عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 03 Sep 2017, 10:55 PM
أبو إكرام وليد فتحون أبو إكرام وليد فتحون غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
الدولة: الجزائر
المشاركات: 1,798
افتراضي

أقوال أهل العلم الذين صرَّحوا أنَّ توقيت الفجر اليوم متقدِّم عن وقته

1- الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى؛ وهو شافعي المذهب:

قال [فتح الباري 6/220]: ((تنبيه: من البدع المنكرة ما أُحدث في هذا الزمان من إيقاع الأذان الثاني قبل الفجر بنحو ثلث ساعة في رمضان، وإطفاء المصابيح التي جعلت علامة لتحريم الأكل والشرب على مَنْ يريد الصيام، زعماً ممن أحدثه أنه للاحتياط في العبادة!!، ولا يعلم بذلك إلا آحاد الناس، وقد جرهم ذلك إلى أن صاروا لا يؤذنون إلا بعد الغروب بدرجة لتمكين الوقت زعموا، فاخروا الفطر وعجلوا السحور، وخالفوا السنة، فلذلك قلَّ عنهم الخير وكثر فيهم الشر، والله المستعان)).

2- العلامة أبو العباس أحمد بن إدريس الصِّنهاجيِّ المشهور بالقِرَافيِّ رحمه الله تعالى؛ وهو مالكي المذهب:

قال في كتابه الفروق: ((الإشكال الأول في أوقات الصلوات: جرت عادة المؤذنين وأرباب المواقيت بتسيير دَرَجَ الفَلك إذا شاهدوا المتوسِّط من درج الفلك - أو غيره من درج الفلك- الذي يقتضي أنَّ درجة الشمس قربت من الأفق قرباً يقتضي أنَّ الفجر طلع؛ أمروا الناس بالصلاة والصوم مع أنَّ الأفق يكون صاحياً لا يخفى فيه طلوع الفجر لو طلع!!، ومع ذلك لا يجد الإنسان للفجر أثراً البتة!!، وهذا لا يجوز، فإنَّ الله تعالى إنما نصب سبب وجوب الصلاة ظهور الفجر فوق الأفق ولم يظهر!، فلا تجوز الصلاة حينئذ، فإنه إيقاع للصلاة قبل وقتها وبدون سببها!، وكذلك القول في بقية إثبات أوقات الصلوات)) وانظر [تهذيبه وترتيبه في كتاب إدرار الشروق 4/140].

3- الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله تعالى؛ مفتي بلاد الحرمين سابقاً:

قال الشيخ عبد الرحمن الفريان في خطابه للدكتور صالح العدل يطلب فيه إعادة النظر في التقويم: ((وكان شيخنا محمد بن إبراهيم رحمه الله تعالى لا يقيم الصلاة في مسجده إلا بعد وضوح الفجر الصحيح، وبعض الأئمة لا يقيمون صلاة إلا بعد وقت التقويم الحاضر بأربعين دقيقة أو نحوها، ويخرجون من المسجد بغلس، أما البعض الآخر فإنهم يقيمون بعد الأذان بعشرين دقيقة, وبعضهم يقيمون الصلاة بعد الأذان على مقتضى التقويم بخمس عشرة دقيقة..، ثم هؤلاء المبكِّرون يخرجون من صلاتهم قبل أن يتضح الصبح فهذا خطر عظيم...)) [تاريخ الخطاب5/9/1414هـ].

4- الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى؛ وهو من علماء الشام:

قال في [السلسلة الصحيحة (5/52) حديث رقم (2031)]: ((واعلم أنه لا منافاة بين وصفه صلى الله عليه وسلم لضوء الفجر الصادق بـ (الأحمر) ووصفه تعالى إياه بقوله: (الخيط الأبيض)؛ لأنَّ المراد - والله أعلم - بياض مشوب بحمرة، أو تارة يكون أبيض وتارة يكون أحمر, يختلف ذلك باختلاف الفصول والمطالع.

وقد رأيتُ ذلك بنفسي مراراً من داري في جبل هملان جنوب شرق عمان, ومكنني ذلك من التأكد من صحة ما ذكره بعض الغيورين على تصحيح عبادة المسلمين, أنَّ أذان الفجر في بعض البلاد العربية يرفع قبل الفجر الصادق بزمن يتراوح بين العشرين والثلاثين دقيقة, أي قبل الفجر الكاذب أيضاً!، وكثيراً ما سمعتُ إقامة صلاة الفجر من بعض المساجد مع طلوع الفجر الصادق, وهم يؤذنون قبلها بنحو نصف ساعة, وعلى ذلك فقد صلوا سنة الفجر قبل وقتها, وقد يستعجلون بأداء الفريضة أيضاً قبل وقتها في شهر رمضان, كما سمعته من إذاعة دمشق وأنا أتسحر رمضان الماضي (1406)؛ وفي ذلك تضييق على الناس بالتعجيل بالإمساك عن الطعام وتعريض لصلاة الفجر للبطلان, وما ذلك إلا بسبب اعتمادهم على التوقيت الفلكي وإعراضهم عن التوقيت الشرعي: "و كلوا و اشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر"، "فكلوا و اشربوا حتى يعترض لكم الأحمر" و هذه ذكرى "والذكرى تنفع المؤمنين"))

ونقل رحمه الله تعالى قول صاحب عون المعبود: "وإنما الاعتماد في معرفة الأوقات على الإمام, فإن تيقَّن الإمام بمجيء الوقت, فلا يعتبر بشك بعض الأتباع" فعلَّق عليه [السلسلة الصحيحة 6 /652 حديث (2780)]: ((وأقول: أو على مَنْ أنابه الإمام من المؤذنين المؤتمنين الذين دعا لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمغفرة, وهم الذين يؤذنون لكل صلاة في وقتها, وقد أصبح هؤلاء في هذا الزمن أندر من الكبريت الأحمر, فقلَّ منهم مَنْ يؤذن على التوقيت الشرعي, بل جمهورهم يؤذنون على التوقيت الفلكي المسطر على التقاويم و الروزنامات؛ وهو غير صحيح لمخالفته للواقع!!.

وفي هذا اليوم مثلاُ (السبت 20 محرم سنة 1406ﻫ) طلعت الشمس من على قمة الجبل في الساعة الخامسة وخمس وأربعين دقيقة, وفي تقويم وزارة الأوقاف أنها تطلع في الساعة الخامسة والدقيقة الثالثة والثلاثين!، هذا وأنا على جبل هملان, فما بالك بالنسبة للذين هم في وسط عمان?! لا شك أنه يتأخر طلوعها عنهم أكثر من طلوعها على هملان.

ومع الأسف فإنهم يؤذنون للفجر هنا قبل الوقت بفرق يتراوح ما بين عشرين دقيقة إلى ثلاثين!!, وبناء عليه ففي بعض المساجد يصلون الفجر ثم يخرجون من المسجد ولما يطلع الفجر بعد!!.

ولقد عمَّت هذه المصيبة كثيراً من البلاد الإسلامية كالكويت والمغرب والطائف وغيرها, ويؤذنون هنا للمغرب بعد غروب الشمس بفرق 5-10 دقائق. ولما اعتمرت في رمضان السنة الماضية صعدت في المدينة إلى الطابق الأعلى من البناية التي كنت زرتُ فيها أحد إخواننا لمراقبة غروب الشمس وأنا صائم, فما أذَّن إلا بعد غروبها بـ (13 دقيقة)!، و أما في جدَّة فقد صعدت بناية هناك يسكن في شقة منها صهر لي, فما كادت الشمس أن تغرب إلا وسمعتُ الأذان. فحمدتُ الله على ذلك))

وقال رحمه الله تعالى [السلسلة الصحيحة 5/300]: ((وهذه من السنن المتروكة في بلاد الشام, ومنها عَمَّان, فإنَّ داري في جبل هملان من جبالها, أرى بعيني طلوع الشمس وغروبها, وأسمعهم يؤذِّنون للمغرب بعد غروب الشمس بنحو عشر دقائق!, علما بأنَّ الشمس تغرب عمن كان في وسط عَمَّان ووديانها قبل أن تغرب عنا!!، وعلى العكس من ذلك فإنهم يؤذنون لصلاة الفجر قبل دخول وقتها بنحو نصف ساعة!!، فإنا لله وإنا إليه راجعون)).

وسُئل الشيخ في شريط صوتي [سلسلة الهدى والنُّور الشريط (43)] من قِبل أبي إسحاق الحويني؛ وهذا نصُّ السؤال والجواب بحروفه:

((السائل: لنا أخوة من السلفيين في الإسكندرية يؤذِّنون الفجر أذانين؛ والأذان الذي هو المعتبر بعد ثلث ساعة من الأذان العادي، ويقولون: الفجر الصادق والكاذب، فهذا له نوع خطورة من ناحية الصيام؛ فماذا ترَون في هذه المسألة؟ وما هو موقف بقية الجمهورية كلها من أنه إذا ثبت أنَّ الفجر يؤخَّر ثلث ساعة؛ فهم يُصلون قبل الوقت بثلث ساعة؟

فكان جواب الشيخ: هذه مصيبة ألمَّت بكثير من الأقاليم الإسلامية مع الأسف؛ حيث أنهم يُحرِّمون الطعام قبل مجيء وقت التحريم، ويُصلون صلاة الفجر قبل دخول وقت الصلاة، وهذا نحن لمسناه في هذه البلاد لمس اليد وبخاصة أنَّ داري – وهذا من فضل الله عليَّ – مشرِفَة؛ أنا أرى في كلِّ صباحٍ ومساءٍ طلوع الشمس وغروبها وطلوع الفجر الصادق فأجد أنَّهم فعلاً يُصلون قبل الوقت؛ أي: صلاة الفجر، وهذا من الأسباب التي تحملُني أن آتي إلى هذا المسجد فأُصلي الفجر؛ لأني لا أجد في المساجد التي حولي إلا أنهم يُبكِّرون بالصلاة، على الأقل لا يُصلُّون السُّـنَّة إلا قبل الفجر الصادق؛ هذه السٌّـنَّة على الأقل، ولم يصر الأمر في هذه البلاد؛ فقد علمتُ أنَّ أحدَ إخواننا السلفيين ألَّفَ رسالةً وهو يَذكر فيها تماماً كما أذكره أنا هنا، كذلك لعلَّك تَسمع به إن كنتَ تعرفه شخصياً الدكتور تقي الدِّين الهلالي له رسالة يقول نفس الكلام في المغرب؛ وهو: أنَّهم يؤذِّنون لصلاة الفجر قبل الوقت بنحو ثلث ساعة أو خمس وعشرين دقيقة، كذلك علمتُ مثله بواسطة الهاتف عن الطائف فقد ورد لي سؤال أحدهم يقول: أنَّ الشيخ سعد فلان - سمَّاه سعد بن كذا ما أدري – يقول: هم يُصلون هنا على التوقيت الفلكي وأنَّ ذلك يُخالِف الوقت الشرعي تماماً كما نتحدَّث عنه هنا وهناك.

فأعود للإجابة عن سؤال إخواننا في الإسكندرية؛ فهم من حيث أنهم يؤذِّنون أذانين فقد أصابوا السٌّـنَّة، لكن ما أدري إذا كانوا دقيقين في أذانهم الثاني؛ هل هم يؤذِّنون حينما يَبرق الفجر ويَسطع ويَنفجر النور؟ فإنْ كانوا يفعلون ذلك فقد أحيَوا سُّـنَّةً أماتها جماهير من المسلمين، أما أنهم إذا كانوا يؤذِّنون على الرزنامات أو التقاويم فهذه لا تُعطي الوقتَ الشرعي أبداً، فيكونوا قد خلَطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً؛ أي: جمعوا بين الأذانين وهذه سُّـنَّة لكن ما حددوا الوقت الشرعي في الأذان الثاني، نعم.

السائل: بالنسبة لنا نحن بالقاهرة؛ هل الصورة تنطبق عليَّ أنا في صلاة الفجر جماعة، لأنَّ جميع المساجد تُغلِق أبوابها ويكون منتهاهم من الصلاة فعلاً قبل دخول الوقت الشرعي.

قال الشيخ: الله أكبر.

ثم أكمل السائل كلامه: فأنا ماذا أفعل؟

أجاب الشيخ: أنت في هذه الحالة تُصلي ورآءهم تطوعاً ثم تعود إلى دارك فتُصلي بأهلك فرضاً.

السائل: طيب إذن ما قيمة أن أنزل؟

قال الشيخ: هو أن لا يترك الجماعة، وتعلمون أنَّ الخروج على الجماعة معصية.

السائل: لأنكم ترون أنَّ الجماعة واجب؟

الشيخ: كيف لا؛ هو كذلك.

أحد الجالسين: صحيح يا شيخ فيما صححتموه أنتم: يأتي زمان يؤخِّرون الصلاة عن وقتها، فأمر صلى الله عليه وسلم أن نصلي معهم تطوعاً ثم نرجع إلى بيوتنا ونصلي الفريضة.

قال الشيخ: هذا حديث في صحيح مسلم!!؛ حديث أبي ذر.

السائل: هو قال ((يؤخِّرون أو يُميتون الصلاة)) أي: يُصلون بعد الوقت؟!

قال الشيخ: لكن من الناحية الفقهية سواء إذا كان هذا أو ذاك؛ لماذا أمرهم عليه الصلاة والسلام إذا أدركوا ذلك الوقت أن يُصلوا معهم؟ ثم قال: صلوها أنتم في وقتها، ثم صلوها معهم فإنها تكون لكم نافلة؛ واضح من الحديث: أنَّ الرسول عليه الصلاة والسلام يأمرهم بأن يُصلوا الصلاة لوقتها، لكن في الوقت نفسه أمرهم بأن يُصلوا الصلاة التي يُصلونها في غير وقتها للمحافظة على جماعة المسلمين، فلا فرق - والحالة هذه - بين إمام يُقدِّم الصلاة أو يؤخِّر الصلاة.

السائل: طيب بالنسبة للحكم على صلاة الناس؛ يعني سؤال: بعض الناس يُصلون قبل الوقت، فما الحكم على صلاتهم؟

أجاب الشيخ: طبعاً هؤلاء المسؤولية تقع على أهل العلم؛ فعلى مَنْ كان عنده علم أن يُبلِّغ الناس، فمَنْ بلغه الحكم ثم أعرض عنه فصلاته باطلة، ومَنْ لم يبلغه الحكم فتعرف أنه لا مسؤولية عليه والحالة هذه)).

5- الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى؛ وهو من علماء بلاد الحرمين:

قال في [شرح رياض الصالحين 3/216]: ((بالنسبة لصلاة الفجر؛ المعروف أنَّ التوقيت الذي يعرفه الناس ليس بصحيح!!، فالتوقيت مقدَّم على الوقت بخمس دقائق على أقل تقدير، وبعض الإخوان خرجوا إلى البر فوجدوا أنَّ الفرق بين التوقيت الذي بأيدي الناس وبين طلوع الفجر نحو ثلث ساعة، فالمسألة خطيرة جداً، ولهذا لا ينبغي للإنسان في صلاة الفجر أن يبادر في إقامة الصلاة، وليتأخر نحو ثلث ساعة أو (25) دقيقة حتى يتيقن أنَّ الفجر قد حضر وقته)).

وفي سؤال [سلسلة لقاء الباب المفتوح شريط رقم (126) الوجه (ب)] في بيان الفجر الصادق؟ قال الشيخ رحمه الله تعالى: ((إذا لم يكن غيم ولا قتر ولا أنوار يُمكن أن تعرف الفجر بنفسك، إنَّ الله حدَّد هذا حدَّاً بيناً فقال: "فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ"، فإذا خرجت إلى البر وليس أمامك قتر ولا أنوار ولا غيم انظر إلى الأفق متى وجدت هذا الخيط المعترض من الشمال إلى الجنوب، هذا البياض، هذا هو الفجر فصلِّ وامتنع عن الأكل والشرب إنْ أردت الصوم، وما لم تره فأنت في ليل، أما إذا كنت لا يُمكن أن ترى الفجر إما للغيم أو للقتر أو للأنوار أو كنت أنت بين البيوت: فالتوقيت الموجود الآن فيه تقديم خمس دقائق في الفجر خاصة على مدار السنة، بمعنى أنك إذا أردتَ أن تصيب الفجر بإذن الله فأخِّر خمس دقائق، بعض الأخوان يقول: لا، يؤخِّر أكثر، ويقول: أنا خرجت عدة مرات في ليال ليس فيه قمر وليس فيها قتر وليس فيها سحاب فوجدتُ أنه يتأخر إلى ربع ساعة، فالظاهر أنَّ هذا طويل، كثير، بمعنى أن يجعل الفرق بين التوقيت الحاضر المكتوب وبين طلوع الفجر عشر دقائق أو ربع ساعة؛ لكن هذا أظنه مبالغة، إنما خمس دقائق حسب تقدير الفلكيين يقولون: أنه لا بد أن يؤخِّر الإنسان في أذان الفجر خمس دقائق)).

وقال في شرحه لبلوغ المرام/ باب المواقيت: ((وعلى هذا فالمؤذن ينتظر خمس دقائق بعد التوقيت الذي بأيدي الناس اليوم، لأنه بحسب الحساب المحرر تبين أنَّ التقويم مقدم خمس دقائق على مدار السنة كلها في صلاة الفجر خاصة، والاحتياط واجب لأنه لو تقدم الإنسان قبل الوقت بقدر تكبيرة الإحرام فقط ما صحت الصلاة، فالاحتياط أمر واجب، والحمد لله لا يضر إذا أخَّرت خمس دقائق وأذَّنت)).

وقال في شرح رياض الصالحين [1/290-291]: ((الفجر من طلوع الفجر الثاني وهو البياض المعترض في الأفق إلى أن تطلع الشمس.

وهنا أُنبه فأقول: أنَّ تقويم أم القرى فيه تقديم خمس دقائق في آذان الفجر على مدار السنة، فالذي يصلي أول ما يؤذن يعتبر أنه صلى قبل الوقت، وهذا شيء اختبرناه في الحساب الفلكي، واختبرناه إضافي الرؤية. فلذلك لا يعتمد هذا بالنسبة لآذان الفجر، لأنه مقدم، وهذه مسألة خطيرة جداً، لو تكبر للإحرام فقط قبل أن يدخل الوقت ما صحت صلاتك وما صارت فريضة. وقد حدثني أُناس كثيرون ممن يعيشون في البر وليس حولهم أنوار، أنهم لا يشاهدون الفجر إلا بعد هذا التقويم بثلث ساعة، أي: عشرين دقيقة أو ربع ساعة أحياناً، لكن التقاويم الأخرى الفلكية التي بالحساب بينها وبين هذا التقويم خمس دقائق. على كل حال: وقت صلاة الفجر من طلوع الفجر الثاني وهو البياض المعترض إلى طلوع الشمس)).

ويظهر من كلام الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى أنه متردد في تحديد مقدار الوقت الفارق بين التوقيت الشرعي والتوقيت الفلكي مع جزمه رحمه الله تعالى بأنَّ الغلط في التقويم واقع، وأنَّ زيادة الخمس دقائق احتياطاً بحسب الحساب الفلكي، وزيادة الربع ساعة أو أكثر بحسب مشاهدات الناس الذين يعيشون في البر وليس حولهم أنوار؛ ولا شكَّ أنَّ التوقيت الشرعي يثبت بالثاني لا بالأول، ومَنْ أسند وأحالك على شيء فقد برأ وسلم، فرحم الله تعالى الشيخ رحمة واسعة.

6- الشيخ تقي الدين الهلالي رحمه الله تعالى؛ وهو من علماء المغرب:

قال في رسالته "بيان الفجر الصادق وامتيازه عن الفجر الكذاب ص2": ((اكتشفت بما لا مزيد عليه من البحث والتحقيق، والمشاهد المتكررة من صحيح البصر: أنَّ التوقيت لأذان الصبح لا يتفق مع التوقيت الشرعي، وذلك أنَّ المؤذن يؤذن قبل تبين الفجر تبيناً شرعياً)).

وقال في آخر الرسالة: ((وأوسط الأقوال الذي نَفْتِي به ونَعْمَل به أخذاً من هذه الأحاديث كلها: أنَّ الفجر الصادق الذي يُحَرِّم الطَّعام على الصائم ويُحِلُّ الصَّلاة هو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم الفجر الأحمر؛ أي: الذي يَشُوبُ بياضه حُمرة المُعْتَرِض في الأفُق؛ الذي يملأ البيوت والطرقات، ولا يختلف فيه أحدٌ من الناس، يشترك في معرفته جميع الناس. وأما غير ذلك كالفجر الذي يَعْنِيهِ المُوَقِّت المغربي فإنَّه باطِل لا يُحَرِّم طعاماً على الصَّائم ولا يُحِلُّ صلاة الصبح، ونحن نتأخر بعده أكثر من نصف ساعة حتى يتبين الفجر الصادق، فهذا الذي نَدِِينُ الله به، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل)).

7- الشيخ أحمد بن يحيى النجمي رحمه الله تعالى؛ وهو من علماء بلاد الحرمين:

قال رحمه الله تعالى في تعليقه على سبل السلام [وهو مخطوط]: ((فإنْ قيل: إنَّ التوقيت المعلن في التقويم هو دليل على الفجر وإنْ لم نره؟ فأقول: أولاً: إنَّ الله لم يكلفنا بشيء لم نره، وثانياً: بالمتابعة وُجِدَ أنَّ في التوقيت الذي في التقويم وبين ظهور الفجر الفعلي مقدار عشرين دقيقة؛ وقد تابعت ذلك أنا بنفسي قبل مجيء الكهرباء، وكنت أنام على سطح بيتي الذي في صامطة، وأراقب الفجر فلا يتضح إلا بعد حوالي عشرين دقيقة كما قلت، ولم أجرؤ على الإعلان بذلك حتى وجدت صاحب تفسير المنار يقول في تفسير آية البقرة التي في آيات الصوم: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} (البقرة/ 187) إنَّ الفجر في الديار المصرية لا يظهر إلا بعد عشرين دقيقة من التوقيت. ومن أجل ذلك؛ فأنا أقول: إنَّ الذي ينبغي أن نرتبه على هذا الحديث من النهي هو ظهور الفجر ظهوراً يرى بالعين وإنْ كان قد خالفني في ذلك إمام العصر الشيخ عبد العزيز بن باز لما سألته وذكرتُ له هذه المسألة؛ حيث كنت أراه يأتي بعد الأذان بخمس دقائق أو عشر فيركع ثم يجلس إلى الإقامة ولا يعيد الركوع قبل الإقامة، فسألته وأخبرته بما عندي، فقال: إنَّ الذين وضعوا التقويم هم أعلم منا بالتوقيت، وأقول: رحم الله الشيخ هذا اجتهاده؛ ولكني قد تتبعت ذلك بنفسي عدة سنوات وتبين لي الفرق، ولازلت أعمل عليه. وينبني على هذا أنَّ من ركع قبل اتضاح الفجر ينبغي له أن يركع بعد اتضاحه، فإنَّ سنة الفجر هي متعلقة بالفجر تصح في موضع صحته وتبطل في مواطن بطلانه، ولو صلى أحد الفجر بعد الأذان بعشر دقائق لقلنا ببطلان صلاته، وما قلته هنا قد وافقني عليه بعض العلماء المعاصرين، وقد توفي بعضهم والبعض حي)) منقول من رسالة "أوصاف الفجرين في الكتاب و السنة" للدارودي؛ وهي بتقديم الشيخ أحمد النجمي رحمه الله تعالى.

وللشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى مفتي بلاد الحرمين سابقاً فتوى في بيان صحة تقويم أم القرى بعنوان ((بيان حول مواقيت الصلاة في تقويم أم القرى)) صدر بتاريخ 22/7/1417هـ قال فيها: ((الحمد لله وحده والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، وبعد: فإنه لما كثر الكلام من بعض الناس في الآونة الأخيرة حول تقويم أم القرى، وأنَّ فيه غلطاً في توقيت صلاة الفجر من ناحية التقديم قبل الوقت بخمس دقائق أو أكثر، كلفتُ لجنة من أهل العلم بالذهاب إلى خارج مدينة الرياض بعيداً عن الأنوار لمراقبة طلوع الفجر، ومعرفة مدى مطابقة التقويم المذكور للواقع، وقد قررت اللجنة بالإجماع مطابقة توقيت التقويم لطلوع الفجر، وأنه لا صحة لما يدعيه بعض الناس من تقدمه عليه. ولأجل إزالة الشكوك التي شوشت على بعض الناس صلاتهم جرى بيانه، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل)).

والشيخ رحمه الله تعالى أحال في هذا البيان الأمر إلى اللجنة، وسيأتي بيان حالها.

8- الشيخ عبد المحسن العبيكان وفقه الله تعالى؛ المستشار القضائي في وزارة العدل السعودية:

في مقال في جريدة الشرق الأوسط بعنوان [21 دقيقة في تقويم «أم القرى» تفجِّر جدلاً بين علماء دين سعوديين] الرياض: لتركي الصهيل.

قال صاحب المقال: وجَّه الشيخ عبد المحسن العبيكان عضو مجلس الشورى السعودي والمستشار القضائي في وزارة العدل، رجاءاً لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، بتشكيل لجنة على مستوى عال من المتخصصين في علم الشريعة والفلك ليراجعوا أوقات الصلوات المعتمدة في تقويم أم القرى.

وأوضح الشيخ العبيكان في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» أنَّ المسؤولين في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، والمسؤولين عن تقويم أم القرى، أقروا بوجود خطأ في التقويم، معتبراً إعادة النظر في التقويم، مسألة ليست بالصعبة.

وأشار إلى أنَّ الخطأ الموجود في التقويم لا يقتصر على وقت دخول الفجر فحسب، بل يتعدى ذلك لوجود خطأ بعدة أوقات، منها خروج وقت المغرب قبل أذان العشاء بوقت طويل، ووضع وقت صلاة الظهر في نفس وقت النهي، فضلاً عن أنَّ صلاة المغرب، لا يؤذن لها إلا بعد غياب الشمس بحوالي سبع دقائق.

وكانت تداعيات كشف الشيخ العبيكان عن وجود خطأ في تقويم أم القرى، مما قد يوقع صلاة المسلمين في حيز البطلان بحسب تعبيره، قد تعالت حدتها، بعد تصريحات لسماحة المفتي الشيخ عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله تعالى، انتقد فيها الآراء التي تشكك في صحة تقويم أم القرى، وتشير إلى عدم انضباطه في توقيت الإمساك والإفطار في شهر رمضان المبارك، مؤكِّداً أنَّ «جميع الآراء التي طرحت بهذا الصدد خاطئة ومجانبة للصواب ويجب ألا يٌلتفت إليها؛ لما تسببه من إثارة التشكيك عند المسلمين».

وأوضح المفتي في بيان صادر عنه: أنَّ تقويم أم القرى رسمي وشرعي ولا غبار عليه؛ حيث أشرف عليه نخبة من أهل العلم الموثوق في علمهم وأمانتهم، وسار عليه العمل منذ أكثر من 80 عاماً وحتى وقتنا الحاضر.

من جانبه قال الشيخ العبيكان: أنَّ اللجنة التي شُكِّلت في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية لدراسة مشروع الشفق «الفجر الصادق»، أكَّدت أنها لم تجد أساساً مكتوباً لتقويم أم القرى بعد البحث والاستقصاء.

وذكر العبيكان في سياق رده: أنَّ اللجنة تمكنت من لقاء مُعد التقويم سابقاً الدكتور "فضل نور"، الذي أفاد بأنه أعدَّ التقويم بناءاً على ما ظهر له، وليس لديه أي أساس مكتوب.

مضيفاً أنه من خلال الحديث مع الدكتور نور ومحاورته تبين أنه لا يميز بين الفجر الكاذب والصادق على وجه دقيق، حيث أعدَّ التقويم على أول إضاءة تجاه الشرق في الغالب؛ أي: على درجة 18، وبعد عشر سنوات قدمه إلى درجة 19 احتياطاً.

وكان آل الشيخ أوضح في بيانه: أنَّ سماحة المفتي السابق الشيخ عبد العزيز بن باز، وجَّه آنذاك بتشكيل لجنة من العلماء والاختصاص للنظر في صحة تقويم أم القرى، وأكَّدت اللجنة في تقرير رسمي لها صحة تطابق التوقيت مع طلوع الفجر.

في الحين الذي أوضح فيه العبيكان: أنَّ اللجنة التي يعوِّل عليها الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، ليس بينها فلكي، حيث كان القرار فيها يعود لمن أسماه بـ«كبيرهم» الذي خرج مرة واحدة، ووضع في باله القناعة بالتقويم، فلم يتحقق، وعندما نُوقش مَنْ كان معه، قال أحدهم: إنه لا يعرف الفجر الصادق من الكاذب على الطبيعة، وأحدهم رجع عن رأي اللجنة بعد أن وقف مع أهل الخبرة لمراقبة الفجر فاتضح له الخطأ.

ويتابع العبيكان بقوله: «وضحت بعد ذلك لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز الأمر، وطلبت منه أن يكلف اللجنة المذكورة بالخروج معنا للتحقق من توقيت التقويم، فوافق، غير أنَّ كبير اللجنة رفض، حتى أنني طلبت منه ذلك شخصياً، فرفض، ما يدل على عدم الحرص على تصحيح الخطأ». من جانبه شدد الشيخ عبد العزيز آل الشيخ على ضرورة العمل بتقويم أم القرى وعدم تأخير وقت الإمساك أو الإفطار، معتبراً أنَّ هذا الأمر ليس له ما يبرره.

ومن خلال بيان أصدره الشيخ العبيكان أول من أمس، أوضح أنَّ مخالفيه لا يعرفون كيف تم إعداد تقويم أم القرى؟ ولا مَنْ قام بإعداده؟

حيث اكتشف أنَّ مَنْ قام بإعداد التقويم هو شخص يدعى الدكتور "فضل نور"، بعكس ما يدعي مخالفوه من أنَّ التقويم قام بإعداده نخبة من العلماء!!.

موضحاً أنَّ الدكتور نور أفاد اللجنة المشكلة من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية لدراسة مشروع الشفق (الفجر الصادق)، أنه أعد التقويم بناء على ما ظهر له وليس لديه أي أساس مكتوب، مفنداً بذلك ما ذهب إليه مخالفوه، الذين قال عنهم: «ثم إنَّ هؤلاء الذين يقدِّسون التقويم في صلاة الفجر، نجدهم يحاربونه في مكان آخر، ولا يعتبرون دقة الحساب في ولادة الهلال، ولا كونه غاب قبل الشمس أو بعدها».

ودلل العبيكان على أنَّ التقويم لم يعد من قبل متخصصين في الشريعة، ولم تشرف عليه مؤسسة دينية، بقوله: إنَّ «الاعتماد على دخول الشهر فيه كان على توقيت غرينتش، وعلى ولادة الهلال منتصف الليل، وهذا لا يقوله عالم بالشريعة، ثم بعد ذلك عُدِّل هذا النهج بعد صدور توصية من مجلس الشورى، فأصبح يعتمد في دخول الشهر على ولادة الهلال، وكونه يغيب بعد الشمس في مكة المكرمة».

وذهب العبيكان في تبيان الفرق بين الفجر الكاذب والآخر الصادق، إلى أنَّ الذي تترتب عليه الأحكام الشرعية من الإمساك عن الطعام للصائم وابتداء وقت الصلاة هو الفجر الصادق، والمعروف بأنه ضوء الصباح؛ وهو حمرة الشمس في سواد الليل، ويطلق على أول بياض النهار.

وأبرز العبيكان آراء العلماء في توقيت التقاويم والأذان الثاني قبل صلاة الفجر، ومنها قول شيخ الإسلام ابن تيمية في جواب له على سؤال من أكل بعد أذان الصبح في رمضان بقوله: «أما إذا كان المؤذن يؤذن قبل طلوع الفجر، كما كان بلال يؤذن قبل طلوع الفجر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وكما يؤذن المؤذنون في دمشق وغيرها قبل طلوع الفجر، فلا بأس بالأكل والشرب بعد ذلك بزمن يسير»، وكما قال ابن حجر: «من البدع المنكرة ما أحدث هذا الزمان من إيقاع الأذان الثاني قبل الفجر بنحو ثلث ساعة في رمضان، وإطفاء المصابيح التي جعلت علامة لتحريم الأكل والشرب على من يريد الصيام زعماً ممن أحدثه أنه للاحتياط في العبادة ولا يعلم بذلك إلا آحاد الناس».

مشيراً إلى أنَّ نظير ذلك ما يحصل الآن في الوقت الحاضر، فإنَّ معظم التقاويم تدخل وقت صلاة الفجر قبل الوقت الشرعي، ومنها تقويم أم القرى. وأورد العبيكان ما قاله الشيخ محمد بن عثيمين: «بالنسبة لصلاة الفجر فالمعروف أنَّ التوقيت الذي يعرفه الناس ليس بصحيح، فالتوقيت مقدم على الوقت بخمس دقائق على أقل تقدير، وبعض الإخوان خرجوا إلى البر فوجدوا أنَّ الفرق بين التوقيت الذي بأيدي الناس وبين طلوع الفجر نحو ثلث ساعة، فالمسألة خطيرة جداً، ولهذا لا ينبغي للإنسان في صلاة الفجر أن يبادر في إقامة الصلاة، وليتأخر نحو ثلث ساعة أو 25 دقيقة حتى يتيقن أن الفجر قد حضر وقته».

وذكر العبيكان في بيانه المفاسد المترتبة على تقديم وقت أذان الفجر، ومنها قيام بعض المساجد وخاصة التي على الطرقات بالصلاة قبل دخول الوقت، وكذلك المساجد في رمضان، حيث يصلي كثير منهم بعد عشر دقائق من الأذان، وصلاة المرضى وكبار السن في البيوت، وممن يسهر إلى الفجر بعد الأذان مباشرة، وصلاة النساء في البيوت حيث يصلي أكثرهن بعد الأذان مباشرة، ومبادرة أكثر المصلين بأداء سنة الفجر فور دخوله المسجد، وبذلك يكون قد صلى سنة الفجر قبل وقتها، والتبكير في السحور، وهذا مخالف لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وفضلاً عن الناس في المطارات وعلى الطائرات والذين قد يؤدون الصلاة عند دخول أول الوقت حسب التقويم، وطهارة الحائض والنفساء بعد وقت التقويم بوقت قصير، وعدم تمكينها من الصيام في ذلك اليوم، وغيرها من المفاسد التي لو وجدت واحدة منها لكانت كافية لتعديل التقويم، فكيف إذا اجتمعت؟! ولفت العبيكان إلى أنَّ الخلاصة التي خرجت بها اللجنة المشكلة من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، والتي جاء فيها: «من خلال الرصد الميداني لمدة عام كامل لتحديد بداية الفجر الصادق «الشفق الشرعي» في منطقة الرصد، تبين أنه ينضبط باستخدام المعيار الفلكي عندما تكون الشمس تحت الأفق بمقدار 14,6 درجة قوسية وانحراف معياري بمقدار 0,3 درجة قوسية، ما يعني قرابة 21 دقيقة عن تقويم أم القرى، تزيد قليلا أو تنقص. كما ظهر للجنة بعد البحث والاستقصاء أنَّ سبب الإشكالية في التقويم هو اشتباه الفجر الكاذب بالصادق عند مَنْ قام بإعداده».

9- وممن ذكر هذه المسألة وأنكرها؛ محمد رشيد رضا في تفسيره "المنار 2/184" عند قوله تعالى: "حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر" فقال: ((ومن مبالغة الخلف في تحديد الظواهر مع التفريط في إصلاح الباطن من البـر والتقوى، أنهم حددوا أول الفجر وضبطوه بالدقائق، وزادوا عليه في الصيام إمساك عشرين دقيقة تقريباً!!، وأما وقت المغرب فيزيدون فيه على وقت الغروب التام خمس دقائق على الأقل، ويشترط بعض الشيعة فيه ظهور بعض النجوم؛ وهذا نوع من اعتداء على حدود الله تعالى... بيد أنه يجب إعلام المسلميـن... بأنَّ وقت الإمساك الذي يرونه في التقاويم والصحف، إنما وضع لتنبيه الناس إلى قرب طلوع الفجر الذي يجب فيه بدء الصيام... وأنَّ من أكل وشرب حتى طلوع الفجر الذي تصح فيه صلاته، ولو بدقيقة واحدة، فإنَّ صيامه صحيح)).

دراسة من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية في المملكة العربية السعودية:

وهي دراسة علمية فلكية دقيقة أشار إليها العبيكان كما تقدَّم، وقد قام بها معهد بحوث الفلك في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية بناءاً على توجيه من الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مفتي المملكة العربية السعودية حالياً حفظه الله تعالى، والشيخ صالح آل الشيخ وزير الشؤون الدينية فيها حفظه الله تعالى، وقد شارك في هذا البحث أفاضل من علماء الشريعة والفلك، وتميزت الدراسة بالتجرد والميدانية والشرعية والفلكية والتجارب المتكررة، وقد أسفرت الدراسة عن الأمور التالية:

-أنَّ واضع تقويم أم القرى السابق ليس لديه علم شرعي، فهو لا يفرق بين الفجر الكاذب والفجر الصادق، ولهذا وضع وقت الفجر في التقويم على الفجر الكاذب حسب إفادته!!، وهذا خطأ شرعي واضح، فإنَّ وقت الفجر الذي يحرم به الصيام، ويبيح الصلاة هو الفجر الصادق كما هو معلوم من الشرع وقد سبق بيانه.

- أنَّ واضع التقويم قدَّم وقت الفجر بهواه مقدار درجة وهي تعادل 4- 4.45 دقيقة، وذلك حيطة منه للصيام، فوقع فيما هو أخطر منه , وهو تقديم صلاة الفجر.

- أنَّ الفجر الكاذب الذي وضع عليه التقويم متقدِّم على الصادق بنحو عشرين دقيقة، يزيد وينقص نحو خمس دقائق، وذلك حسب طول الليل، والنهار، وقصرهما.

وبعد مقابلة اللجنة المشرفة على الدراسة للمسئول عن أم القرى وتسجيل هذه المقابلة قالت: "وقد أمكن اللقاء بمعدِّ التقويم سابقًا الدكتور فضل نور, الذي أفاد بأنه أعدَّ التقويم بناءً على ما ظهر له, وليس لديه أي أساس مكتوب, ومن خلال الحديث معه ومحاورته تبين أنه لا يميز بين الفجر الكاذب والصادق على وجه دقيق, حيث أعدَّ التقويم على أول إضاءة تجاه الشرق في الغالب!!, أي: على درجة 18، وبعد عشر سنوات قدَّمه إلى 19 درجة احتياطًا!!.

وكذلك قال د. سعد بن تركي الخثلان؛ وهو عضو في اللجنة المشكلة لدراسة الشفق الفلكي في بيان له بتاريخ (3/8/1428ﻫ): (معظم التقاويم في العالم الإسلامي ومنها تقويم أم القرى يوجد لديها إشكالية في تحديد دخول وقت صلاة الفجر؛ إذ أنها تعتبر الشفق الفلكي بداية لوقت الفجر، والشفق الفلكي هو الفجر الكاذب الذي حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الاغترار به كما جاء عند مسلم عن سمرة بن جندب رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يغرنكم نداء بلال ولا هذا البياض حتى يبدو الفجر، أو قال: حتى ينفجر الفجر"، وفي حديث قيس بن طلق عن أبيه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يهيدنكم -أي لا يمنعنكم- الساطع المصعَّد حتى يعترض لكم الأحمر" أخرجه أبو داود والترمذي وابن خزيمة وهو حديث حسن، وهذا الساطع هو الفجر الكاذب عند الفلكيين المعاصرين, ويكون له سطوع في بعض أيام السنة خاصة مع صفاء الجو بحيث يغرّ مَنْ لا يعرفه، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: "لا يغرنكم الساطع"، وهذا الشفق الفلكي يكون على درجة 18، وقد وضع عليه تقويم رابطة العالم الإسلامي وتقويم العجيري, أما تقويم أم القرى فقد وضع على درجة 19، أي مع تقديم أربع إلى خمس دقائق.

وقد وجدت دراسات فلكية حديثة لتحديد الدرجة الصحيحة لبداية الفجر الصادق, والذي استقرت عليه الدراسات أنه ما بين 14.5 إلى 15، أي أنَّ الفارق بينها وبين تقويم أم القرى مابين 15 إلى 23 دقيقة بحسب فصول السنة))، وقد قال في بيان سابق: ((فينبغي التواصي في هذه المسألة العظيمة المهمة المتعلقة بعبادة، ولا يقال: إنَّ في هذا تشويش، بل في هذا تصحيح للخطأ الواقع، فهل يترك الناس على الخطأ؟! هذا ليس بصحيح)).

فهذه مجموعة من أقوال أهل العلم والمتخصصين في هذا المجال وقد أنكروا المواقيت الفلكية؛ استفدتُ بعضها من مقالات أفاضل ممن كتب نصائح في بيان هذا الأمر الخطير في مواقع الإنترنت، ولا شك أنَّ هناك أقوال أخرى لعلماء ومشايخ آخرين في كآفة بلاد أهل الإسلام، ولو لم يكن إلا مَنْ تقدَّم ذكرهم لاكتفى المرء بهم واستغنى، فكيف وقائمة أهل العلم الذين أنكروا التوقيت الفلكي في بلدانهم كثيرة.

وأما مَنْ صحح هذا التوقيت وغلَّط مَنْ يطعن بصحته فإنما مستنده لذلك الفلكيون واللجنة التي خرجت لملاحظة ذلك، وقد علمتَ أيها القارئ الكريم حالها!، ولو لم يكن إلا أنَّ نتائج هذه اللجنة المعتمدة عندهم مخالفة لما صرَّح به أولئك العلماء والمشايخ لكان كافياً في الطعن بتلك النتائج، فكيف وقد أثبتت لجنة أخرى بعدهم خلاف ما يزعمون؟! بل وكيف واللجنة السابقة لا يميز أصحابها الفروق بين الفجر الصادق والكاذب؟!!

وأما مَنْ يقول: إنَّ في إثارة هذا الموضوع تشويش للناس وفتنة لهم!؛ فلا عبرة لقوله وبخاصة وقد حذَّر من ذلك علماء أكابر ولم يتوقفوا في بيان ذلك خشية الفتنة والتشويش، ولو أنَّ كلَّ ما فيه تشويش لبعض الناس تُرك خشية أن يُفتنوا لتركت واجبات كثيرة وفُعلت محرمات كثيرة، وإنما الفتنة في مخالفة أمر النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال تعالى: ((فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ))، فكيف ومسألة وقت الصلاة مسألة مهمة تعتمد عليها الصلاة التي هي أعظم العبادات العملية؟

والغريب ممَنْ يحرص على إيقاع فريضة الصيام إمساكاً وإفطاراً في وقتها، ويحتاط لذلك دقائق قد تكثر وقد تقل، ثم لا نجده يحرص على إيقاع فريضة الصلاة وهي أعظم من الصيام في وقتها!، علماً أنَّ الشرع رخَّص في وقت الإمساك، وحثَّ على تأخير السحور وتعجيل الفطور!!؛ فعن أم حكيم رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: ((عجِّلوا الإفطار وأخِّروا السحور)) رواه الطبراني وصححه الألباني، وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: ((ثلاث من أخلاق النبوة: تعجيل الإفطار، وتأخير السحور، ووضع اليمين على الشمال في الصلاة)) كذلك رواه الطبراني وصححه الألباني، وعن عمرو بن ميمون قال: ((كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أعجل الناس إفطاراً وأبطأهم سحوراً)) رواه البيهقي، وعن أبي عطية قال قلت لعائشة: فينا رجلان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ أحدهما: يعجِّل الإفطار ويؤخِّر السحور، والآخر يؤخِّر الإفطار ويعجِّل السحور؟ قالت: أيُّهما الذي يعجِّل الإفطار ويؤخِّر السحور؟ قلت: عبد الله بن مسعود؛ قالت: هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع. أخرجه النسائي، وأخرج أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا سمع النداءَ – والمقصود به أذان الفجر الثاني كما جاء مصرحاً في إحدى الروايات- أحدُكم والإناء في يده فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه))، وهذا في النداء المستند على التوقيت الشرعي فضلاً عن الفلكي.

أما الصلاة فقد أجمع علماء الإسلام قديماً وحديثاً أنَّ مَنْ صلَّى قبل الوقت بمقدار تكبيرة الإحرام فقط بطلت صلاته، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في الشرح الممتع 1/408: ((والدَّليل على اشتراط الوقت قوله تعالى: "إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً"، أي: مؤقَّتاً بوقته، وقوله تعالى: "أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً"، والأدلَّة من السُّنَّة كثيرة، منها قول النبي صلى الله عليه وسلم: «وقت الظُّهر إذا زالت الشمس، وكان ظلُّ الرَّجُلِ كطوله ما لم يحضرِ العصر، ووقت العصر ما لم تصفرَّ الشَّمسُ...» الحديث. والصَّلاة لا تصحُّ قبل الوقت بإجماع المسلمين، فإنْ صلَّى قبل الوقت: فإنْ كان متعمِّداً فصلاته باطلة ولا يسلم من الإثم، وإنْ كان غير متعمِّد لظنِّه أنَّ الوقت قد دخل فليس بآثم وصلاته نَفْل؛ ولكن عليه الإعادة؛ لأنَّ من شروط الصَّلاة دخول الوقت))، وقد تقدَّم قوله رحمه الله تعالى: ((لو تقدم الإنسان قبل الوقت بقدر تكبيرة الإحرام فقط ما صحت الصلاة)). وقال رحمه الله تعالى في المصدر السابق 1/428: ((مسألة: هل يُصلِّي مع الشَّكِّ في دخول الوقت؟ الجواب: لا يصلِّي مع الشَّكِّ، وذلك لأنَّ الأصل العدم، فلا يُعدل عن الأصل إلا بمسوِّغ شرعي. وهل يُصلِّي مع غلبة الظنِّ بعدم دخول الوقت؟ الجواب: لا يُصلِّي من باب أَولى. وهل يُصلِّي مع اليقين بعدم دخول الوقت؟ الجواب: لا يجوز. إذاً؛ لا يُصلي في ثلاث صُور، ويصلِّي في صورتين، فالصُّور خمس: تيقُّنُ دخول الوقت، وغلبة الظنِّ بدخوله؛ فله الصَّلاة في هاتين الصُّورتين، لكن لو تيقَّن في الصّورة الثانية أنه صلَّى قبل الوقت لزمته الإعادة، وتكون الأُولى نَفْلاً. الصورة الثالثة والرابعة والخامسة: الشكُّ في دخوله، وغلبة الظنِّ بعدم دخوله، واليقين بعدم دخوله: فلا يُصلِّي)).

فيا أئمة المساجد ومؤذنيها عليكم أن تبينوا هذا الأمر للناس بحكمة ورفق، وأن تحذِّروا من عاقبة مخالفته، لأنَّ المساجد أمانة في أعناقكم، وأنتم مسؤولون أمام الله عزَّ وجل عن صلاة الناس الذين يُصلُّون الفجر قبل وقتها، ولا تغتروا بمواقيت وُضِعت من قبل لجنة أو هيئة يحكمها الفلكيون الذين يجهلون أوصاف الفجر الصادق، ودليل ذلك أنهم لا يُدوِّنون في هذه المواقيت إلا الفجر الأول ولا يعرفون غيره، وهو عندهم الفجر الصادق!!.

وعليكم أن تخرجوا بأنفسكم مراراً وتكراراً قبل وقت الفجر بمدة وتراقبوا أوصاف الفجر من جهة شروق الشمس كما تقدَّم في أول هذه النصيحة، ولا تقلِّدوا أحداً ولا تتعصبوا لقول، فإن تبيَّن لكم أنَّ التوقيت الشرعي لصلاة الفجر يتأخر عن التوقيت الفلكي الموجود في مواقيت الصلاة، وأنَّ آذان مسجدكم يقع في ظلمة من الليل ليس فيها بياض منتشر على طول الأفق تستبطنه حمرة من جهة مشرق الشمس، فاعلموا أنَّ آذانكم خطأ؛ لأنه يقع خارج الوقت.

وهكذا؛ بكثرة النظر ستعرفون الفرق بين التوقيت الشرعي الصحيح وبين التوقيت الفلكي الخطأ، وقد صرَّح كثيرٌ من طلبة العلم في العراق الذين خرجوا في أرض مكشوفة بعيدة عن الأنوار ويُرى فيها الأفق بوضوح: أنَّ الفارق بين التوقيت الخطأ المدوَّن في مواقيت الصلاة وبين التوقيت الصحيح هو ما يُقارب 15 دقيقة، وهذا يعني أنَّ وقت الفجر الموجود في القوائم هو الفجر الأول، ثم يُزاد عليه ما يُقارب 15 دقيقة فيكون الفجر الثاني، والبعض الآخر يرى أنَّ الفارق أكثر من ذلك، والله تعالى أعلم.

نسأل الله تعالى أن يوفق الجميع لما يُحب ويرضى، وأن يرزقنا الإخلاص والسداد في الأقوال والأعمال في الظاهر والباطن، إنه وليٌّ المؤمنين.

وصلِّ اللهم وسلِّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدِّين.

وكتبـــه
أبو معاذ رائد آل طاهر
في صبيحة يوم الجمعة الثالث والعشرين من شهر رجب 1430هـ
الموافق 17/7/2009م

- منقول من منتديات سحاب السلفية -

رد مع اقتباس