عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 09 Dec 2013, 03:53 PM
أبو عبد الرحمن إبراهيم البجائي أبو عبد الرحمن إبراهيم البجائي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2013
المشاركات: 15
افتراضي من أسرار وإبداعات الامام البخاري -رحمه الله- في تراجمه ( الحلقة: الأولى)

بسم الله الرّحمن الرّحيم







الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
أمابعد:
فهذا أوّل مقال لي في هذا المنتدى المبارك، الذي أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعله منارا للدّعوة إلى سبيله، وأن يوفّق القائمين عليه، وأن يجعلهم هُداة مُهتدين.
وقد ارتأيت أن أفتتح مشاركتي في هذا المنتدى بتقديم سلسلة حول تراجم الامام البخاري-رحمه الله- في صحيحه، وسأحاول بإذن الله تعالى أن أُقدّم لإخواني طلبة العلم زبدة ما ذكره العلماء-باختصار غير مُخلّ إن شاء الله- من أسرار وإبداعات الامام البخاري-رحمه الله- من خلال تراجمه، وذلك باستقراء ما يسرّه الله عز وجل من مختلف شروح صحيح البخاري، وكذا ما أفرده العلماء بالتأليف في هذا الباب.
ولعلّ أهم ما دفعني للكتابة في هذا الموضوع ما قرأتُه للحافظ ابن حجر-رحمه الله تعالى- في"هدي الساري" (ج2/ص:21 طبعة طيبة): « وكذلك الجهة العظمى الموجبة لتقديمه-يعني صحيح البخاري- وهي ما ضمّنه أبوابه من التراجم التي حيّرت الأفكار وأدهشت العقول والابصار، وإنما بلغت هذه الرتبة وفازت بهذه الخطوة لسبب عظيم أوجب عظمها وهو ما رواه أبو أحمد بن عدي عن عبد القدوس بن همام قال: شهدت عدة مشايخ يقولون حول البخاري تراجم جامعه يعني بيّضها بين قبر النبي صلى الله عليه و سلم ومنبره، وكان يصلي لكل ترجمة ركعتين، ولنشرع الآن في الكلام عليها ونبين ما خفي على بعض من لم يمعن النظر فاعترض عليه اعتراض شاب غرّ على شيخ مجرّب أو مكتهل، وأوردها إيراد سعد وسعد مشتمل ما هكذا تورد يا سعد الإبل »اهـ.
فأقول مستعينا بالله:

1- كتاب بدء الوحي
1- باب كَيْفَ كَانَ بَدْءُ الْوَحْيِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَوْلُ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ ﴿إِنّا أوْحيْنا إِليْك كما أوْحيْنا إِلىٰ نوحٍ والنّبِيِّين مِنْ بعْدِهِ ﴾[النساء:163].

بدأ البخاري –رحمه الله تعالى- بكتاب الوحي وقدّمه، لأنه منبع الخيرات وبه قامت الشّرائع وجاءت الرّسالات، ومنه عرف الإيمان والعلوم (1).
وفيه حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «إنّما الأعمال بالنّيات»، ابتدأ به الامام البخاري –رحمه الله تعالى- مع بعده عن معنى ظاهر الترجمة، ليُعلِم أنه قصد في تأليفه وجه الله عز وجل، ففائدة هذا المعنى أن يكون تنبيها لكل من قرأ كتابه أن يقصد به وجه الله تعالى كما قصده هو في تأليفه (2)، وقيل إنه أراد أن يقيمه مقام الخطبة للكتاب، لأنّ في سياقه أنّ عمر- رضي الله عنه- قاله على المنبر بمحضر الصحابة، فإذا صلح أن يكون في خطبة المنبر صلُح أن يكون في خطبة الكتاب (3)، ولقد أحسن العوض من عوّض من كلامه كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم (4).
ومن مناسبات ذكر حديث عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- أنّ فيه الهجرة إلى الله جلّ جلاله، والنّبي صلى الله عليه وسلم كانت مقدّمة النّبوة في حقّه هجرته إلى الله جلّ وعلا، وإلى الخلوة بمناجاته، والتقرّب إليه بعباداته في غار حراء، فكانت هجرته هذه بدء فضل الله تعالى عليه باصطفائه وإنزال الوحي عليه (5).
ومن المناسبات البديعة الوجيزة لترجمة الامام البخاري –رحمه الله: أنّ الكتاب- يعني صحيح البخاري- لما كان موضوعا لجمع وحي السنة صدّره ببدء الوحي، ولما كان الوحي لبيان الأعمال الشّرعيّة، صدّره بحديث الأعمال(6).
والله تعالى أعلى وأعلم.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
...يُتبع إن شاء الله تعالى.
كتبه: أبو عبد الرحمان إبراهيم الأقبوي البجائي.






ـــــــــــــــ
(1): هدي الساري لابن حجر [ج2 ص: 1269 طبعة طيبة].
(2): شرح ابن بطال على صحيح البخاري [ج1 ص:31]، وانظر: مناسبات تراجم البخاري لبدر الدين بن جماعة (ص 29) .
(3): فتح الباري لابن حجر [ج1 ص:31] .
(4): شرح ابن بطال على صحيح البخاري [ج1 ص:32] .
(5): انظر: المتواري على أبواب البخاري (ص 50،51) .
(6): فتح الباري لابن حجر [ج1 ص:32،32] .


التعديل الأخير تم بواسطة أبو معاذ محمد مرابط ; 09 Dec 2013 الساعة 04:38 PM
رد مع اقتباس