عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 18 Dec 2013, 09:08 PM
إسحاق بارودي
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

في الكلام على الحواس التي في الإنسان

قال ابن القيم رحمه الله :
((فأعد النظر في نفسك وحكمة الخلاق العليم في خلقك وانظر إلى الحواس التي منها تشرف على الأشياء كيف جعلها الله في الرأس كالمصابيح فوق المنارة لتتمكن بها من مطالعة الأشياء ولم تجعل في الأعضاء التي تمتهن كاليدين والرجلين فتتعرض للآفات بمباشرة الأعمال والحركات ولا جعلها في الأعضاء التي في وسط البدن كالبطن والظهر فيعسر عليك التلفت والإطلاع على الأشياء فلما لم يكن لها في شيء من هذه الأعضاء موضع كان الرأس أليق المواضع بها وأجملها فالرأس صومعة الحواس ثم تأمل الحكمة في أن جعل الحواس خمسا في مقابلة المحسوسات الخمس ليلقى خمسا بخمس كي لا يبقى شيء من المحسوسات لا يناله بحاسة فجعل البصر في مقابلة المبصرات والسمع في مقابلة الأصوات والشم في مقابلة أنواع الروائح المختلفات والذوق في مقابلة الكيفيات المذوقات واللمس في مقابلة الملموسات فأي محسوس بقي بلا حاسة ولو كان في المحسوسات شيء غير هذه لأعطاك له حاسة سادسة ولما كان ما عداها إنما يدرك بالباطن أعطاك الحواس الباطنة وهي هذه الأخماس التي جرت عليها السنة العامة والخاصة حيث يقولون في المفكر المتأمل ضرب أخماسه في أسداسه فأخماسه حواسه الخمس وأسداسه جهاته الست وأرادوا بذلك أنه جذبه القلب وسار به في الأقطار والجهات حتى قلب حواسه الخمس في جهاته الست وضربها فيها لشدة فكره))

المصدر : كتاب مفتاح دار السعادة الجزء الأول


التعديل الأخير تم بواسطة إسحاق بارودي ; 13 Apr 2016 الساعة 07:09 AM
رد مع اقتباس