عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 17 Aug 2015, 06:51 PM
لزهر سنيقرة لزهر سنيقرة غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
المشاركات: 343
افتراضي عزاء لأهلنا في سِرت

بسم الله الرحمن الرحيم

عزاء لأهلنا في سرت


الحمد لله ربِّ العالمين، القائل في كتابه المبين: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}
(1)، والصَّلاة والسَّلام على سيِّد الأوَّلين والآخرين، القائل: «أشدُّ النَّاس بلاءً الأنبياءُ ثمَّ الأمثلُ فالأمثلُ»(2).
إنَّها ـ والله ـ لمصيبةٌ عظيمةٌ، وبليَّةٌ كبيرة، وفاجعةٌ أقضَّتْ مَضاجعنا، وآلمت قلوبَنا، وأدمعت عيوننا، ما ألمَّ بإخواننا بمدينة «سرت» اللِّيبية، التي استحوذَ عليها شرارُ الخلق، أولئك الخوارج الذين منذ أن ظهرت نبتتهم الخبيثة، والمصائبُ والآلامُ تتوالى على أمتنا، ولقد حذَّر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أمَّته أيَّما تحذير من شرِّهم وقبيح صنيعهم، وأنَّهم لا يتوانون ولا يتورَّعون في سفك الدِّماء المعصومة والإفساد في الأرض، حتَّى ظهرت هذه الطَّائفة الباغية منهم، فسارت على خطواتهم وتمادت وبالغت في البغي والظُّلم، وإلَّا فما ذنب هذه الثُّلة من شباب الأمَّة الموحِّدين الَّذين لا يُعرفون إلا باتِّباع السُّنَّة ولا يتميَّزون إلَّا بأخلاق نبيِّ الأمَّة، عزفوا عن الدُّنيا ولذَّاتها، وأطاعوا ربَّهم في ترك منكراتها ومحرَّماتها، فقرَّت بهم أعين والديهم، حتَّى جاء هذا اليوم الَّذي طالت فيه الأيادي المجرمة الآثمة فسفكت دماءهم، ولم تكتف بهذه الجريمة فصلبت أجسادهم الَّتي نسأل الله تبارك وتعالى أن يجعل أرواحهم في «حَوَاصِلِ طَيْرٍ خُضْرٍ تَسْرَحُ فِي الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَتْ، ثُمَّ تَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مُعَلَّقَةٍ تَحْتَ الْعَرْشِ»(3)، ونحسبهم ممَّن يصدق فيهم قول حبيبنا صلى الله عليه وسلم في هؤلاء المارقين: «شَرُّ قتلى تحت ظلِّ السَّماء، وَخَيْرُ قَتْلَى تَحْتَ ظِلِّ السَّمَاءِ مَنْ قَتَلُوهُ»(4).
وـ والله ـ إنَّ حزننا لهذا المصاب لعظيمٌ، ولكنَّنا لا نقول إلَّا ما يرضي ربَّنا، فإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون، بل وإنَّنا نجد في قلوبنا ما يجده أهل هؤلاء الأبناء الَّذين نحتسبهم عند الله تبارك وتعالى، وبهذه المناسبة الأليمة نتقدَّم بالعزاء الصَّادق إلى أهلنا في مدينة «سرت» المكلومين المظلومين، ونقول ما قاله الخليفة الرَّاشد في حقِّ أسلاف هؤلاء البغاة: «قَوْمٌ بَغَوْا عَلَيْنَا»(5)، بل تمادَوا وأسرفوا في بغيهم علينا، فنسأل الله تعالى أن يجعل كيدهم في نحورهم، وأن يكفيَ المسلمين شرَّهم، وأن يجنِّبهم فتنتهم.
كما نوصي إخواننا بالتَّآلف والاجتماع، والتَّواصي بالحقِّ والتَّواصي بالصَّبر، وأن يجتهدوافي بيان الحقِّ للنَّاس والدَّعوة إلى سبيله، لأنَّه السَّبيل الوحيد للتَّضييق على أهل الباطل والأهواء وكشف عَوَرِهم مصداقًا لقوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}(6).

كتبه: ليلة الثلثاء 03 ذوالقعدة 1436
المشرف العام على منتديات التصفية والتربية السلفية
أزهر سنيقرة

الحاشية:
(1)
- [البقرة:156].
(2)- «الصَّحيحة» (143).
(3)-
«صحيح مسلم» (1887).
(4)-
أخرجه أحمد في «المسند» (22151)، وغيره من حديث أبي أمامة رضي الله عنه وهو صحيحٌ، له طرق عدَّة.
(5)-
[أخرجه ابن أبي شيبة (37942)].
(6)-
[آل عمران: 103]


التعديل الأخير تم بواسطة أبو معاذ محمد مرابط ; 17 Aug 2015 الساعة 10:17 PM
رد مع اقتباس