عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 10 Feb 2010, 02:21 AM
أم مصعب السلفية أم مصعب السلفية غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
الدولة: الجزائر
المشاركات: 52
افتراضي من وحي سورة التكاثر

من وحي سورة التكاثر



قوله تعالى : { ألهاكم التكاثر . حتى زرتم المقابر . كلا سوف تعلمون . ثم كلا

سوف تعلمون . كلا لو تعلمون علم اليقين . لترون الجحيم . ثم لترونها عين اليقين .

ثم لتسألن يومئذ عن النعيم } [ سورة التكاثر]




أخلصت هذه السورة للوعد والوعيد و التهديد ، وكفى بها موعظة

لمن عقلها .



فقوله تعالى : { ألهاكم } أي : شغلكم على وجه لا تعذرون فيه ،

فإن الإلهاء عن الشيء هو الاشتغال عنه : فإن كان بقصد ، فهو

محل التكليف ، وإن كان بغير قصد - كقوله صلى الله عليه وسلم

في الخميصة(1) : (( إنها ألهتني آنفا عن صلاتي )) (2) - كان

صاحبه معذورا ، وهو نوع من النسيان ، وفي الحديث : فلها صلى

الله عليه وسلم عن الصبي (3) ، أي : ذهل عنه ، ويقال : لها

بالشيء ، أي : اشتغل به ، وله عنه إذا انصرف عنه . واللهو

للقلب ، واللعب للجوارح ، ولهذا يجمع بينهما . ولهذا كان قوله :

{ ألهاكم التكاثر } : أبلغ في الذم من (شغلكم) ، فإن العامل قد

يستعمل جوارحه بما يعمل وقلبه غير لاه به ، فاللهو هو ذهول

وإعراض .



و {التكاثر } : تفاعل من الكثرة ، أي : مكاثرة بعضكم لبعض .



وأعرض عن ذكر المتكاثر به إرادة لإطلاقه وعمومه وأن كل ما

يكاثر به العبد غيره – سوى طاعة الله ورسوله وما يعود عليه

بنفع معاده - ،فهو داخل في هذا التكاثر ... فالتكاثر في كل شيء ،

من مال ، أو جاه ، أو رئاسة ، أو نسوة ، أو حديث ، أو علم –

ولا سيما إذا لم يحتج إليه - .... والتكاثر في الكتب ، والتصانيف ،

وكثرة المسائل ، وتفريغها ، وتوليدها ...والتكاثر أن يطلب الرجل

أن يكون أكثر من غيره ، وهذا مذموم ، إلا فيما يقرب إلى الله ،

فالتكاثر فيه منافسة في الخيرات ومسابقة إليها.



وفي "صحيح مسلم" من حديث عبد الله بن الشخير – بكسر الشين

- ، أنه انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلموهو يقرأ : { ألهاكم

التكاثر }. قال : (( يقول ابن آدم : مالي ! مالي ! وهل لك من مالك

إلا ما : تصدقت فأمضيت ، أو أكلت فأفنيت ، أو لبست فأبليت

؟ ! )). (4)







(1) الخميصة : كساء مربع له أعلام.



(2) قطعة من حديث رواه : البخاري [ 8- كتاب الصلاة ، 14- باب إذا صلى في ثوب له أعلام ونظر إلى علمها ، 1/ 482/ 373 ] ومسلم [ 5- كتاب المساجد ، 15- باب كراهة الصلاة في ثوب له اعلام ،1/ 391/ 556 ]،عن عائشة رضي الله عنها.



(3) قطعة من حديث رواه : البخاري [78- كتاب الأدب ، 108- باب تحويل الاسم إلى اسم أحسن منه ، 10/ 575 / 2191 ]، ومسلم [ 38- كتاب الأدب ، 5- باب استحباب تحنيك المولود ،3/ 1293/ 2149 ]، عن سهل بن سعد رضي الله عنه .



(4) رواه مسلم [53- كتاب الزهد والرقائق ،4/ 2273/ 2958 ].
منقول من كتاب (الفوائد) للإمــام ابن قيم الجوزية

رد مع اقتباس