عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 08 Oct 2019, 03:18 AM
كمال بن سعيد كمال بن سعيد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jul 2018
المشاركات: 238
افتراضي تنبيه الغافلين بفضائل مجالس الذكر والذاكرين فضائل طلب العلم في عشر نقاط للشيخ عمر الحاج مسعود حفظه اللّه

بسم اللّه الرحمن الرحيم

تنبيه الغافلين بفضائل مجالس الذكر والذاكرين
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه أما بعد:

فهذه بعض فضائل طلب العلم وحضور مجالس الذكر نفعنا الله وإياكم بها، مختصرة في عشر نقاط منتقاة، من مجلس شيخنا عمر الحاج مسعود -حفظه اللّه ورعاه-
وذكرها الشيخ حفظه الله نُصحا لإخوانه وأبنائه ممن تقاعس وعزف عن حضور هذه المجالس المباركة وانشغل بحطام الدُنيا الزائلة والفاني مافيها، تنبيها لمن غفل وأصابه الملل والكسل والفتور ترغيبا له في الإقبال على مجالس تحضرها الملائكة لتحصيل العلم النافع المُنجي له بإذن الله تعالى من فتن الشبهات والشهوات، وترهيبا لتاركها وتخويفا له وخوفا عليه من تضييع دينه وتوحيده وانحرافه عن الصراط المستقيم، خاصة في زمن الفتن المدلهمة والمظلمة؛ نعوذ بالله من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن.
قال الشيخ عمر:
"فليس شيء أفضل من طلب العلم إذا صدقت وخلصت النية"

*فضائل طلب العلم في عشر نقاط :

*فضائل طلب العلم في عشر نقاط :


۱-العلم الشرعي نور يهتدي به المرء في ظلمات الشرك والجهل والشهوات والشبهات والبدع؛فمن لم يهتد إليه كان ضالا جاهلا لايعرف الخير ولا يتقي الشر مصداقا لقول اللّه عزّوجل :{أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا ۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [۱٢٢الأنعام].
ونور العلم يكون بمعرفة اللّه بأسمائه وصفاته ومن لم يعرف العلم كان قلبه ميتا لا حياة فيه، ففرق بين العالم والجاهل بأمر اللّه جلّ وعلا؛ فالعلم ينير الطريق للسالكين {وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا ۚ مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَٰكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا ۚ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [٥٢_الشورى]، فالله عزّ وجل يهدي العباد بقدر مالهم من هذا النور بقدر مايكون له من العلم للنجاة من الفتن.
ومن دعاء النبي صلى اللّه عليه وسلم : (اللهم اجعل في قلبي نورا) وجاء في الدعاء المأثور (اللهم اجعل القرآن ربيع قلبي)
أي يكون نورا لقلب من قرأه وفهمه وعمل به، فهو نور للقلوب وضياء للبصائر وقال مالك: [ العلم نور يجعله اللّه حيث يشاء وليس بكثرة الرواية] والنور الذي في القلب يظهر على جوارح العبد ولسانه، شَكَوتُ إلى وَكيعٍ سُوءَ حِفظي - فأرشَدَني إلى تَركِ المَعاصي
فأخبرني بأنَّ العِلمَ نورٌ - وَ نورُ اللهِ لا يُهدى لِعاصي.
فالعلم نور يحتاج العبد له في حياته حتى يُنجا بإذن الله من الشهوات والشُبهات.

٢-الفضيلة الثانية:
العلم الشرعي هو الأساس الذي تُبنى عليه الأوضاع والأحكام وجميع الأمور الدينية والدنيوية.
الأساس هو العلم النافع حتى يُعلم ويُعبد اللّهُ بعلم وأول ما نزل على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (۱) خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (٢) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (٤) عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (٥)} [العلق].
فذكر العلم وفي هذا بيان لفضيلة العلم وكرم الإنسان به وكرمه بقراءة باسم اللّه وذكر الإمام البخاري في الصحيح
"باب العلم قبل القول والعمل لقول الله تعالى فاعلم أنه لا إله إلا الله فبدأ بالعلم" حقّ اللّه الأعظم.
-أثنى الله سبحانه وتعالى على نبييه "داود وسليمان" عليهما السلام بهذا :{وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا ۖ وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ} [۱٥-النمل].
بيانا لفضل العلم وإن كان المقصود به هنا النبوة ولكن الله بدأ به لعظم شأنه ولأنّ الملك الصحيح يُبنى على العلم ويُحمى بالسيف.
وقال عمر رضي الله عنه:[قال عمر تفقهوا قبل أن تسودوا] -قبل أن تكونوا سادة ورؤساء- قال البخاري : وبعد أن تسودوا.
وقد تعلم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد كبر سنهم.
ومن صار سيدا غالبا لا يطلب العلم لتكبره أو لانشغاله أو لحيائه.
ولهذا ينبغي للشباب وخاصة لمن لم يتزوج بعد أن يجتهد لأنه إن تزوج صار مشغولا وقل طلبه للعلم وهذا غالبا.
وقال الشافعي: تفقه قبل أن ترأس.
من صار سيدا رئيسا يحتاج إلى العلم فكيف يؤسس رئاسته على جهل فالعلم الشرعي هو أساس كل شيء .

٣-الأمر الثالث:
أنّ الله تعالى ذكر أهل العلم :{شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [۱٨-آل عمران].
وهذا دليل على شرف العلم ومنزلة أهله
-ذكر الله أهل العلم دون غيرهم.
-قرن شهادتهم بشهادته وشهادة الملائكة
-استشهدهم على أمر عظيم (توحيده) أن لا إله إلا هو؛ وأولوا العلم شهدوا بهذا الأمر العظيم حقّ الله الأعظم وهذا يدل على عظمة درجتهم فكيف لا يجتهد الإنسان ليكون عالما باللّه وبدينه وشرعه.

٤- هو ميراث الرسول صلى الله عليه وسلم فكيف لا يجتهد المرء ليأخذ بنصيبٍ من هذا الميراث؛ ولو كان وارثا لأبويه لخاصم من أجل هذا الميراث فكيف بهذا الميراث وهو متاح ونعم الميراث.
وهو الميراث الذي لا ينقطع عن الميت فالمال ينقطع بخلاف العلم إلا إن كان هذا المال صُرف في صدقة جارية طبعا، كما في الحديث[إن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهما، وأورثوا العلم، فمن أخذه؛ أخذ بحظ وافر].
تتعلم العلم وتعمل به وتنشره في النّاس حتى تكون من ورثته صلى الله عليه وسلم، فالوارث ينبغي أن يورِّث هذا العلم فالنبي صلى الله عليه وسلم ورّث هذا العلم ومن ورثه ينغي أن يورِّثه بعده وأن لايبخل به والبخيل من علّمه الله علما فتركه واشتغل بالدنيا قال صلى الله عليه وسلم :[خَيْرُكُمْ مَن تَعَلَّمَ القُرْآنَ وعَلَّمَهُ].
وهذا الذي يترك العلم كشأن بعض إخواننا لكل أسف يتعلمون ولا يحرصون على نشر هذا العلم!

٥- ( مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ )
من لم يتفقه في الدين لا يريد به الله خيرا [خيرا جاءت نكرة في سياق الشرط تفيد العموم ]؛ واللّه أعلم حيث يجعل رسالته.
قال الله تعالى :{تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ ۚ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ۗ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} [٤٤-الإسراء]،الفقه أخص من العلم.
-الدين كلمة عامة وشاملة لكل مراتب الدين من إسلام وإيمان وإحسان كما في حديث (هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم].

٦- أنّ العالم وطالب العلم يعطيهم الله الرفعة في الدنيا والآخرة مصداقا لقوله تعالى:{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [۱۱-المجادلة].
وجاء في الحديث [عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ {رواه الترمذي(2646)}]
وكان معاذا رضي الله عنه أعلم الناس بالحلال والحرام فقد روى الحاكم في مستدركه على الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عن معاذ بن جبل رضي الله عنه: إنه يأتي يوم القيامة أمام العلماء بربوة. وفي رواية برتوة (الخطوة والمنزلة والزيادة).
ويرفع الله العالم الرباني في الدنيا ويجعل له مكانة في قلوب المؤمنين كما في قصة عمر رضي الله عنه في صحيح مسلم:
عن زهير بن حرب حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثني أبي عن ابن شهاب عن عامر بن واثلة أن نافع بن عبد الحارث لقي عمر بعسفان وكان عمر يستعمله على مكة فقال من استعملت على أهل الوادي فقال ابن أبزى قال ومن ابن أبزى قال مولى من موالينا قال فاستخلفت عليهم مولى قال إنه قارئ لكتاب الله عز وجل وإنه عالم بالفرائض قال عمر أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قد قال إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين.
وعن عبد الله بن مسعود أنه كان يقول : المتقون سادة ، والفقهاء قادة ، ومجالستهم زيادة .
لأنهم تعلموا أمر الله وعلّموه فرفعهم الله فحرّاس الشريعة هم العلماء الربانيون.
و قال الإمامُ الشّافعيُّ :

"مَن تَعَلَّمَ القُرْآنَ ؛ عَظُمَتْ قِيمَتُهُ . ومَن نَّظَرَ في الفِقْهِ ؛ نَبُلَ مِقْدَارُهُ . ومَن تَعَلَّمَ اللُّغَةَ ؛ رَقَّ طَبْعُهُ . ومَن تَعَلَّمَ الحِسَابَ ؛ جَزُلَ رَأْيُهُ . ومَن كَتَبَ الحَدِيثَ ؛ قَوِيَتْ حُجَّتُهُ . ومَن لَّمْ يَصُن نَّفْسَهُ ؛ لَمْ يَنفَعْهُ عِلْمُهُ.
ولقد رفع الله من العلماء من كان فقيرا أو مملوكا وفي ذلك أثار كثيرة نأخذ بعضها للعبرة والتحفيز:
-أبو العالية: كان مولى من الموالي وكان حافظا للقرآن قال :
كان ابن عباس على السرير وقريش أسفل من السرير ، فتغامزت بي قريش ، فقال ابن عباس : هكذا العلم يزيد الشريف شرفا ، ويجلس المملوك على الأسرة .

-عطاء بن أبي رَباحٍ: مفتي الحرم المكي،واسم أبي رَباحٍ: أسلم،وكان عطاءٌ من مولدي الجند في اليمن.

نشأ عطاء بن أبي رَباحٍ بمكة وكان عبدا مملوكا أسودا لامرأة من قريش.
وقد بلغَ هذا التابعيّ الجليل منْزلةً من العِلْم فاقَتْ كلَّ تَقْدير، وسمَا إلى منزلةٍ لمْ يَنَلْها إلا نفرٌ قليل، فقد رُوِيَ أنَّ عبْد الله بن عمر رضي الله عنهما أمَّ مكَّة معْتَمِرًا، فأَقْبَلَ الناس عليه يسألونهُ ويسْتفْتونَهُ، فقال:

((إنِّي لأعْجبُ لكم يا أهْل مكَّةَ، أتَجْتمِعون عليّ لِتَسْألوني عن أسئلةٍ كثيرة ، وفيكم عطاء بن أبي رباح؟)).

كان عبدا مملوكا فأعتق، وكان من أعلم الناس بالمناسك، حتى إنه في بعض الأوقات أُمِر أن لا يفتي أحد في الحج سوى عطاء؛ لعلمه بالمناسك، وله أخبار -رحمه الله- مع بعض الخلفاء، كالوليد بن عبد الملك حينما جاء مع أبنائه وعطاء يصلي أمام الكعبة، وكان يريد أن يسأله عن بعض المسائل، فجعل الخليفة ينتظره مع أبنائه، وهذا رجل كان مملوكاً، وهو أسود أفطس أعرج، فكان جالساً يصلي فانتظروه، فلما فرغ سأله الوليد فلم يلتفت إليه، أجابه وهو لم يلتفت، وكانوا بجانبه، ثم قام إلى صلاته وتركهم، فقال بعض أبناء الوليد بن عبد الملك الذي يحكم المشرق والمغرب: ما حاجتنا إلى هذا العبد؟ فنبههم إلى معنى وهو أن هذا العلم يرتفع به أقوام، ويُذل آخرون.

-الأوقص: كان الأوقص قصيرًا دميمًا قبيحًا، قال: فقالت لي أمي وكانت عاقلة: ((يا بني، إنك خُلِقْتَ خِلقة لا تصلح معها لمعاشرة الفتيان، فعليك بالدِّين؛ فإنه يُتِمُّ النقيصةَ، ويرفع الخسيسة)). قال: فنفعني الله بقولها، فتعلمت الفقه؛ فصرت قاضيًا.

رواه الخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه" (1/141) رَقْم (120) ط/ دار ابن حزم
كان محمد بن عبد الرحمن الأوقص عنقه داخلاً في بدنه، وكان منكباه خارجين كأنهما زُجَّان، فقالت له أمه: ((يا بني، لا تكونُ في قوم إلا كنتَ المضحوكَ منه المسخورَ به، فعليك بطلب العلم؛ فإنه يرفعك)).

فطلب العلم، فوُلِّي قضاءَ مكة عشرين سنة.

فكان الخصم إذا جلس بين يديه يُرْعَد حتى يقوم جعل اللّه له هيبة.

-الأعمش:
سليمان بن مهران ، الإمام شيخ الإسلام ، شيخ المقرئين والمحدثين أبو محمد الأسدي الكاهلي
وكان يقول: : لولا القرآن ، وهذا العلم عندي ، لكنت من بقالي الكوفة .
قال محمد بن داود الحدانى، عن عيسى بن يونس: لم نر نحن و لا القرن الذين كانوا قبلنا مثل الأعمش، و ما رأيت الأغنياء والسلاطين عند أحد أحقر منهم عند الأعمش مع فقره وحاجته.
كانوا يتواضعون له لأنّ الله رفعه.

-الإمام مالك: رأى بعضهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد قاعدا ، والناس حوله ومالك قائم بين يديه ، وبين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم مسك ، وهو يأخذ منه قبضة قبضة فيدفعها إلى مالك ، ومالك ينشرها على الناس ، قال مطرف : فأولت ذلك العلم واتباع السنة .

-أبو إسحاق الفزاري:
قال الفضيل بن عياض: رأيت في المنام الرسول صلى الله عليه وسلم وإلى جنبه فرجة فذهبت لأجلس فقال : هذا مجلس أبي إسحاق الفزاري .
فكان أفضل من الفضيل (كان عالما حكيما لنفسه) و كان أبو إسحاق رجل عامة. (كان عالما في الحديث).

٧- رضا الملائكة بطلب العلم، للذي يطلبه ويجتهد فيه، كما في الحديث (وَإنَّ الملائِكَةَ لَتَضَعُ أجْنِحَتَهَا لِطالب الْعِلْمِ رِضًا بِما يَصْنَعُ) و حديث:(ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه).
وفي هذا محبتهم لطالب العلم وتعظيمه وتواضعهم له وحفظهم ورعايتهم له لأنّ طالب العلم يسعى في تعليم النّاس الكتاب والسنّة وينقذهم من الشرك والجهل والشهوات والشبهات فأعطاه الله هذا الخير العظيم.

٨- فضّل الله بعض المخلوقات بالعلم (فرّق بين العلم بأمر الله والجاهل به).
فضل الأنبياء والرسل بالعلم وهذا آدم عليه السلام فضّله الله على الملائكة بالعلم وأظهر لهم فضله بالعلم {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (٣۱) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٣٢) قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ ۖ فَلَمَّا أَنبَأَهُم بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ}[البقرة].
وكذلك جميع الأنبياء والمرسلين فضّلهم بالعلم وكذلك ورثتهم وأتباعهم يفضّلهم ويرفعهم بالعلم.
وفرّقت الشريعة حتى بين الحيوانات ففرّقت بين الكلب المُعلّم والكلب الجاهل، ما أمسك به المعلّم جاز أكله والتفضيل هنا بالعلم {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ ۖ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ۙ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ ۖ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ(٤)}[المائدة].
وفقه الهدهد مع نبي الله سليمان لمّا أمره أن يأتي بعذر غيابه {فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ}
وهذا العلم هو الذي شفع له عند نبي الله سليمان عليه السلام فتحصّن من العقاب بهذا العلم.

٩-بقاء العلم وذهاب المال إلاّ إذا عمل صاحب المال بالعلم.
العلم يبقى إذا توفي الإنسان إذا علّمه غيره يكون في قبره ويصل إليه أجر المتعلمين إلى يوم القيامة ولو كان شيئا يسيرا فما بالنا نحرص على المال وتحصيله وكنزه ونزهد ونترك تحصيل العلم ونهجر مجالسه فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال:( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) رواه مسلم.
(أو علم ينتفع به) ففي هذا تحفيز ودفع لطالب العلم على تعلم العلم وتعليمه ليستمر الأجر بعد موته.
وكذلك من يسعى بماله كإنفاقه على الطلبة والمدارس ومن سعى بسلطانه لتسهيل وتيسير الأمور والاعتناء بطلاب العلم.
فليحرص الإنسان على تعليم النّاس ولو شيئا يسيرا لقوله صلى الله عليه وسلم (بلغوا عني ولو آية) وعَنْ سَهْلِ بن سعدٍ، ، أنَّ النَّبيَّ ﷺ قَالَ لِعَليًّ، : (فو اللَّهِ لأنْ يهْدِيَ اللَّه بِكَ رجُلًا واحِدًا خَيْرٌ لكَ من حُمْرِ النَّعم) متفقٌ عليهِ.

۱۰- طلب العلم النافع سبب في دخول الجنّة وهذا ما يطلبه المسلم دخول الجنة والنجاة من النّار
قالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ لرَجُلٍ: كَيفَ تقولُ في الصَّلاةِ، قالَ: أتَشَهَّدُ وأقولُ: اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ الجنَّةَ، وأَعوذُ بِكَ منَ النَّارِ أما إنِّي لا أُحسنُ دَندنتَكَ ولا دَندنةَ مُعاذٍ فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: حولَها نُدَنْدنُ
الراوي : بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود
الصفحة أو الرقم: 792 | خلاصة حكم المحدث : صحيح.

وعنْ أَبي هُريرةَ، ، أنَّ رسُول اللَّه ﷺ، قالَ: (ومَنْ سلَك طرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا، سهَّلَ اللَّه لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الجَنَّةِ )رواهُ مسلمٌ.
-السلوك نوعان معنوي وحسي : الحسي يكون بالجلوس والسفر لتعلم العلم ونشره والمعنوي قراءة كتب العلماء الثقات والإتصال بهم لسؤالهم والمدارسة وغيرها .
وفي صحيح البخاري:
باب قول الله تعالى ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر وقال النبي صلى الله عليه وسلم كل ميسر لما خلق له يقال ميسر مهيأ وقال مجاهد يسرنا القرآن بلسانك هونا قراءته عليك وقال مطر الوراق ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر قال هل من طالب علم فيعان عليه

7112 حدثنا أبو معمر حدثنا عبد الوارث قال يزيد حدثني مطرف بن عبد الله عن عمران قال قلت يا رسول الله فيما يعمل العاملون قال كل ميسر لما خلق له.
ومن التسهيل أن يسهل الله له العمل به
قال الله تعالى :{الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ ۙ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ(٣٢)}[النحل].
ومن التسهيل أن يسهل الله له علمًا آخر أو علوما أخرى لم يكن يتصورها فيفتح الله له على مسائل وفي قصة الشيخ الألباني رحمه الله في الورقة الضائعة عبرة.
والله يهدي ويُعلّم الإنسان إذا عمل بعلمه مصداقا لقوله:{وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ(۱٧)} [محمد].
- فالعلم يورث العبد الإنابة إلى الله والزهد في الدنيا.


الخاتمة:
فهذه عشر فضائل لطالب العلم النافع ذكرتها تحفيزا لنا للإجتهاد في طلب العلم والحرص على حضور مجالس طلبة العلم لأننا رأينا فتورا من بعض إخواننا في هذا، لعلنا نفوز ببعض هذه المكارم والفضائل .
- فلنحرص على حضور مجالس العلم والتعلم
-وعلى سماع صوتيات أهل العلم كابن عثيمين وابن باز والألباني رحمهم الله وغيرهم من الثقات المعروفين؛ ذكرت الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أولا لأنّ صوتياته عبارة عن مدرسة في جميع العلوم وكذلك باقي العلماء -رحم الله الأحياء منهم والأموات -
-الحرص على السؤال والإستفتاء .
-الحرص على المطالعة في كتب أهل العلم النافعة .
-الحرص على المراجعة والمذاكرة.
-المباحثة والمناقشة والمناظرة تكون للطلبة تلقيحا للفهوم بأدب وعلم وهذا هو الطريق النافع للتحصيل والتثبيت .

وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك .


فهذه عشر فضائل كاملة منتقاة بتصرف يسير من مجلس الشيخ عمر الحاج مسعود -حفظه اللّه -
ليلة الأحد ٧ صفر ۱٤٤۱ هجري
الموافق ل: ٢۰۱٩/۱۰/٥ نصراني.

وكتب:
أخوكم كمال بن سعيد -غفر الله له ولوالديه-

رد مع اقتباس