عرض مشاركة واحدة
  #26  
قديم 19 Aug 2013, 04:45 AM
بلال بريغت بلال بريغت غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: قسنطينة / الجزائر.
المشاركات: 436
إرسال رسالة عبر Skype إلى بلال بريغت
افتراضي

لماذا سمي أبو لهب بهذا الاسم

كما مر معنا فإن امرأة أبو لهب كانت تهتف بقولها: نار ذات لهب نار ذات لهب .. و الناس يهتفون نار ذات لهب نار ذات لهب... ثم جمعت له الأغصان و سدت الطريق و أحرقتها حتى لا يستطيع الرسول صلى الله عليه و سلم من المرور ، و بهذا كنا نعتقد و نحن صغار أن هذا الفعل هو السبب في تسميتها حمالة الحطب ، كما كنا نربط كذلك ذلك المشهد الذي أججت فيه النيران باسم أبي لهب إذ كنا نتصور أن اللهب نسبة لتك النار التي ألهبتها امرأته ،و لهذا سننظر لما جاء في قصة أبي لهب و امرأته و قارنه بما جاء في الفيلم لترى مدى جهل هؤلاء بالسيّر و بعلم الحديث و الله المستعان .
أولا : أبو لهب :
من هو أبو لهب و سبب تسميته بهذا الاسم :
أبو لهب هو عم النبي صلى الله عليه و سلم و [أنزل الله فيه سورة كاملة تُتلى في الصلوات فرضها ونفلها، في السر والعلن، يُثاب المرء على تلاوتها، على كل حرف عشر حسنات. يقول الله عز وجل: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ )[المسد:01] وهذا رد على أبي لهب حين جمعهم النبي صلى الله عليه وسلّم ليدعوهم إلى الله فبشر وأنذر، قال أبو لهب: تبًّا لك ألهذا جمعتنا؟([1])، قوله: (ألهذا جمعتنا) إشارة للتحقير، يعني هذا أمر حقير لا يحتاج أن يُجمع له زعماء قريش وهذا كقوله: ) أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ) [الآنبياء: 36]. والمعنى تحقيره، فليس بشيء ولا يهتم به كما قالوا: (وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ )[الزخرف: 31]. فالحاصل أن أبا لهب قال: تبًّا لك ألهذا جمعتنا، فرد الله عليه بهذه السورة: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ) والتباب الخسار. كما قال تعالى: (وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلاَّ فِي تَبَابٍ) [غافر: 37]. أي: خسار. وبدأ بيديه قبل ذاته؛ لأن اليدين هما آلتا العمل والحركة، والأخذ والعطاء وما أشبه ذلك]([2]).
سبب تسميته بأبي لهب:
قال ابن حجر : (وكنى أبا لهب إما بابنه لهب وإما بشدة حمرة وجنته وقد أخرج الفاكهي من طريق عبد الله بن كثير قال إنما سمي أبا لهب لأن وجهه كان يتلهب من حسنة انتهى ووافق ذلك ما آل إليه أمره من أنه سيصلي نارا ذات لهب ولهذا ذكر في القرآن بكنيته دون اسمه)([3])
إذا يمكن القول بأنه لقب بأبي لهب للأسباب التالية :
الأول : سمي بأبي لهب إما بابنه لهب.
الثانية: وإما بشدة حمرة وجنته لأن وجهه كان يتلهب من حسنة.
الثالثة : مما آل إليه أمره أن سيصلى نارا ذات لهب.
ثانيا : امرأته حمالة الحطب :
و أما امرأته : فقد كانت من سادات نساء قريش وهي أم جميل ، واسمها أروى بنت حرب بن أمية وهي أخت أبي سفيان ، وكانت عونا لزوجها على كفره وجحوده وعناده ، و هي التي أنزل فيها ربنا سبحانه و تعالى قوله: (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ*في جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ*)[المسد:04-05] ، قال بخاري رحمه الله تعالى : باب : (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) و قال مجاهد: حمالة الحطب :تمشي بالنميمة. (في جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ) يُقال: من مسد: ليف المقل و هي السلسلة التي في النار.
و [ما الحطب الذي تحمله، وتحمله بكثرة؟ (حمالة) صيغة مبالغة، ذكروا أنها تحمل الحطب الذي فيه الشوك وتضعه في طريق النبي صلى الله عليه وسلم -والعياذ بالله- من أجل أذى الرسول صلى الله عليه وسلم]([4])، و ليس كما صور في الفيلم أنها شاركت قريش في جمع الحطب ثم إشعاله ، فهذا لم يثبت و الظاهر أن المخرج و من معه جمعوا الغث مع السمين و خلطوا القصص و جاؤونا بذلك المشهد المركب من عدة قصص ضعيفة واهية ، و إليك أخي القارئ بعض ما جاء مما كانت تفعله أم جميل برسول الله صلى الله عليه و سلم ، و انظر فيها و قارنها بالمشهد و احكم بنفسك.
قال الحاكم رحمه الله تعالى :
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، أَنْبَأَ بِشْرُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، ثنا سُفْيَانُ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ ابْنِ تَدْرُسَ ([5])، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: لَمَّا نَزَلَتْ : (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ) [المسد: 1] أَقْبَلَتِ الْعَوْرَاءُ أُمُّ جَمِيلِ بِنْتُ حَرْبٍ وَلَهَا وَلْوَلَةٌ وَفِي يَدِهَا فِهْرٌ وَهِيَ تَقُولُ: مُذَمَّمًا أَبَيْنَا وَدِينَهُ قَلَيْنَا وَأَمْرَهُ عَصَيْنَا، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ فَلَمَّا رَآهَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ أَقْبَلَتْ وَأَنَا أَخَافُ أَنْ تَرَاكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّهَا لَنْ تَرَانِي)وَقَرَأَ قُرْآنًا فَاعْتَصَمَ بِهِ كَمَا قَالَ: وَقَرَأَ (وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا) [الإسراء: 45] فَوَقَفَتْ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَلَمْ تَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنِّي أُخْبِرْتُ أَنَّ صَاحِبَكَ هَجَانِي. فَقَالَ: لَا وَرَبِّ هَذَا الْبَيْتِ مَا هَجَاكِ. فَوَلَّتْ وَهِيَ تَقُولُ: قَدْ عَلِمَتْ قُرَيْشٌ أَنِّي بِنْتُ سَيِّدِهَا )([6]).
و قال الحاكم : هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ.
و قال الأزرقي في أخبار مكة: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ: حَدَّثَنِي جَدِّي، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ ابْنِ ثَدْرُسَ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَتْ: لَمَّا نَزَلَتْ (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ) [المسد: 1]، جَاءَتْ أُمُّ جَمِيلٍ بِنْتُ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ امْرَأَةُ أَبِي لَهَبٍ وَلَهَا وَلْوَلَةٌ وَفِي يَدِهَا فِهْرٌ فَدَخَلَتِ الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ فِي الْحِجْرِ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَأَقْبَلَتْ وَهِيَ تُلَمْلِمُ الْفِهْرَ فِي يَدِهَا وَتَقُولُ: مُذَمَّمًا أَبَيْنَا، وَدِينَهُ قَلَيْنَا، وَأَمْرَهُ عَصَيْنَا، قَالَتْ: فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذِهِ أُمُّ جَمِيلٍ وَأَنَا أَخْشَى عَلَيْكَ مِنْهَا وَهِيَ امْرَأَةٌ فَلَوْ قُمْتَ، فَقَالَ: (إِنَّهَا لَنْ تَرَانِي) وَقَرَأَ قُرْآنًا اعْتَصَمَ بِهِ، ثُمَّ قَرَأَ (وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا) [الإسراء: 45]قُلْتُ: فَجَاءَتْ حَتَّى وَقَفَتْ عَلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ تَرَهُ فَقَالَتْ: يَا أَبَا بَكْرٍ فَأَيْنَ صَاحِبُكَ؟ قَالَ: السَّاعَةَ كَانَ هَاهُنَا قَالَتْ: إِنَّهُ ذُكِرَ لِي أَنَّهُ هَجَانِي وَايْمُ اللَّهِ إِنِّي لَشَاعِرَةٌ وَإِنَّ زَوْجِي لَشَاعِرٌ وَلَقَدْ عَلِمَتْ قُرَيْشٌ أَنِّي بِنْتُ سَيِّدِهَا قَالَ سُفْيَانُ: قَالَ الْوَلِيدُ فِي حَدِيثِهِ: " فَدَخَلَتِ الطَّوَافَ فَعَثَرَتْ فِي مِرْطِهَا فَقَالَتْ: نَفْسُ مُذَمَّمٍ، فَقَالُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَلَا تَرَى يَا أَبَا بَكْرٍ مَا يَدْفَعُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ عَنِّي مِنْ شَتْمِ قُرَيْشٍ؟ يُسَمُّونَنِي مُذَمَّمًا وَأَنَا مُحَمَّدٌ)([7]) فَقَالَتْ لَهَا أُمُّ حَكِيمٍ ابْنَةُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: مَهْلًا يَا أُمَّ جَمِيلٍ، إِنَّي لَحَصَانٌ فَمَا أُكَلَّمُ، وَثَقَافٌ فَمَا أُعَلَّمُ وَكِلْتَانَا مِنْ بَنِي الْعَمِّ، ثُمَّ قُرَيْشٌ بَعْدُ أَعْلَمُ)([8])

- يتبع -
====
[1]: أخرجه البخاري كتاب التفسير باب قوله: )سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ) (4973) .
[2]: تفسير الشيخ ابن عثيمن.
[3]: الفتح (8/737) و انظر عمدة القاري شرح صحيح البخاري للعيني (20/06)ط.دار الفكر.
[4]: الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : لقاء الباب المفتوح.
[5]: قال الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله : صوابه : (تدرس) : و هو جد أبي الزبير محمد بن مسلم بن تدرس المكي حكيم بن حزام ، كما في ترجمة أسماء من (تهذيب الكمل) ، و ذكر أيضا في ترجمة الراوي عنه الوليد بن كثير القرشي المخزومي كما في تهذيب الكمال أيضا ، و لم أجد ترجمة تدرس بعد بحث شديد ، و الله المستعان . [ المستدرك للحاكم بتحقيق العلامة الوادعي رحمه الله (2/427)]
[6]: المستدرك على الصحيحين للحاكم ط. العلمية (2 / 393) برقم (3376) و قال الذهبي في التلخيص : صحيح، و في الطبعة التي حققها العلامة الوادعي (2/427) رقم (3434).
[7]: و جاء نحو هذا الحديث عند البخاري برقم (3533) بلفظ : (ألا تعحبون كيف يصرف الله عني شتم قريش و لعنهم ؟ يشتمون مذمما ، و أنا محمد)
[8]: أخبار مكة للأزرقي (1 / 316).


التعديل الأخير تم بواسطة بلال بريغت ; 19 Aug 2013 الساعة 04:52 AM
رد مع اقتباس