عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 09 Feb 2008, 11:01 PM
أم جهان أم جهان غير متواجد حالياً
وفقها الله
 
تاريخ التسجيل: Oct 2007
المشاركات: 118
افتراضي

الباب السابع في حلق رأسه والتصدق بزنة شعره

ص -69- الباب السابع: في حلق رأسه والتصدق بوزن شعره
قال أبو عمر بن عبد البر أما حلق رأس الصبي عند العقيقة فإن العلماء كانوا يستحبون ذلك وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في حديث العقيقة ويحلق رأسه ويسمى وقال الخلال في الجامع ذكر رأس الصبي والصدقة بوزن شعره أخبرني محمد بن علي حدثنا صالح أن أباه قال يستحب أن يحلق يوم سابعه وروى الحسن عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم يحلق رأسه وروى سلمان بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم أميطوا عنه الأذى قال وسئل الحسن عن قوله أميطوا عنه الأذى قال يحلق رأسه وقال حنبل سمعت أبا عبد الله يقول يحلق رأس الصبي
وقال الفضل بن زياد قلت لأبي عبد الله يحلق رأس الصبي قال نعم قلت فيدمى قال لا هذا من فعل الجاهلية وقال صالح بن أحمد قال أبي إن فاطمة رضي الله عنها حلقت رأس الحسن والحسين وتصدقت بوزن شعرهما ورقا وقال حنبل سمعت أبا عبد الله قال لا بأس أن يتصدق بوزن شعر الصبي وقد روى مالك في موطئه عن جعفر بن محمد عن أبيه قال وزنت فاطمة شعر حسن وحسين وزينب وأم كلثوم فتصدقت بزنة ذلك فضة
وفي الموطأ أيضا عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن محمد بن علي بن حسين أنه قال وزنت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شعر حسن وحسين فتصدقت بزنته فضة وقال يحيى بن بكير حدثنا ابن لهيعة عن



ص -70- عمارة ابن عزية عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر برأس الحسن والحسين يوم سابعهما فحلقا وتصدق بوزنه فضة
وقال عبد الرزاق أخبرنا ابن جريج قال سمعت محمد بن علي يقول كانت فاطمة ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يولد لها ولد إلا أمرت بحلق رأسه وتصدقت بوزن شعره ورقا
قال أبو عمر قال عطاء يبدأ بالحلق قبل الذبح قلت وكأنه والله أعلم قصد بذلك تمييزه عن مناسك الحاج وأن لا يشبه به فإن السنة في حقه أن يقدم النحر على الحلق ولا أحفظ عن غير عطاء في ذلك شيئا وقد ذكر ابن اسحاق عن عبد الله بن أبي بكر عن محمد بن علي ابن الحسين عن علي قال عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن شاة وقال يا فاطمة احلقي رأسه وتصدقي بزنة شعره فضة فوزناه فكان وزنه درهما أو بعض درهم
وقد ذكر البيهقي من حديث ابن عقيل عن ابن أبي الحسين عن أبي رافع أن حسنا حين ولدته أمه أرادت أن تعق عنه بكبش عظيم فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال "لا تعقي عنه بشيء ولكن احلقي شعر رأسه ثم تصدقي بوزنه من الورق في سبيل الله أو على ابن السبيل" وولدت الحسين من العام المقبل فصنعت مثل ذلك قال البيهقي إن صح فكأنه أراد أن يتولى العقيقة عنها بنفسه كما روينا
فصل
ويتعلق بالحلق مسألة القزع وهي حلق بعض رأس الصبي وترك بعضه وقال أخرجاه في الصحيحين من حديث عبيد الله بن عمر عن عمر بن نافع عن أبيه عن ابن عمر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القزع والقزع أن يحلق بعض رأس الصبي ويدع بعضه قال شيخنا وهذا من كمال محبة الله ورسوله للعدل فإنه أمر به حتى في شأن الانسان مع نفسه فنهاه أن يحلق بعض رأسه ويترك بعضه لأنه ظلم للرأس حيث ترك بعضه كاسيا وبعضه عاريا ونظير هذا أنه نهى عن الجلوس بين الشمس
الباب الثامن في ذكر تسميته ووقتها ووجوبها

الباب الثامن: في ذكر تسميته وأحكامها ووقتها وفيه عشرة فصول
1 الفصل الأول في وقت التسمية
2 الفصل الثاني فيما يستحب من الأسماء وما يحرم منها وما يكره
3 الفصل الثالث في استحباب تغير الاسم إلى غيره لمصلحة
4 الفصل الرابع في جواز تكنية المولود بأبي فلان
5 الفصل الخامس في أن التسمية حق للأب دون الأم
6 الفصل السادس في الفرق بين الاسم والكنية واللقب
7 الفصل السابع في حكم التسمية باسم نبينا والتكني بكنيته إفرادا وجمعا وذكر الأحاديث في ذلك
8 الفصل الثامن في جواز التسمية بأكثر من اسم واحد
9 الفصل التاسع في بيان ارتباط معنى الاسم بالمسمى والمناسبة التي بينهما
10 الفصل العاشر في بيان أن الخلق يدعون يوم القيامة بآبائهم لا بأمهاتهمُ



ص -71- والظل فإنه ظلم لبعض بدنه ونظيره نهى أن يمشي الرجل في نعل واحدة بل إما أن ينعلهما أو يحفيهما
والقزع أربعة أنواع
أحدها: أن يحلق من رأسه مواضع من ها هنا وها هنا مأخوذ من تقزع السحاب وهو تقطعه
الثاني: أن يحلق وسطه ويترك جوانبه كما يفعله شمامسة النصارى
الثالث: أن يحلق جوانبه ويترك وسطه كما يفعله كثير من الأوباش والسفل
الرابع: أن يحلق مقدمه ويترك مؤخره وهذا كله من القزع والله أعلم



ص -74- الفصل الأول في وقت التسمية
قال الخلال في جامعه باب ذكر تسمية الصبي أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد قال تذاكرنا لكم يسمى الصبي فقال لنا أبو عبد الله أما ثابت فروى عن أنس أنه يسمى لثلاثة وأما سمرة فيسمى يوم السابع يعني حديث سمرة فيقتضي التسمية يوم السابع
أخبرني جعفر بن محمد أن يعقوب بن بختان حدثهم أن أبا عبد الله قال حديث أنس يسمى لثلاثة وحديث سمرة قال يسمى يوم سابعه حدثنا محمد بن علي حدثنا صالح أن أباه قال كان يستحب أن يسمى يوم السابع وذكر حديث سمرة
وقال ابن المنذر في الأسط ذكر تسمية المولود يوم سابعه جاء الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر أن يسمى المولود يوم سابعه وقد ذكرنا إسناده من حديث عبد الله بن عمرو قلت أراد حديث أبي إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سابع المولود بتسميته وعقيقته ووضع الأذى عنه وقد تقدم ذكره وذكر حديث
سمرة وقال البيهقي في سننه باب تسمية المولود حين يولد وهو أصح من السابع ثم روى من حديث حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس قال ذهبت بعبد الله بن أبي طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ولد ورسول الله صلى الله عليه وسلم يهنأ بعيرا له فقال له هل معك تمر قلت نعم فناولته تمرات فألقاهن في فيه فلا كهن ثم فغر فا الصبي فمجه في فيه فجعل الصبي يتلمظه فقال النبي صلى الله عليه وسلم "حب الأنصار التمر" أخرجاه في الصحيحين من حديث أنس بن سيرين عن أنس بن مالك وذكر حديث بريد بن عبد الله عن أبي بردة عن أبي موسى قال ولد لي غلام فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فسماه إبراهيم وحنكه بتمرة
قلت وفي الصحيحين من حديث سهل بن سعد الساعدي قال أتي



ص -75- بالمنذر بن أبي أسيد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ولد فوضعه النبي صلى الله عليه وسلم على فخذه وأبو أسيد جالس فلهى النبي صلى الله عليه وسلم بشيء بين يديه فأمر أبو أسيد بابنه فاحتمل من على فخذ النبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أين الصبي فقال أبو أسيد قلبناه يا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما أسمه قال فلان قال لا ولكن اسمه المنذر
وفي صحيح مسلم من حديث سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم" وذكر باقي الحديث في قصة موته
وقال أبو عمر بن عبد البر في الاستيعاب ولدت له مارية القبطية سريته إبراهيم في ذي الحجة سنة ثمان
وذكر الزبير عن أشياخه أن أم إبراهيم ولدت بالعالية وعق عنه بكبش يوم سابعه وحلق رأسه حلقه أبو هند فتصدق بزنة شعره فضة على المساكين وأمر بشعره فدفن في الأرض وسماه يومئذ هكذا قال الزبير وسماه يوم سابعه والحديث المرفوع أصح من قوله وأولى
ثم ذكر حديث أنس وكانت قابلتها سلمى مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرجت إلى زوجها أبي رافع فأخبرته أن مارية ولدت غلاما فجاء أبو رافع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبشره فوهب له عبدا
قلت وفي قصة مارية وإبراهيم أنواع من السنن
أحدها استحباب قبول الهدية
الثاني قبول هدية أهل الكتاب
الثالث قبول هدية الرقيق
الرابع جواز التسري
الخامس البشارة لمن ولد له مولود بولده
السادس استحباب إعطاء البشير بشراه
السابع العقيقة عن المولود
الثامن كونها يوم سابعه
التاسع حلق رأسه
العاشر التصدق بزنة شعره ورقا
الحادي عشر دفن الشعر في الأرض ولا يلقى تحت الأرجل
الثاني عشر تسمية المولود يوم ولادته
الثالث عشر جواز دفع الطفل إلى غير



ص -76- أمه ترضعه وتحضنه
الرابع عشر عيادة الوالد ولده الطفل فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما سمع بوجعه انطلق إليه يعوده في بيت أبي سيف القين فدعا به وضمه إليه وهو يكبد بنفسه فدمعت عيناه وقال تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضى الرب و إنا بك يا إبراهيم لمحزونون
الخامس عشر جواز البكاء على الميت بالعين وقد ذكر في مناقب الفضيل ابن عياض أنه ضحك يوم مات ابنه علي فسئل عن ذلك فقال إن الله تعالى قضى بقضاء فأحببت أن أرضى بقضائه وهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم أكمل وأفضل فإنه جمع بين الرضى بقضاء ربه تعالى وبين رحمة الطفل فإنه لما قال له سعد بي عبادة ما هذا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هذه رحمة وإنما يرحم الله من عباده الرحماء والفضيل ضاق عن الجمع بين الأمرين فلم يتسع للرضا بقضاء الرب وبكاء الرحمة للولد هذا جواب شيخنا سمعته منه
السادس عشر جواز الحزن على الميت وأنه لا ينقص الأجر ما لم يخرج إلى قول أو عمل لا يرضي الرب أو ترك قول أو عمل يرضيه
السابع عشر تغسيل الطفل فإن أبا عمر وغيره ذكروا أن مرضعته أم بردة امرأة أبي سيف غسلته حملته من بيتها على سرير صغير إلى لحده
الثامن عشر الصلاة على الطفل قال أبو عمر وصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكبر عليه أربعا هذا قول جمهور أهل العلم وهو الصحيح وكذلك قال الشعبي مات إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ستة عشر شهرا فصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم وروى ابن اسحاق عن عبد الله بن أبي بكر عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "دفن ابنه إبراهيم ولم يصل عليه" قال وهذا غير صحيح لأن الجمهور قد أجمعوا على الصلاة على الأطفال اذا استهلوا وراثة وعملا مستفيضا عن السلف والخلف ولا أعلم أحدا جاء عنه غير هذا إلا عن



ص -77- سمرة بن جندب قال وقد يحتمل أن يكون معنى حديث عائشة أنه لم يصل عليه في جماعة وأمر أصحابه فصلوا عليه ولم يحضرهم فلا يكون مخالفا لما عليه العلماء في ذلك وهو أولى ما حمل عليه انتهى
وقد قال غيره إنه اشتغل عن الصلاة عليه بأمر الكسوف وصلاته فإن الشمس كسفت يوم موته فشغل بصلاة الكسوف فإن الناس قالوا كسفت الشمس لموت ابراهيم فخطب النبي صلى الله عليه وسلم خطبة الكسوف وقال فيها "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ولكن يخوف الله بهما عباده"
وقد قال أبو داود في سننه باب الصلاة على الطفل ثم ساق حديث عائشة من طريق محمد بن إسحاق قال مات إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثمانية عشر شهرا فلم يصل عليه النبي صلى الله عليه وسلم ثم ساق في الباب عن البهي قال لما مات إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم في
المقاعد وهذا مرسل والبهي هو أبو محمد عبد الله بن يسار مولى مصعب بن الزبير تابعي ثم ذكر بعده عن عطاء بن أبي رباح أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على ابنه إبراهيم وهو ابن سبعين ليلة وهذا مرسل أيضا وكأنه وهم والله أعلم في مقدار عمره وقال البيهقي هذه الآثار وإن كانت مراسيل فهي تشبه الموصول ويشد بعضها بعضا وقد أثبتوا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنه إبراهيم وذلك أولى من رواية من روى أنه لم يصل عليه والموصول الذي أشار إليه هو حديث البراء بن عازب قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنه إبراهيم ومات وهو ابن ستة عشر شهرا وقال إن في الجنة مرضعا تتم رضاعه وهو صديق وهذا حديث لا يثبت لأنه من رواية جابر الجعفي ولا يحتج بحديثه ولكن هذا الحديث مع مرسل البهي وعطاء والشعبي يقوي بعضها بعضا وكان بعض الناس يقول إنما ترك الصلاة عليه لاستغنائة عنها بأبوة



ص -78- رسول الله صلى الله عليه وسلم كما استغنى الشهداء عنها بشهادتهم وهذا من أفسد الأقوال وأبعدها عن العلم فإن الله سبحانه شرع الصلاة على الأنبياء والصديقين وقد صلى الصحابة على رسول الله صلى الله عليه وسلم والشهيد إنما تركت الصلاة عليه لأنها تكون بعد الغسل وهو لا يغسل
التاسع عشر إن الشمس كسفت يوم موته فقال الناس كسفت لموت إبراهيم فخطب النبي صلى الله عليه وسلم خطبة الكسوف وقال إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته وفيه رد على من قال إنه مات يوم عاشر المحرم فإن الله سبحانه وتعالى أجرى العادة التي أوجبتها حكمته بأن الشمس إنما تكسف ليالي السرار كما أن القمر إنما يكسف في الأبدار كما أجرى العادة بطلوع الهلال أول الشهر وإبداره في وسطه وامحاقه في آخره
العشرون أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن له مرضعا تتم رضاعة في الجنة وهذا يدل على أن الله تعالى يكمل لأهل السعادة من عبادة بعد موتهم النقص الذي كان في الدنيا وفي ذلك آثار ليس هذا موضعها حتى قيل إن من مات وهو طالب للعلم كما له حصوله بعد موته وكذلك من مات وهو يتعلم القرآن والله أعلم
الحادي والعشرون أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بالقبط خيرا وقال إن لهم ذمة ورحما فإن سريتي الخليلين الكريمين إبراهيم ومحمد صلوات الله عليهما وسلامه كانتا منهم وهما هاجر ومارية فأما هاجر فهي أم إسماعيل أبي العرب فهذا الرحم وأما الذمة فما حصل من تسري النبي صلى الله عليه وسلم بمارية و إيلادها إبراهيم وذلك ذمام يجب على المسلمين رعايته ما لم تضيعه القبط والله اعلم
وقد روى البخاري في صحيحه عن السدي قال سالت انس بن مالك كم كان بلغ إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم قال كان قد ملأ مهده ولو بقي لكان نبيا



ص -79- ولكن لم يكن ليبقى لأن نبيكم آخر الأنبياء
وقد روى عيسى بن يونس عن ابن أبي خالد قال قلت لابن أبي أوفى أرأيت إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم قال مات وهو صغير ولو قدر أن يكون بعد محمد نبي لعاش ولكنه لا نبي بعد محمد
قال ابن عبد البر ولا أدري ما هذا وقد ولد نوح عليه السلام من ليس بنبي وكما يلد غير النبي صلى الله عليه وسلم نبيا فكذلك يجوز أن يلد النبي صلى الله عليه وسلم غير نبي ولو لم يلد النبي صلى الله عليه وسلم إلا نبيا لكان كل أحد نبيا لأنه من ولد نوح وآدم نبي مكلم ما أعلم في ولده لصلبه نبيا غير شيث والله أعلم
وهذا فصل معترض يتعلق بوقت تسمية المولود ذكرناه استطرادا فلنرجع إلى مقصود الباب فنقول إن التسمية لما كانت حقيقتها تعريف الشيء المسمى لأنه إذا وجد وهو مجهول الاسم لم يكن له ما يقع تعريفه به فجاز تعريفه يوم وجوده وجاز تأخير التعريف إلى ثلاثة أيام وجاز إلى يوم العقيقة عنه ويجوز قبل ذلك وبعده والأمر فيه واسع
الفصل الثاني فيما يستحب من الأسماء وما يكره منها
عن أبي الدرداء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وبأسماء آبائكم فأحسنوا أسماءكم رواه أبو داود بإسناد حسن وعن ابن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أحب أسمائكم إلى الله عز وجل عبد الله وعبد الرحمن رواه مسلم في صحيحه وعن جابر قال ولد لرجل منا غلام فسماه القاسم فقلنا لا نكنيك أبا القاسم ولا كرامة فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال سم ابنك عبد الرحمن متفق عليه



ص -80- وعن أبي وهب الجشمي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "تسموا بأسماء الأنبياء وأحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن وأصدقها حارث وهمام وأقبحها حرب ومرة" قال أبو محمد بن حزم اتفقوا على استحسان الأسماء المضافة إلى الله كعبد الله وعب الرحمن وما أشبه ذلك فقد اختلف الفقهاء في أحب الأسماء إلى الله فقال الجمهور أحبها إليه عبد الله وعبد الرحمن قال سعيد بن المسيب أحب الأسماء إليه أسماء الأنبياء والحديث الصحيح يدل على أن أحب الأسماء إليه عبد الله وعبد الرحمن
فصل
وأما المكروه منها والمحرم فقال أبو محمد بن حزم اتفقوا على تحريم كل اسم معبد لغير الله كعبد العزى وعبد هبل وعبد عمرو وعبد الكعبة وما أشبه ذلك حاشا عبد المطلب انتهى فلا تحل التسمية ب عبد علي ولا عبد الحسين ولا عبد الكعبة وقد روى ابن أبي شيبة حديث يزيد بن المقدام بن شريح عن المقدام بن شريح عن أبيه عن جده هانىء بن يزيد قال وفد على النبي صلى الله عليه وسلم قوم فسمعهم يسمون عبد الحجر فقال له ما اسمك فقال عبد الحجر فقال له رسول إنما أنت عبد الله فإن قيل كيف يتفقون على تحريم الاسم المعبد لغير الله وقد صح عنه أنه قال تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم تعس عبد الخميصة تعس عبد القطيفة وصح أنه قال

أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب

ودخل عليه رجل وهو جالس بين أصحابه فقال أيكم ابن عبد المطلب فقالوا هذا وأشاروا إليه فالجواب أما قوله تعس عبد النار فلم يرد به الاسم وإنما أراد به الوصف والدعاء على من يعبد قلبه الدينار والدرهم فرضي بعبوديتها عن عبودية ربه تعالى وذكر الأثمان والملابس وهما جمال الباطن والظاهر



ص -81- أما قوله أنا ابن عبد المطلب فهذا ليس من باب إنشاء التسمية بذلك وإنما هو باب الإخبار بالاسم الذي عرف به المسمى دون غيره والأخبار بمثل ذلك على وجه تعريف المسمى لا يحرم ولا وجه لتخصيص أبي محمد بن حزم ذلك بعبد المطلب خاصة فقد كان الصحابة يسمون بني عبد شمس وبني عبد الدار بأسمائهم ولا ينكر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم فباب الإخبار أوسع من باب الإنشاء فيجوز ما لا يجوز في الإنشاء
فصل
ومن المحرم التسمية بملك الملوك وسلطان السلاطين وشاهنشاه فقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن أخنع اسم عند الله رجل تسمى ملك الأملاك وفي رواية أخنى بدل أخنع وفي رواية لمسلم أغيظ رجل عند الله يوم القيامة وأخبثه رجل كان يسمى ملك الأملاك لا ملك إلا الله ومعنى أخنع وأخنى أوضع وقال بعض العلماء وفي معنى ذلك كراهية التسمية بقاضي القضاء وحاكم الحكام فان حاكم الحكام في الحقيقة هو الله وقد كان جماعة من أهل الدين والفضل يتورعون عن إطلاق لفظ قاضي القضاة وحاكم الحكام قياسا على ما يبغضه الله ورسوله من التسمية بملك الأملاك وهذا محض القياس
وكذلك تحرم التسمية بسيد الناس وسيد الكل كما يحرم سيد ولد آدم فان هذا ليس لأحد إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وحده فهو سيد ولد آدم فلا يحل لأحد أن يطلق على غيره ذلك
فصل
ومن الأسماء المكروهة ما رواه مسلم في صحيحه عن سمرة بن جندب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسمين غلامك يسارا ولا رباحا ولا نجاحا ولا أفلح فانك تقول أثم هو فلا يكون فيقول لا إنما هن أربع لا تزيدن علي وهذه الجملة الأخيرة ليست من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما هي من كلام الراوي



ص -82- وفي سنن أبي داود من حديث جابر بن عبد الله قال أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينهى أن يسمى ب يعلى وبركة وأفلح ويسار ونافع وبنحو ذلك ثم رأيته سكت بعد عنها فلم يقل شيئا ثم قبض ولم ينه عن ذلك ثم أراد عمر أن ينهى عن ذلك ثم تركه وقال أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا محمد بن عبيد عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن عشت إن شاء الله أنهى أمتي أن يسموا نافعا وأفلح وبركة" قال الأعمش لا أدري أذكر نافعا أم لا
وفي سنن ابن ماجة من حديث أبي الزبير عن جابر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن عشت إن شاء الله لأنهين أمتي أن يسموا رباحا ونجيحا وأفلح ويسارا" قلت وفي معنى هذا مبارك ومفلح وخير وسرور ونعمة وما أشبه ذلك فإن المعنى الذي كره له النبي صلى الله عليه وسلم التسمية بتلك الأربع موجود فيها فانه يقال أعندك خير أعندك سرور أعندك نعمة فيقول لا فتشمئز القلوب من ذلك وتتطير به وتدخل في باب المنطق المكروه
وفي الحديث أنه كره أن يقال خرج من عند برة مع أن فيه معنى آخر يقتضي النهي وهو تزكية النفس بأنه مبارك ومفلح وقد لا يكون كذلك كما روى أبو داود في سننه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يسمى برة وقال لا تزكوا أنفسكم الله أعلم بأهل البر منكم وفي سنن ابن ماجة عن أبي هريرة أن زينب كان اسمها برة فقيل تزكي نفسها فسماها النبي صلى الله عليه وسلم زينب
فصل
ومنها التسمية بأسماء الشياطين كخنزب والولهان والأعور والأجدع قال الشعبي عن مسروق لقيت عمر بن الخطاب فقال من أنت قلت مسروق بن الأجدع فقال عمر رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الأجدع شيطان



ص -83- وفي سنن ابن ماجة وزيادات عبد الله في مسند أبيه من حديث أبي بن ابن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن للوضوء شيطانا يقال له الولهان فاتقوا وسواس الماء وشكي إليه عثمان بن أبي العاص من وسواسه في الصلاة فقال ذلك شيطان يقال له خنزب وذكر أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا حميد بن عبد الرحمن عن هشام عن أبيه أن رجلا كان اسمه الحباب فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله وقال الحباب شيطان
فصل
ومنها أسماء الفراعنة والجبابرة كفرعون وقارون وهامان والوليد قال عبد الرزاق في الجامع أخبرنا معمر عن الزهري قال أراد رجل أن يسمي ابنا له الوليد فنهاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال انه سيكون رجل يقال له الوليد يعمل في أمتي بعمل فرعون في قومه
فصل
ومنها كأسماء الملائكة كجبرائيل وميكائيل وإسرافيل فإنه يكره تسمية الآدميين بها قال أشهب سئل مالك عن التسمي بجبريل فكره ذلك ولم يعجبه وقال القاضي عياض قد استظهر بعض العلماء التسمي بأسماء الملائكة وهو قول الحارث بن مسكين قال وكره مالك التسمي بجبريل وياسين وأباح ذلك غيره قال عبد الرزاق في الجامع عن معمر قال قلت لحماد بن أبي سليمان كيف تقول في رجل تسمى بجبريل وميكائيل فقال لا بأس به قال البخاري في تاريخه قال أحمد بن الحارث حدثنا أبو قتادة الشامي ليس بالحراني مات سنة أربع وستين ومائة حدثنا عبد الله بن جراد قال صحبني رجل من مزينة فأتى النبي صلى الله عليه وسلم وأنا معه فقال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولد لي مولود فما خير الأسماء قال إن خير الأسماء لكم الحارث وهمام ونعم الاسم عبد الله وعبد الرحمن وتسموا بأسماء الأنبياء ولا تسموا بأسماء الملائكة قال وباسمك قال وباسمي ولا تكنوا بكنيتي وقال البيهقي قال البخاري في غير هذه الرواية في إسناده نظر



ص -84- فصل
ومنها الأسماء التي لها معان تكرهها النفوس ولا تلائمها كحرب ومرة وكلب وحية وأشبهاهها وقد تقدم الأثر الذي ذكره مالك في موطئه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للقحة من يحلب هذه فقام رجل فقال أنا فقال ما اسمك قال الرجل مرة فقال له اجلس ثم قال من يحلب هذه فقام رجل آخر فقال له ما اسمك قال حرب فقال له اجلس ثم قال من يحلب هذه فقام رجل فقال أنا قال ما اسمك قال يعيش فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم احلب فكره مباشرة المسمى بالاسم المكروه لحلب الشاة
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يشتد عليه الاسم القبيح ويكرهه جدا من الأشخاص والأماكن والقبائل والجبال حتى انه مر في مسيرله بين جبلين فسأل عن اسمهما فقيل له فاضح ومخز فعدل عنهما ولم يمر بينهما وكان شديد الاعتناء بذلك ومن تأمل السنة وجد معاني في الأسماء مرتبطة بها حتى كأن معانيها مأخوذة منها وكأن الأسماء مشتقة من معانيها فتأمل قوله أسلم سالمها الله وغفار غفر الله لها وعصية عصت الله
وقوله لما جاء سهيل بن عمرو يوم الصلح سهل أمركم وقوله لبريدة لما سأله عن اسمه فقال بريدة قال يا أبا بكر برد أمرنا ثم قال ممن أنت قال من أسلم فقال لأبي بكر سلمنا ثم قال ممن قال من سهم قال خرج سهمك ذكره أبو عمر في استذكاره حتى انه كان يعتبر ذلك في التأويل فقال رأيت كأنا في دار عقبة بن رافع فأتينا برطب من رطب ابن طالب فأولت العاقبة لنا في الدنيا والرفعة وأن ديننا قد طاب وإذا أردت أن تعرف تأثير الأسماء في مسمياتها
فتأمل حديث سعيد بن المسيب عن أبيه عن جده قال أتيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما اسمك قلت حزن فقال أنت سهل قال لا أغير اسما سمانيه



ص -85- أبي قال ابن المسيب فما زالت تلك الحزونة فينا بعد رواه البخاري في صحيحه والحزونة الغلظة ومنه أرض حزنة وأرض سهلة وتأمل ما رواه مالك في الموطأ عن يحيى بن سعيد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لرجل ما اسمك قال جمرة قال ابن من قال ابن شهاب قال ممن قال من الحرقة قال أين مسكنك قال بحرة النار قال بأيتها قال بذات لظى قال عمر أدرك أهلك فقد احترقوا فكان كما قال عمر هذه رواية مالك
ورواه الشعبي فقال جاء رجل من جهينة إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال ما اسمك قال شهاب قال ابن من قال ابن ضرام قال ممن قال من الحرقة منزلك قال قال أين بحرة النار قال ويحك أدرك منزلك وأهلك فقد أحرقتهم قال فأتاهم فألفاهم قد احترق عامتهم
وقد استشكل هذا من لم يفهمه وليس بحمد الله مشكلا فإن مسبب الأسباب جعل هذه المناسبات مقتضيات لهذا الأثر وجعل اجتماعها على هذا الوجه الخاص موجبا له وأخر اقتضاءها لأثرها إلى أن تكلم به من ضرب الحق على لسانه ومن كان الملك ينطق على لسانه فحينئذ كمل اجتماعها وتمت فرتب عليها الأثر ومن كان له في هذا الباب فقه نفس انتفع به غاية الانتفاع فإن البلاء موكل بالمنطق قال أبو عمر وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم البلاء موكل بالقول
ومن البلاء الحاصل بالقول قول الشيخ البائس الذي عاده النبي صلى الله عليه وسلم فرأى عليه حمى فقال لا بأس طهور إن شاء الله فقال بل حمى تفور على شيخ كبير تزيره القبور فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فنعم إذا وقد رأينا من هذا عبرا فينا وفي غيرنا والذي رأيناه كقطرة في بحر وقد قال المؤمل الشاعر



ص -86- شف المؤمل يوم النقلة النظر ليت المؤمل لم يخلق له البصر

فلم يلبث أن عمي وفي جامع ابن وهب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بغلام فقال ما سميتم هذا قالوا السائب فقال لا تسموه السائب ولكن عبد الله قال فغلبوا على اسمه فلم يمت حتى ذهب عقله فحفظ المنطق وتحيز الأسماء من توفيق الله للعبد وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم من تمنى أن يحسن أمنيته وقال إن أحدكم لا يدري ما يكتب له من أمنيته أي ما يقدر له منها وتكون أمنيته سبب حصول ما تمنهاه أو بعضه وقد بلغك أو رأيت أخبار كثير من المتمنين أصابتهم أمانيهم أو بعضها وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يتمثل بهذا البيت

احذر لسانك أن يقول فتبتلى إن البلاء موكل بالمنطق

ولما نزل الحسين وأصحابه بكربلاء سأل عن أسمها فقيل كربلاء فقال كرب وبلاء ولما وقفت حليمة السعدية على عبد المطلب تسأله رضاع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها من أنت قال امرأة من بني سعد قال فما اسمك قالت حليمة فقال بخ بخ سعد وحلم هاتان خلتان فيهما غناء الدهر
وذكر سليمان بن أرقم عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال بعث ملك الروم إلى النبي صلى الله عليه وسلم رسولا وقال انظر أين تراه جالسا ومن إلى جنبه وانظر إلى ما بين كتفيه قال فلما قدم رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا على نشز واضعا قدميه في الماء عن يمينه أبو بكر فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم قال تحول فانظر ما أمرت به فنظر إلى الخاتم ثم رجع إلى صاحبه فأخبره الخبر فقال ليعلمون أمره وليملكن ما تحت قدمي فينال بالنشز العلو وبالماء الحياة

ص -87- وقال عوانة بن الحكم لما دعا ابن الزبير إلى نفسه قام عبد الله بن مطيع ليبايع فقبض عبد الله بن الزبير يده وقال لعبيد الله علي بن أبي طالب قم فبايع فقال عبيد الله قم يا مصعب فبايع فقام فبايع فقال الناس أبى أن يبايع ابن مطيع وبايع مصعبا ليجدن في أمره صعوبة وقال سلمة ابن محارب نزل الحجاج دير قرة ونزل عبد الرحمن بن الأشعث دير الجماجم فقال الحجاج استقر الأمر في يدي وتجمجم به أمره والله لأقتلنه وهذا باب طويل عظيم النفع نبهنا عليه أدنى تنبيه والمقصود ذكر الأسماء المكروهة والمحبوبة
فصل
ومما يمنع تسمية الإنسان به أسماء الرب تبارك وتعالى فلا يجوز التسمية بالأحد والصمد ولا بالخالق ولا بالرازق وكذلك سائر الأسماء المختصة بالرب تبارك وتعالى ولا تجوز تسمية الملوك بالقاهر والظاهر كما لا يجوز تسميتهم بالجبار والمتكبر والأول والآخر والباطن وعلام الغيوب
وقد قال أبو داود في سننه حدثنا الربيع بن نافع عن يزيد بن المقدام ابن شريح عن أبيه عن جده شريح عن أبيه هانىء أنه لما وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة مع قومه سمعهم يكنونه بأبي الحكم فدعاه فقال إن الله هو الحكم وإليه الحكم فلم تكنى أبا الحكم فقال إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم فرضي كلا الفريقين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحسن هذا فما لك من الولد قال لي شريح ومسلمة وعبد الله قال فمن أكبرهم قلت شريح قال فأنت أبو شريح وقد تقدم ذكر الحديث الصحيح أبغض رجل على الله رجل تسمى



ص -88- بملك الأملاك
وقال أبو داود حدثنا مسدد حدثنا بشر بن المفضل حدثنا أبو سلمة سعيد بن يزيد عن أبي نضرة عن مطرف بن عبد الله بن الشخير قال قال أبي انطلقت في وفد بني عامر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا أنت سيدنا فقال السيد الله قلنا وأفضلنا فضلا وأعظمنا طولا فقال قولوا بقولكم أو ببعض قولكم ولا يستجرينكم الشيطان ولا ينافي هذا قوله أنا سيد ولد آدم فإن هذا إخبار منه عما أعطاه الله من سيادة النوع الإنساني وفضله وشرفه عليهم وأما وصف الرب تعالى بأنه السيد فذلك وصف لربه على الإطلاق فإن سيد الخلق هو مالك أمرهم الذي إليه يرجعون وبأمره يعلمون وعن قوله يصدرون فإذا كانت الملائكة والإنس والجن خلقا له سبحانه وتعالى وملكا له ليس لهم غنى عنه طرفة عين وكل رغباتهم إليه وكل حوائجهم اليه كان هو سبحانه وتعالى السيد على الحقيقة قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في تفسير قول الله الصمد قال السيد الذي كمل سؤدده والمقصود أنه لا يجوز لأحد أن يتسمى بأسماء الله المختصة به
وأما الأسماء التي تطلق عليه وعلى غيره كالسميع والبصير والرؤوف والرحيم فيجوز أن يخبر بمعانيها عن المخلوق ولا يجوز أن يتسمى بها على الإطلاق بحيث يطلق عليه كما يطلق على الرب تعالى
فصل
ومما يمنع منه التسمية بأسماء القرآن وسوره مثل طه ويس وحم وقد نص مالك على كراهة التسمية ب يس ذكره السهلي وأما يذكره العوام أن يس وطه من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم فغير صحيح ليس ذلك في حديث صحيح ولا حسن ولا مرسل ولا أثر عن صاحب وإنما هذه الحروف مثل الم وحم والر ونحوها



ص -89- أنه لا يكره وهذا قول الأكثرين وهو الصواب والثاني يكره قال أبو بكر بن أبي شيبة في باب ما يكره من الأسماء حدثنا الفضل بن دكين عن أبي جلدة عن أبي العالية تفعلون شرا من ذلك تسمون أولادكم أسماء الأنبياء ثم تلعنونهم وأصرح من ذلك ما حكاه أبو القاسم السهيلي في الروض فقال وكان من مذهب عمر بن الخطاب كراهة التسمي بأسماء الأنبياء قلت وصاحب هذا القول قصد صيانة أسمائهم عن الابتذال وما يعرض لها من سوء الخطاب عند الغضب وغيره وقد قال سعيد بن المسيب أحب الأسماء إلى الله أسماء الأنبياء وفي تاريخ ابن أبي خيثمة أن طلحة كان له عشرة من الولد كل منهم اسم نبي وكان للزبير عشرة كلهم تسمى باسم شهيد فقال له طلحة أنا أسميهم بأسماء الأنبياء وأنت تسمي بأسماء الشهداء فقال له الزبير فإني أطمع أن يكون بني شهداء ولا تطمع أن يكون بنوك أنبياء
وقد ثبت في صحيح مسلم عن أبي موسى قال ولد لي غلام فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فسماه إبراهيم وحنكه بتمرة
وقال البخاري في صحيحه باب من تسمى بأسماء الأنبياء حدثنا ابن أيمن حدثنا ابن بشر حدثنا اسماعيل قال قلت لابن أبي أوفى رأيت إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم مات صغيرا ولو قضي أن يكون بعد محمد نبي عاش ابنه ولكن لا نبي بعده ثم ذكر حديث البراء لما مات إبراهيم قال النبي صلى الله عليه وسلم إن له مرضعا في الجنة وفي صحيح مسلم باب التسمي بأسماء الأنبياء والصالحين ثم ذكر حديث المغيرة بن شعبة قال لما قدمت نجران سألوني فقالوا إنكم تقرؤون يا أختا هارون وموسى قبل عيسى بكذا وكذا فلما قدمت على رسول الله صلى الله



ص -90- عليه وسلم سألته عن ذلك فقال إنهم كانوا يسمون بأنبيائهم والصالحين قبلهم
الفصل الثالث في تغيير الاسم باسم آخر لمصلحة تقتضيه
عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم غير اسم عاصية وقال أنت جميلة وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة أن زينب كان اسمها برة فقيل تزكي نفسها فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب وفي سنن أبي داود من حديث سعيد بن المسيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما اسمك قال حزن قال أنت سهل قال لا السهل يوطأ ويمتهن قال سعيد فظننت أنه سيصيبنا بعده حزونة
وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بالمنذر بن أبي أسيد حين ولد فوضعه على فخذه فأقاموه فقال أين الصبي فقال أبو أسيد أقلبناه يا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما اسمه قال فلان قال ولكن اسمه المنذر وروى أبو داود في سننه عن أسامة بن أخدري أن رجلا كان يقال له أصرم كان في النفر الذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما اسمك قال أصرم قال بل أنت زرعة
قال أبو داود وغير رسول الله صلى الله عليه وسلم اسم العاص وعزيز وعتلة وشيطان والحكم وغراب وشهاب وحباب فسماه هاشما وسمى حربا سلما وسمى المضطجع المنبعث وأرضا يقال لها عفرة خضرة وشعب الضلالة سماه شعب الهدى وبنو الزينة سماهم بني الرشدة وسمي بني مغوية بني رشدة قال أبو داود تركت أسانيدها للاختصار وفي سنن البيهقي من



ص -91- حديث الليث بن سعيد عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي قال توفي صاحب لي غريبا فكنا على قبره أنا وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو بن العاص وكان اسمي العاص واسم ابن عمر العاص واسم ابن عمرو العاص فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم انزلوا فاقبروه وأنتم عبيد الله قال فنزلنا فقبرنا أخانا وصعدنا من القبر وقد أبدلت أسماؤنا وإسناده جيد إلى الليث ولا أدري ما هذا فإنه لا يعرف تسمية عبد الله بن عمر ولا ابن عمرو بالعاص
وقد قال ابن أبي شيبة في مصنفه حدثنا محمد بن بشر حدثنا زكريا عن الشعبي قال لم يدرك الإسلام من عصاة قريش غير مطيع وكان اسمه العاصي فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم مطيعا وقال أبو بكر بن المنذر حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا أبو نعيم حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن هانيء بن هانيء عن علي رضي الله عنه قال لما ولد الحسن سميته حربا قال
فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال أروني ابني ما سميتموه قلنا حربا قال بل هو حسن فلما ولد الحسين سميته حربا فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال أروني ابني ما سميتموه قلنا حربا قال بل هو حسين قال فلما ولد الثالث سميته حربا فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال أروني ابني ما سميتموه قلنا حربا قال بل هو محسن ثم قال إني سميتهم بأسماء ولد هارون شبر وشبير ومشبر
وفي مصنف ابن أبي شيبة حدثنا محمد بن فضيل عن العلاء بن المسيب عن خيثمة قال كان اسم أبي في الجاهلية عزيزا فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن



ص -92- وقال البخاري في كتاب الأدب حدثنا إبراهيم بن المنذر حدثنا زيد بن الحباب قال حدثني ابن عبد الرحمن بن سعيد المخزومي وكان اسمه الصرم فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم سعيدا حدثنا محمد بن سنان حدثنا عبد الله بن الحارث بن أبزى قال حدثتني رائطة بنت مسلم عن أبيها قال شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينا فقال لي ما اسمك قلت غراب قال لا بل أنت مسلم
فصل
وكما أن تغيير الاسم يكون لقبحه وكراهته فقد يكون لمصلحة أخرى مع حسنه كما غير اسم برة بزينب كراهة التزكيه وأن يقال خرج من عند برة أو يقال كنت عند برة فيقول لا كما ذكر في الحديث
فصل
وغير النبي صلى الله عليه وسلم اسم المدينة وكان يثرب فسماها طابة كما في الصحيحين عن أبي حميد قال أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك حتى أشرفنا على المدينة فقال هذه طابة
وفي صحيح مسلم عن جابر بن سمرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "إن الله سمى المدينة طابة" ويكره تسميتها يثرب كراهة شديدة وإنما حكى الله تسميتها يثرب عن المنافقين فقال { وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا} الأحزاب 12 _ 13
وفي سنن النسائي من حديث مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال سمعت أبا الحباب سعيد بن يسار يقول سمعت أبا هريرة يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "أمرت بقرية تأكل القرى يقولون يثرب وهي المدينة تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديد"



ص -93- الفصل الرابع في جواز تكنية المولود بأبي فلان
في الصحيحين من حديث أنس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا وكان لي أخ يقال له أبو عمير وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا جاء يقول له يا أبا عمير ما فعل النغير نغير كان يلعب به قال الراوي أظنه كان فطيما وكان أنس يكنى قبل أن يولد له يأبي حمزة وأبو هريرة كان يكنى بذلك ولم يكن له ولد إذ ذاك وأذن النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة أن تكنى بأم عبد الله وهو عبد الله بن الزبير وهو ابن أختها أسماء بنت أبي بكر هذا هو الصحيح لا الحديث الذي روي أنها أسقطت من النبي صلى الله عليه وسلم سقطا فسماه عبد الله وكناها به فإنه حديث لا يصح
ويجوز تكنية الرجل الذي له أولاد بغير أولاده ولم يكن لأبي بكر ابن اسمه بكر ولا لعمر ابن اسمه حفص ولا لأبي ذر ابن المنذر ابن اسمه ذر ولا لخالد ابن اسمه سليمان وكان يكنى أبا سليمان وكذلك أبو سلمة وهو أكثر من أن يحصى فلا يلزم من جواز التكنية أن يكون له ولد ولا أن يكنى باسم ذلك الولد والله أعلم
والتكنية نوع تكثير وتفخيم للمكنى وإكرام له كما قال

أكنيه حين أناديه لأكرمه ولا ألقبه والسوأة اللقب

الفصل الخامس في أن التسمية حق للأب لا للأم
هذا مما لا نزاع فيه بين الناس وأن الأبوين إذا تنازعا في تسمية



ص -94- الولد فهي للأب والأحاديث المتقدمة كلها تدل على هذا وهذا كما أنه يدعى لأبيه لا لأمه فيقال فلان ابن فلان قال تعالى { ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} الأحزاب 5 والولد يتبع أمه في الحرية والرق ويتبع أباه في النسب والتسمية تعريف النسب والمنسوب ويتبع في الدين خير أبويه دينا فالتعريف كالتعليم والعقيقة وذلك إلى الأب لا إلى الأم وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ولد لي الليلة مولود فسميته باسم أبي إبراهيم وتسمية الرجل ابنه كتسمية غلامه
الفصل السادس في الفرق بين الاسم والكنية واللقب
هذه الثلاثة وإن اشتركت في تعريف المدعو بها فأنها تفترق في أمر آخر وهو أن الاسم إما أن يفهم مدحا أو ذما أو لا يفهم واحد منهما فإن أفهم ذلك فهو اللقب وغالب استعماله في الذم ولهذا قال الله تعالى { وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ } الحجرات 11 ولا خلاف في تحريم تلقيب الإنسان بما يكرهه سواء كان فيه أو لم يكن وأما إذا عرف بذلك واشتهر به كالأعمش والأشتر والأصم والأعرج فقد اضطرد استعماله على ألسنة أهل العلم قديما وحديثا وسهل فيه الإمام أحمد
قال أبو داود في مسائله سمعت أحمد بن حنبل سئل عن الرجل يكون له اللقب لا يعرف إلا به ولا يكرهه قال أليس يقال سليمان الأعمش وحميد الطويل كأنه لا يرى به بأسا
قال أبو داود سألت أحمد عنه مرة أخرى فرخص فيه قلت كان



ص -95- أحمد يكره أن يقول الأعمش قال الفضيل يزعمون كان يقول سليمان وإما أن لا يفهم مدحا ولا ذما فإن صدر بأب وأم فهو الكنية كأبي فلان وأم فلان وإن لم يصدر بذلك فهو الاسم كزيد وعمرو وهذا هو الذي كانت تعرفه العرب وعليه مدار مخاطباتهم وأما فلان الدين وعز الدين وعز الدولة وبهاء الدولة فإنهم لم يكونوا يعرفون ذلك وإنما أتى هذا من قبل العجم
الفصل السابع في حكم التسمية باسم نبينا والتكني بكنيته إفرادا وجمعا
ثبت في الصحيحين من حديث محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال قال أبو القاسم تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي وقال البخاري في صحيحه باب قول النبي صلى الله عليه وسلم "تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي" قاله أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم حدثنا مسدد حدثنا خالد عن حصين عن جابر قال ولد لرجل منا غلام فسماه القاسم فقالوا لا تكنه حتى تسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال "تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي"
حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا سفيان سمعت بن المنكدر سمعت جابر بن عبد الله يقول ولد لرجل منا غلام فسماه القاسم فقلنا لا نكنيك بأبي القاسم ولا ننعمك عينا فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك فقال اسم ابنك عبد الرحمن
وفي صحيح مسلم من حديث إسحاق بن راهويه أخبرنا جرير عن منصور عن سالم بن أبي الجعد عن جابر قال ولد لرجل منا غلام فسماه محمدا فقال له قومه لا ندعك تسمي باسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق بابنه حامله على ظهره فقال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولد لي غلام فسميته محمدا فقال لي قومي



ص -96- لا ندعك تسمي باسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي فإنما أنا قاسم أقسم بينكم
وفي صحيحه من حديث أبي كريب عن مروان الفزاري عن حميد عن أنس قال نادى رجل رجلا بالبقيع يا أبا القاسم فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لم أعنك إنما دعوت فلانا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي فاختلف أهل العلم في هذا الباب بعد أجماعهم على جواز التسمي به فعن أحمد روايتان إحداهما يكره الجمع بين اسمه وكنيته فإن أفرد أحدهما لم يكره والثانية يكره التكني بكنيته سواء جمعها إلى الاسم أو أفرادها
قال البيهقي أخبرنا أبو عبد الله الحافظ سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب يقول سمعت الربيع بن سليمان يقول سمعت الشافعي يقول لا يحل لأحد أن يتكنى بأبي القاسم كان اسمه محمدا أو غيره وروي معنى قوله هذا عن طاوس قال السهيلي وكان ابن سيرين يكره أن يكني أحدا أبا القاسم كان اسمه محمدا أو لم يكن
وقالت طائفة هذا النهي على الكراهة لا على التحريم قال وكيع عن ابن عون قلت لمحمد أكان يكره أن يكنى الرجل بأبي القاسم وإن لم يكن اسمه محمدا قال نعم وقال ابن عون عن ابن سيرين كانوا يكرهون أن يكنى الرجل أبا القاسم وأن لم يكن اسمه محمدا قال نعم وسفيان حمل النهي على الكراهة جمعا بينه وبين أحاديث الإذن في ذلك



ص -97- وقالت طائفة أخرى بل ذلك مباح وأحاديث النهي منسوخة واحتجوا بما رواه أبو داود في سننه حدثنا النفيلي حدثنا محمد بن عمران الحجبي عن جدته صفية بنت شيبة عن عائشة رضي الله عنها قالت جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إني قد ولدت غلاما فسميته محمدا وكنيته أبا القاسم فذكر لي أنك تكره ذلك فقال ما الذي أحل اسمي وحرم كنيتي أو ما الذي حرم كنيتي وأحل اسمي
وقال ابن أبي شيبة حدثنا محمد بن الحسن حدثنا أبو عوانة عن مغيرة عن إبراهيم قال كان محمد بن الأشعث ابن أخت عائشة وكان يكنى أبا القاسم وقال ابن أبي خيثمة حدثنا الزبير بن بكار حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأودي قال حدثني أسامة بن حفص مولى لآل هشام ابن زهرة عن راشد بن حفص قال أدركت أربعة من أبناء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كل منهم يسمى محمدا ويكنى أبا القاسم محمد بن طلحة ابن عبيد الله ومحمد بن أبي بكر ومحمد بن علي بن أبي طالب ومحمد ابن سعد بن أبي وقاص
قال وحدثنا أبي حدثنا جرير عن مغيرة عن إبراهيم قال كان محمد ابن علي يكنى أبا القاسم وكان محمد بن الأشعث يكنى بها ويدخل على عائشة فلا تنكر ذلك قال السهيلي وسئل مالك عمن اسمه محمد ويكنى بأبي القاسم فلم ير به بأسا فقيل له أكنيت ابنك أبا القاسم واسمه محمد فقال ما كنيته بها ولكن أهله يكنونه بها ولم أسمع في ذلك نهيا ولا أرى بذلك بأسا
وقالت طائفة أخرى لا يجوز الجمع بين الكنية والاسم ويجوز إفراد كل واحد منهما واحتجت هذه الفرقة بما رواه أبو داود في سننه حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا هشام عن أبي الزبير عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من تسمى باسمي فلا يتكنى بكنيتي ومن تكنى بكنيتي فلا يتسمى باسمي



ص -98- وقال أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن سفيان عن عبد الكريم الجزري عن عبد الرحمن بن أبي عمرة عن عمه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تجمعوا بين اسمي وكنيتي
وقال ابن أبي خيثمة وقيل إن محمد بن طلحة لما ولد أتى طلحة النبي صلى الله عليه وسلم فقال اسمه محمد أكنيه أبا القاسم "فقال لا تجمعهما له هو أبو سليمان"
وقالت طائفة أخرى النهي عن ذلك مخصوص بحياته لأجل السبب الذي ورد النهي لأجله وهو دعاء غيره بذلك فيظن أنه يدعوه واحتجت هذه الفرقة بما رواه أبو داود في سننه حدثنا أبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة قالا حدثنا أبو أسامة عن فطر عن منذر عن محمد بن الحنفية قال قال علي رضي الله عنه يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن ولد لي بعدك ولد أسميه باسمك وأكنيه بكنيتك قال نعم
وقال حميد بن زنجوية في كتاب الأدب سألت ابن أبي أويس ما كان مالك يقول في رجل يجمع بين كنية النبي صلى الله عليه وسلم واسمه فأشار إلى شيخ جالس معنا فقال هذا محمد بن مالك سماه محمدا وكناه أبا القاسم وكان يقول إنما نهى عن ذلك في حياة النبي صلى الله عليه وسلم كراهية أن يدعى أحد باسمه وكنيته فيلتفت النبي صلى الله عليه وسلم فأما اليوم فلا بأس بذلك
قال حميد بن زنجوية إنما كره أن يدعى أحد بكنيته في حياته ولم يكره أن يدعى باسمه لأنه لا يكاد أحد يدعوه باسمه فلما قبض ذهب ذلك ألا ترى أنه أذن لعلي إن ولد له ولد بعده أن يجمع له الاسم والكنية وإن نفرا من أبناء وجوه الصحابة جمعوا بينهما منهم محمد بن أبي بكر ومحمد بن



ص -99- جعفر بن أبي طالب ومحمد بن سعد بن أبي وقاص ومحمد بن حاطب ومحمد بن المنذر
وقال ابن أبي خيثمة في تاريخه حدثنا ابن الأصبهاني حدثنا علي ابن هاشم عن فطر عن منذر عن ابن الحنفية قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إنه سيولد لك بعدي ولد فسمه باسمي وكنه بكنيتي" فكانت رخصة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي
وللكراهة ثلاثة مآخذ أحدها إعطاء معنى الاسم لغير من يصلح له وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذه العلة بقوله "إنما أنا قاسم أقسم بينكم" فهو يقسم بينهم ما أمر ربه تعالى بقسمته لم يكن يقسم كقسمة الملوك الذين يعطون من شاؤوا ويحرمون من شاؤوا والثاني خشية الالتباس وقت المخاطبة والدعوة وقد أشار إلى هذه العلة في حديث أنس المتقدم حيث قال الداعي لم أعنك فقال تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي والثالث أن في الاشتراك الواقع في الاسم والكنية معا زوال مصلحة الاختصاص والتمييز بالاسم والكنية كما نهى أن ينقش أحد على خاتمه كنقشه فعلى المأخذ الأول يمنع الرجل من في حياته وبعد موته وعلى المأخذ الثاني يختص المنع بحال حياته وعلى المأخذ الثالث يختص المنع بالجمع بين الكنية والاسم دون إفراد أحدهما والأحاديث في هذا الباب تدور على هذه المعاني الثلاثة والله أعلم
الفصل الثامن في جواز التسمية بأكثر من اسم واحد
لما كان المقصود بالاسم التعريف والتمييز وكان الاسم الواحد كافيا في ذلك كان الاقتصار عليه أولى ويجوز التسمية بأكثر من اسم واحد كما



ص -100- يوضع له اسم وكنية ولقب وأما أسماء الرب تعالى وأسماء كتابه وأسماء رسوله فلما كانت نعوتا دالة على المدح والثناء لم تكن من هذا الباب بك من باب تكثير الاسماء لجلالة المسمى وعظمته وفضله قال الله تعالى { وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا }
وفي الصحيحين من حديث جبير بن مطعم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لي خمسة أسماء أنا محمد وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي وأنا العاقب الذي ليس بعده نبي
وقال الامام أحمد حدثنا أسود بن عامر حدثنا أبو بكر عن عاصم ابن بهدلة عن أبي وائل عن حذيفة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "أنا محمد وأحمد ونبي الرحمة ونبي التوبة والحاشر والمقفي ونبي الملاحم"
قال أحمد وحدثنا يزيد بن هارون حدثنا المسعودي عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن أبي موسى قال سمى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه أسماء منها ما حفظناه ومنها ما لم نحفظه قال "أنا محمد وأحمد والمقفي والحاشر ونبي التوبة ونبي الملاحم" رواه مسلم في صحيحه
وذكر أبو الحسن بن فارس لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة وعشرين اسما محمد وأحمد والماحي والعاقب والمقفي ونبي الرحمة ونبي التوبة ونبي الملاحم والشاهد والمبشر والنذير والضحوك والقتال والمتوكل والفاتح والأمين والخاتم والمصطفى والرسول والنبي والأمي والقاسم والحاشر







ص -101- الفصل التاسع في بيان ارتباط معنى الاسم بالمسمى
وقد تقدم ما يدل على ذلك من وجوه أحدهما قول سعيد بن المسيب ما زالت فينا تلك الحزونة وهي التي حصلت من تسمية الجد بحزن وقد تقدم قول عمر لجمرة بن شهاب أدرك أهلك فقد احترقوا ومنع النبي صلى الله عليه وسلم من كان اسمه حربا أو مرة أن يحلب الشاة تلك التي أراد حلبها وشواهد ذلك كثيرة جدا فقل أن ترى اسما قبيحا إلا وهو على مسمى قبيح كما قيل:

وقل ما أبصرت عيناك ذا لقب إلا ومعناه إن فكرت في لقبه

والله سبحانه بحكمته في قضائه وقدره يلهم النفوس أن تضع الأسماء على حسب مسمياتها لتناسب حكمته تعالى بين اللفظ ومعناه كما تناسبت بين الأسباب ومسبباتها قال أبو الفتح ابن جني ولقد مر بي دهر وأنا أسمع الاسم لا أدري معناه فآخذ معناه من لفظه ثم أكشفه فإذا هو ذلك بعينه أو قريب منه
فذكرت ذلك لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله فقال وأنا يقع لي



ص -102- ذلك كثيرا وقد تقدم قوله أسلم سالمها الله وغفار غفر الله لها وعصية عصت الله ورسوله ولما أسلم وحشي قاتل حمزة وقف بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فكره اسمه وفعله وقال "غيب وجهك عني"
وبالجملة فألاخلاق والأعمال والأفعال القبيحة تستدعي أسماء تناسبها وأضدادها تستدعي أسماء تناسبها وكما أن ذلك ثابت في أسماء الأوصاف فهو كذلك في أسماء الأعلام وما سمي رسول الله صلى الله عليه وسلم محمدا وأحمد إلا لكثرة خصال الحمد فيه ولهذا كان لواء الحمد بيده وأمته الحمادون وهو أعظم الخلق حمدا لربه تعالى ولهذا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتحسين الأسماء فقال حسنوا أسماءكم فإن صاحب الاسم الحسن قد يستحي من اسمه وقد يحمله اسمه على فعل ما يناسبه وترك ما يضاده ولهذى ترى أكثر السفل أسماؤهم تناسبهم وأكثر العلية أسماؤهم تناسبهم وبالله التوفيق
الفصل العاشر في بيان أن الخلق يدعون يوم القيامة بآبائهم لا بأمهاتهم
هذا الصواب الذي دلت عليه السنة الصحيحة الصريحة ونص عليه الأئمة كالبخاري وغيره فقال في صحيحه باب يدعى الناس يوم القيامة بآبائهم لا بأمهاتهم ثم ساق في الباب حديث ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة يرفع الله لكل غادر لواء يوم القيامة فيقال هذه غدرة فلان بن فلان
وفي سنن أبي داود بإسناد جيد عن أبي الدرداء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم فحسنوا أسماءكم" فزعم



ص -103- بعض الناس أنهم يدعون بأمهاتهم واحتجوا في ذلك بحديث لا يصح وهو في معجم الطبراني من حديث أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم "إذا مات أحد ما إخوانكم فسويتم التراب على قبره فليقم أحدكم على رأس قبره ثم ليقل يا فلان بن فلانة فإنه يسمعه ولا يجيبه ثم يقول يا فلان بن فلانة فإنه يقول أرشدنا يرحمك الله" الحديث وفيه فقال رجل يا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن لم يعرف اسم أمه قال فلينسبه إلى أمه حواء يا فلان ابن حواء قالوا وأيضا فالرجل قد لا يكون نسبه ثابتا من أبيه كالمنفي باللعان وولد الزنى فكيف يدعى بأبيه والجواب أما الحديث فضعيف باتفاق أهل العلم بالحديث واما من انقطع نسبه من جهة أبيه فإنه يدعى بما يدعى به في الدنيا فالعبد يدعى في الآخرة بما يدعى به في الدنيا من أب أو أم والله أعلم

رد مع اقتباس