عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 21 Jun 2015, 06:52 PM
عبد القادر شكيمة عبد القادر شكيمة غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2015
الدولة: الجزائر ولاية الوادي دائرة المقرن
المشاركات: 315
افتراضي

بارك الله في الجميع، وهذه فتوى أخرى للشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله:
الفتوى رقم: ٤٧٠
الصنف: فتاوى الصيام - أحكام الصيام
في حكم إفطار الحامل والمرضع

السؤال:
هل على الحامل والمرضع إذا أفطرتا في رمضان القضاءُ أم الفدية؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فإذا طاقت الحاملُ والمرضع الصيامَ مع جهدٍ ومشقَّةٍ، أو خافتَا على أنفسهما أو ولديهما؛ فلا يَلزمهما قضاءٌ، وإنما يُشرع في حقِّهما الفديةُ بإطعام مسكينٍ مكانَ كلِّ يومٍ إذا أفطرتا لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «إِنَّ اللهَ تَعَالَى وَضَعَ شَطْرَ الصَّلَاةِ ـ أَوْ: نِصْفَ الصَّلَاةِ ـ، وَالصَّوْمَ عَنِ الْمُسَافِرِ وَعَنِ الْمُرْضِعِ أَوِ الْحُبْلَى»(١)، وقد ثبت القضاءُ على المسافر في قوله تعالى: ﴿وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: ١٨٥]، وثبت الإطعامُ للشيخ الكبير والعجوز والحبلى والمرضع في قوله تعالى: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤]، والحكمُ على الحامل والمرضع بالإفطار مع لزوم الفدية وانتفاء القضاء هو أرجحُ المذاهب، وبه قال ابن عبَّاسٍ وابن عمر رضي الله عنهم وغيرُهما، فقد صحَّ عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما أنه قال: «إِذَا خَافَتِ الحَامِلُ عَلَى نَفْسِهَا وَالمُرْضِعُ عَلَى وَلَدِهَا فِي رَمَضَانَ قَالَ: يُفْطِرَانِ، وَيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا وَلَا يَقْضِيَانِ صَوْمًا»(٢)، وعنه أيضًا: أَنَّهُ رَأَى أُمَّ وَلَدٍ لَهُ حَامِلًا أَوْ مُرْضِعًا فَقَالَ: «أَنْتِ بِمَنْزِلَةِ الَّذِي لَا يُطِيقُهُ، عَلَيْكِ أَنْ تُطْعِمِي مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا وَلَا قَضَاءَ عَلَيْكِ»(٣)، وروى الدارقطنيُّ عن ابن عمر رضي الله عنهما: أَنَّ امْرَأَتَهُ سَأَلَتْهُ ـ وَهِيَ حُبْلَى ـ فَقَالَ: «أَفْطِرِي وَأَطْعِمِي عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا وَلَا تَقْضِي»(٤).
ولأنَّ قول ابن عبَّاسٍ وابن عمر رضي الله عنهم انتشر بين الصحابة ولم يُعلم لهما مخالفٌ مِن الصحابة فهو حجَّةٌ وإجماعٌ عند جماهير العلماء، وهو المعروفُ عند الأصوليين بالإجماع السكوتيِّ(٥)، ولأنَّ تفسير ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما تعلَّق بسبب نزول الآية، والمقرَّرُ في علوم الحديث أنَّ تفسير الصحابيِّ الذي له تعلُّقٌ بسبب النزول له حكمُ الرفع(٦)، وما كان كذلك يترجَّح على بقيَّة الأقوال الأخرى المبنيَّة على الرأي والقياس.
تنبيهاتٌ:
١ـ المرضعة في زمن النفاس تقضي ولا تَفدي لأنَّ النفاس مانعٌ مِن الصوم، وهو أخصُّ مِن عذر الرضاع والحمل في الإفطار والفدية، و«الخَاصُّ أَوْلَى بِالتَّقْدِيمِ»، بخلاف زمن الطهر فلا تحدث معه معارضةٌ مع المانع.
٢ـ وإذا أرضعت بالقارورة فيجب عليها الصومُ ـ أيضًا ـ لأنها مرضعةٌ مجازًا لا حقيقةً.
٣ـ إذا بلغ الصبيُّ خمسةَ أشهرٍ فما فوق بحيث يتسنَّى له أن يتغذَّى مِن غيرِ اللبن مِن أنواع الخضر والفواكه فإنَّ الرضاعة الطبيعية لا تكون عذرًا في الإفطار بله الرضاعة الاصطناعية(٧).
والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ١٠ رمضان ١٤٢٧ﻫ
الموافق ﻟ: ٣ أكتوبر ٢٠٠٦م
(١) أخرجه أبو داود في «الصوم» باب اختيار الفطر (٢٤٠٨)، والترمذي في «الصوم» باب ما جاء في الرخصة في الإفطار للحبلى والمرضع (٧١٥)، والنسائي في «الصيام» (٢٢٧٤)، وابن ماجه في «الصيام» باب ما جاء في الإفطار للحامل والمرضع (١٦٦٧)، من حديث أنس بن مالكٍ الكعبي القشيري رضي الله عنه، وهو غير الأنصاريِّ. وصحَّحه الألباني في «صحيح أبي داود» (٢٠٨٣).
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٢/ ١٣٦)، وقال الألباني في «الإرواء» (٤/ ١٩): «وإسناده صحيحٌ على شرط مسلم».
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٢/ ١٣٦)، والدارقطني (٢٣٨٢) وقال: «إسنادٌ صحيحٌ». قال الألباني: «إسناده صحيحٌ على شرط مسلمٍ»، انظر «الإرواء» (٤/ ١٩).
(٤) أخرجه الدارقطني (٢٣٨٨). قال الألباني في «الإرواء» (٤/ ٢٠): «وإسناده جيِّدٌ».
(٥) انظر: «المسوَّدة» لآل تيمية (٣٣٥)، «إعلام الموقِّعين» لابن القيِّم (٤/ ١٢٠).
(٦) انظر: «مقدِّمة ابن الصلاح» (٢٤)، «تدريب الراوي» للسيوطي (١/ ١٥٧)، «توضيح الأفكار» للصنعاني (١/ ٢٨٠)، «أضواء البيان» للشنقيطي (١/ ١٤٤).
(٧) انظر الفتوى الموسومة (٣١٧) بعنوان: «في ترخيص الفطر على المرضع مع وجوب الفدية».
منقول من موقع الشيخ فركوس

رد مع اقتباس