عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 09 Sep 2017, 05:46 PM
أبو عاصم مصطفى السُّلمي أبو عاصم مصطفى السُّلمي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2016
المشاركات: 607
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي اللبيب وبارك فيك، وجعلني وإياك من المتحابين فيه.
جاء في فتح الباري عند شرح حديث أنس ما يلي: [ وقوله " فمه " أصله فما ، وهو استفهام فيه اكتفاء أي فما يكون إن لم تحتسب ، ويحتمل أن تكون الهاء أصلية وهي كلمة تقال للزجر أي كف عن هذا الكلام فإنه لا بد من وقوع الطلاق بذلك ، قال ابن عبد البر : قول ابن عمر " فمه " معناه فأي شيء يكون إذا لم يعتد بها ؟ إنكارا لقول السائل " أيعتد بها " فكأنه قال : وهل من ذلك بد ؟ وقوله " أرأيت إن عجز واستحمق " أي إن عجز عن فرض فلم يقمه ، أو استحمق فلم يأت به أيكون ذلك عذرا له ؟ وقال الخطابي : في الكلام حذف ، أي أرأيت إن عجز واستحمق أيسقط عنه الطلاق حمقه أو يبطله عجزه ؟ وحذف الجواب لدلالة الكلام عليه . وقال الكرماني يحتمل أن تكون " إن " نافية بمعنى ما أي لم يعجز ابن عمر ولا استحمق ، لأنه ليس بطفل ولا مجنون . قال : وإن كانت الرواية بفتح ألف أن فمعناه أظهر ، والتاء من استحمق مفتوحة قاله ابن الخشاب وقال : المعنى فعل فعلا يصيره أحمق عاجزا فيسقط عنه حكم الطلاق عجزه أو حمقه ، والسين والتاء فيه إشارة إلى أنه تكلف الحمق بما فعله من تطليق امرأته وهي حائض . وقد وقع في بعض الأصول بضم التاء مبنيا للمجهول ، أي إن الناس استحمقوه بما فعل ، وهو موجه . وقال المهلب : معنى قوله " إن عجز واستحمق " يعني عجز في المراجعة التي أمر بها عن إيقاع الطلاق أو فقد عقله فلم تمكن منه الرجعة أتبقى المرأة معلقة لا ذات بعل ولا مطلقة ؟ وقد نهى الله عن ذلك ، فلا بد أن تحتسب بتلك التطليقة التي أوقعها على غير وجهها ، كما أنه لو عجز عن فرض آخر لله فلم يقمه واستحمق فلم يأت به ما كان يعذر بذلك ويسقط عنه ]
وهذا يُثبت أن ابن عمر كان يعتد بتلك التطليقة. كما وأن البخاري فهم ذلك إذ بوب بقوله: باب إذا طلقت الحائض تعتد بذلك الطلاق
وأما قولك: وليس في اجابته أي شيء مرفوع الى النبي عليه الصلاة والسلام , لذلك كل الثقات الذين رووا القصة لم يذكر أحد منهم شيئا من ذلك بل اتفقوا على ذكر المراجعة والتطليق للعدة.
فيعكر عليه ما جاء بعدُ في الفتح : [ وعند الدارقطني في رواية شعبة عن أنس بن سيرين عن ابن عمر في القصة " فقال عمر : يا رسول الله أفتحتسب بتلك التطليقة ؟ قال : نعم " . ورجاله إلى شعبة ثقات . وعنده من طريق سعيد بن عبد الرحمن الجمحي عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر " أن رجلا قال : إني طلقت امرأتي ألبتة وهي حائض ، فقال : عصيت ربك ، وفارقت امرأتك . قال فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر ابن عمر أن يراجع امرأته ، قال : إنه أمر ابن عمر أن يراجعها بطلاق بقي له ، وأنت لم تبق ما ترتجع به امرأتك " وفي هذا السياق رد على من حمل الرجعة في قصة ابن عمر على المعنى اللغوي ، وقد وافق ابن حزم على ذلك من المتأخرين ابن تيمية ، وله كلام طويل في تقرير ذلك والانتصار له . وأعظم ما احتجوا به ما وقع في رواية أبي الزبير عن ابن عمر عند مسلم وأبي داود والنسائي وفيه " فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليراجعها ، فردها وقال : إذا طهرت فليطلق أو يمسك " لفظ مسلم ، وللنسائي وأبي داود " فردها علي " زاد أبو داود " ولم يرها شيئا " وإسناده على شرط الصحيح فإن مسلما أخرجه من رواية حجاج بن محمد عن ابن جريج ، وساقه على لفظه ثم أخرجه من رواية أبي عاصم عنه وقال نحو هذه القصة ، ثم أخرجه من رواية عبد الرزاق عن ابن جريج قال مثل حديث حجاج وفيه بعض الزيادة ، فأشار إلى هذه الزيادة ، ولعله طوى ذكرها عمدا . وقد أخرج أحمد الحديث عن روح بن عبادة عن ابن جريج فذكرها ، فلا يتخيل انفراد عبد الرزاق بها . قال أبو داود : روى هذا الحديث عن ابن عمر جماعة ، وأحاديثهم كلها على خلاف ما قال أبو الزبير وقال ابن عبد البر : قوله " ولم يرها شيئا " منكر لم يقله غير أبي الزبير ، وليس بحجة فيما خالفه فيه مثله فكيف بمن هو أثبت منه ، ولو صح فمعناه عندي والله أعلم : ولم يرها شيئا مستقيما لكونها لم تقع على السنة . وقال الخطابي قال أهل الحديث : لم يرو أبو الزبير حديثا أنكر من هذا ، وقد يحتمل أن يكون معناه : ولم يرها شيئا تحرم معه المراجعة ، أو لم يرها شيئا جائزا في السنة ماضيا في الاختيار وإن كان لازما له مع الكراهة ]

وقد أكبرتُ فيك سعةَ صدرك، وما خاب ظني فجزاك الله خيرا


التعديل الأخير تم بواسطة أبو عاصم مصطفى السُّلمي ; 09 Sep 2017 الساعة 06:02 PM
رد مع اقتباس