عرض مشاركة واحدة
  #12  
قديم 10 Sep 2019, 01:51 PM
أم وحيد أم وحيد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2018
المشاركات: 365
افتراضي





قال الله تعالى: "قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ (11) وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (12) قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (13) قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهُ دِينِي (14)....."

أنظروا إلى كلام الله سبحانه، الموجّه إلى نبيّه محمّد صلى الله عليه وسلم، أفضل خلق الله، وخاتم الأنبياء والمرسلين، عليهم الصّلاة والسّلام، أجمعين، وانتبهوا إلى كلام الله عزّوجلّ، وهو يرشد نبيّه صلى الله عليه وسلم إلى ما يقول لقومه، ردًّا لدينهم، ورفضًا لآلهتكم التي يعبدونها من دون الله، وقد علّم الله سبحانه نبيّه صلى الله عليه وسلم، كيف يخلص له الدّين، ولايشرك به أحدا.

هذا محمد صلى الله عليه وسلم، أفضل أنبياء الله ورسله، ويعلّمه الله سبحانه: كيف يدعو النّاس إلى الله، وقد كانت الدّعوة إلى نفسه قبل غيره، حين قال الله تعالى: "قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ*وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ.."

يقول الإمام الطبري رحمه الله في تفسير الآيتين:
{...يقول تعالى ذكره لنبيّه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: قُل يا محمد لمشركي قومك: إنّ الله أمرني أن أعبده مفردا له الطاعة, دون كلّ ما تدعون من دونه من الآلهة والأنداد .
وأمرني ربّي جل ثناؤه بذلك, لأن أكون بفعل ذلك أوَّل مَن أسلم منكم, فخضع له بالتوحيد, وأخلص له العبادة, وبرئ من كل ما دونه من الآلهة...}انتهـ.

فكانت دعوة الأنبياء والرُّسل عليهم الصّلاة والسّلام إلى التّوحيد، تبدأ بأنفسهم قبل غيرهم، على أنّ الدّاعي إلى الله يجب أن يكون القدوة الحسنة، التي يتّبعها النّاس، في سيرهم إلى الله. وإلاّ فالفاقدُ للشيء لايعطيه.
والذي يدعو غيره إلى أمرٍ لايمارسه في نفسه، دعوته مقطوعة، وفاشلة، لايتأثّر بها المدعوون. لنقص التّبليغ الذي يجب أن يصدر من أناس، يحملون خصائص، وصفات، تميّزهم عن غيرهم، وتكون جديرة باهتمام مَن دُعُوا، فتكون هي الدّافع لخضوع غيرهم، للرسالة التي يبلّغونهم إيّاها.

والله سبحانه، وهو يؤكّد أن يكون المرسول بدين التّوحيد، هو أوّل مَن يخضع لهذا الدّين، ويخلص به لربّ العالمين، يقول عزّ وجلّ:"قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (13) قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهُ دِينِي (14)"
وكلام الله سبحانه، تحذيري، يبيّن فيه الله، أنّ مخالفة أمره توجب العذاب يوم القيامة، ولهذا، أمر الله سبحانه نبيّه صلى الله عليه وسلم أن يقول للنّاس، حتّى الأنبياء والرسل لايُستَثْنَوْن من العقاب، إذا خالفوا أمر الله، وعلى هذا، هم يتبرّأون من كلّ معبود، يصرفهم عن عبادة الله وإخلاص له الدّين.

يقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في فوائد تفسير الآية 2 من سورة الزمر:

{... الفائدة الثامنة: وجوب الإخلاص لله في العبادة، لقوله:"مخلصًا له الدّين". والإخلاص: تنقية الشيء ممّا يشوبه، ولهذا جاء في الحديث الصحيح أنّ الله تعالى قال: "أنا أغنى الشّركاء عن الشّرك، مَن عمل عملاً أشرك فيه معي غيري، تركته وشركه".(1)
فلو تصدّق الإنسان بِمَالٍ، لكنّه مُرَاءٍ بذلك، من أجل أن يُمْدَح، فإنّه لم يعبد الله، وهو آثم وليس مأجور، ولو صلّى لِيُمْدَح، فإنّه لم يعبد الله، وهو آثم وليس مأجور، لأنّ الله أمر بعبادة خاصّة، وهي الإخلاص:"مُخْلِصًا لَهُ الدِّين".
-----------------------------
(1) أخرجه مسلم من كتاب الزهد، باب مَن أشرك في عمله غير الله، رقم (2985)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. }انتهـ.

هذا أفضل خلق الله، محمد صلى الله عليه وسلم، وهو المبلّغ عن الله، دينه، لمّا أنزل عليه الله سبحانه القرآن الكريم، أمره أن يخلص له الدّين، وأمره أن يدعو النّاس إلى هذا الإخلاص.

قال الله تعالى:"إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ (2)"

وها هو الشيخ السعدي رحمه الله مفسرا الآية التي بها ذكر "القرآن"، كتاب الله الذي نزل بالحقّ من شريعة وتوحيد وإخلاص العبادة لربّ العبيد. قال رحمه الله:

{..ولمّا كان نازلا من الحقّ، مشتملا على الحقّ لهداية الخلق، على أشرف الخلق، عظمت فيه النعمة، وجلَّت، ووجب القيام بشكرها، وذلك بـإخلاص الدين للّه، فلهذا قال: { فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ } أي: أخلص للّه تعالى جميع دينك، من الشرائع الظاهرة والشرائع الباطنة: الإسلام والإيمان والإحسان، بأن تفرد اللّه وحده بها، وتقصد به وجهه، لا غير ذلك من المقاصد...}

ثمّ قال رحمه الله في تفسير الآية { أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ } :

{هذا تقرير للأمر بالإخلاص، وبيان أنّه تعالى كما أنّه له الكمال كلّه، وله التفضل على عباده من جميع الوجوه، فكذلك له الدّين الخالص الصافي من جميع الشوائب، فهو الدّين الذي ارتضاه لنفسه، وارتضاه لصفوة خلقه وأمرهم به، لأنّه متضمّن للتألّه للّه في حبّه وخوفه ورجائه، وللإنابة إليه في عبوديته، والإنابة إليه في تحصيل مطالب عباده.
وذلك الذي يصلح القلوب ويزكيها ويطهرها، دون الشرك به في شيء من العبادة. فإنّ اللّه بريء منه، وليس للّه فيه شيء، فهو أغنى الشركاء عن الشرك، وهو مفسد للقلوب والأرواح والدنيا والآخرة، مُشْقٍ للنفوس غاية الشقاء، فلذلك لمّا أمر بالتوحيد والإخلاص، نهى عن الشرك به، وأخبر بذم من أشرك به ....}انتهـ المقصود من النقل.

وعلى قاعدة:" كلّ مَن كان بالله أعرف كان منه أخوف، وكلّ مَن كان أيضا باليوم الآخر أعرف وأقوى إيمانًا كان أقوى إخافةً"، قد نقلتها من تفسير الشيخ العثيمين رحمه الله لسورة الزمر، مفسّرا للآية: "قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ".

فإنّي أخذت منها فائدة جميلة وقيّمة. يقول الشيخ رحمه الله:






...يتبع...إن شاء الله...

الصور المرفقة
نوع الملف: png أخاف إن عصيت ربّي.png‏ (226.0 كيلوبايت, المشاهدات 4306)
نوع الملف: png كل من كان بالله أعرف1.png‏ (128.9 كيلوبايت, المشاهدات 3283)
نوع الملف: png كل من كان بالله أعرف2.png‏ (91.5 كيلوبايت, المشاهدات 3367)
نوع الملف: png كل من كان بالله أعرف.png‏ (65.0 كيلوبايت, المشاهدات 3317)
رد مع اقتباس