عرض مشاركة واحدة
  #19  
قديم 29 Sep 2019, 09:10 PM
أم وحيد أم وحيد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2018
المشاركات: 365
افتراضي





فالله قد هدى أنبياءه ورسله (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين)، ويهدي مَن يشاء إلى طريق مستقيم.

قال الله تعالى: "وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا".

فقد وصف الله نفسه أنّه هاديٌ إلى الطريق المستقيم، ولولا منّة الله بالهداية، مااهتدى أحد.
سئل الشيخ العثيمين رحمه الله: هل من أسماء الله عز وجل:...ثمّ ذكر السائل: "الهادي".
فأجاب رحمه الله، عن السؤال:"....أمّا: "الهادي" فبعض العلماء أثبته من أسماء الله، وبعضهم قال: بل هذا من أوصاف الله وليس إسماً....." انتهـ. (1)

فـالهادي هو الله، والمعين هو الله، المسدّد إلى الطّريق المستقيم.

قال الله تعالى: "وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَىٰ دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (25)"

قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسير الآية:

{ وقوله : (وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَىٰ دَارِ السَّلَامِ) الآية : لمّا ذكر تعالى الدنيا وسرعة [ عطبها و ] زوالها ، رغّب في الجنّة ودعا إليها ، وسمّاها دار السلام أي : من الآفات ، والنقائص والنكبات ، فقال: ( وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَىٰ دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) .
قال أيوب عن أبي قلابة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قيل لي: لِتنَم عينك ، ولْيَعْقِل قلبك ، ولْتَسْمَع أذنك. فنامت عيني ، وعقل قلبي ، وسمعت أذني . ثم قيل : سيّد بنى دارا، ثم صنع مأدبة، وأرسل داعيًا، فمَن أجاب الدّاعي دخل الدار، وأكل من المأدبة، ورضي عنه السيّد، ومَن لم يجب الدّاعي لم يدخل الدار، ولم يأكل من المأدبة، ولم يرضَ عنه السيّد. فالله السيد، والدار الإسلام، والمأدبة الجنة، والدّاعي محمد صلى الله عليه وسلم .
وهذا حديث مرسل، وقد جاء متّصلا من حديث الليث، عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال، عن جابر بن عبد الله، رضي الله عنه، قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال: "إنّي رأيت في المنام كأن جبريل عند رأسي، وميكائيل عند رجلي، يقول أحدهما لصاحبه: اضرب له مثلا . فقال: اسمع سمعت أذنك، واعقل عقل قلبك، إنّما مثلك ومثل أمتك كمثل ملك اتّخذ دارا، ثم بنى فيها بيتا، ثم جعل فيها مأدبة، ثم بعث رسولا يدعو الناس إلى طعامه، فمنهم مَن أجاب الرسول، ومنهم مَن تركه، فالله الملك، والدار الإسلام، والبيت الجنّة، وأنت يا محمد الرسول، فمَن أجابك دخل الإسلام، ومَن دخل الإسلام دخل الجنّة ، ومَن دخل الجنّة أكل منها" رواه ابن جرير .
وقال قتادة: حدثني خليد العصري، عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من يوم طلعت فيه شمسه إلاّ وبجنبتيها ملكان يناديان يسمعهما خلق الله كلّهم إلاّ الثّقلين: يا أيّها الناس، هلمّوا إلى ربّكم، إنّ ما قلّ وكفى، خير ممّا كثر وألهى". قال: وأنزل ذلك في القرآن، في قوله: (وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَىٰ دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) رواه ابن أبي حاتم ، وابن جرير .} انتهـ.


قال العلاَّمة ابن قيِّم الجوزية عليه رحمة الله، في كتاب: (إعلام الموقعين عن رب العالمين):

(( الفائدة الحادية والستون:

حقيق بالمفتي أن يكثر الدعاء بالحديث الصحيح:

"اللهُمَّ رَبَّ جِبْرَائِيل وَمِيكائِيلَ وَإسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّماوَاتِ وَالأرْض، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَة، أَنْتَ تَحْكُمْ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيما كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ. اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإذْنِكَ، إنّكَ تَهْدِى مَنْ تَشَاءُ إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيم"


وكان شيخُنا كثيرَ الدعاء بذلك، وكان إذا اشكلت عليه المسائل يقول: "يا معلم إبراهيم علّمني"، ويكثر الاستغاثة بذلك اقتداءً بمعاذ بن جبل رضى الله عنه حيث قال لمالك بن يخامر السكسكي عند موته، - وقد رآه يبكي - فقال: والله ما أبكي على دنيا كنت أصيبها منك، ولكن أبكي على العلم والإيمان اللّذين كنت أتعلّمهما منك. فقال معاذ بن جبل رضى الله عنه: "إنّ العلم والايمان مكانهما مَن ابتغاهما وجدهما، اطلب العلم عند أربعة عند عويمر أبي الدرداء، وعند عبد الله بن مسعود، وابي موسى الاشعري، وذكر الرابع فإن عجز عنه هؤلاء فسائر أهل الأرض عنه أعجز فعليك بمعلّم إبراهيم صلوات الله عليه".

وكان بعض السلف يقول عند الافتاء: {سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمً}، وكان مكحول يقول: "لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم"، وكان مالك يقول: "ما شاء الله لا قوة إلا بالله العلي العظيم"، وكان بعضهم يقول: {رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي، وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي، وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي، يَفْقَهُوا قَوْلِيً}، وكان بعضهم يقول: "اللّهمّ وفّقني واهدني وسدّدني واجمع لي بين الصواب والثواب واعذني من الخطأ والحرمان"، وكان بعضهم يقرأ الفاتحة، وجربنا ذلك نحن، فرأيناه من أقوى أسباب الإصابة.

والمعول في ذلك كلّه على حسن النية، وخلوص القصد، وصدق التوجه في الاستمداد من المعلِّم الأول، معلِّم الرسل والأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، فإنّه لا يرُدُّ من صَدَق في التّوجّه إليه لتبليغ دينه وإرشاد عبيده ونصيحتهم والتخلص من القول عليه بلا علم، فإذا صدقت نيّتُه ورغبته في ذلك لم يعدم أجراً إن فاته أجران والله المستعان.

وسئل الإمام أحمد، فقيل له: "ربّما اشتد علينا الأمر من جهتك فمَن نسأل بعدك؟"، فقال: "سلوا عبد الوهاب الوراق فإنّه أهل أن يوفَّقَ للصواب"، واقتدى الإمام أحمد بقول عمر بن الخطاب رضى الله عنه: "اقتربوا من افواه المطيعين واسمعوا منهم ما يقولون، فإنّهم تُجلَّى لهم أمورٌ صادقة، وذلك لقرب قلوبهم من الله، وكُلَّمَا قَرُبَ القلبُ من الله زالت عنه معارضاتُ السَّوء، وكان نور كشفه للحق أتمَّ وأقوى، وكلما بَعُد عن الله كَثُرَت عليه المعارضات، وضَعُفَ نُور كشفِه للصَّواب، فإنَّ العلم نورٌ يقذفه الله في القلب، يفرق به العبد بين الخطأ والصواب".

وقال مالك للشافعي رضى الله عنهما في أوَّل ما لقيه: "إنّي أرى الله قد ألقى على قلبك نورا، فلا تطفئه بظلمة المعصية

وقد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً} ومن الفرقان: النّور الذي يفرّق به العبد بين الحق والباطل، وكلّما كان قلبه أقرب إلى الله كان فرقانه أتمّ، وبالله التوفيق. )) انتهـ. (2).
-----------------------------
- (1)- مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد الأول - باب الأسماء والصفات.
- (2)- (المجلد:6، ص:197-199).


الصور المرفقة
 
رد مع اقتباس