عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 28 Sep 2016, 05:57 PM
أبو إكرام وليد فتحون أبو إكرام وليد فتحون غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
الدولة: الجزائر
المشاركات: 1,798
افتراضي

القسم الثالث:
بيان معنى لا إله إلا الله وما يناقضها من الشرك في العبادة

- 10 - رسالته إلى ثنيان بن سعود

بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد بن عبد الوهاب، إلى ثنيان بن سعود، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد، سألتم عن معنى قوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ} ، وكونها نزلت بعد الهجرة، فهذا مصداق كلامي لكم مراراً عديدة أن الفهم الذي يقع في القلب غير فهم اللسان.
وذلك أن هذه المسألة من أكثر ما يكون تكراراً عليكم، وهي التي بوب لها الباب الثاني في كتاب التوحيد. وذلك أن العلم لا يسمى علما ًإلا إذا أثمر، وإن لم يثمر فهو جهل، كما قال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} ، وكما قال عن يعقوب: {وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ} . والكلام في تقرير هذا ظاهر.

والعلم هو الذي يستلزم العمل، ومعلوم تفاضل الناس في الأعمال تفاضلاً لا ينضبط، وكل ذلك بسبب تفاضلهم في العلم؛ فيكفيك في هذا استدلال الصِّدِّيق على عمر في قصة أبي جندل، مع كونها من أشكل المسائل التي وقعت في الأولين والآخرين، شهادة أن محمداً رسول الله. وسر المسألة: العلم بلا إله إلا الله، ومن هذا قوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} .

فإن العلم بهذه الأصول الكبار يتفاضل فيه الأنبياء فضلاً عن غيرهم، ولما نهى نوح بنيه عن الشرك أمرهم بلا إله إلا الله؛ فليس هذا تكراراً، بل هذان أصلان مستقلان كبيران، وإن كانا متلازمين. فالنهي عن الشرك يستلزم الكفر بالطاغوت، ولا إله إلا الله الإيمان بالله، وهذا وإن كان متلازماً فيوضحه لكم الواقع، وهو أن كثيراً من الناس يقول: لا أعبد إلا الله، وأنا أشهد بكذا، وأقر بكذا، ويكثر الكلام، فإذا قيل له: ما تقول في فلان وفلان إذا عَبَدا أو عُبِدا من دون الله، قال: ما عليَّ من الناس، الله أعلم بحالهم، ويظن بباطنه أن ذلك لا يجب عليه.

فمن أحسن الاقتران: أن الله قرن بين الإيمان به والكفر بالطاغوت؛ فبدأ بالكفر به على الإيمان بالله، وقرن الأنبياء بين الأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك، مع أن في الوصية بلا إله إلا الله ملازمة الذكر بهذه اللفظة والإكثار منها. ويتبين عظم قدرها، كما بيَّن صلى الله عليه وسلم فضل سورة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} على غيرها من السور، ذكر أنها تعدل ثلث القرآن مع قصرها. وكذلك حديث موسى عليه السلام، فإن في ذكره ما يقتضي كثرة الذكر بهذه الكلمة، كما في الحديث: " أفضل الذكر: لا إله إلا الله " . والسلام .
ــــإنتهى ــــ

:: يتبع بإذن الله ::

رد مع اقتباس