عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 28 Aug 2017, 12:26 AM
أحمد القلي أحمد القلي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2017
المشاركات: 135
افتراضي

الغريب في هاته المسألة المتلاطمة الأمواج والمتشعبة الفجاج , أن كلا الفريقين يحتج بنفس الحديث و هو قصة ابن عمر في طلاق امرأته وهي حائض
عن مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ العِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ»)) متفق عليه

وهذه سلسلة الذهب مالك عن نافع عن ابن عمر فهذا أصح لفظ روي عن ابن عمر
فالموقعون للطلاق استدلوا بما جاء في بعض طرق هذا الحديث عند مسلم (فَحُسِبَتْ مِنْ طَلَاقِهَا،))
وكذا عند البخاري تعليقا («حُسِبَتْ عَلَيَّ بِتَطْلِيقَةٍ» ))
ورد المانعون بما رواه أبو الزبير المكي عن ابن عمر في هاته القصة ((طَلَّقَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَرَدَّهَا عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَرَهَا شَيْئًا» ))


وقد طعن الموقعون للطلاق في هذه الزيادة التي رواها أبو الزبير -باسناد صحيح على شرط مسلم - وقالوا ان الأحاديث الصحيحة على خلافها وأن أبا الزبير لم يرو حديثا أنكر من هذا كما قال الخطابي

أما أنها مخالفة للأحاديث فهذا غير صحيح و ليس في كلام النبي عليه السلام حرف واحد يخالفها , وانما الاعتداد بالتطليقة كان من رأي ابن عمر , وابو الزبير روى القصة كما رواها غيره وزاد عليهم هذه اللفظة
وهو ثقة و قد صرح بالسماع من ابن عمر , ولم يتفرد بذلك كما زعموا بل توبع على ما زاده


قال الشوكاني في نيل الأوطار (6--268)

(عَلَى أَنَّهُ يُؤَيِّدُ رِوَايَةَ أَبِي الزُّبَيْرِ مَا أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ «ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَيْسَ ذَلِكَ بِشَيْءٍ» .وَقَدْ رَوَى ابْنُ حَزْمٍ فِي الْمُحَلَّى بِسَنَدِهِ الْمُتَّصِلِ إلَى ابْنِ عُمَرَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ " أَنَّهُ قَالَ فِي الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ: لَا يُعْتَدُّ بِذَلِكَ " وَهَذَا إسْنَادٌ صَحِيحٌ. وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: " إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا فِي قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ"

وَقَدْ رَوَى زِيَادَةَ أَبِي الزُّبَيْرِ الْحُمَيْدِيُّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ، وَقَدْ الْتَزَمَ أَلَّا يَذْكُرَ فِيهِ إلَّا مَا كَانَ صَحِيحًا عَلَى شَرْطِهِمَا
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ: إنَّهُ تَابَعَ أَبَا الزُّبَيْرِ عَلَى ذَلِكَ أَرْبَعَةٌ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ وَيَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي حَسَنَةَ
،) ) انتهى


وقد حاول الموقعون لهذا الطلاق المحرم دفع هذه المقولة بضروب من التأويلات
وأقوى ما ادعوه في ذلك قولهم أن معنى لم يرها شيئا أي لم يرها شيئا مستقيما أو على السنة
لكن يرد تأويلهم هذا رواية ابن منصور (ليس ذلك بشيء)) أي أن هذا الطلاق ليس بشيء , فعدمه ووجوده سواء .
فليس تأويلهم بشيء بعد تبين معنى الحديث
وأولوا القول الآخر (لا يعتد بذلك ) على أنه لا يعتد بتلك الحيضة في الطلاق
ولو كان ما تأولوه صحيحا لقال (لا تعتد بذلك ) فالمرأة هي التي تعتد وليس الرجل , مع أن الفعل يبدو أنه مبني لما لم يسم فاعله .
وأيضا عدم الاعتداد من زمن الحيضة لا يخفى على أحد , فقد بينه النبي عليه الصلاة والسلام , بل بين أن الاعتداد يبدأ من الطهر الذي لم يمسها فيه وليس أي طهر .
وليس للموقعين دليل صريح من لفظ النبي عليه الصلاة والسلام الا أمره ابن عمر بمراجعتها , وحسبوا أن المراجعة لا تكون الا بعد الطلاق
وهذا بعيد لأن هذه المراجعة مقصود بها معناها اللغوي أي ردها , ولو كانت المراجعة التي قصدوها لأمر النبي عليه السلام ابن عمر أن يشهد على ارجاعها شاهدين
وفي تفسير الطبري (23-444)
(وَقَوْلُهُ: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} وَأَشْهِدُوا عَلَى الْإِمْسَاكِ إِنْ أَمْسَكْتُمُوهُن، وَذَلِكَ هُوَ الرَّجْعَةُ) انتهى

ومادام أنه لم يشهد دل هذا على أن الطلاق لم يقع
ولو كان الطلاق قد وقع كما يقولون , ما كان النبي عليه الصلاة والسلام يأمر ابن عمر أن يردها لكي يطلقها مرة ثانية ؟؟
فهو رجوع من طلاق الى مثله بلا فائدة الا تكثير الطلاق عليها
و الرجعة لا تكون في شرعنا الا لأجل الامساك , فاما أن يرجعها لأجل أن يمسكها بالمعروف وان لم يرجعها فتسريح باحسان
فهذان هما الاحتمالان الذان لا يوجد لهما ثالث
فدل هذا على أن الارجاع المذكور في الحديث ليس هو الارجاع الذي يقصد بها استدامة النكاح ونقض الطلاق
فالطلاق في الحيض معصية باتفاق الأمة , وهو منهي عنه فكيف يمضي ويجيز النبي عليه السلام شيئا نهى عنه وتغيظ ممن فعله ؟
وما الفائدة اذا من اعادة المرأة الى عصمته لو كان الطلاق الأول قد وقع ؟
بل ليس في هذا الفعل الا مضرة للمرأة بتكثير الطلاق عليها وبتطويل العدة بلا فائدة ولا مصلحة ترتجى
و على فرض أن رجلا طلق امرأته ثلاثا في الحيض
فالموقعون للطلاق في الحيض كلهم يوقعون الطلاق الثلاث في مجلس واحد أو بلفظ واحد , بل أنهم ادعوا الاجماع على ذلك أكثر مما ادعوه في طلاق الحيض
فاذا اجتمع الأمران , فلا مخرج لهم من ذلك الا أن يقولوا بعدم وقوع أحدهما
فان قالوا مثلا الطلاق الثلاث يقع ثلاثا , فان هذه المرأة ستبين منه وتحرم عليه حتى تنكح زوجا غيره
والنبي عليه السلام قد أمر من طلق في الحيض أن يرد امرأته
وهذا لا يستطيع أن يردها لأنه استنفذ الطلقات الثلاثة , فاما أن يقولوا ان الطلاق في الحيض لا يقع
واما ان يقولوا أن الطلاق الثلاث لا يقع الا واحدة , وعلى الاختيارين يلزمهم نقض مذهبهم
وكذلك من بقيت له طلقة واحدة , وطلق امرأته الطلقة الثالثة في الحيض , فهو مأمور أن يرد امرأته بأمر النبي عليه الصلاة و السلام
فان اعتد بتلك التطليقة استنفذ التطليقات الثلاثة , ولا يجوز له أن يراجع امرأته فقد بانت منه البينونة الكبرى ,فوقوع هذا الطلاق الثالث في الحيض قد حرمها عليه ,
وما دامت قد حرمت عليه بهذه التطليقة فلا يمكن أن يراجعها لكي يطلقها في الطهر , فوجب عليها اذا أن تبدأ عدتها من هذه الحيضة ولا بد لأنه لم يبق لها طلاق آخر تعتد به
وهذا لا يقوله مسلم
فلم يبق الا القول بعدم وقوع هذا الطلاق في الحيض ليتمكن من ردها فيطلقها في الوقت الذي أبيح فيه الطلاق
ولوتأمل العبد هذا الأمر جيدا لخلص الى أن هذا الطلاق المنهي عنه في الشرع لا يمكن أن يقع ...


التعديل الأخير تم بواسطة أحمد القلي ; 28 Aug 2017 الساعة 12:30 AM
رد مع اقتباس