عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 03 May 2018, 05:44 AM
عبد الصمد بن أحمد السلمي عبد الصمد بن أحمد السلمي غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Feb 2012
الدولة: في بلد ممتدة أرجاؤه...وطيب هواءه وماؤه
المشاركات: 351
افتراضي

هذا التعليق كنت سأكتبه في مقال : ( رَدُّ فَهمٍ منكوسٍ لأصحابِ " عقيدة التَّمكينِ " في قَضيّة الجهادِ مع وليّ الأمرِ ) وليس المقصود به هذا الموضوع.


التعليق على كلام شيخ الإسلام ابن تيمية


الخلاف الذي نقله شيخ الإسلام ابن تيمية في الجهاد مع وليّ الأمر ضد الخوارج والكفار منطلقه فقهي؛ لأن الإمام مالك ومن معه من العلماء موافق لعقيدة السلف، ومنطلقه هنا في تحقيق المصالح والمفاسد، ولذلك روي عنه الرجوع عن المنع من القتال مع ولي الأمر الجائر ضد الكفار؛ فهو له قولان؛ آخرهما الجواز؛ قال الإمام ابن أبي زمنين : ( روى سحنون عن ابن القاسم أنّه قال : وبلغني أنّ مالكا كان يكره جهاد الروم مع هؤلاء الولاة، فلما كان زمن مرعش وصنعت الروم ما صنعت رجع عن قوله، وقال : لا بأس بالجهاد معهم، وأنه لو ترك الجهاد معهم لكان ضررا على أهل الإسلام، قال محمد - يعني : ابن أبي زمنين : وهذا الذي رجع إليه مالك هو الذي عليه أئمة المسلمين وجماعتهم

قال ابن حبيب : سمعت أهل العلم يقولون : لا بأس بالجهاد مع الولاة وإن لم يضعوا الخمس موضعه، وإن لم يوفوا بعهد إن عاهدوا، وإن عملوا ما عملوا، ولو جاز للناس ترك الغزو معهم لسوء حالهم لاستذلّ الإسلام وتخرّمت أطرافه واستبيح حريمه ولعلا الشرك وأهله )

قدوة الغازي ( ص/ 223 - 224 ).

وروي عن الإمام مالك اشتراط أن يكون ولي الأمر عدلا في قتل الخوارج وكانوا يريدون قتاله؛ قال ابن القاسم : ( قال مالك في الحرورية وما أشبههم أنهم يقتلون إذا لم يتوبوا إذا لم كان الإمام عدلا، فهذا يدلك على أنهم إن خرجوا على إمام عدل وهم يريدون قتاله، ويدعون إلى هم إليه، دعوا إلى السنة والجماعة ، فإن أبوا قتلوا ) المدونة ( 2/ 48 ).

وفبما يظهر هنا أن التخصيص بولي الأمر العدل راجع إلى أن الفاجر مظنة التعدّي في قتاله للخوارج؛ وهذا لا شكّ أنّه مسلك من ناحية المصالح والمفاسد صحيح؛ لأن الشريعة حرّمت التعدّي.

وقد ظهر أن المصلحة - خاصة في عصرنا - في التبليغ عن الخوارج حتى مع ولي الأمر غير العدل لحدّ شرِّهم، ولو أدى ذلك إلى قتالهم وقتلهم، فضررهم ظاهر لا ينكره أحد، ويكفي ما فعلوه في ما يسمّى عندنا بـــ " العشرية السوداء "، وما نراه في البدان الأخرى؛ مما لا يستنكر التبليغ عنهم إلا من في قلبه غلٌّ وحقد على المسلمين ووليّ أمرهم .

خاصة أنّ قتال الخوارج أهم عند علماء الإسلام من قتال الكفار؛ قال ابن هبيرة الحنبلي : ( قتال الخوارج أولى من قتال المشركين ) فتح الباري ( 12/ 301 ).

وفي قتال الخوارج من الأجر العظيم مما يجعل من يزهد فيه إلا ظالم لنفسه؛ وفي الحديث [ طوبى لمن قتلهم وقتلوه ]، وفي آخر : [ لو يعلم الجيش الذين يصيبونهم ما لهم من الأجر لنكلوا عن العمل ].

ولعلّ مما يزيد الأمر حكمة هو أن الخوارج لما عدلوا عن قتال المشركين وقاتلوا المسلمين [ يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الاوثان ] كان قتالهم أولى من قتال المشركين جزاءً وفاقا.



قيل للإمام ابن أبي زيد القيرواني - وقد اتخذ كلبا زمن العبيديين الرافضة -: ( تتخذ كلبا وقد منع الإمام مالك من ذلك؛ فقال : لو أدرك الإمام مالك زمننا لاتخذ أسدا ضاريا) ...معنى القصة.




الحاصل:

لكنّ الكلام هنا على من يرى أنّ جهاد الكفار وسائر من يجوز قتالهم لولي الأمر غير نافع من منطلق عقدي مبني على أنّ: جيوش المسلمين فيها معاصٍ، والله سبحانه لا ينصر العاصين، وهذا قول باطل مضمونه إلغاء شريعة الجهاد ؛ كما هي عقيدة الرافضة؛ لأنه يستحيل أن يكون هناك جيش في التاريخ ليس فيهم عاصٍ؛ بل عصاة.


فهناك فرقٌ بين من منطلقاته فقهية، ومن منطلقاته عقدية.


وللفائدة : ينظر كتاب " الجهاد ومن يدعو إليه " للشيخ عبد المحسن المنيف، ومنه أفدت، وكتاب " الجهاد في الإسلام " للشيخ عبد السلام السحيمي بقديم الشيخ صالح الفوزان، وغيرهما.

رد مع اقتباس