عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 21 Jul 2017, 02:57 PM
عبد الباسط لهويمل عبد الباسط لهويمل غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: May 2017
الدولة: الجزائر
المشاركات: 96
افتراضي

الأصل أن ما جاء في الكتاب والسُّنة من المسائل العلمية الخبرية ؛ هو مُحكم لا إشتباه فيه ، وبيّنٌ لا يحتاج إلى مَزيدِ بَيان ، ومن زَعمَ أن ما جاءَ في الكتاب والسُّنة من مسائل الصفاتِ والوعد والوعيد والقدر أنها من المُتَشابه فقد أَبعدَ النُّجعةَ وَضلَّ ضلالاً بعيدا ، فإن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هديَّ محمد عليه الصلاة والسّلام كما كان يقرأ ذلك نبيّنا صلى الله عليه وسلم بعد دبر كل خطبة حاجة .
ولكنَّ لمّا أحدثَ أهلُ البِدعِ والأهواء وممن كان يناظرُُ مسائل العلمِ من غير أهليةٍ تامة ولا علم باللسّان العربيِّ ولا جالسَ العُلماء وأخذ عنهم ، وومن لا يتخذُ السلفَ الصالحينَ قدوةً علىَ الحقيقة ، ويعتبرُ علومهم علوماً هيِ للسلامة أقرب منها إلى الإحكام والتحقيق فكانوا يقولون علم السلف أسلم وعلم الخلف أحكم وأعلم ، فلما أحدثوا في دين الله من المُحدثات البدائع ، وألزقوا بالشريعة آراءهم الباطلة ، وأذواقهم الفاسدة ، فجحدوا الصفاتِ وأعدموا الذات ، مثل الجعد وجهم بن صفون وقبيلهما ، ومنهم من نفى بالتأويل ومنهم من نفى بالتفويض ، وكلهم يقولون ما ليس عليه نور لا من الكتاب ولا من السُّنة ولا من قول وعمل السّلف الصالحين ، وإن كانوا يتأولون كلام السلفِ في بابِ التفويض على جهة تفويض المعنى ، لا على تفويض الكيف كما هو مُقَرر ، ولازم قولهم هذا أن الله ورسوله خاطبوا أعاجم بما لا يفقهون ، وفي ذلك طعن عظيم في الله ورسله عليهم الصلاة والسلام ولكن لا نؤاخذهم بلازمهم إلا إذا التزموه قولا ومذهبا ، الشاهد أن الذيِ يؤول كلام الله ورسوله فأهون عليه أن يؤول كلام آحاد من الناس .
فلما ظهر كذبهم وإحداثهم وإلتبسوا بالإسلام ومنهم من إلتبس بالسُّنة ، وأظهروا التنزيه والتقديس لله سبحانه وتعالى ، مُخادعين ومُلَبِسين على العَامة ، وحقيقة مذهبهم التعطيل والتبديل ، فكان واجبا على حُراس الشريعة و خاصة أهل السُّنة والجماعة من العلماء المحققين ، أن ينفوا خبث هؤلاء ، ويدحضوا شبهاتهم ، ويوضحوا مفسرين لا مستدركين على الشارع ، مقاصد الآيات والأحاديث ، ولم يكتفوا بمبحث الصفات بل بكل مبحث قد لحقه التشويه والتلبيس من المُبطلين والمُحْدِثين من أهل الجهل والظلم .
فقسموا التوحيد إلى ثلاث تفسيرا وتوضيحا ، كما يفسرُ المفسرون الآيات لا مستدركين على عزّوجل وكما يفسر المحدثون الأحاديث لا مستدركين على الرسول صلى الله عليه وسلم ، وفسروا نزول الحق تبارك وتعالى في الثلث الآخر من الليل هو نزول حقيقيٌّ كما يليق بذاته سبحانه وتعالى ، ردعا لما أحدثه المعطلون من أن النزول هو نزول الأمر ، أو نزول ملك من الملائكة ، فلولا أنه وُجِد من يتأوّل ويعطّل ويلَّبس ، مع صحة الفطرة وسلامة العقول لما احتاج العلماءُ إلى ذلك التفسير ، وكما فسروا كلمة التوحيد أنه لا معبود حق إلا الله ، لما أحدثه بعض الناس من تأويلات فاسدة ، كقولهم لا رب إلا الله ، ولا صانع إلا الله ، وغير ذلك ، فإن جحود الربوبية لم يقل به إلا طوائف قليلة جحودا وإستكبارا مثل فرعون والملاحدة اليوم ، والله سبحانه وتعالى خلق الإنس والجن لعبادته وتوحيده واستسلاما كاملا مع المحبة والخضوع والإلتزام لشرائعه وإتباعا لأوامره ، وكذا قالوا في باب الإمامة والقدر وغيرها مفسرين ومبَينين ما التبس على النّاس وأخرجهم عن حدِّ الفطرة السوية والنقل الصحيح إلى الفطرة المنتكسة والآراء المُبطلة

رد مع اقتباس