عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 16 Oct 2014, 10:36 AM
عبد النور بوطيبة عبد النور بوطيبة غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jun 2012
المشاركات: 5
افتراضي شبهة وردها في باب التوسل ( ردا على شمس الدين بوروبي )

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

فهذا رد على الشبهة التي ألقاها الرويبضة المدعو - شمس الدين بوروبي - في إجازته للتوسل الغير مشروع .
نقلا من رسالة للشيخ العلامة : سعد بن صالح السحيمي .
بعنوان : مذكرة في العقيدة

قال الشيخ صالح بن سعد السحيمي حفظه الله :

الحديث الثاني : حديث الضرير : ما رواه أحمد والترمذي وغيرهما عن عثمان بن حنيف : أن رجلا ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ادع الله أن يعافيني : قال : ( إن شئت دعوت لك ، وإن شئت صبرت فهو خير لك ) ، فقال : ادعه : فأمره أن يتوضأ ، فيحسن وضوءه ، فيصلي ركعتين ويدعو بهذا الدعاء : ( اللهم إني أسألك ، وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة ، يا محمد إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه فتقضى لي ، اللهم فشفعه في وشفعني فيه ) قال ففعل الرجل فبرأ . (1)

والمجيزون للتوسل بالذوات يرون أن هذا الحديث دليل لهم على جواز التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره من الصالحين ، حيث توسل الأعمى به فارتد بصيرا ، والواقع أن هذا الاستدلال غير صحيح ، بل إن هذا هو النوع الثالث من أنواع التوسل المشروع ـ وهو توسل بدعاء الرجل الصالح ، ويمكن أن يناقش استدلالهم بالحديث بما يأتي :

أولا : أن الأعمى جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليدعو له ، وذلك لقوله : ( ادع الله أن يعافيني ). فهو توسل إلى الله تعالى بدعائه صلى الله عليه وسلم لأنه يعلم أن دعاءه أرجى للقبول عند الله بخلاف دعاء غيره .
إذ لو كان التوسل بجاهه أو بذاته لكان أولى بهذا الرجل أن يقعد في بيته ويتوسل ، لكنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وطلب منه الدعاء .

ثانيا : أن النبي صلى الله عليه وسلم وعده بالدعاء مع نصحه له ببيان ما هو الأفضل له ، وهو قوله : ( إن شئت دعوت ، وإن شئت صبرت فهو خير لك ) .

ثالثا : إصرار الأعمى على الدعاء ، وهو قوله : ( بل ادعه ) . فهذا يقتضي أن الرسول صلى الله عليه وسلم دعا له ، لأنه صلى اله عليه وسلم خير من وفى بما وعد ، وقد وعده بالدعاء له إن شاء كما سبق .

رابعا : أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أرشده إلى الطريق الأفضل ، وهو الجمع بين العمل الصالح والدعاء حيث أمره أن يتوضأ ويصلي ثم يدعو .

خامسا : أن في الدعاء الذي علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه أن يقول : ( اللهم فشفعه في ) وهذا يستحيل حمله على التوسل بذاته صلى الله عليه وسلم أو جاهه ، أو حقه ، إذ إن المعنى : ( اللهم اقبل شفاعته في ) أي : اقبل دعاءه في أن ترد علي بصري ، والشفاعة لغة : الدعاء .

سادسا : إن مما علم النبي صلى الله عليه وسلم الأعمى أن يقوله : ( وشفعني فيه ) أي : اقبل شفاعتي ، أي دعائي في أن تقبل شفاعته صلى الله عليه وسلم ، أي : دعاءه في أن ترد علي بصري .... هذا الذي لا يمكن أن يفهم من هذه الجملة سواه .

ولذا نرى المخالفين يُعرضون عن هذه الجملة ولا يوردونها في كتبهم ، لعلمهم أنها تنقض ما قالوا .

سابعا : أن هذا الحديث ذكره العلماء في معجزات النبي صلى الله عليه وسلم ودعائه المستجاب ، وما أظهر الله ببركة دعائه من الخوارق والإبراء من العاهات ، فإنه بدعائه صلى الله عليه وسلم لهذا الأعمى أعاد الله عليه بصره .

ولذلك رواه المصنفون في دلائل النبوة كالبيهقي وغيره ، فهذا يدل على أن السر في شفاء الأعمى إنما هو دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ، ويؤيده أنه لو كان السر هو في دعاء الأعمى وحده دون دعائه صلى الله عليه وسلم ، لكان كل من دعا به من العميان مخلصا إليه تعالى منيبا إليه قد عوفي ، بل على الأقل لعوفي واحد منهم ، وهذا ما لم يكن ، ولعله لا يكون أبدا .

وقد تبين لنا خلال هذه المناقشة لاستدلالهم بحديث الضرير أن المقام من أوله إلى آخره مقام دعاء وعمل صالح يقوم به الداعي فضلا عن كونه من معجزات النبوة كما أسلفنا .



(1) أخرجه الترمذي ( ج4/281-282 ) ، وأحمد ( ج4/138 ) ، وابن ماجه ( ج1/418 )


هذا النقل من رسالة للشيخ صالح بن سعد السحيمي بعنوان : مذكرة في العقيدة
دار المحسن الطبعة الأولى في الجزائر : 2009
الصفحة : 45

رد مع اقتباس