع في كفتيه من حسنات و سيئات ، ثقل الميزان بالحسنات يوم القيامة بالأفعال التي يكون أجرها عند الله تعالى عظيما و لهذا فإن النبي صلى الله عليه و سلم قال :" إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم" بما يناله هذا الصائم من عظيم الأجر و كذلك القائم

الفوائد:
1- الترغيب في حسن الخلق و بيان لعظم فضله
2- دليل على عظم أجر ثواب الخلق الحسن الذي جمع في بيان معناه بعض أئمتنا جملة هي عظيمة في معناها تدل على شمولية هذا الباب أي حسن الخلق بما يعامل به المرء غيره
قال ابن المبارك عليه رحمة الله في وصف حسن الخلق : هو بسط الوجه و بذل المعروف و كف الأذى
تحت بذل المعروف تدخل أخلاق كثيرة و تحت كف الأذى كذلك فيكون حسن الخلق جماع الفضائل كلها التي أُمرنا بها شرعا

ــــــ

- 270 صحيح: أبو داود في الأدب (4799)، و الترمذي في البر و الصلة (2003) ، و أحمد (6/446،442)، و صححه الألباني في صحيح الجامع رقم(249)


التعديل الأخير تم بواسطة أم عبد الرحمن العاصمية ; 19 Jan 2012 الساعة 11:10 PM
رد مع اقتباس