عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 20 May 2018, 05:36 PM
محمد ناصف الدرابلي محمد ناصف الدرابلي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2015
المشاركات: 90
افتراضي أحكام الفتح على الإمام ، وهل يجوز للبعيد أن يصحح له ..للشيخ العلامة محمد علي فركوس حفظه الله

بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد :
فهذه فتوى للشيخ الإمام محمد علي فركوس حفظه الله تعالى فيها توضيح لبعض آداب الفتح على الإمام تجدها على موقعه الرسمي .


الفتوى رقم: ٩٢٣

الصنـف: فتاوى الصلاة - أحكام الصلاة في أحكام الفتح على الإمام

السـؤال:

ما هي أحكام الفتح على الإمام؟ وهل يجوز للبعيد عن الإمام أن يصحح له مع العلم أنه لابدّ أن يرفع صوته؟ وهل يجوز تصحيح الآية إذا غيَّر معناها ساهيًا كمن قرأ قوله تعالى: ﴿وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ﴾ [البقرة : ٥١]، فقال: «من بعده لعلكم تشكرون»؟

الجـواب:

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:

فالفتح على الإمام هو تلقينه الآيةَ عند التوقُّف فيها، وقد اتفق الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة وابنِ حزمٍ على وجوب الفتح على الإمام في فاتحة الكتاب لكونها رُكنًا في الصلاة، فإذا التبست على الإمام وجب تلقينه من باب «مَا لاَ يَتِمُّ الوَاجِبُ إِلاَّ بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ».

أمَّا في غير فاتحة الكتاب فأباح المالكية الفتحَ عليه، وهو روايةٌ عن أحمدَ، قال بها جمهورُ أصحابه، ومنع الفتحَ عليه ابنُ حزمٍ، واستحبَّه الشافعية، وهو أظهر الأقوال وأقواها، لما رواه عبد الله بنُ عمر رضي الله عنهما: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ صَلَّى صَلاَةً فَقَرَأَ فِيهَا فَلُبِسَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ لأُبَيٍّ: أَصَلَّيْتَ مَعَنَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا مَنَعَكَ»(١)، ويشهدُ له -أيضًا- حديثُ المسور بن يزيد أنه قال: شَهِدْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الصَّلاَةِ فَتَرَكَ شَيْئًا لَمْ يَقْرَأْهُ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ تَرَكْتَ آيَةَ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «هَلاَّ أَذْكَرْتَنِيهَا»(٢)، فالحديثان يدلاَّن على استحباب تلقين الإمام إذا التبست عليه القراءة أو ترك ناسيًا لآية أو آيتين؛ لأنَّ أدنى درجات العبادة الاستحباب، ولو لم يكن مستحبًّا لما سأل عن أُبي وعن سبب امتناعه عن الفتح، وعن تذكيره بما ترك كما في الحديث الثاني، وقد صحَّ ما رواه أبو عبد الرحمن السلمي عن علي رضي الله عنه أنه قال: «إِذَا اسْتَطْعَمَكُمُ الإِمَامُ فَأَطْعِمُوهُ»(٣).

ثمَّ اعلم أنَّ أحقَّ الناس بالصفِّ الأول ممَّا يلي الإمام خلفَه مباشرةً أُولُوا الأحلام والنُّهى من أهل العقل والدِّين والعلم والرشاد، لقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُوا الأَحْلاَمِ وَالنُّهَى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، وَلاَ تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ، وَإِيَّاكُمْ وَهَيْشَاتِ الأَسْوَاقِ»(٤)، قال النووي: «في هذا الحديث تقديمُ الأفضل إلى الإمام؛ لأنه أَوْلَى بالإكرامِ؛ ولأنه ربما احتاج الإمامُ إلى استخلافٍ فيكون هو أَوْلَى؛ ولأنه يتفطَّن لتنبيه الإمام على السهو لما لا يتفطَّن له غيرُه، وليضبطوا صفةَ الصلاةِ ويحفظوها وينقلوها ويُعلِّموها الناسَ، ويقتدي بأفعالهم مَن وراءَهم»(٥).

هذا، والأصل في الصلاة الخشوعُ وتحريمُ الكلام إلاَّ للحاجة، وإذا تحقَّقت صحة الصلاة أو كمالها بالفتح على الإمام بالواحد فلا يجوز ازدحام أصوات المصلين واجتماعُهم عليه بالفتح والتصحيح والتذكير، والقريب من الإمام يُغني عن البعيد، فإن لم يفتحِ القريبُ على الإمام في فاتحة الكتاب وجبَ على البعيد ولو بمَدِّ صوته، أمَّا في غير فاتحة الكتاب فلا يصلح للبعيد الفتح والتصحيح إذا كان الإمام يعسر عليه فهم ما صُحِّح له لما فيه من الكُلفة والاضطراب، وللإمام في هذه الحالة أن يركع بما قرأه في غير الفاتحة، لاستحباب إتمام قراءته وعدم وجوبها.

والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٠٩ جمادى الثانية ١٤٢٩ﻫ
الموافق ﻟ: ١٣ جوان ٢٠٠٨م

______________

(١) أخرجه أبو داود في «سننه» كتاب الصلاة، باب الفتح على الإمام في الصلاة: (٩٠٧)، وابن حبان في «صحيحه»: (٢٢٤٢)، والبيهقي في «السنن الكبرى»: (٥٨٧٧)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. والحديث صححه النووي في «الخلاصة»: (١/ ٥٠٣)، والألباني في «صفة الصلاة»: (١٢٨).

(٢) أخرجه أبو داود في «سننه» كتاب الصلاة، باب الفتح على الإمام في الصلاة: (٩٠٧)، وابن حبان في «صحيحه»: (٢٢٤١)، من حديث المسور بن يزيد رضي الله عنه. والحديث حسنه النووي في «الخلاصة»: (١/ ٥٠٤)، والألباني في «صحيح أبي داود»: (٩٠٧).

(٣) أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى»: (٥٨٨٦)، والدارقطني في «سننه»: (١/ ٤٠٠)، عن علي رضي الله عنه موقوفا. والأثر صححه زكريا بن غلام قادر الباكستاني في «ما صح من آثار الصحابة في الفقه»: (١/ ٣٧٤).

(٤) أخرجه مسلم في «صحيحه» كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها وفضل الأول فالأول : (٩٧٤)، وأبو داود في «سننه» كتاب الصلاة، باب من يستحب أن يلي الإمام في الصف: (٦٧٥)، والترمذي في «سننه» كتاب الصلاة، باب ما جاء ليليني منكم أولو الأحلام والنهى: (٢٢٨)، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

(٥) «شرح مسلم» للنووي: (٤/ ١٥٥).


التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر ; 20 May 2018 الساعة 05:53 PM
رد مع اقتباس