عرض مشاركة واحدة
  #35  
قديم 21 Apr 2019, 11:54 PM
عباس ولد عمر عباس ولد عمر غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2018
المشاركات: 12
افتراضي

هذه الفضائح هي أظهر برهان وأقوى دليل على أن القوم لما طعنوا في إخوانهم لم يكونوا صادقين فيما أظهروه من الانتصار للسنة والغيرة على المنهج، بل كان الإسقاط لحاجة في نفوسهم، ثم جعلوا يطلبون لذلك ما يتخذونه مطية في سبيل تحقيق مقصدهم.
ولكن الأمر بيد الله من قبل ومن بعد، فرجع كيدهم عليهم، وحاق مكرهم بهم، وأظهر الله فيهم ما شنعوا به على إخوانهم، لو كان الأتباع يعقلون.
وقد أشرت إلى هذا في المقال الذي نشر في مجلة «الإصلاح» الغراء بعنوان:(الفتنة دروس وعبر)، ومما جاء فيه:
7- أن المكر السيئ لا يحيق إلا بأهله: قال سبحانه:﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾.
عن محمد بن كعب القرظي أنه قال:«ثَلَاثُ خِصَالٍ مَنْ كُنَّ فِيهِ كُنَّ عَلَيْهِ: الْبَغْيُ وَالنَّكْثُ وَالْمَكْرُ. وَقَرَأَ:﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾،﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ﴾،﴿فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ﴾». فالأصل في المؤمن أن يكون ناصحا لإخوانه، محبا الخير لهم، ساعيا في إصلاح شأنهم، لا يتجسس عليهم ولا يفرح بزلاتهم، فضلا عن أن يكون ساعيا في فضحهم والتشهير بهم، كما صنع المفرقون في هذه الفتنة. وإنما عظمت البلية بصنيعهم، وفتنوا الناس بسوء مسلكهم؛ لأنهم ألبسوه لباس الانتصار للسنة، والذب عن منهج السلف، لكنه لما كان ذلك مكرا مكروه بإخوانهم، وكيدا كادوه لحاجة في نفوسهم؛ فقد حار كيدهم عليهم، وحاق مكرهم السيئ بهم، قال ابن القيم وهو يتكلم عن الفوائد المستنبطة من قصة يوسف عليه السلام:«من كاد كيدا محرما؛ فإن الله يكيده ويعامله بنقيض قصده وبمثل عمله، وهذه سنة الله في أرباب الحيل المحرمة أنه لا يبارك لهم فيما نالوه بهذه الحيل، ويهيئ لهم كيدا على يد من يشاء من خلقه يجزون به من جنس كيدهم وحيلهم. وفيها تنبيه على أن المؤمن المتوكل على الله إذا كاده الخلق فإن الله يكيد له وينتصر له بغير حول منه ولا قوة». ولنتأمل كيف أظهر الله في المفرقين كل تهمة باطلة ألصقوها بإخوانهم، ولنعتبر بذلك، فقد تبين للناس من الذي يتأكل بالدعوة حقيقة، ومن هو المتميع الذي يروج لكتب المبتدعة، ويثني عليهم ويعمل على إحياء تراثهم، ويضفي عليهم ألقاب الجلالة والتفخيم، ومن هو الكاذب الذي يتحرى الكذب، ومن الذي تحيط به بطانة سيئة، ومن هو الاحتوائي الذي يحتوي الكذابين والمجروحين.

رد مع اقتباس